}

اللغة والسلوك الاجتماعي في سيمنار المركز العربي

20 يونيو 2020
أجندة اللغة والسلوك الاجتماعي في سيمنار المركز العربي
جانب من سيمنار "الأبنية اللغوية مرآةً لسلوكنا"
استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، عن بُعد ونقلٍ مباشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب)، الدكتور محمد محمود أحمد محجوب، الخبير اللغوي المشارك في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وأستاذ اللسانيات والنحو في جامعة نواكشوط العصرية، الذي قدّم يوم 17 حزيران/ يونيو 2020، محاضرة بعنوان "الأبنية اللغوية مرآةً لسلوكنا".
استهلّ أحمد محجوب محاضرته بالتأكيد على أنّ مشروعه البحثي يروم تقديم مقاربة لظاهرة اختصاص اللغة العربية القيمَ والأنشطة الاجتماعية السلبية، والسلوكَ المنحرف المرتبط بها، بصيغٍ اشتقاقية كثيرة خَلَتْ منها القيمُ والنشاطات الإيجابية التي تقابلها. ثمّ أعطى على ذلك أمثلة، مثل أنّ اللغة لم تكد تمنح المتّصف (بالوفاء)، ضمن جذر (و ف ي)، إلا بضع صفات، أبرزها: وفيٌّ. أمّا غير (الوفيّ)، فقائمة الأبنية التي تصفه طويلة، فهو: غادر، وغَدَّار، وغدور، وغِدِّير، وغُدَرٌ، وينادى بـ (يا مَغْدَرُ)، و(يا ابنَ مَغْدِر)... إلخ. ولذا نجد المتحلّي (بالصدق) يُنعت ببضعة نعوت فقط، أهمّها: الصادِق، والصَّدُوق، والصِّدِّيق... إلخ. ويُحاط المتعامل بـ (الكَذِبِ) بــــخمسة عشر وصفًا اشتقاقيًا: كاذِب، كَذَّاب، كَذُوب، كُذَبَة، تِكِذَّاب، كَذُوبَة، كَذْبان، كُذُبْذُب، مَكْذَبان… إلخ. والأمر نفسه ينطبق على (الخديعة) مقابل (النصح)، وعلى (الخيانة) في مقابل (الأمانة)... وهكذا.
والأسئلة الجوهرية التي كانت مدار المحاضرة هي: لماذا خصّصت اللغة، ضمن الجذر الواحد، أبنيةً لـ (الغدر، والكذب، والخديعة، والخيانة... إلخ) أكثر بكثير من تلك التي خصّصتها لـ (الوفاء، والصدق، والأمانة، والنصح...)؟ وهل لذلك علاقة بالظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع مقارنةً بغيرها، فيكون هناك تناسب بين تفشّي السلوك/ النشاط السلبي وكثرة الأبنية الدالة عليه؟ أم أنّ ضخّ تلك الأبنية في اللغة إنما سُعِيَ مِن ورائه إلى ترسيخ القيم الإيجابية والممارسات القويمة عبر التنفير ممّا يناقضها؟ أم للقضية أبعاد تتّصل بالبناء اللغوي في صلته، من عدمها، بالسياق الاستعمالي/ التداولي، وبالتعالق بين ما ينبغي أن يكون وما هو كائن استحضارًا لمصدر النص وسلطة الخطاب، وبين مستوى الوعي واللّاوعي الجمعي؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، اقترح أحمد محجوب مقاربة أصيلة، عبر ملاحظة مجموعة من الأسئلة أثير جلّها في البيئتين اللسانية والفكرية، من بينها: أتصف اللغةُ الواقعَ وتعكسه، أم تخلق واقعًا جديدًا وتولّده؟ وكيف نتعامل مع اللغة؟ وأنعدُّها شفّافة ومحايدة، أم مخادِعة ومضلّلة؟ وأين نلمح التقاطع، بواسطة الأبنية اللغوية، بين اللغة خصيصةً نفسيّة من خصائص الفرد واللغة، مؤسّسةً من مؤسّسات المجتمع؟ وبيّن الباحث أنّ بعض تلك الأسئلة يجد مسوِّغ إثارته في أن كلّ مجتمع يعمد إلى مَقْوَلَة (Categorization) الوجود وفقًا للغته؛ فلا يرى العالَم إلا من خلالها كما يرى سابير (Sapir) . كما شرح أنه في الجنس (التذكير والتأنيث)، والعدد (الإفراد والجمع)، وبعض الفضاءات والحقول الدلاليّة (الألوان مثلًا)، ما يكفي للتدليل على ذلك.
ثمّ انتقل الباحث إلى رصد سلّمٍ قيمي وسلوكي فيه أهمّ الأنماط المدروسة، ومدى تواتر الصيغ الاشتقاقيّة المعبّرة عنها، جاعلةً من معاجم اللغة العربية التراثية مدوّنةً ومصدرًا للدراسة، وتقدّم عدّة تفسيرات للظاهرة؛ إيمانًا منّا بأنّ الظواهر الاجتماعية من التعقيد بحيث يعسر تفسيرها بالاعتماد على سبب واحد.
وأعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه عن بعد الباحثون في المركز العربي، وخبراء معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من الخارج، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.


# سيمنار "الأبنية اللغويّة مرآةً لسلوكنا" - محمد محجوب : 
 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.