}

مناقشة تأثير "الأوبئة المعدية" في العلاقات الدولية بالمركز العربي

29 يوليه 2020
أجندة مناقشة تأثير "الأوبئة المعدية" في العلاقات الدولية بالمركز العربي
جانب من محاضرة "كورونا والنظام الدولي"
ضمن سلسلة محاضرات "التفكير في أزمة كورونا وأبعادها"، التي يعقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتُبثّ عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدّم فيها عدد من الخبراء والأكاديميين محاضرات علمية حول جائحة كورونا وتداعياتها على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، قدّم الدكتور أحمد قاسم حسين، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مدير تحرير دورية "سياسات عربية"، يوم 26 تموز/ يوليو 2020، المحاضرة العشرين بعنوان "كورونا والنظام الدولي: سجال تأثير الأوبئة في العلاقات الدولية".
استهل أحمد حسين محاضرته بالقول إنه عادةً ما كان يتمُّ التنظير للأوبئة المعدية في إطار "المسائل العابرة للحدود القومية" التي تفرضها العولمة الاقتصادية، وتُدرجها ضمن التهديدات الأمنية والبيولوجية التي تواجه الدولة. وبحسب رأيه، لم يتنبّه منظرو العلاقات الدولية، على نحو كبير، إلى قدرة تلك الأوبئة على التأثير المباشر في بنية النظام الدولي، وقال إنّ الجهاز المفاهيمي في نظريات العلاقات الدولية الوضعية وما بعد الوضعية قد تعامل مع الأوبئة المعدية في إطار التهديدات التي من الممكن السيطرة عليها؛ كلٌ وفق فرضياته الأساسية وتصوراته للنظام الدولي.
انطلق الباحث في هذه المحاضرة من افتراض مفاده أنه لا يمكن الجزم بأن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) سيغير بنية النظام الدولي في المدى المنظور؛ فإنْ كان الوباء - في الحالة التي نحن بصددها فيروس كورونا المستجد - عارضًا ولا يحمل في طياته القدرة على تغيير توزيع القوة الحالية في النظام الدولي، فإنّ هذا العارض قد يفتح حوارًا في حقل العلاقات الدولية حول دور الأوبئة المعدية السريعة الانتقال في التأثير في بنية النظام الدولي، وقدرته على تكثيف العوامل الأساسية التي تسهم في التغيير/ التغير في النظام الدولي، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، في مناطق مختلفة من العالم، مع الإشارة إلى أن التوازنات الدولية قبل الوباء وانتشاره، تشير إلى بداية حدوث تغيير/ تغير في النظام الدولي، وكأنه يتحرك نحو شكل من أشكال تعدد الأقطاب في ظل صعود قوًى دولية - مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي - تتعارض مصالحها في مناطق مختلفة من العالم، في ظل سعي الولايات المتحدة للحؤول دون صعود قوًى منافسة لها في المدى المنظور. وبناءً عليه، قد تطرح جائحة فيروس كورونا مجموعةً من الأسئلة حول شكل النظام الدولي وطبيعته. فهل ستدخل الأوبئة بوصفها متغيرات جديدة في فهم تطور الظواهر الدولية، وتسهم في تحديد الكيفية التي سيتطور بها هذا النظام الدولي الجديد؟ وهل ستكون إحدى النتائج التي قد تتمخض عن انتشار هذا الوباء هي فتح الباب أمام حوار جديد ضمن حوارات العلاقات الدولية، بالتزامن مع عودة دور الدولة باعتبارها الفاعل الأساسي في النظام الدولي، إضافةً إلى نقد حوارات العولمة في نظريات العلاقات الدولية؟
أشار المحاضر إلى أن التنافس بين الفواعل في النظام الدولي على اختلافها، من أجل تعظيم نفوذها وسيطرتها، يكون عبر استخدام القوة بكل أشكالها؛ الصلبة، والناعمة، والذكية. فقد شهد العالم، في الفترة الأخيرة، إنفاقًا هائلًا في التسليح، وفي تكنولوجيا الرقابة والتحكم التي ساهمت في تطويرها ثورة التكنولوجيا، ولم تأخذ تلك الفواعل في الحسبان من جهة رحلتها نحو تعظيم مصالحها ونفوذها، وضمان بقائها في النظام الدولي الآخذ في التحول والتشكل بعد انتهاء الحرب الباردة. ورأى حسين أن متغيرًا عارضًا غير مرئي عابرًا للحدود القومية يؤثر في السياسات الدولية، ألا وهو "الوباء المعدي" الذي تسبب في تغييرٍ في النشاط السياسي الاقتصادي.

واليوم، وفي خضمّ جائحة فيروس كورونا المستجد ذات القدرة على وضع القيود على التفاعل الدولي، قد نشهد حركة تنظيرية في حقل العلاقات الدولية تركز على البحث في متغير جديد متمثّل بالوباء المعدي الذي يحمل في طياته تأثيرًا في دور الفواعل الدولية وطبيعتها، والفواعل من غير الدول Non-State Actors التي تنشط في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، من قبيل الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات الحقوقية والمهنية والثقافية، وتلك التي تنشط في المجالات العسكرية؛ مثل امتلاك السلاح، أو المتاجرة فيه، أو التهديد باستخدامه من قبيل عصابات الجريمة والاتجار بالبشر وجماعات التمرد.

أكد المحاضر أنّ فيروس كورونا ليس هو العامل الأساسي الذي سيغير من طبيعة النظام الدولي وتركيبته في المستقبل، فهو متغير وسيط Intervening Variable قد يزيد من سرعة ظهور العوامل المحفزة النظامية Systemic Factors، وينقلها من مرحلة الكمون إلى الظهور؛ إذ تشكل العوامل النظامية السابقة المحفزة على ظهور الفيروس الرصيدَ المتضخم من العوامل التي وصلت إلى مرحلة الانفجار التراكمي Accumulation Explosion في النظام الدولي القائم في انتظار العامل X القادح؛ مثل التنافس على السيطرة، وبسط النفوذ بين القوى الصاعدة في النظام الدولي على الأسواق والمناطق الغنية بالموارد.

وفي الختام، أجاب المحاضر عن الأسئلة التي طرحها المتابعون عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لقيت المحاضرة تفاعلًا واسعًا وأسئلةً متنوعة ومداخلات ثرية.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.