}

إثر حملة احتجاج.. إعادة مسرح الرشيد إلى وزارة الثقافة

 

 

بعد أقل من أسبوع على كتاب مرسل من وزارة الإعمار والإسكان إلى المؤسّسة العامة للسينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية تطالبها بضرورة تسليم قطعة الأرض المشيد عليها مسرح الرشيد بحجّة أنها تابعة للوزارة، أعادت الوزارة القطعة بأمر من مجلس الوزراء العراقي خلال جلسته الاعتيادية استجابة للاحتجاجات الكبيرة والاعتراضات التي قام بها مثقفو العراق وخاصة الفنانين، والذين عبروا عن رفضهم لما يتعرض له الفن والثقافة عمومًا في زمن ما بعد الاحتلال الأميركي.

 

كتاب الإسكان وموت الفرحة

هذا الأمر يأتي بعد أكثر من شهرين بقليل على إعادة إعمار وتأهيل مسرح الرشيد الذي تعرض إلى القصف أيام الاحتلال الأميركي عام 2003 وقد دام إغلاقه أكثر من 18 عامًا. ورغم أن المسرح شيد قبل أكثر من 31 عامًا في زمن النظام السابق، وصرفت مليارات الدنانير العراقية على إعادة تأهيله وإعادته إلى هيبته وأقامت الأوساط الفنية والثقافية العراقية الاحتفالات حين تم افتتاح المسرح في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، فوجئ الجميع بطلب وزارة الإعمار والإسكان بإخلاء المكان خلال أسبوعين من تاريخ التبليغ كون الأرض المشيّد عليها المسرح تعود ملكيتها للوزارة.

ويعد المسرح واحدًا من أكبر المسارح في الشرق الأوسط وقد تم افتتاحه عام 1981 بتصميم من إحدى الشركات الفرنسية، ويتكون من تسع طبقات وصالة عرض تتسع لنحو 650 شخصًا ويضم قاعات كبيرة للأزياء والأكسسوارات والملابس، ومعدات خاصة بالحيل المسرحية والسينوغرافيا.

 

بيانات واستنكار

نقابة الفنانين العراقيين أصدرت بيانًا قالت فيه إنه في الوقت الذي استبشرنا كفنانين ومثقفين عراقيين ومعنا الأشقاء العرب بعودة الحياة إلى مسرح الرشيد الذي شهدت خشبته أهم العروض والمهرجانات المسرحية العراقية والعربية والدولية، وبينما كنا ننتظر إكمال صروح فنية جديدة كمدن الثقافة ودار الأوبرا، تفاجأنا بقرار وزارة الإعمار والإسكان بالمطالبة بوضع يدها على هذا الصرح الثقافي العراقي الكبير. إننا كنقابة الفنانين العراقيين إذ نتفهم التداخل في العمل بين وزارات الدولة العراقية وبغض النظر عن صحة الإجراءات القانونية التي قامت بها وزارة الإعمار والإسكان نأمل من كل الجهات الحكومية والسياسية وعلى أعلى المستويات التدخل الفوري لحسم ملف مسرح الرشيد بما يضمن وضعه الحالي من خلال نقل ملكيته من وزارة الإعمار والإسكان إلى وزارة الثقافة وبقاء دائرة السينما والمسرح الجهة المسؤولة عن إدارة ونشاطات المسرح الذي سيشهد خلال العام الحالي نشاطات على مستوى دولي رفيع يليق بمكانة الثقافة العراقية الرفيعة.

وأصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بيانًا ناشد فيه الجهات الحكومية حماية مسرح الرشيد، الذي تهدده قضية رفعتها وزارة الإعمار والإسكان، بدعوى أنه في أرض تابعة لها. واضاف الاتحاد أن هذا النداء يجيء لما يمتلكه مسرح الرشيد من قيمة حضارية وثقافية ارتبطت بالحركة المسرحية العراقية، فهو الملاذ الذي جمع كبار الفنانين، والبيت الذي تخرّجت منه الكفاءات الأصيلة، ولفت إلى ضرورة دعم الثقافة في الوطن، وإيلائها الاهتمام الأكبر، وينبغي أن تذلل هذه العقدة بقرار عاجل يتّخذه مجلس الوزراء، يسجّل ملكية هذا المسرح كاملةً لشاغليه من أرباب المسرح العراقي. ودعا الاتحاد كذلك إلى دعم كل المؤسسات الفاعلة العاملة بما تحتاجه من أراضٍ ومبانٍ، لتفعيل دورها في رسم قيمة المجتمع البيضاء، وتحقيق الصورة المشرقة للعراق، عن طريق فنونه وآدابه ومعارفه. ثم وجه الاتحاد بيانه إلى المثقفين مطالبًا إياهم بالدفاع عن هذا الصرح من أجل الذاكرة الحيّة التي يمثّلها مسرح الرشيد، وكل المسارح والقاعات العراقية الثقافية، "واحرصوا على رفع الصوت لتمتلك البلاد مدنًا للثقافة والإبداع".
 

خلال افتتاح مسرح الرشيد 



عقدة مسرح الرشيد

واستنكر الكاتب المسرحي علي حسين ما طالبت به الوزارة، وقال إن الدولة التي تمتلك مسرح الرشيد تتقدم بشكوى للقضاء على الدولة التي قرّرت أن تعرض مسرحيات على مسرح الرشيد، وعدّ ذلك مفارقة لا تحدث حتى في بلاد الواق واق!.

ودعت الفنانة الدكتورة عواطف نعيم الإعلام والفنانين إلى وقفة جادة ومسؤولة في مواجهة ما أسمته الخراب الفكري والجهالة المستشرية. وقالت: لن نقبل بعد اليوم بالتهميش والتجاهل، في هذا الوقت حيث الحكومة حكومة تصريف أعمال وهجمة وتحرك لداعش وتلاعب بقوت الشعب وأمنه ومحاولات بثّ سموم الفتنة والفُرقة وتكالب أصحاب النفوذ على المواقع والمناصب ينبري من يحاول إزالة مسرح الرشيد بعد أن تُرك للإهمال طيلة تسعة عشر عامًا. وأشارت إلى أنه في الوقت الذي قام أبناء المسرح بإعادة تأهيله وبث الحياة بين فضاءاته جاء أمر الإزالة من وزارة الإعمار والإسكان بحجة الملكية لقطعة الأرض. وقالت إنه تم بناء كل هذه المنطقة من مجمع 28 نيسان (مجمع الصالحية حاليًا) ومبنى مسرح الرشيد وفندق المنصور ميليا ومركز صدام للفنون (مبنى وزارة الثقافة والسياحة والآثار حاليا) ومجمع حيفا في مراحل زمنية واحدة وأشرفت شركات كورية وألمانية وفرنسية وباكستانية على تنفيذ هذه المشاريع السكنية والصروح الثقافية. وتساءلت: أين كانت وزارة الإعمار والإسكان منذ 2003 وحتى الآن عن قطعة الأرض هذه ولمن تعود بالاسم كي تطالب الآن بها؟ وناشدت الدكتورة رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بأن يوعز إلى دائرة عقارات الدولة وإلى النزاهة بتشكيل لجنة تحقيق في تلك المزاعم التي تبنتها وزارة الإسكان والأعمار لنصل إلى الاسم الحقيقي لصاحب هذا القرار والذي نجح طيلة تسعة عشر عامًا في جعل مبنى مسرح الرشيد في دائرة الإهمال والتجاهل.

من جهته تساءل الكاتب مثال غازي: ما الذي لم يتراجع في هذا البلد؟ وأجاب: الصناعة تراجعت والزراعة انعدمت والرياضة من سيء إلى أسوأ، التعليم تأخر عن مثيلاته في باقي البلدان، السياسة فشلت فشلًا ذريعًا، الخطاب الديني لم يصلح مجتمعًا. وقال: لم يبق لنا سوى الأدب والشعر والقصة والرواية والتشكيل والمسرح فهي آخر قلاع التحضّر رغم محاولات البعض لإفشال المشروع الثقافي.. ولفت إلى أن مسرح الرشيد يتعرض إلى تهديد الإزالة والهدم وكأنه أحد تجاوزات الأمانة. وأكد أن المسرح خطر على الجهل وعلى التخلّف وعلى كل ظلامي ورجعي فاشل، وأصبحت الثقافة خطرًا لأنها جزء من مشروع نهضوي كبير برغم كل شيء.

  

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.