وتكشف الرسالة، التي تمتد على ثلاث صفحات، عن جوانب مهمة من شخصية كافكا وأفكاره حول الأدب. يناقش فيها مع ماردرشتايج مشروع نشر مجموعته القصصية "طبيب ريفي" في المجلة، كما يتطرق إلى آرائه في الكتابة المعاصرة وصراعه مع المرض. وقد كتبت الرسالة في فترة حرجة من حياته، حيث كان يعاني من تدهور صحته بسبب مرض السل.
أما قصة "معاناة أولى"، فتعد من أواخر أعماله المنشورة في حياته، وتدور حول فنان جوّال يتخصص في الصيام كشكل من أشكال الترفيه. نُشرت القصة لأول مرة في عام 1924، قبل وفاته بأشهر قليلة، وتعكس اهتمام كافكا المتزايد بموضوعات الجسد والمعاناة في أواخر حياته.
وكشف خبراء المخطوطات في دار المزادات أن النص يحتوي على تصحيحات وتعديلات بخط يد كافكا، مما يتيح للباحثين فرصة فريدة لفهم عملية الكتابة لديه. وأوضح الدكتور هانز بيتر كرامر، خبير أدب كافكا في جامعة برلين الحرة، أن هذه التصحيحات تظهر دقة الكاتب الشديدة في اختيار كلماته وحرصه على الوصول إلى الصياغة المثالية.
وأشارت السجلات التاريخية إلى أن هذه المخطوطات كانت جزءًا من مجموعة خاصة عائلية في برلين منذ الثلاثينيات. نجت من الدمار خلال الحرب العالمية الثانية عندما خبأتها العائلة في قبو منزلها، وظلت محفوظة هناك حتى عام 1980.
ويأتي هذا البيع بعد سلسلة من المعارك القانونية المعقدة حول إرث كافكا. ففي عام 2019، انتقلت معظم مخطوطاته إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية بعد معركة قضائية استمرت عقدًا كاملًا. وتضمنت تلك المجموعة دفاتر يومياته وآلاف الرسائل والمخطوطات غير المنشورة.
والجدير بالذكر أن كافكا، الذي ولد في براغ عام 1883، لم ينشر في حياته سوى عدد قليل من القصص القصيرة. لكن أعماله الكبرى مثل "المحاكمة" و"القلعة" نُشرت بعد وفاته بفضل صديقه ماكس برود، الذي رفض تنفيذ وصية كافكا بحرق كتاباته غير المنشورة.
وصرح المشتري الجديد للمخطوطات، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، بأنه سيتيح للباحثين الاطلاع عليها ودراستها، مؤكدًا أهمية الحفاظ على هذا الإرث الأدبي الثمين للأجيال القادمة.