}

مسرحية "لعلّ وعسى": حين كان المسرح نجاة من الموت

دارين حوماني دارين حوماني 1 يونيو 2021
على مسرح فارغ إلا من كرسيين خشبيين وإضاءة متقشّفة، تتقدّم رندا الأسمر وحنان الحاج علي من بابين خلفيين متباعدين، إلى اليمين وإلى اليسار، لتجلسا على الكرسيين وتبدآ بسرد حكايات العمل المسرحي "لعلّ وعسى" للمخرجة كريستيل خضر الذي تم عرضه على مسرح دوار الشمس (بيروت) على مدى ثلاثة أيام فقط بسبب إجراءات وباء كورونا. تكتفي خضر بهذه السينوغرافيا التي تطوّر أدواتها التعبيرية بنفسها وتخزّن مفردات متشابكة في داخلها، ليست سوى ما آل إليه المسرح، اللا-حياة، بيئة كاملة لما حدث على خشبة المسرح وعلى خشبة الحياة. رندا الأسمر الداخلة علينا من حيث اليمين من بيروت الشرقية إبان الحرب الأهلية 1975-1990، وحنان الحاج علي من اليسار يوم كانت بيروت الغربية وشارع الحمرا رمزًا لكل الحركات اليسارية والوطنية في ذلك الوقت. الكرسيان الخشبيان يتكلمان وحدهما بلغة معدّة مسبقًا للحديث عن الماضي، عن المسرح وكائناته المتمردة والمختلفة، والذين كانوا يريدون أن يغيّروا الوطن من خلال المسرح، فلم يبقَ على المسرح إلا الفراغ.



شهادات من الذاكرتين الفردية والجمعية

تحكي كلّ من رندا وحنان شهادات من الذاكرتين الفردية والجمعية لهذا الوطن المفرط في تشوّهاته، عن المسرح والحرب والحب. تتبادلان وتتواصلان وكأنهما كبرتا معًا على نفس الخشبة، فيما تجمعهما الآن كريستيل خضر في أول عمل مشترك مع بعضهما. تتنقّل حكايات الأسمر والحاج علي من ثيمة لأخرى، كل حكاية لها ثيمتها، وكل حديث له معناه الذي تتناسل منه قساوة هذا العالم.. الحرب التي أحدثت خطوطًا جوانية ممزّقة فينا، ممثلات المسرح المهمّشات، المرأة في المجتمع، ولا تنتهي كل حكاية إلا باختراقنا وتفكيك تشوهات مجتمعاتنا عبر نقدها من الداخل، "أشعر أن الذين يُخلقون في لبنان، يُخلقون كبارًا .. أنا أعتقد أن كل ممثلات المسرح ليس لهنّ أهمية، ونسيهن العالم منذ زمن، سيصبحن مهمات إذا اشتغلن تلفزيون وسينما، وقتها سيدخلن على المجد من الباب العريض.. إلى الخلود والأبد.. المخرج هو المهم، أنت الممثلة، من يتذكركِ، يتذكرونكِ بمسرحية من مسرحيات المخرج.. سيقولون عنا الآن أننا نسوان مهسترات، بالأصل عندما يقولون نسوان، مباشرة سيقولون مهسترات"..

حنان الحاج علي ورندة الأسمر في مشهد من المسرحية


"نريد أن نقول الحقيقة التي لا تزال مستمرة".. والحقيقة بالنسبة للأسمر والحاج علي هي الحروب التي لا تعدّ التي مرّت على لبنان، وهي محاولات الفتيات لتفكيك الجدران التي تقوّض حريتهن، وهي مجتمعاتنا التي تنبهر بالـ"ستار" وتهمّش أهم ممثلات المسرح، تقول رندا الأسمر: "نحن لعبناها خطأ، كان يجب أن نعمل ستار ثم نمثّل"، وتردّ حنان الحاج علي: "أنا اشتغلت على حالي لأصبح أنتي-ستار anti-star".

تفرّغ رندا ذاكرة لبنان في سرد مؤثر عن العيش تحت الأرض في الملاجئ أثناء القصف الذي كان يتكرّر يوميًا، وعن عبورها الطرقات بين القذائف المستعجلة للقتل لاشتغال عمل مسرحي، وتستذكر محاولتها عبور حواجز المسلّحين من بيروت الشرقية إلى بيروت الغربية لمشاهدة "أيام الخيام" لروجيه عساف. تحكي بنفس الحماس والتحدّي القديم عن رغبتها ورفاقها الطلاب المسرحيين في اكتشاف هذا العمل الذي سيتم تمثيله في مهرجان قرطاج بتونس. وتتذكر حنان الحاج علي كيف عرضوا العمل في بيروت ليجمعوا ثمن تذاكر حضور مهرجان قرطاج عام 1983، وحصلوا حينها على جائزة أفضل عمل مسرحي متكامل، وبعد سنتين سافرت رندا الأسمر مع فريق ريمون جبارة في مسرحية "صانع الأحلام" إلى قرطاج وأخذوا نفس الجائزة. تتواصل الحاج علي مع ماضيها الذي تتداخل فيه أصوات القذائف وكيف حاولوا مشاهدة عرض "صانع الأحلام" في كازينو لبنان لكنهم لم يفلحوا بالوصول إلى الكازينو بسب سقوط القذائف المتواصل. عرضت فرقة ريمون جبارة هذه المسرحية في بغداد وسط الخوف إبان الحرب العراقية الإيرانية، وتحكي الأسمر عن شعورها بالموت عن كثب هناك، وكيف عادت مع جائزة أفضل ممثلة واعدة لكن عند عودتهم لم يكن أحد يعلم بهم، ولم يجدوا أحدًا في كازينو لبنان بسبب القصف، تقول رندا "وقتها كان يجب أن أعرف أن المسرح لا يغيّر العالم".

تتساءل خضر من خلال الأسمر والحاج علي "كيف كنا نعيش؟! كنا نعيش من دون أن نفكر ماذا سيحدث بالآخر.. بالآخر لا يبقى إلا الممثلين وحدهم، وأحيانًا تخونهم ذاكرتهم ولا يتذكرون أي شيء، بالآخر يبقى بلد يتعاطى مع تاريخه كأرشيف مسرح، وأبقى أنا وأنتِ هنا نمثّل أول مسرحية مع بعضنا.. هذا الذي يبقى بالآخر.. أنا لم أعد أؤمن بقدرتنا على تغيير العالم، أنا لا أؤمن إلا بالذكريات".

كريستيل خضر في مسرح دوار الشمس 


تعود الممثلتان إلى تقسيم الجامعة اللبنانية ومن ضمنها معهد الفنون الجميلة إلى عدد من الفروع موزّعة على المناطق والطوائف، تقول رندا: "الفرع الأول للمسلمين، الفرع الثاني للمسيحيين، أنا خريجة الفرع التاني، وحنان خريجة الفرع الأول"، وبحسّ فكاهي يتسلّل إلى القلب بخفة تامة تقول حنان "نحن في الفرع الأول كانوا يطلبون منا في امتحان الدخول أن نخلق مشهدًا ونمثّله، أما أنتم في الفرع الثاني فكانوا يقدّمون لكم مشهد جاهز من الريبتوار تحفظوه وتردّدوه". وبجمالية مرحة صافية تقول الأسمر "تخيلي أنك تشتغلين مسرح في منطقة يحكمها اليمين فقط، أن تكوني تحت رحمته"، فتجيب الحاج علي باستهزاء: "لا تشدّي يدك كثيرًا باليسار، انظري أين أصبحوا".. وتستعيد الحاج علي أول "صولو" لها أمام لجنة القبول بحضور روجيه عساف: "كان المسرح مشروع بالنسبة لي، كان الحياة، كنت أريد أن أجعل لحياتي معنى، وأن أغيّر العالم". أما رندا الأسمر فتنقل لنا إحدى حكايات الفتيات في مجتمعاتنا، فكان عليها أن تدرس اختصاصًا يخوّلها الحصول على وظيفة، وهذا ما حصل، إذ بدأت بالعمل بوظيفة سكرتارية في مكتب، ثم تستذكر خوفها من والدها عندما أخبرته برغبتها في دراسة المسرح. وتكمل حنان الحاج علي حكايتها مع والدها الذي أحبّها وأحبّته كثيرًا لكنها لا تنسى كيف كان يضربها ويمنعها من الخروج عندما كان يعلم أنها ذاهبة لتتمرّن على مسرحية، كان ذلك قبل أن يفرح بأعمالها ويتحوّل إلى مرافق دائم لها في مسرحياتها.


مشهديات الماضي الجميل.. أبطال الحياة

في مشهد استعادي من اللحظات الأولى للمسرح، تنطلق الخلفية الموسيقية بتسجيلات صوتية قصيرة مفكّكة ومحمّلة بسياقات الزمن. أصوات آتية من أرشيف المسرحيات تكشف مشهديات الماضي الجميل "الجائزة الأولى: فرقة ريمون جبارة عن صانع الأحلام.. عاصي الرحباني: الفنانون هم الأهم.. صوت روجيه عساف العتيق يحكي عن علاقة الحب مع الجمهور وفيروز تحكي عن مشاعرها المتجدّدة كل يوم أمام الجمهور".. تريد كريستيل خضر تذكيرنا بماضينا الجميل، بأسماء تغيب عن بال الجيل الجديد، كأننا أمام عمل مسرحي تذكّري فيه من الحنين العذب ما يؤرّخ لأبطال ذلك الزمن الحقيقيين، ليسوا أبطال حروب حتى يتذكرهم العالم، هم أبطال حياة أرادوا تحّسس حزننا اللامتناهي، قراءته ثم إسقاطه من رؤوسنا. لا تقتصر التسجيلات الصوتية على استعادة لأصوات نعشقها، إنها محمّلة بشغفنا التام لوجوه وأجساد ويوميات ذلك الزمن، ندخل معهم في عالم بصري داخلي لا يعفينا من الحزن على التشوّهات الراهنة.

ريمون جبارة - روجيه عساف - رضا خوري 

توسّع كاتبة مسرحية "الموت يأتي من العيون" فتحة الذكريات لتسرد في فعل تكريمي غني من داخل الكلمات البسيطة التي يمكن أن تُقال عن جهود رواد المسرح في بيروت لاشتغال مسرح رغم الحرب كي يظل المسرح على قيد الحياة، فقد كان المسرح قضيتهم، فتستذكر على لسان الممثلتين الأسمر والحاج علي هؤلاء المسرحيين الرواد من رضا خوري إلى روجيه عساف وريمون جبارة وآخرين، "هل تصدقين أن رضا خوري لا يوجد أي أرشيف لها.. بعد أن أصيبت بالزهايمر، وفي آخر عمل لها وقفت فجأة دقيقة صمت كاملة ثم بدأت العمل كاملًا من جديد".. تحكي الأسمر إحدى قصصها التي لا تُنسى مع ريمون جبارة الذي كان ممثلًا وكاتبًا ومخرجًا لكن الأحب إلى قلبه أن يُقال عنه إنه ممثل وكان يقول "المسرح يُخلق من الوجع". تخبرنا عنه وهي تتمرّن على دور العاهرة في مسرحية "صانع الأحلام"، قائلة: "أنا لست سيدتك، أنا ولا أي صنف من النساء"، فيقول لها جبارة بهدوء: "جيد جدًا رندة، لا تخافي، فليكن صوتك عاليًا"، تردّد صارخة: "أنا روزا العاهرة.. كبر معي العهر وصرت أكبر منه.. أنا أرى الكبار والفرسان مثلك بدون ثياب، أراهم على حقيقتهم، لست مثلك، أُلبسهم ثياب وأحلام وكذب".. وتسحب حنان الحاج علي أوراقًا من أرشيفها مع روجيه عساف "كم كان جميلًا روجيه وهو يشجّعنا، نحن طلاب المسرح، يقول لنا: المسرح لا يخوّف، أنتم أجمل من المسرح"، وتضيف بطلة فيلمي "عائد إلى حيفا" و"باب الشمس": "كان عندنا عطش أن نحكي بصوتنا، بلغتنا، بلهجتنا، بتاريخنا الجميل والبشع.. كنا نذهب عند الناس المحرومين ليخبرونا قصصهم، وكنا نعرف منهم ما هو الموضوع الذي سنشتغل عليه في المرة القادمة.. ولما صار المحرومون هم المسيطرين، توقفت فرقة الحكواتي، وبدأنا بعمل آخر، لأنه أصبح هناك محرومون جدد". 




وفي ردّها على الأسمر تقول الحاج علي: "دائمًا تقولين لي لماذا لا تستعيدون أرشيف فرقة الحكواتي.. لأنها لا يمكن أن تستعاد.. إنها ليست قصصنا، إنها قصص أولئك الناس، كنا نجتمع ونرتجل ونمثّل". وتستذكر الحاج علي إحدى قصص "أيام الخيام" التي كانت قصة حقيقية من أيام الاجتياح الإسرائيلي للجنوب عام 1978 وكيف أوقف الجنود الإسرائيليون رجالًا على الحائط رافعين أيديهم، وقتلوهم بالرصاص دفعة واحدة، ما عدا رجلا واحدا، قالوا له أن يذهب إلى بيروت ويخبّر ماذا يفعل الجيش الإسرائيلي، "بدأنا عرض المسرحية في 1 حزيران 1982 لمدة ثلاثة أيام قبل الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، ثاني عاصمة لبلد عربي بعد فلسطين يتم الدخول إليها، في الرابع من حزيران فتوقفت العروض".

وفي مقاربة حادّة بحزنها لمصير الممثلات المسرحيات تسرد الأسمر والحاج علي أصواتهن بالتتابع: "أنا الممثلة التي لا يسأل عنها أحد.. أنا الممثلة التي قالوا لها: أكيد ستكونين معنا ولم يتصل بها أحد.. أنا الممثلة التي استدانت لتسدّد إيجار بيتها، ثم استدانت لتردّ دينها.. أنا الممثلة التي وقعت على المسرح وكسرت كتفها ثم طلعت على المسرح في يوم الافتتاح مع عصا..". وفي مقاربة أكثر حزنًا لخريطة المسارح في بيروت، "أين أصبح مسرح أورلي؟ صار مطعم زعتر وزيت.. أين أصبح مسرح بابل؟ باعوا كراسيه.. أين أصبح جاندارك، البيكاديللي، الغراند تياتر، مسرح بيروت، مارون النقاش..؟ تحوّلوا إلى مطاعم أو أقفلوا تمامًا، المسارح مغلقة منذ سنة ونصف، كلنا فهمنا أن المسرح ليس مهمًا، وليس ضروريًا"..


العيش تحت الأرض

تكمل كل من الأسمر والحاج علي حكايتهما بسرد يقيس الحياة بأوجاعها. تخبرنا الأسمر أنها لو لم تدرس اختصاصًا آخر قبل دراستها المسرح لكانت ماتت من الجوع، وتخبرنا عن الذين أحبّتهم لكنها لم تتزوج ولم تنجب، عن أملها بالمستقبل وبأن لبنان سيتغير، "بالحقيقة كنت أحب الناس الحقيقيين، وبالحقيقة أني بنت صغيرة أُغرم بسرعة، ولا أستطيع أن أتحمّل الأصوات العالية، أمي والجيران: جاءت المياه، انقطعت المياه، جاءت كهرباء الدولة، جاءت كهرباء المولّد.. المسرح يحكي عن الموت والحب، والحب والموت فقط، أنا أحب المسرح كثيرًا لكني لم أعد قادرة على التمثيل تحت الأرض، عشنا كثيرًا تحت الأرض". وتجرّب حنان الحاج علي أن تجد عنوانًا لهذه الحكايا "تطلعت إلى العصافير في سماء بيروت وصرت أقول، لعل وعسى، لعل وعسى نعمل مسرح يتّسع لحلمنا في بلد يتّسع لمسرحنا.. لعل وعسى لا يُغلق ولا مسرح" وفي كلام محمّل بالأمل كله تضيف الحاج علي: "لا يمكن أن تنتهي الحياة هكذا صدقيني"..


في نهاية العمل، تتبادل الممثلتان وجع اللبناني في عمل حواري يجرد آلامنا ويقشّر ذاكرتنا وانفعالاتنا الدفينة منذ عام 1975 وحتى هذه اللحظة منتهيًا بالأمل وباحتمالات الحياة "رأيتك تخرجين من المسرح إلى المظاهرة.. طلبتِ ماسك من أجل القنابل المسيلة للدموع لكنك لم تذهبي إلى المظاهرة إلا مرة واحدة.. ضربكِ العسكري خلال المظاهرة.. رجعتِ إلى بيتك في طريق رائحته دم، صوّرتِ المكان، ثم ظهّرتِ الصور لتري الموت.. رأيتِ أمك تتفرّج على الطائرات الإسرائيلية وهي تقول خائفة لك: لا تخافي هذه غارة وهمية، فهي متعوّدة.. استيقظتِ على صوت القذيفة أنت وحامل بابنك.. صرختِ: بدّي فلّ.. مشيتِ بين الألغام.. حين كنتِ تهربين من بيروت الشرقية إلى بيروت الغربية رأيتِ أحذية مسلحين ملقاة هنا وهناك.. سكّرتِ نوافذ البيت كي لا تري الجندي الإسرائيلي يدخل إلى بيروت.. فتح جندي سوري صندوق سيارتكِ وأمركِ أن تشربي من القناني التي عبّأتهم بالبنزين.. صرختِ على ابنك على حاجز البربارة لأنه صار يلمّ كتبك ودفاترك الذين رماهم الميليشياوي.. عشتِ بلا كهرباء شهر وشهرين.. عبّيتي مياهًا من المطر في حاويات كي لا تموتي من العطش.. رميتِ الردم عن سرير أمك حتى تنام.. نظرتُ إليكِ فوجدتك سعيدة وتبتسمين، قلتُ لكِ: كيف لا تزالين على قيد الحياة، قلتِ لي: أنا لا أزال على قيد الحياة لأنكِ أنتِ لا يزال عندك أمل".


هذا العمل هو بيروت الحياة والموت والحب بحروبها ونسائها ومسارحها، إنه يؤرشف لزمن بيروت الذي كان المسرح فيه احتجاجًا وجوديًا، وكانت صرخات المسرحيين تُسمع، وثمة أمكنة عالية لأصواتهم إلى الحدّ الأقصى للقدرة على التغيير. رغم الحدود والمتاريس والتقسيمات والطائرات والحصار كان المسرح يعيش أكثر أيامه غزارة.

يقول غابرييل غارسيا ماركيز: "لقد انتهى كلُّ شيء.. وبقيَ ذلك الأسى الغريب الذي لا يعرفه سوى كنّاسي المسرح بعد خروج آخر الممثلين"، سنشعر مع "لعلّ وعسى" بنفس الأسى، وبنفس الفراغ الكبير الذي حلّ بنا. ثمة احتفاء بالماضي وتحريك للحنين وترميم لفقدان ذاكرتنا، وثمة خوف أيضًا من الجفاف وما قد يؤول إليه المسرح. ينتهي العمل بعرض راقص لممثلتين أرادتا أن تجدا معنى لحياتهما من خلال المسرح، ممتلئتين بالحياة ومتوهجتين بالإرادة والأمل والرغبة في الفرح رغم خوفهما على المسرح من الموت ونحن وسط مدن مشوّهة وجافة وحيث لم يعد قول الحقيقة يجدي نفعًا. إنها حكاية طويلة عن ماضينا المحزن والجميل، حكاية تنبذ لغة الموت والحرب والحقد وتنبّهنا إلى ما قد يؤول إليه المسرح في ظل السواد الكلّي الذي يحيط بنا جميعًا.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.