}
صدر حديثا

"الشِّعر كمرآة للوجود والمقاومة وأغنية ضدَّ الظَّلام" لحميد عقبي

10 يناير 2025
عن دار نشر صبري يوسف في ستوكهولم، صدر حديثًا كتاب جديد للناقد والكاتب اليمني حميد عقبي، بعنوان "الشِّعر كمرآة للوجود والمقاومة وأغنية ضدَّ الظَّلام: دراسة عن شعر عاطف الدرابسة".
تتناول الدراسة آخر قصيدة كتبها ونشرها الشاعر والناقد الأردني الراحل د. عاطف الدرابسة، في آب/ أغسطس 2024، أي قبل موته بشهر تقريبًا، بعنوان "نصٌّ بلا رأس". تبدو القصيدة وكأنَّ الشاعر يرثي نفسه بنفسه ويودِّع هذا العالم.
في مقدمة الكتاب، أشار الناشر صبري يوسف إلى النقاط المحورية التي تناولها الناقد حميد عقبي، فقال: "ينطلقُ عقبي في دراستِهِ المعمّقةِ لهذهِ القصيدةِ مِنَ العنوانِ، فقَدْ عنونَ الشّاعر قصيدته: ’نصٌّ بلا رأس’، الَّذي يحملُ مدلولاتٍ عديدةً، مفنِّدا ومحلّلا ما جاءَ في فضاءِ القصيدةِ، ويجدُ في رؤيةِ الشَّاعرِ أنَّ هناك فوضى عارمةٌ في فضاءِ الإبداعِ".
توفِّي د. عاطف الدرابسة في أيلول/ سبتمبر 2024. وكان شاعرًا وناقدًا بارزًا، وله العديد من الكتب النقدية، وعشرات النصوص والأبحاث المنشورة، إضافة إلى نشاطه الثقافي والنقدي عبر المنصات الثقافية الإلكترونية.

هنا النص الذي تناولته الدراسة: 

نصٌّ بلا رأس

قلتُ لها:
أسألُ عن شعرٍ لم يُكتَبْ
ولم يُروَ
شعرٍ أكبرُ منكِ
وأكبرُ منِّي...
أسألُ يا حبيبةُ عن شعرٍ كالضُّوءِ
أو كالأحلامِ
يستطيعُ أن ينفذَ إلى ما احتجبَ منِّي
وما احتجبَ منكِ
وما احتجبَ من البلد...
أسألُ عن شعرٍ ينْزَعُ عن لغتي
ذلك الثَّوبَ الفقيرَ العتيقَ
ويجعلني أحلُمُ بثوبٍ جديدٍ
كأنَّه ثوبُ العيد...
ما زلتُ إلى اليومِ أبحثُ عن لغةٍ
تُخرجني من حِصارِ الضَّبابِ
من الكآبةِ
تهبُني النَّدى بدلَ الدُّموعِ
فقد سئمتُ يا حبيبةُ
من تلك اللُّغةِ التي تُحدِّثني من خلالِ الدُّموعِ
وتجعلني أستلقي على ضفافِ الكآبةِ
كطفلٍ حافٍ عارٍ
يشربُ كأسَ الأسى
ويحتسي الحزنَ من جرارِ الرَّصيف...
ما زلتُ أسألُ عن قصيدةٍ
تزرعُ الضُّوءَ قناديلَ في شوارعِ الفقرِ والقمعِ
يخجلُ منها الغروبُ
وينحني بين قدميها الظَّلام...
لم تعُدْ الأغصانُ تُغنِّي على مقامِ الحفيفِ
في حدائقِ البلد
لم تعُدْ تقوى أن تضربَ جذورَها في صُلبِ الأرضِ
وبين ترائبِ البلد...
ما زلتُ يا حبيبةُ أسألُ عن شعرٍ
يسرقُ النَّارَ من مواقدِ الآلهةِ
قبلَ أن تموتَ أعيادُ الميلادِ
ويجتثُّونَ رأسَ السَّنة...
أسألُ عن قصيدةٍ تصيرُ مرايا للَّيلِ
تتساقطُ منها النُّجومُ كأنَّها المطرُ
لتشربَ الأرضُ نارَ السَّماءِ
فتشتعلُ أوراقُ الشَّجر...
كلَّ يومٍ أذهبُ إلى المقهى وحيدًا
لا صُحبةَ لي إلَّا سيجارتي وقهوتي
أنتظرُ القصيدةَ
القصيدةُ لا تأتي...
ذاتَ مساءٍ شتائيٍّ حزينٍ
مرَّتْ جنازةٌ
وقفَ كلُّ مَنْ كان في المقهى
ناكسَ البصرِ...
مُطأطِئَ الرَّأسِ
سألتُ امرأةً تندُبُ: لِمَن هذه الجنازة؟
فقالت بمرارةٍ:
إنَّهم يحملونَ على أكتافِهم آخرَ قصيدة
وحين وصلَ التَّابوتُ إلى المقبرة
انفجرَ التَّابوتُ
فإذا بي أراهُ يحتضنُ البلد.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.