على كتف جبل قاسيون تغفو أقدم مدينة مأهولة في التاريخ، شاهدة على حكاية الكون الأولى قبل تسعة آلاف سنة قبل الميلاد أو أكثر، إنها دمشق التي تعاقبت على أرضها حضارات عريقة، وحكمها الآراميون والآشوريون والبابليون والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيون والأمويون والعباسيون والعثمانيون والفرنسيون إلى أن عادت إلى حضن أبنائها السوريين سنة 1946.
أُطلق على المدينة عبر التاريخ الكثير من الألقاب كـ "الفيحاء"، و"جنة الأرض"، و"شامة الدنيا"، و"الدار المسقية"، و"مدينة الياسمين"، و"مدينة الأبواب السبعة". واللقب الأخير هو الذي سنخصّص له هذه المقالة لنتعرّف على هذه الأبواب السبعة التي ربطها العديد من المؤرخين منذ القدم بالكواكب السبعة المعروفة في حينها؛ فكان الباب الشرقي يرمز إلى كوكب الشمس، وباب توما إلى كوكب الزهرة، وباب الفراديس (ويُعرف أيضًا بباب العمارة) إلى كوكب عطارد، وباب كيسان (ويُعرف أيضًا بباب بولس) إلى كوكب زحل، وباب الجابية إلى كوكب المشتري، والباب الصغير إلى كوكب المريخ. أما الكوكب الأخير فهو باب الجنيق، الذي يرمز إلى كوكب القمر، غير أنه أفل منذ زمن بعد سدّه بحجارة لا تزال تدل على مكانه في حارة تُعرف بالفرايين. قلائل الذين يعرفون أن لدمشق عشرة أبواب رئيسية، إذ ارتبط الرقم سبعة بعدد أبوابها في الكتب عبر التاريخ، ويعزو البعض اعتبار أن للعاصمة السورية الخالدة سبعة أبواب فقط للمزج بين عدد أبوابها وعدد أنهارها التي تبلغ السبعة أيضًا. وما زالت مدينة دمشق القديمة تحتفظ بأجزاء مهمة من سورها التاريخي الذي ما يزال يضرب حولها نطاقًا ظاهر المعالم، ويشكل مع القلعة أهم المعالم العسكرية للحضارة الإسلامية في دمشق، وهو أكبر المعالم الأثرية الباقية فيها حيث يصل طوله إلى 4500م. أنشأ الرومان بعد دخولهم سورية سنة 64 قبل الميلاد بناء الأساسات الأولى لهذا السور، واستخدموا في بناء جدرانه أحجارًا كلسية بيضاء، وجاءت مداميكه كبيرة يقرب ارتفاع الواحد منها المتر، وجاء المسقط العام لذلك السور مستطيلًا طوله 1500، وعرضه 750م، وكان لهذا السور سبعة أبواب. بحسب المصادر التاريخية، حافظ المسلمون على سور دمشق حتى سنة 132هـ/750م، ثم بدأ يتعرّض للتدهور، وأصبح عرضة للعوادي، فأخذ سورها ينهار ويفقد مميزاته العسكرية، وتتراكب عليه التعديات عبر المراحل التاريخية اللاحقة حتى سنة 549هـ/1154م عندما دخل السلطان نور الدين محمود بن زنكي دمشق، واتخذها عاصمة لدولته، وبدأ فيها نهضة معمارية لم تلبث أن شملت سور المدينة، حيث أعاد بناءه بالكامل، وبنى أبراجه، وأضاف عليه ثلاثة أبواب جديدة، هي: باب الفرج، وباب السلامة من الجهة الشمالية، وباب النصر من الجهة الغربية، الذي زال منذ سنة 1280هـ/1863م. كما بنى نور الدين عند هذه الأبواب مآذن، وجعل لكل مئذنة مسجدًا، وبنى خلف كل باب باشورة لتسهيل حاجات الناس، والباشورة طريق منعرج متصل بالباب من خارجه وله بوابة ضخمة متينة، وسويقة بها حوانيت مملوءة بالبضائع، فاستغنى أهل كل باب من هذه الأبواب بما عندهم؛ مما زاد في تحصين هذه الأبواب. واستمرت العناية بسور دمشق في العصر الأيوبي، فرُممت وجُددت بعض الأبواب، وشُيد برج الملك الصالح أيوب. وكذلك في العصر المملوكي قام نائب السلطنة بدمشق الأمير سنجر الحلبي بترميم السور وتحصينه سنة 658هـ/1259م. وفي سنة 717هـ/1317م جاء سيل هائل خسف جزءًا من السور، وحمل برجًا، فأُعيد بناؤه. يشير المؤرخ الفرنسي جان بابليون، في كتابه "إمبراطوريات سورية"، إلى أن قادة الرومان سرعان ما أدركوا أهمية الموقع الإستراتيجي لمدينة دمشق بعد سيطرتهم عليها سنة 64 ق. م، فانشغل حكامهم المتعاقبون في تجهيزها دفاعيًا وعمرانيًا ومعماريًا بما يليق بمكانتها وموقعها الإستراتيجي ذاك. وقد تم بناء دمشق على طراز المدينة الرومانية وفق ما يُعرف بـ "التخطيط الشطرنجي"، وكانت الأبواب السبعة تشكل المداخل الوحيدة للمدينة، قبل أن تأخذ الأخيرة شكلها المعاصر وتتوسع خارج حدود السور الروماني. الثابت في بطون كتب التاريخ أن عدد أبواب مدينة دمشق في غابر الأزمان سبعة فقط، وهي التي ارتبطت بالكواكب السبعة، ويعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد، ويدل كل واحد منها على كوكب مختلف بحسب المعتقدات الرومانية، وهذا ما أكده المؤرخ الرحالة الإمام أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي في كتاب "تاريخ مدينة دمشق"، الذي يقول فيه عن دمشق: "بُنيت على الكواكب السبعة، وجُعل لها سبعة أبواب على كل باب صورة الكوكب...".
باب شرقي
كذلك يذكر المؤرخ حسن البدري، في كتابه "نزهة الأنام في محاسن الشام"، أن لأبواب دمشق علاقة بالكواكب لذا وُضعت صور تلك الكواكب على هذه الأبواب، يقول البدري: إنه "وُضع رسم زحل على باب كيسان، ورسم الشمس على الباب الشرقي، والزهرة على باب توما، والقمر على باب الجنيق، وعطارد على باب الفراديس، وصورة المشتري على باب الجابية، أما المريخ فعلى الباب الصغير". تحتفظ المدينة اليوم بثمانية أبواب، ستة منها تعود للحضارات التي تعاقبت على دمشق قبل الميلاد، والتي رمزت للكواكب السبعة المعروفة حينها، وهي: باب شرقي، وباب توما، وباب الفراديس، وباب كيسان، وباب الجابية، والباب الصغير، وباب الجنيق. أما الأبواب التي شيدها العرب المسلمون، والتي بقيت شاهدة على عراقة العمارة الإسلامية، فهما بابان فقط: باب السلامة، وباب الفرج.
باب شرقي: شاهد على روعة العمران الروماني
يقع هذا الباب في الجدار الشرقي لسور مدينة دمشق، وقد سُمي بذلك لوقوعه شرقي البلد، بناه الرومان أوائل القرن الثالث الميلادي، وهو من الأبواب الرئيسية الأصلية وأكثرها شهرة. يتألف باب شرقي من ثلاث فتحات معقودة؛ أوسطها أكبرها، وعلى طرفيها فتحتان أصغر منها إلى الشمال والجنوب منها، وكان يُغلق على كل منها باب، وتنتصب بين الباب الأوسط والباب الجانبي الشمالي مئذنة ذات جذع مربع. ولا يزال باب شرقي الوحيد الذي يحتفظ بعمرانه وهندسته الرومانية حتى اليوم. وكان يُطلق عليه في زمن السلجوقيين والرومان "باب الشمس"، ويرجع سبب هذه التسمية إلى أن الشمس تشرق عليه قبل غيره من الأبواب. بحسب ابن عساكر، فإنه رُسم فوق قوس تاج الباب نقش نافر على حجر عبارة عن صورة لقرص الشمس تنبعث منه أشعة النور، واستمر وجوده طوال القرون الأولى الميلادية، وهو رمز مرتبط بالإله الإغريقي "هيليوس" راكبًا على عربة تجرها أربعة خيول وحول رأسه هالة مستديرة تنبعث منها حزم من النور.
وقد شهد باب شرقي أحداثًا تاريخية عدة، وله مكانة مميزة عند الدمشقيين وغيرهم من السوريين والعرب والمسلمين وأتباع الديانة المسيحية، كونه كان ممرًا للعديد من الشخصيات المؤثرة في تاريخ المنطقة. وتعتبر الرواية التاريخية التي تشير إلى مصادفة خروج القديس بولس الرسول من هذا الباب مبشرًا بالمسيحية إلى العالم في مثل اليوم الذي دخل فيه الصحابي خالد بن الوليد دمشق فاتحًا من الباب عينه بعد ستة قرون، واحدة من أكثر المرويات المثيرة حول تاريخ هذا الباب ومن مروا به داخلين أو خارجين من رحاب المدينة القديمة. ووفقًا للمرويات التاريخية، فإن باب شرقي هو الباب الوحيد الذي فُتح بالسيف، بعد مرابطة خالد بن الوليد عند الباب من جهته الخارجية مدة أربعة أشهر قبل فتحه سنة 14 هجرية، ليدخل جيش الفاتحين حربًا من هذا الباب في آخر الشارع المستقيم، بينما دخلها الصحابي الفاتح أبو عبيدة بن الجراح صلحًا من باب الجابية الواقع في أول الشارع المستقيم، والتقى الجناحان في منتصف الشارع، أي في منتصف المدينة القديمة ليقسمها إلى قسمين شمالي وجنوبي، فهذا الشارع يمتد من باب الجابية غربًا إلى باب شرقي شرقًا بطول 1500 متر، وبدرجة استقامته العالية التي لا يشوبها أي اعوجاج، وهذا هو سبب تسميته بالشارع المستقيم، كما سُمي شعبيًا باسم السوق الطويل.
باب توما: كوكب الزهرة الشامي المنسوب للقديس توما
بُني باب توما في العصر الروماني، ونُسب إلى كوكب الزهرة، ثم حمل اسم "توما" نسبة إلى القديس توما أحد تلاميذ السيد المسيح. وهو يقوم في الجهة الشمالية الشرقية من سور المدينة. نزل عليه الصحابي عمرو بن العاص في سنة 14هـ/634م. وقيل بل شرحبيل بن حسنة، أحد الصحابة البارزين وأمراء الأجناد الذين بعثهم أبو بكر الصديق لفتح الشام. وفي العهد الأموي شيد عبد الله بن دراج، كاتب الخليفة معاوية بن أبي سفيان، عند الباب برجًا، عُرف باسم "برج الدراجية"، زالت آثاره مع مرور الزمن، وأثناء الحصار العباسي لمدينة دمشق نزل على هذا الباب القائد العسكري العباسي حميد بن قحطبة.
باب كيسان
وفي العصر السلجوقي قام السلطان نور الدين بترميم هذا الباب سنة 536هـ، وأقام عنده مسجدًا، ورفع فوقه مئذنة، ثم قام الملك الناصر داود ابن الملك المعظم عيسى الأيوبي سنة 625هـ/1228م بإعادة بناء هذا الباب على طراز إسلامي مبتكر، كما جُدد في زمن السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون بإشارة الأمير تنكز نائب الشام في سنة 734هـ/1333م؛ كما يُذكر في النقش الكتابي الموجود على عتبة الباب من الخارج. وفي ثلاثينيات القرن العشرين، إبان فترة الاستعمار الفرنسي لسورية، عمل المهندس المعماري ومخطط المدن الفرنسي، ميشيل إيكوشار، على إزالة المسجد والمئذنة!
باب الفراديس: أثر آرامي يحاكي أساطير الإغريق
يُعد باب الفراديس من الأبواب السبعة الأصلية لدمشق، وهو من أبواب الجهة الشمالية للسور، يُسمى اليوم باب العمارة، بُني على أنقاض باب آرامي من قِبل اليونان وبعد تهدمه أعاد الرومان تشييده، ونُسب لكوكب عطارد، وهذا الكوكب في أساطير الإغريق هو رسول الآلهة عند اليونان، واسمه لديهم هرمس (Hermes). وهو أيضًا إله الفطنة والحيلة والفصاحة واللصوصية والموازين والمقاييس وأحرف الهجاء واختراع الأدوات الموسيقية، ويقابله لدى الرومان الإله ميركوري (Mercury). سُمي باب الفراديس بهذا الاسم نسبة إلى محلة كانت قبالته خارج السور تسمى الفراديس، وكانت هذه المنطقة مليئة بالقصور والحدائق والبساتين، لكنها احترقت وتهدمت أثناء فتنة القرامطة والفاطميين سنة 363هـ، بحسب ما ذكر ابن عساكر في كتابه "تاريخ دمشق". وعند الفتح العربي الإسلامي لدمشق دخل منه عمرو بن العاص، وفي عهد نور الدين زنكي رُمم الباب والسور المحيط به، وربما كان المسجد الموجود عنده من عهد نور الدين الذي بنى مسجدًا ومئذنة عند أغلب الأبواب. وقد أُعيد إنشاؤه وترميمه في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 639هـ/1241م. وهو باب مزدوج، الداخلي منه على حذاء السور الأصلي قبل أن يُدفع إلى الشمال نحو ضفة نهر بردى، وهو باب بسيط معقود، والخارجي باب ضخم مستطيل، بُني بحجارة ضخمة قديمة، وعلى عتبته من الخارج كتابة طُمست، وتفتتت أطراف عضادتيه، ورُكبت فوقه الدور.
باب كيسان: عودة القديس بولس الرسول
يقع باب كيسان في الجهة الجنوبية الشرقية، بالقرب من دوار المطار وجامع بلال الحبشي، يلاصقه من الشرق كنيسة القديس بولس. ونُسب قديمًا إلى كوكب زحل. نزل عليه الصحابي يزيد بن أبي سفيان عند حصار الفاتحين المسلمين لدمشق؛ إضافة إلى نزوله على الباب الصغير في الوقت نفسه، سُمي بذلك على اسم مولى الصحابي معاوية بن أبي سفيان "كيسان".
وقد بقي الباب مستخدمًا إلى القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي عندما سده السلطان نور الدين لخوفه من سهولة دخول الأعداء منه، وبقي هذا الباب مسدودًا طوال العصر الأيوبي إلى أن أعاد فتحه الأمير سيف الدين منكلي بغا الشمسي نائب السلطنة في العصر المملوكي بالشام سنة 765هـ/1364م، وجُدد في داخله مسجد كان مهجورًا، ويُعرف بمسجد الشاذوري، وعُقد عنده جسر فوق الخندق، وفي سنة 1925م جُدد الباب، وأُدخلت عليه تعديلات كما تشير اللوحة المؤرخة عنده. وفي عهد الاستعمار الفرنسي- وتحديدًا سنة 1939م، وبتخطيط مهندس فرنسي يُدعى "دولوري" أُقيمت عند مدخل الباب كنيسة على اسم القديس بولس الرسول، تخليدًا لذكراه وحادثة تهريبه من السور في القرن الأول الميلادي، فأصبح الباب الأثري مدخلًا للكنيسة!
باب الجابية: بين السريانية والميثولوجيا الرومانية
يقع في الجهة الغربية من المدينة القديمة وهو من الأبواب السبعة الأصلية، بناه الرومان ونسبوه لكوكب المشتري، وسُمي بباب الجابية نسبة إلى قرية الجابية الواقعة في الجولان جنوبي سورية؛ لأن الخارج إليها كان يخرج منه. وقيل إن اسم هذا الباب اشتُق من اللغة السريانية الشرقية أو اللغة العربية. وقيل كذلك إنه تحوير لاسم جوبيتر ملك الآلهة الرومانية، وإله السماء والبرق في الميثولوجيا الرومانية. وكان الباب قديمًا ذا ثلاثة أبواب؛ الأول كبير في الوسط، وكان مخصصًا للمشاة، والآخران بابان صغيران، خُصص أحدهما لمن يشرق بدابته، والآخر لمن يغرب بها، وهو يتصل بباب شرقي عبر الشارع المستقيم. عند الفتح العربي الإسلامي لدمشق دخل منه الصحابي أبو عبيدة بن الجراح، وقد أعاد نور الدين بناء هذا الباب ورمم السور المحيط به سنة 560هـ/1165م، وبنى حوله باشورة. ثم تلته ترميمات أخرى أبرزها ترميم الملك الناصر داود ابن الملك المعظم عيسى في العصر الأيوبي. وهو مبني بالحجارة الضخمة، ومدخله معقود، ويعلو فتحة بابه عتب مستقيم، ويُدخل منه لمساحة مغطاة بقبوين، وقد حُفر على الحجر أعلى الباب نقش كتابي يفيد أن السلطان نور الدين أمر بعمارة الباشورة والقبو سنة 567هـ/1171م.
الباب الصغير: نُسب إلى كوكب المريخ
يقع الباب الصغير في الجهة الجنوبية لسور دمشق، وسُمي بهذا الاسم لأنه كان أصغر أبواب المدينة، وعُرف في العصر العثماني بباب الحديد؛ لأنه كان مدعمًا بصفائح الحديد، ونُسب قديمًا إلى كوكب المريخ. وقد نزل عليه يزيد بن أبي سفيان في حصار دمشق، وجدده الملك المعظم عيسى الأيوبي سنة 623هـ/1226م، ومنه دخل الإمبراطور المغولي تيمورلنك سنة 803هـ/1402م عندما نهب دمشق وأحرقها. وقد عُرف الباب بمدخله المعقود والمغطى بعقد نصف دائري، وأمامه باشورة، وعلى بابه مسجد يُسمى اليوم مسجد الباشورة.
باب الجنيق: أثرٌ بعد عين
كان باب الجنيق واحدًا من أبواب مدينة دمشق السبعة، غير أن أثره زال حاليًا. ونُسب هذا الباب إلى القمر وتمثله ربة القمر سيلين (Selene) يقابلها عند الرومان ربة القمر لونا (Luna). وكان القمر يُعبد عند العرب، وله أسماء عديدة: منها: سن وسين وشين وسوين. وعند العرب الآراميين كان اسمه شهر أو سهر. وعند التدمريين كان اسمه عجلبول، وأُطلق عليه قديمًا باب الميلاد تيمنًا بميلاد السيد المسيح.
باب الفراديس
وجاء ذكر باب الجنيق سنة 684هـ/1285م حينما عدد المؤرخ عز الدين ابن شداد في القرن السابع الهجري أبواب دمشق فذكره ضمنها، والجنيق تسمية لم يُعرف معناها.
باب السلام: أجمل أبواب المدينة
يُطلق على باب السلام أيضًا، باب الشريف، وباب الفراديس الصغير، وهو يقع بين باب توما وباب الفراديس، وتتضارب الروايات حول تاريخ تشييده، حيث تذكر مصادر أن نور الدين زنكي أحدثه في القرن السادس للهجرة، وأن فوقه عتبة طويلة هي بالأصل عامود روماني. وتعود تسميته بهذا الاسم لتفاؤل الناس به؛ لأن القتال مع الأعداء كان يصعب عليهم من ناحيته لما وراءه من الأشجار والأنهار، وهو أجمل أبواب المدينة على الإطلاق، وكتلة مدخله مشابهة لباب توما الحالي من حيث شكل العقد والمزاغل والرواشن التي تعلوه، ويعلو فتحة الدخول عتب عليه نقش كتابي ورد فيه أن الملك الصالح أيوب أمر بتجديد عمارته سنة 641هـ/1244م. وعلى عضادة الباب الشمالية التي يجري النهر من تحتها مرسوم مملوكي طُمست أكثر حروفه. وله قوس عربية مدببة، وقد قامت مديرية الآثار بدمشق بترميمه في أربعينات القرن العشرين.
باب الفرج: تفاؤل بعد الفتح
يقع باب الفرج في شمال دمشق غربي باب الفراديس. بناه نور الدين زنكي، وسُمي بهذا الاسم تفاؤلًا بالفرج بعد فتحه. وهو باب مزدوج، جاء الداخلي محاذيًا للسور، وعلى عضادته اليسرى نقش مؤرخ بشهر رمضان 639هـ، حينما جدده الملك الأيوبي الملك الصالح أيوب. وجاء الباب الخارجي ملاصقًا لنهر بردى، وقد أُعيد بناؤه في القرن الخامس عشر، في العهد المملوكي. وهو ضخم ومستطيل، فوقه عتبة وكتابة مطموسة. وأمام الباب عضادتان يعلوهما قوس، سقطت من مكانها. وعلى كل من العضادتين يوجد شعار مملوكي نُقشت فيه زهرة الزنبق، التي كانت شعار السلطان نور الدين. وقد جدد سيف الدين أبو بكر بن أيوب هذا الباب سنة 606هـ. وعُرف باب الفرج في العهد العثماني باسم "باب البوابجية" لوجود سوقين لصنع البوابيج (جمع بابوج/ الخُف) هناك. وحاليًا يُدعى "باب المناخلية" وفيه سوق تحمل نفس الاسم. وكان أمام الباب الخارجي جسر باب الفرج على نهر بردى، بُني أيام المماليك سنة 736هـ. وبين الباب الخارجي والداخلي توجد طاحونة باب الفرج. وجداراها الشمالي والغربي من جسم السور نفسه، وفيها مرامٍ للسهام. وإلى جانب الباب الخارجي، يوجد مسجد باب الفرج. وكان فوق مدخله مرسوم سلطاني. ولم يبقَ من بناء المسجد الأصلي سوى قوس حجرية وجزء من جداره الغربي والشمالي وأجزاء من المحراب الأصلي. ويوجد في زاويته الجنوبية الغربية سبيل للماء.
صدر حديثًا عن دار ميارة للنشر والتوزيع في تونس ديوان "اختراع العالم" وهو السادس للشاعر التونسي محمد العربي. ويعتبر العربي من الشعراء الذين برز اسمهم على الساحة الشعرية التونسية والعربية من بين جيل شعراء الألفية الثالثة.
صدر حديثًا عن دار ميارة للنشر والتوزيع في تونس ديوان "اختراع العالم" وهو السادس للشاعر التونسي محمد العربي. ويعتبر العربي من الشعراء الذين برز اسمهم على الساحة الشعرية التونسية والعربية من بين جيل شعراء الألفية الثالثة.