}

التنوّع المعماريّ في قطر: ينابيع الأَصالة ووجوه الحداثة

محمد جميل خضر محمد جميل خضر 22 فبراير 2025
عمارة التنوّع المعماريّ في قطر: ينابيع الأَصالة ووجوه الحداثة
وزارة الداخلية
بألوانٍ داخليةٍ دافئة، ومعالِمٍ كبيرةٍ واضحة، وبوّاباتٍ منمّقة بزخرفةٍ عربيةٍ لا ريب فيها، واستيعابٍ دقيقٍ لآلياتِ عمل الإضاءةِ، وتوجيهِ درجة الحرارة وإدارةِ مجسّات تأثيرِها، وبمزجٍ أخّاذٍ مدروسٍ بين أصالةِ المرجعيات وحداثة مرحلة ما بعد النفط، رسمت العمارة في قطر (أو العمارة القطرية) ملامحَ زهوِها، وفرضت نفسَها كرقمٍ صعبٍ على صعيدِ مَدَياتِ العمارة في بلاد الخليج العربي على وجه الخصوص، والعمارة العربية على وجهِ العُموم.

جماليات الزخرفة

بحسبِ المعماريّ القطري إبراهيم محمد جيدة فإن الزخرفة بمختلف تجلياتها فوق جسد العمارة القطرية، شكّلت معلمًا حيويًا من معالم التراث المعماريّ القطريّ وتقاطعاتهِ مع المستورَد من فلسفةٍ معماريةٍ عالميةٍ ومقترحاتِ جمالِ عمارةٍ إنسانية. يقول جيدة في مقال نشره له موقع "ليوان" بالتعاون مع مؤسسة "متاحف قطر": "لم يكن التعليم المجال الوحيد الذي شهد نموًا في هندسته المعمارية؛ بل تطوّرت عمارة المستشفيات والمساجد والمنازل والأسواق والمباني الحكومية بشكلٍ موازٍ. فبعد تحليلٍ مفصّلٍ للأعمال الأرشيفية من ذلك العصر، ظهر تشابهٌ لافتٌ للألوانِ الزاهية والأنماطِ الهندسية التي تُزيّن المباني والمنازل الخاصة، وبما يعرف بِأسلوب الفن الزخرفي الذي شاع استخدامه في الولايات المتحدة وأوروبا. قام المهندسون المعماريون القطريون الذين لم يُعرفوا بعد وعملوا على تلك الزخرفة البارزة ذات المنحنيات الحادة والخطوط السميكة، بمزجِها بطابعٍ محليٍّ خاص، يُظهر صقورًا وسعْف نخيل، إضافة إلى مؤثرات عربية أخرى. ويكشف هذا الاندماج بين الأفكار الأجنبية في مجال العمارة والجماليات المحلية عن توليفةٍ ميّزت المشهد المعماري في قطر ما بعد النفط".
جيدة يقرّ في مقاله بأن اكتشاف النفط تجلّى بوصفه التحوّل الأوضح في مفردات العمارة القطرية. يقول في هذا السياق: "إن اكتشاف النفط شكّلَ لحظةً فاصلةً في تاريخ البلاد، أدّت إلى حدوث تحوّلات جذريةٍ اخترقتْ مختلف جوانب المجتمع المحليّ. كما شهدت هذه الفترة الانتقالية تغيّرات غير مسبوقة في المجالات كافّة، فبرزت العمارة باعتبارها ميدانًا مهمًا في رحلة التحوّل تلك، حيث سجّلت المدينة تطوّرًا هائلًا في فترة وجيزة، وتوسعت الدوحة في العقود الأخيرة من القرن العشرين، توسعًا ملحوظًا واضحَ الآفاق".

متحف الفن الإسلامي 


بالعودة إلى ملمح الزخرفة بوصفها معلمًا من معالم العمارة القطرية، فإن البوابات المنمّقة التي تزين القصور والمنازل تُعدّ مثالًا ساطعًا لما أَطلَقَ جيدة عليه مصطلح "الزخرفة العربية". إنها أسلوبٌ تجسّده مبانٍ مثل قصر الشيخ فهد بن علي، وقصر الريّان، ومجلس الشيخ محمد بن حمد، وقصر العطية، وقصر الشيخ غانم بن علي. وفي الوقت الذي تعرّضت فيه بعض هذه البُنى إلى الهدم، جرى الاحتفاظ بأُخرى تحت مظلّة متاحف قطر. في هذا السياق يرى جيدة أن بالإمكان "إعادة صنع هذه البوابات الرائعة وإبداعها بالطراز نفسه من خلال الحفاظ، بعنايةٍ فائقة، على صورها والمحاولات لأرشفتها في نهاية القرن الماضي، وإبراز فخامتها للجمهور على مستوى العالم". جيدة يواصل تنظيره حول العمارة القطرية رائيًا أن طابع "الزخرفة العربية"، وبعيدًا عن بوابات القصور، يبدو جليًّا في "العديد من المباني السكنية، مثل تلك الموجودة في منطقة الأصمخ، مساهمةً في إثراء النسيج التراثيّ المعماريّ في قطر".




جيدة صاحب كتاب History of Qatari Architecture، بالاشتراك مع ماليكي بورنان، يخلُص إلى أن توثيق التراث المعماري القطريّ هو أمر بالغ الأهمية، مؤكدًا أن أكثر عبارة يرددها على طلبته هي: "لا تنظروا إلى تراثكم كسلاسلَ تثقلُ كاهلَكم، بل اجعلوه مرساةً تتعلّمون منها وتبنون عليها".

جزيرة اللؤلؤة

على مساحةِ أربعة ملايين متر مربع من أرضٍ وقنواتِ ماءٍ اسْتصْلِحت خصيصًا لهذه الغاية الفريدةِ في جمالياتِها، صنع القطريون جزيرةً من البهاءِ المُزدان بعمارةِ التناظرِ الذهبيّ.
إنها جزيرة اللؤلؤ، واللؤلؤ جزءٌ لا يتجزّأ من التراث الوجداني القطريّ، عندما لم يكن إلا الصيد، وعندما لم تكن المراكب إلا (فْلوكات) أبواب رزق، وتصابيحَ موّال يطلُع من البرِّ فيردّ عمقُ الماء صدى تفاريحِهِ وتباريحِه.
تنقسم الجزيرة التي يطيب لكثيرٍ من الناس منحها اسم: "الريفييرا العربية"، إلى ثلاث مناطق رئيسية: قناة كارْتييه، الحيّ المُستوحى من مدينة البندقية الإيطالية بمبانيهِ وقنواتهِ وجسورهِ الملوّنة (تحفةٌ بصريةٌ تسرّ أنظارَ روادِه)، ومرسى "بورتو أرابيا" العصريّ بمفرداتِه، الباذخ بيخوتِه، وأخيرًا منطقة المركز (سنترال) التي تضم ساحات، وحدائق، ومناطق لعب للأطفال، إلى جانب كثيرٍ من المقاهي، والمطاعم، والمتاجر.
مباني القناة التي تسبح في وداعتِها قوارب صغيرةٌ خاشعة، تحقّق، أكثر من أيّ معالم معمارية أخرى في عموم قطر، فكرة التنوّع المعماريّ الذي نثره أصحاب القرار هناك بوصفه سجّادةً من الموزاييك الساحر. بيوت مزيّنة بشرفاتٍ تنهلُ جمالياتُها من مشربيّات مصر، ومسلّات روما، وتناظرات العمارة الإسلامية، وكل دهشةٍ طالعةٍ من الشرق المحتشدِ الألْوان، المشعّ التّسابيح عرفانًا وبرهانًا وتأمّلات. إنها النسبة الذهبية التي لَطالما تحدث عنها الأكاديميّ والمعماريّ السعوديّ منور المهيد رائيًا أنها أوفى تمثيل لِتجليات الفن البصريّ الإسلامي حولنا "عمارةً وفنونًا ومعارف عليا وهندسةً فاضلة".

قلعة الزبارة المدونة في سجلات الخلود 


معالِمُ آسِرة

من المعالم المعمارية الآسرة في الدوحة وعموم قطر، متحف قطر الوطني The National Museum of Qatar، المشتقةُ روحُ عمارتهِ من فكرةِ التكوينات البلّوريّة الشهيرة بِاسم "وردة الصحراء". المتحف من تصميم المهندس المعماريّ الفرنسيّ جان نوفيل (1945)، الحائز على جائزة بريتزكر Pritzker Prize، الأميركية المهمة التي تُمنح لمعماريينَ على قيد الحياة. يتميز تصميم المتحف الممتدُّ على مساحة تزيد على 430,500 قدم مربعة، والمشيّد حول القصر القديم للشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني الذي كان مقر الحكومة لمدة 25 عامًا، بأقراصِه المتشابكة، ومنحنياتهِ المخلصةِ لمرحلةِ ما بعد الحداثة في العمارة الفرنسية على وجه الخصوص، والأوروبية على وجه العموم، وبجرأتهِ المنفلتةِ من كلاسيكياتِ العمارة الإنسانية. وفي حين تداهمكَ العمارات الزجاجية والمعدنية من جهات مرورك الأربع من الدوحة وإليها، فإن مفردةً معمارية من طراز المتحف، تعيدكَ إلى أهم سمات تلقي جماليات العمارة: التأمّل.
وفي إطاره (التأمّل أقصد)، فإن متحف الفن الإسلامي Museum of Islamic Art الذي صمّمه المعماري الأميركي الصينيّ آي. إم. بي (أو آيوه مينغ بي، 1917-2019)، يعد تحفةً تشربُ ملحَ البحرِ وتعيده إلينا شهدًا يقطر فتنةً معماريةً وارفةَ التأمّلات. رفض بي أن يشرع بتصميم المتحف قبل أن يزور قرطبة والمسجد الأموي في دمشق وعددًا من المراكز الثقافية الإسلامية حول العالم، وعندما رأى قبّة نافورةِ الوضوء في مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة، قال حينها إنه وجد روح المتحف التي استوحى منها تصميمه.
يتكوّن المتحف من خمسة طوابق وقبو. يتضمن الطابق الأرضي المدخل الرئيسي ومساحة للعروض المؤقتة، وأمّا الطابقان الثاني والثالث فللعروض الدائمة. في الطابق الرابع قاعات للمحاضرات وأُخرى صغيرة للعرض. في المتحفِ جناحٌ تعليميٌّ يحتوي على قاعات للمحاضرات ومكتبة مجهّزة وغرف للعمليات والمرئيات التي تعزّز الجانب التعليميّ البحثيّ في مجالات الفن الإسلامي، فهذا الصرح المعماريّ الشاهق ليس محصورًا في جوانب العرض والزيارات فقط.
من المعالم اللافتة مكتبة قطر الوطنية في المدينة التعليمية التي صمّمها المعماريّ الهولنديّ ريم كولهاس (1944). كولهاس ربط فلسفة تصميم المكتبة بالورق كونه شعاعَ كل مكتبة ومتنَ كل كتاب؛ ورقتان مطويّتان فوق بعضهما من الزوايا ومسحوبتان إلى الأعلى يشكّل الفراغ بينهما (الفضاء الداخلي المفتوح من المبنى) ما يشبه الصَدَفة. أما الجزء الداخلي الرئيسي فقد صُمِّم ليتيح دخول مقدارٍ محددٍ بدقةٍ من ضوء النهار لبهوِ المكتبة بما يرمز للمعرفة التي تربط المكتبة بالعالم الخارجي. وتوفّر الواجهة الزجاجية المموّجة التي تعكس ضوء النهار ضوءًا طبيعيًا مثاليًا دون وهجٍ أو سطوعٍ يساعد على القراءة وأنشطة التواصل والتفاعل الاجتماعي. كما صُمّمت أرفف الكتب لتبدو جزءًا طبيعيًا من المبنى ذاته. وهو جزءٌ طالعٌ من الأرض في إشارة للقيمة الرفيعة للكتب في الثقافة القطرية.
في هذه السياقات جميعها يجسّد مركز قطر الوطني للمؤتمرات Qatar National Convention Centre بتصميمهِ الأيقونيّ، محاولةً جريئةً للمزجِ بين عدة مدارس معمارية، وتمثّلًا لكثيرٍ من عناوين العمارة الخضراء والتنمية المستدامة والتجاوز الخلّاق.
جملةٌ معدنيةٌ شجريةٌ تعكس الجرأة الإنْشائية، وتتقاطع على الواجهة الرئيسية على شكل شجرتيّ سدرةٍ معدنيّتين، انطلق المصمم الياباني أراتا أيسوزاكي بفكرةِ تصميمهِ للمركز واضعًا المعايير البيئية عنوانًا رئيسيًا خلال سعيه لإنجاز تحفته. يتمتع المبنى بسقف تكسوه الألواح الشمسية على مساحة 3600م²، توفر أكثر من 12.5% من احتياجاتهِ من الطاقة. أُنيرَ المركزُ بأضواءِ ليد LED عالية الكفاءة. والمشروع يتمتّع عمومًا بأنظمة استشعار لتشغيلِ الإنارةِ وإيقافِها، إضافةً إلى أنظمة التحكم في الهواء وتوفير الماء، التي شكّلت مع باقي العناصر التكنولوجية والرمزية، مشروعًا فريدًا من نوعِه.




على شكل ثلاثةِ أشرعةٍ عاليةٍ تحتوي على حدائق تعزّز الشفاء ومليئة بالخضرةِ والماء، صمّم المهندس المعماري الأميركي/ الأرجنتيني سيزار بيلي مركز سدرة للطب والبحوث حيث العيادات الخارجية متّصلة بالمستشفى من خلال ممرٍّ زجاجيٍّ وحدائق وبركةِ ماء انعكاسية. وحيث بالقرب من المستشفى الرئيسي، وموقع خدمةٍ جذّاب، يوجد مسجد من الحجر الطبيعيّ، مصمم بطريقة رائعة، تسمح بدخول الإضاءة الطبيعية إلى الداخل لتضفي هدوءًا وسكينةً على أجواء الصلاة والتأمّل، وهو مفتوح دائمًا ومتصل بالمستشفى حيث يستقبل الطاقم والمرضى والزوار. هو، إذًا، مرّة ثانيةً وألْف، التأمّل الذي تقترحه علينا معالم معماريةٌ مشعةٌ على امتداد الدوحة، وفي كلِّ قطر، لتقول لنا إن زمن العمارة الوظيفية المُكتفية بإسمنتِها وجلافتِها وصرامةِ تفاصيلِها انتهت ها هنا وإلى الأبد.
حتى وزارة الداخلية المرتبطة عادة في وجدان كثير من الشعوب، خصوصًا شعوب بلادنا، بالسلطة والتجهّم وتقييدِ حريات الناس، فإن مبناها الجديد في وادي السيل (فريج) جنوب المرخيّة، وشمال البِدع والرميلة، وشرق فريج كليب وبن عمران، وغرب الدّفنة والبحر، يتّسم بتصميم معماريٍّ يحمل تصورًا جديدًا حول طبيعة المكان ووظائفهِ، ويجعل فكرة التعامل معه ومع الوزارة التي تتوزع مكاتبها ومرافقها داخله، مقترنةً بانبهارٍ تأمليٍّ فورَ رؤيةِ المبنى ومعاينةِ ملامحهُ الجماليةَ الجامعةَ بين عراقةِ الماضي وعبقِ الحاضر، المشيّدة بتدرّجاتٍ تسلسيةٍ تحتوي على قدرٍ مدهشٍ من الانسيابية التقبليّة والشّموخ المسالِم الودود. حتى الأبراج الدائرية المتوزّعة زوايا الجدار الخارجيّ للمبنى، المستلّة فكرتها من أبراج قلعة الزبارة، فإنها بحيويةِ تجاورِها مع باقي مفردات المبنى، وألوان إضاءتها المريحة ليلًا، وليونة احتضانها جدران المبنى وفق حركةٍ بصريةٍ مدروسة نحو الداخل، وخلو صعودها العلويّ من الوحشة والتنمّر، تجعل الناظرَ يرى فيها حصنًا له لا برجًا عليه.  
من المعالم التراثية والتاريخية في قطر، الحصون العثمانية والبريطانية والوطنية القديمة، ومنها مدينةُ الزُبارةِ بقلعتِها ومختلفِ تفاصيلِها المُدرَجةُ على قائمة اليونسكو للمواقع التراثية. تقع الزُبارة على الشاطئ الشمالي الغربي لقطر، محافظةً على خرائبِها من قصورٍ وَمنازل وَمخازن. وهي مُقامة على أرضٍ سبخةٍ ممتدّةٍ فوق مساحةِ 60 هكتارًا داخل الأسوار التي تحيط بالمدينة من جهاتِها الثلاث (الجهة الرابعة مفتوحة على البحر)، يتخلّلها 20 برجًا، أقيمت على مسافات غير متساوية تتراوح ما بين 90 و115 مترًا.
ومن المعالم الأثرية المتميّزة بعمارةٍ مخلصةٍ للرمل والطين والحجارة الورديّة المتقلّبة بين أصفرٍ وبرتقاليٍّ وأحمر، منطقة زكريت الأثرية، إضافة إلى معالم عصرية (أو جرت عصْرنتها) ومنها برج البِدع الذي يحتضن مقر اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وكذلك حديقة البِدع المنسابة كأنها واحة في قلب الأبراج الشاهقة، وواحة العلوم والتكنولوجيا في قطر، ومجمّع الجزيرة، ومشيرب قلب الدوحة (التحديث في منطقة المركز down town أفقدها، كما في بوليفارد العبدلي في عمّان، روحها القديمة)، وعدد من الجامعات بالمدينة التعليمية في مؤسسة قطر، وغيرها من المعالم العصرية المنتشرة في الدوحة.

مسجد محمد عبد الوهاب 


جامعة قطر واحدة من المعالم المعمارية اللافتة، مسجد محمد بن عبد الوهاب بمئذنتهِ وقبابه وسطوع ألوانه ليلًا، مسجد كتارا، وجارُه المسجد الذهبي في الحيّ الثقافي، مسجد حمد بن جاسم بن جابر بن محمد آل ثاني المتمثّل روح عمارة المهندس التركي سنان، تقاطع "5/ 6" والقوسان المبنيان عليه بِمزيجٍ نديٍّ من الحداثة والتراث، وبما يحمله التقاطع وقوساه من معاني صمودٍ ومعْراج إرادة، مبنى الإطفائية الجديد الذي صممه المعماري القطري إبراهيم الجيدة، وحتى المبنى القديم (الطفاية) من خلال المحافظة عليه وترك خُضرة النبات تغطيه جميعه من الخارجِ المرئيِّ للعيان فإنه يحمل دلالات عراقةٍ عميقةٍ وحدْبٍ طيبٍ على الأمكنة وذاكراتها.

عمارةٌ إنسانية

لعل العنوان الواضح للعيان حول فلسفة قطر المعمارية هو: تصميم سكنٍ متصالحٍ مع روح المكان، متوافقٍ مع حاجات الساكنين، يؤمّن لهم الأمان والراحة، ويراعي العلاقات بين الأشكال المادية والفراغات، ويحسن تقديم صورةٍ بصريةٍ متوائمةٍ منسجمةٍ محتشدةٍ بالقيمِ الجماليّة. إننا في قطر أمام طابعٍ عمرانيٍّ فريد لا يهمل، في الوقت نفسه، الهوية العمرانية التي تحقق الخصوصية واحترام التراث وتلبية رؤية قطر الوطنية. مساحات مفتوحة... مريحة... معالم وادعة... خدمات عمرانية مدروسة وانسيابية.
بقي أن نقول إن دولةً سقفت الماء برمل بلادها، وشطبت من سجّلاتها مفردة مستحيل، وجعلت الثقافة حيًّا مسترسلًا بِعراقة المباني وتجاور العناوين (الحيّ الثقافي كتارا)، ومساحة تفاعلٍ وذاكرةٍ ومجْداف نماء، وفرضت القِباب تاجًا فوق رؤوس أهم تصاميمها الكبرى (قِباب عمارة قطر تعانق السماء في أهم فنادقها، ومبانيها، وأسواقها، وحدائقها، وطبعًا مساجدها)، ووفّرت تصاميم هندسية مجّانية لمواطنيها، لهي دولة ترى في العمارة منصّةً لخدمة إنسانها، وفرصةً متعيّنة فوق أرض المكان لتعزيز الوجْد والتّواجدِ بين الإنسان وبين البيئة من حوله.
نعم إنه حقًا تنوّعٌ معماريٌّ لافت يطلع من كل زاويةٍ وناحيةٍ ومدماكِ عمارةٍ في قطر، ويلحّ علينا أن لا نمرّ مرورَ الكِرام على معالمَ مبدعةٍ، قَدَحَ مصمّموها الأرواحَ قبل العقول، وجعلوا البهاءَ فصلًا واحدًا تلوّن مسرّاتُهُ كلَّ الفُصول. إنه تنوّعٌ يمتح من أعرقِ ما تختزنه الأصالة، وأجملِ ما تَعِدُ بِهِ الحداثة. 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.