}

المنارة الحدباء تعيد للموصل روحها التاريخية

7 فبراير 2025
آثار المنارة الحدباء تعيد للموصل روحها التاريخية
يتجاوز عمر المنارة 850 عامًا (Getty)

بفضل جهود استمرت خمسة أعوام، استعادت المنارة الحدباء مكانتها في سماء الموصل، حيث أشرف فريق من منظمة اليونسكو وخبراء محليون على إعادة بنائها باستخدام حجارتها الأصلية. وتمكن المهندسون من الحفاظ على ميلان المنارة التاريخي مع تدعيم أساساتها لمنع زيادته مستقبلًا، مستخدمين 26 ألف طابوقة قديمة للواجهة الخارجية و96 ألف طابوقة جديدة للجزء الداخلي.
وتحمل المنارة، التي يتجاوز عمرها 850 عامًا، ذكريات متباينة في تاريخ المدينة. ففي عام 2014، شهد جامع النوري الكبير، الذي تشكل المنارة جزءًا منه، إعلان أبو بكر البغدادي ما أسماه "الخلافة الإسلامية". وفي حزيران/ يونيو 2017، قام تنظيم داعش بتفجير المنارة والجامع خلال معارك تحرير المدينة، مما تطلب لاحقًا إزالة أكثر من 12 ألف طن من الأنقاض من الموقع والمناطق المحيطة به.
ويؤكد عبد الله محمود، مشرف الهيئة العامة للآثار والتراث على أعمال الترميم، أن المشروع نجح في الحفاظ على الطابع التاريخي للمنارة والجامع. وقد شمل العمل ترميم المحراب باستخدام أحجاره الأصلية، بينما تتواصل أعمال ترميم المنبر وأعمدة المسجد وقبته، تمهيدًا لافتتاحه رسميًا في الأسابيع المقبلة.
ويعبر المؤذن السابق للجامع، السيد عماد زكي، عن مشاعر أهل المدينة بقوله إنه يقف يوميًا لساعة كاملة يتأمل عملية إعادة الإعمار، مضيفًا أن رؤية المئذنة تعانق السماء تبعث الطمأنينة في نفوس سكان الموصل. وكان الجامع قد تعرض للتدمير بنسبة 80% خلال المعارك، وفقًا لتقديرات الجيش العراقي.
وامتد مشروع الترميم ليشمل معالم تاريخية أخرى في المدينة القديمة، بما فيها كنيسة الطاهرة التي يعود تاريخها إلى عام 1862، وكنيسة سيدة الساعة، إضافة إلى 124 منزلًا تراثيًا. وخلال ترميم كنيسة الطاهرة، اكتشف العمال قبوًا وجرارًا كبيرة كانت تستخدم لحفظ النبيذ، فتم تركيب سقف زجاجي فوقها لتكون معلمًا سياحيًا مميزًا.
وتصف ماريا أسيتوسو، مديرة مشاريع اليونسكو في العراق، التغير الهائل الذي شهدته المدينة منذ عام 2019، حين كانت أشبه بمدينة أشباح. وقد عادت الحياة تدريجيًا إلى شوارع الموصل، حيث يجتمع السكان في المقاهي وتختلط أحاديثهم بأصوات أعمال البناء المستمرة في المسجد.
ورغم هذا التحول الإيجابي، لا تزال آثار المعارك واضحة في الأزقة الضيقة والبيوت المدمرة في المدينة القديمة. وتظهر على جدرانها كلمة "آمن" باللون الأحمر، للإشارة إلى خلوها من المتفجرات والألغام، لكن العديد من سكانها الأصليين، وخاصة المسيحيين، لم يعودوا بعد إلى منازلهم.
ويروي محمد قاسم (59 عامًا)، أحد العائدين إلى المدينة القديمة، كيف انتقل إلى منزل جديد بعد تدمير منزله الأصلي بالكامل، مؤكدًا أهمية عودة السكان السابقين، وخاصة المسيحيين، إلى بيوتهم ومناطقهم. ويتذكر بحنين كيف كان الناس يأتون من كل مكان خلال شهر رمضان لأداء صلاة التراويح، مما كان يضفي روحًا خاصة على المكان.
ومن متجره القريب من جامع النوري الكبير، يعبر سعد محمد (65 عامًا) عن أمله في أن تجذب أعمال إعادة الإعمار الزوار إلى المدينة. ورغم حزنه على ما فقدته الموصل، تعلو وجهه ابتسامة كلما نظر إلى المنارة، متذكرًا كيف كان يرى علم داعش يرفرف فوقها قبل أن تختفي تمامًا. ويختم حديثه قائلًا: "عادت اليوم الحدباء والنوري والكنائس وعاد الأمان، لكنني شخصيًا لم أتحرر طالما أن بيتي لم يعد بعد".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.