}

صيني يحصد جائزة بريتزكر المرموقة للهندسة المعمارية

7 مارس 2025
عمارة صيني يحصد جائزة بريتزكر المرموقة للهندسة المعمارية
يعد جياكون المهندس الرابع والخمسين الحائز على جائزة بريتزكر
نال المهندس المعماري الصيني ليو جياكون البالغ من العمر 68 عامًا جائزة بريتزكر المرموقة للهندسة المعمارية لعام 2025، متوجًا مسيرة مهنية امتدت لأكثر من أربعة عقود، وليصبح بذلك ثاني مواطن صيني يحظى بهذا التكريم الرفيع الذي يعادل جائزة نوبل في مجال العمارة.
جياكون، المنحدر من مدينة تشنغدو في مقاطعة سيتشوان، قدم خلال مسيرته المهنية أكثر من 30 مشروعًا متنوعًا بين مؤسسات أكاديمية وثقافية، ومتاحف فنية، ومساحات مدنية، ومبان تجارية، وتخطيط حضري في مختلف المناطق الصينية، متميزًا بنهجه الفريد في إيجاد علاقة إيجابية بين الكثافة السكانية والمساحات المفتوحة.
ويعد جياكون المهندس الرابع والخمسين الحائز على جائزة بريتزكر، وثاني مواطن صيني ينالها بعد وانغ شو عام 2012، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحظر الذي كان مفروضًا على ممارسات الهندسة المعمارية الخاصة في الصين حتى تسعينيات القرن الماضي.
وقد أشادت لجنة التحكيم بقدرة جياكون على استلهام التقاليد الصينية بدون الوقوع في فخ الحنين إلى الماضي، واستخدامها كنقطة انطلاق للابتكار، فضلًا عن تأكيده على الهندسة المعمارية التي تحتفي بحياة المواطنين العاديين.
وعن فلسفته في العمارة، يقول جياكون: "لتبسيط الأمر، فإن مهمة المهندسين المعماريين هي توفير بيئة معيشية أفضل للبشر. يجب أن تكشف الهندسة المعمارية عن شيء ما، كما يجب أن تجعل الصفات المتأصلة لدى السكان المحليين مرئية". ويضيف: "تمتلك الهندسة المعمارية القدرة على تشكيل السلوك البشري وإيجاد أجواء إيجابية، كما توفر شعورًا بالسكينة والشعر، وتثير التعاطف والرحمة، وتزرع الإحساس بالمجتمع المشترك".
ومن اللافت أن جياكون لا يقتصر اهتمامه على العمارة فحسب، بل هو أيضًا روائي، حيث يرى "وجود علاقة جوهرية بين العمارة والأدب. فكلاهما يتطلبان مراقبة المجتمع، والاهتمام الشديد بالسلوك البشري، وكلاهما يتطلبان الصبر أيضًا"، مشيرًا إلى أن نشر روايته في الصين استغرق خمسة عشر عامًا.
ولعل أبرز ما يميز مسيرة جياكون هو مشروعه الإبداعي عقب زلزال ونتشوان المدمر عام 2008، الذي أودى بحياة نحو 70 ألف شخص، حيث ابتكر ما أسماه "طوب إعادة الميلاد"، مستخدمًا الأنقاض الممزوجة بألياف القمح المحلية والإسمنت. وقال حينها: "عندما زرت موقع الكارثة، رأيت جبالًا من الحطام. كان عليهم إعادة بناء كل شيء بسرعة كبيرة، وأدركت أن المواد كانت موجودة هناك. كانت أرخص وأكثر كفاءة وأقوى من استخدام الطوب الجديد".
ومن أبرز أعمال جياكون التي لفتت أنظار لجنة تحكيم جائزة بريتزكر مشروع "مركز تشنغدو للفنون المعاصرة" الذي اكتمل عام 2011، والذي يدمج بسلاسة بين المباني التاريخية والتصميم المعاصر، مستخدمًا هياكل تحاكي أوراق البامبو، وهي نبتة محلية ذات رمزية ثقافية عميقة في المنطقة.
كما يعد مشروع "متحف جياكون للفن" الذي افتتح عام 2018 في بكين من أهم أعماله، حيث استطاع تحويل مصنع قديم للأسلحة إلى منصة ثقافية نابضة بالحياة، معتمدًا على نهج الاستدامة وإعادة التدوير، مع الحفاظ على روح المكان وتاريخه.
وفي تقييمها لمنجزات جياكون، قالت لجنة التحكيم في بيانها: "من خلال مجموعة متميزة من الأعمال ذات التماسك العميق والجودة الثابتة، يتخيل جياكون ويبني عوالم جديدة، خالية من أي قيد جمالي أو أسلوبي. وهو بدلًا من الأسلوب، طور استراتيجية لا تعتمد أبدًا على طريقة متكررة، بل على تقييم الخصائص والمتطلبات المحددة لكل مشروع بشكل مختلف".
ورأت اللجنة أن المهندس الفائز "يتعامل مع الحقائق الحالية، ويقدم في بعض الأحيان سيناريوهات جديدة تمامًا للحياة اليومية. وإلى جانب المعرفة والتقنيات، فإن الفطرة السليمة والحكمة هما أقوى الأدوات التي يضيفها إلى صندوق أدوات المصمم".
وتضم لجنة تحكيم جائزة بريتزكر لهذا العام مجموعة من أبرز المهندسين المعماريين العالميين، من بينهم المهندسة الإيطالية بينيديتا تاليابو والأميركية ديبورا بيركي، فضلًا عن المعماري البرازيلي باولو مينديس دا روشا.
ومن الجدير بالذكر أن جياكون ينتمي إلى جيل من المهندسين المعماريين الصينيين الذين بدأوا مسيرتهم المهنية في فترة حرجة من تاريخ البلاد، حيث شهدت الصين تحولًا هائلًا من مجتمع ريفي تقليدي إلى قوة صناعية وحضرية كبرى. وقد انعكس هذا التحول في أعماله التي تجمع بين احترام التراث والتطلع نحو المستقبل.
ويرى النقاد أن فوز جياكون بهذه الجائزة المرموقة يأتي في وقت يشهد فيه العالم اهتمامًا متزايدًا بالهندسة المعمارية المستدامة والمراعية للبيئة، وهو الاتجاه الذي كان جياكون من رواده من خلال تركيزه على إعادة تدوير المواد المحلية واستخدام التقنيات المستدامة.
وسيتسلم جياكون جائزته في حفل رسمي يقام في شيكاغو في أيار/ مايو المقبل، حيث سيمنح المبلغ المالي المصاحب للجائزة والبالغ 100 ألف دولار، فضلًا عن ميدالية برونزية تحمل شعار الجائزة المستوحى من أعمال المعماري الأميركي لويس سوليفان.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.