}

الشعبوية: "نحن الشعب، فمن أنتم؟".. من المصطلح إلى المفهوم(4)

حسام أبو حامد حسام أبو حامد 28 سبتمبر 2019
هنا/الآن الشعبوية: "نحن الشعب، فمن أنتم؟".. من المصطلح إلى المفهوم(4)
هل بتنا شعبويين في واقع حياتنا اليومية؟ (Getty)
نتابع في "ضفة ثالثة" ملفا بدأناه حول الشعبوية سياسيا وثقافيا، استطلعنا فيه آراء عدد من الباحثين والكتاب المهتمين بالظاهرة في تجلياتها المتنوعة، وما يتصل بها نظريا وعمليا، بهدف مزيد من التأمل الفكري يكون مفيدا على طريق التأسيس لجهد بحثي قادر على الانتقال بالشعبوية من مستوى المصطلح إلى مستوى المفهوم، حتى يتيح القبض المفهومي على الظاهرة إمكان القدرة على التعامل معها وتوجيهها. وهي دعوة ستبقى مفتوحة لكل من يرغب في إثراء هذا النقاش.

في هذا الجزء الرابع من الملف تركزت آراء المشاركين حول الشعبوية في ملامحها وخصوصيتها في السياق الاجتماعي السياسي العربي وأثرها على الواقع العربي المتردي، قبل وبعد موجات الربيع العربي، وما إذا كنا قد بتنا شعبويين في واقع حياتنا اليومية وتفاصيله البسيطة، تفضيلاتنا وأذواقنا، وصورنا التي نعبر بها عن أنفسنا؟

*****


إبراهيم فريحات، أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا: 
أي شعبوية للمجتمع العربي؟
يصعب فهم مصطلحات مثل الشعبوية دون الاطلاع على السياقات التاريخية والثقافية والمجتمعية التي نشأت وتطورت بها. كذلك لا بد من الأخذ بعين الاعتبار جوانب تأقلم مثل هذه المصطلحات عندما تحط رحالها في سياقات ثقافية جديدة مختلفة عن تلك التي نشأت فيها. فالشعبوية التي يشار إلى نشوئها وتطورها في نهاية القرن التاسع عشر، وتحديداً مع ثورة تحرير الفلاحين في روسيا القيصرية عام ١٨٧٠، وحالة احتجاجات الريف الأميركي ضد المصارف وشركات السكك الحديدية، تتطلب فهماً خاصاً للتعامل معها اليوم في مجتمع آخر مثل المجتمع العربي. وتصبح عملية توطين المصطلح أكثر إلحاحاً عندما يكون المفهوم متغيراً وغير ثابت مثل "الشعبوية". فبينما ولد مثل هذا المصطلح تاريخياً ليصف عملية الممارسة السياسية للشعب وتقديس دوره في العملية السياسية ككل، أصبحت الشعبوية اليوم تفهم على أنها حالة انتهازية سياسية ترتكز على استثمار مشاعر الشعب، واحتكار تمثيلها، للوقوف ضد الدولة ومؤسساتها بشكل خاص، والنخب المجتمعية بشكل عام.

كان للشعوب العربية دور بارز في ممارسة السياسة في حروب الاستقلال والنضال الوطني ضد الاستعمار الأجنبي. ولربما استمر ذلك أيضاً في لحظات تاريخية محددة مثل مرحلة حكم جمال عبد الناصر، الذي استند إلى شرعية شعبية في حكمه تعدت الحدود الوطنية للدولة المصرية. ولكن بشكل عام، فإن ولادة الدولة الوطنية العربية ما بعد حروب الاستقلال قد قامت على نظام الحكم الدكتاتوري الذي ألغى دور الشعب في العملية السياسية، وحكم بالحديد والنار، مخضعاً الشعب لرغباته وتوجهاته الشخصية، فلم يعد هناك دور سياسي للشعب حتى تكون هناك شعبوية يستغلها ويستثمر بها لاعبون سياسيون، وبذلك فقد أصبحت لدى المجتمعات العربية "شعبوية مقلوبة"، أي أن الشعوب هي التي تأقلم برامجها ونظم حياتها ومتطلباتها الحياتية مراعاة لأهواء ونزوات الحكام وآرائهم المتقلبة وليس العكس. فالمواقف السياسية للشعوب العربية لم تدخل في حسابات الحاكم أصلاً وعليه فلم تتكون لدى المجتمع العربي "شعبوية" بالمفهوم الأوروبي، أو تلك التي نشأ بها في نهاية القرن التاسع عشر.
اختلفت الآراء مع بدايات الربيع العربي، عندما ضعفت الدولة الدكتاتورية وأصبح لممارسة الشعوب للسياسة دور أساسي في العملية السياسية ككل. وبما أن المشاركة الشعبية في العملية السياسية لم تتطور ضمن سياقات تاريخية عربية ملائمة لها، فقد ظهرت الشعبوية في فترة الربيع العربي بشكلها الفج، القائم على ادعاء تمثيل الشعوب، واستغلال عواطفهم الجياشة، وأداة لإقصاء الآخر، على اعتبار أن كل طرف يحاول احتكار شرعية التمثيل للمواقف الشعبية.

الشعبوية نشأت مع ثورة تحرير الفلاحين في روسيا القيصرية قبل الثورة الاشتراكية  


الانتهازية السياسية للاعبين على الساحة العربية ظهرت هي الأخرى بشكلها المتوحش، فلم يعد من المهم ماذا يفكر السياسي وكيف يرى المصلحة الحقيقية لمجتمعه، بل أصبح معيار كسب تأييد الشارع العربي ودغدغة مشاعر الشعوب الثائرة هو المعيار الذي يستند إليه السياسي في بناء مواقفه. وكما يصف فوكوياما الشعبوية بأنها أحد أمراض الديمقراطية الليبرالية، فإن تخبط التجربة الديمقراطية في مرحلة ما بعد الربيع العربي قد ساعد على بروز "شعبوية متخبطة" أو "مشوهة" بهذه المرحلة. هذا لا يعني أن الشعبوية الغربية أفضل حالاً من نظيرتها العربية، ففي حين أن المجتمعات الغربية أنتجت شعبوية يمينية متطرفة فقد أنتجت ثورات الربيع العربي شعبوية ليبرالية متحررة، وبنفس الوقت، ذات نزعة يسارية لم تخلُ من بعد يميني محافظ أيضاً وهو النموذج الشعبوي المشوه وغير المنسجم الذي ذكرناه سابقاً. حالة القفز من النقيض للنقيض تعمق أزمة المجتمع العربي السياسية، والخلاص منها يكمن في بناء دولة المؤسسات التي ستعمل على تحجيم كلتا الظاهرتين الدكتاتورية منها والشعبوية.


ماجد كيالي، كاتب سياسي فلسطيني:
عن "الشعبوية" وتداعياتها
أعتقد أن مصطلح الشعبوية هو بمثابة رديف لمصطلح الجماهير، إذ أن كليهما قاما على أسطورة متخيّلة، تم اصطناعها تاريخيا، بوسائل الدعاية والسيطرة الأيديولوجية، الدولتية والحزبية، في حقبة صعود التيارات الأيديولوجية الحديثة، ذات الطابع العصبوي والمغلق والمطلق، سواء كانت قومية أو اشتراكية أو دينية، إذ كل تلك التيارات أضحت بمثابة طوائف هوياتية، أو ما يشبه الطوائف "الدينية" مع أديان أرضية.
وكما شهدنا فإن زعماء، أو قادة الدول والأحزاب، طالما حاولوا الادعاء بالقرب من الشعب، وبالأحرى مماهاة أو اختزال الشعب بهم، أي بشخصهم وبقيادتهم، ولطالما تحدثوا عن الجماهير، وعيّنوا أنفسهم ناطقين باسمها، وحرّاسا على مصالحها، وأوصياء على مستقبلها، فهم بمثابة الآباء الموكّلون.
وعلى أية حال فإن "الشعبوية" في بلداننا تغذّت من عوامل متعددة، أهمها: 1) هيمنة النزعة العاطفية والإرادوية في التفكير السياسي العربي. 2) تعثّر بناء الدولة الحديثة، لصالح الدولة السلطوية، ما أخّر ولادة مجتمع مدني بمعنى الكلمة. 3) الافتقاد لأطر وعلاقات سياسية حداثية، تتأسّس على المواطنة والمصالح المشتركة، والحريات الفردية، وفصل السلطات، وسيادة القانون، والتعددية الحزبية، والمشاركة والانتخاب والتداول. 4) استغراق السياسة العربية، في القرن العشرين، بمواجهة الاستعمار والمشروع الصهيوني والسياسات الإمبريالية في المنطقة، من دون أي مبالاة بالتحديات أو المخاطر الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي ترتكز على تطوير البشر، والعمران البشري، بحيث لم ننجح لا في مواجهة التحديات الخارجية ولا الداخلية.

وبالمعنى التاريخي فإن مصطلح الجمهور (الحديث) يقترن بمصطلح الرعية (الماضوي) الذي يشير إلى كم من الكائنات قائمة خارج مفهوم الأنا الحر، أي التي لا تعي ذاتها الإنسانية والاجتماعية، وهذا هو مقصد النزعة الشعبوية، التي تنمّط البشر، وتجعلهم بمثابة قطيع مطيع، يتربى ويعتاد على الخضوع والخنوع، وحتى أن عديد من مفكري عصر النهضة تعاملوا بتحفّظ مع مفهوم الجماهير أو العوام، وضمنهم محمد عبده والكواكبي، مع مصطلحات مثل الغوغاء والرعاع. وكان ياسين الحافظ، قبل عقود، تحدث عن "الكتلة الهامدة" في الأمة "حيث الشعور بالرعوية إزاء الدولة هو الغالب لدى القسم الأكثر تأخرا من الأمة، وحيث الشعور بالمواطنية لدى القسم الأقل تأخرا لم يصل في حدته إلى مستوى عنيد وقتالي". ويقول الحافظ: "النمط الميتافيزيقي من الإيمان بـ ’الإنسان العربي’ عجز عن إعطاء أساس واع ودائم للالتزام بالشعب.. ولعب، بما ينطوي من قبليات أسطورية مجافية للعلم، دورا كبيرا في حجز العقل العربي عن اللحاق بالعصر. لقد اثبت فقط كم هو عميق التأخر الذي يسحق الشعب العربي" (ياسين الحافظ "اللاعقلانية في السياسة"، بيروت: دار الطليعة 1975، ص6 ـ7).
على الصعيد الفلسطيني، مثلا، فإن الحركة الوطنية الفلسطينية، منذ انطلاقتها في منتصف الستينيات، نحت نحو تغليب اللغة الشعبوية، الشعاراتية ـ العاطفية والتعبوية، التي تتسم بالإرادوية والذاتية، في خطاباتها السياسية، وذلك على حساب اللغة الواقعية، التي تغتني بالأفكار، وتطرح القضايا، وتفكك الإشكاليات، وتشتغل على الإمكانيات وتطور المعطيات. ولنأخذ مثلا شعار: "حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد"، إذ أثبتت التجربة أن الساحة الفلسطينية لم تعرف هذا المصطلح بالممارسة، ولا في مكان، ناهيك عن عدم امتلاك أدواته، أو المعطيات التي تسنده في الواقع، ومع ذلك فقد ظل ذلك الشعار أثيرا عند الفلسطينيين وأدبياتهم الصاخبة. ولنأخذ مثلا شعار: "ديمقراطية البنادق" أو "السياسة تنبع من فوهة البندقية"، وقد بيّنت التجربة أن المبالغة بالبعد العسكري يؤدي إلى اختزال البعد المدني ـ الشعبي، وأن الديمقراطية الفلسطينية كانت مجرد ديمقراطية كلامية، شكلية، لافتقادها لحياة حزبية ولحراك سياسي داخلي، ولمسألة التمثيل والانتخابات وتداول السلطة. والثابت أن الديمقراطية والبندقية (بمعناها كسلطة قسرية زجرية متّجهة للداخل) لا يلتقيان ولا يندمجان ولا يتناغمان. أيضا شعار: "القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية"، في حين بينت التجربة أن تلك القضية، رغم الاحترام لمشاعر الإنسان العربي في كل مكان، لم تكن حقا ذات مكانة مركزية، لا عند الحكومات ولا عند المحكومين، إذ أن لكل شعب قضاياه وحاجاته، أما الحكومات فقد اشتغلت على إعلاء شأن قضية فلسطين من قبيل نيل الشرعية، أو من قبيل الابتزاز أو المزايدة، أو لتحسين صورتها ومكانتها في الداخل والخارج، في حين أن كلها أو معظمها شارك في "مرمطة" الشعب الفلسطيني، كأن فلسطين شيء وشعبها شيء آخر! طبعا يمكن أن نتحدث عن شعارات كثيرة صاخبة، وفارغة أيضا، من مثل "شعب الجبارين" في حين أن الشعب الفلسطيني شعب ضعيف الإمكانيات ومجزأ ومشرد، ويخضع لأنظمة عديدة، ومثل شعار: "سنزلزل الأرض تحت أقدام إسرائيل"، في حين تتزلزل الأرض تحت أقدام الفلسطينيين.
لا مخرج من هذا الوضع إلا بتعزيز التفكير النقدي، وإنزال السياسة والأيديولوجيا من مجال المقدس إلى مجال التداول، ومن المجال الهوياتي إلى المجال المصلحي، ولا بديل إلا بإعلاء شأن المواطنة، في دولة مواطنين أحرار ومستقلين ومتساوين.


خالد الحروب، باحث وأكاديمي فلسطيني:
ضحايا التكلس الشعبوي
من زاوية ما، يمكن القول إن دينامية أي مجتمع أو حضارة تتدرج بين حالتين: الحيوية والتكلس. كلما ازداد المجتمع حيوية انطلقت طاقات أفراده وإبداعاتهم المختزنة أو المكبوتة أو المقموعة، واندفع المجتمع بكلّيته (وبدولته وأشكاله السياسية والاجتماعية والاقتصادية) إلى مراحل متنوعة، أكثر صحة وحرية وإنجازاً وانفتاحاً وتفاعلاً. على العكس من ذلك، كلما ازداد المجتمع، أو الحضارة المعنية، تكلسا، كلما طُمست إبداعات أفراده وطاقاتهم، وتعمق انغلاق الذات الجمعية على نفسها، وظلّ المجتمع بالتالي يغرق في مستنقعات ساكنة يأكلها العفن الداخلي. والشعبوية هي إحدى البنى المؤسسة للتكلس الذاتي والجماعي، لأنها تعزز الغرور الثقافي والديني والسياسي، الذي لا يقوم على منطق تبدل الأشياء وتحوّلها، بل يصرّ على نفخ ماضيها ليصل إلى الحاضر، ويحتله، ويحتل المستقبل أيضا. إحدى المعضلات الكبرى للشعبوية، التي تتمظهر سياسيا وقوميا ودينيا، تبعا للسياق المعني، تكمن في تفاقم كوارثها في أوقات الهزيمة والاندحار الحضاري. هنا، تطرح الشعبوية خيارا هروبيا غالبا ما يكون نحو "الماضي التليد"، و"المجد الغابر"، قوميا، أو نحو الالتزام الديني المتنمر والغاضب، بكون هذا الالتزام يمنح الملتزمين به مرتبة أسمى من مرتبة "الآخر المنتصر مادياً"، وهو بالمناسبة ما سماه سيد قطب "استعلاء الإيمان" - أي أن المؤمن (حتى لو كان متخلفاً حضارياً ومادياً) يجب أن يستلهم شعور الاستعلاء والانتصار على غير المؤمن (حتى لو كان متقدماً حضارياً ومادياً). والاتجاه الهروبي الثاني يكون نحو المستقبل الذي سوف يشهد انتصارنا وعودة مجدنا مرة أخرى. وصنفا الهروب هذان لا رافعة لهما سوى الخطاب عالي النبرة والرطانة، المتوجه نحو العاطفة القومية أو الدينية. والشيء الذي يشترك فيه هذان "الهروبان" هو احتقار الحاضر وعدم الالتفات إليه، أو تقديم برامج وتصورات ومقاربات عملية لتغييره. الحاضر هو الضحية الأولى للشعبوية الدينية والقومية، لأن هذه الشعبوية تستمد مفردات خطاباتها، التي تلهب بها الجمهور، من الماضي (الانتقائي وأحيانا المفبرك) لترسم صورة مثالية وخيالية وخالية من العيوب، ثم تقوم ببناء مفردات، وعالم حول المستقبل، مرتبط بذلك الماضي الخيالي. وهكذا يُسترذل الحاضر بكل وطأته وحضوره ومآسيه، وما يترتب على ذلك الاسترذال هو المهم، وهو الاستقالة عن مواجهته، عوض العزم على التصدي له وتغييره.
وفي سياق ظافرية هذه الشعبوية، التي نرى راهنا مظاهر كثيرة لها دينية وثقافية وشوفينية في

عالمنا العربي، هناك اعتلالات عديدة يصعب التعرض لها جميعاً في هذه الملاحظات المختصرة. لكن واحدة منها تلحّ على النقاش، ومتعلقة بموقف المثقف من الشعبوية، والمقصود هنا المثقف الحقيقي: أي المثقف الناقد والمثقف القلق. فهنا علينا أن نفرّق بين هذا المثقف الحقيقي وبين ما أسميه "المتثاقف المهرّج"، وهو الحليف العضوي للشعبوية (وللشعوبية أيضا) وأحد أهم ممثليها الرسميين. ونرى أصنافا وتعبيرات وتمظهرات لهذا المتثاقف عبر التهريج الإعلامي والشعبوي، ينتشر في الإعلام اليوم، سواء التلفزيوني أو وسائط الإعلام الاجتماعي المُتاحة للجميع. ويعبر هذا المهرّج المتثاقف عن نفسه إما على شكل شخصية إعلامية (وغالبا تلفزيونية) مستشرسة، أو كاتب منحاز بصفاقة مُدهشة ومتبدلة، أو رجل دين يغرق ويُغرق الآخرين في خطاب طائفي متعصب، أو خطاب ديني متعصب إقصائي، أو متحالف مع سلطة استبدادية، أو في شبه مثقف علماني مُستعل هو الآخر على المجتمع، ويغرق في استشراق ذاتي لا يقدم إلا الجلد الذاتي والعجز الجمعي، وهكذا. وفي هذا السياق التهريجي يكون العقل والمنطق الضحية الثانية الأهم للشعبوية. وإذا جمعنا الحاضر كضحية أولى، والعقل كضحية ثانية، فإن الناتج هو المزيد من التكلس للمجتمع وثقافته ومستقبله، ويغدو المجتمع بالتالي الضحية الأكبر والأكثر نزفاً.

حيان جابر، كاتب فلسطيني:
عناصر الشعبوية في خصوصيتها العربية
يمكن تحديد بعض العناصر الرئيسية التي تُكون مجتمعه أو منفردة ملامح السياسة الشعبوية في منطقتنا العربية، على الصعيدين؛ الرسمي ممثلا بالحكومات والرؤساء؛ وغير الرسمي ممثلا بالقوى والأحزاب والجمعيات المعارضة للسلطة. وقد نتمكن كذلك من استخلاص أهم غاياتها وأهدافها، مع الأخذ بعين الاعتبار حداثة الشعبوية المعارضة، إن جاز التعبير، مقارنة بالرسمية، استنادا إلى تاريخ المنطقة الاستبدادي الحافل بقمع واعتقال المعارضين أفرادا أو مجموعات، مهما كان حجمهم أو مكانهم أو حتى خطابهم.
بكل الأحوال تتكون الشعبوية العربية الرسمية من ثلاثة عناصر شبه متساوية القوة. ويتمثل أولها في استعادة وتكرار ذات الشعارات التي تدغدغ أحلام الشعوب، كتحرير الأراضي العربية المحتلة وعلى رأسها فلسطين، والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، والسيادة الوطنية، وغيرها من الشعارات الرنانة وفق المرحلة التاريخية ومقتضياتها. ويتمثل ثانيها في الإصرار على الكثير من اللغو الذي يفقد الخطاب أو النهج من أي مضمون فكري، أي يتم إفراغ الشعارات من معانيها ومقاصدها، وبالتالي من مرتكزات تحقيقها، وكأنها كواكب معزولة قائمة بذاتها لا تتأثر بمحيطها ولا تؤثر عليه، وما على الشعب سوى الصبر والمزيد من الصبر الذي يبدو أنه لن ينتهي. وأخيراً لدينا التفرد ورفض الآخر، أي معاداة التعددية، وهو جزء عضوي ورئيسي في المنظومة الاستبدادية، حيث تعتبر أنها المعبّر الوحيد عن الرأي الشعبي الذي لا يحتمل أي تأويل آخر، ومن البديهي الأخذ بذلك كمسلمة غير قابلة للنقد أو النقض والتشكيك، ولا حاجة بتاتا لأي نوع من أنواع البراهين والأدلة على صحتها، بل على العكس يتم بناء سلسلة من القوانين والأفعال الاستبدادية بالاستناد إليها بذريعة درء خطر الأصوات التي لا تمثل الشعب - كل ما يخالفها- خدمة للوطن والمواطن.
وعليه، تعبّر الشعبوية الرسمية- مبدئيا- عن سلوك مقصود، يراد له أن يوحي بمدى قرب

الأنظمة من هموم وتطلعات الجماهير بعد إفراغ هذه التطلعات والهموم من مضمونها الرئيسي، بحيث يسهل تضليل الشعب بمدى جدية تحقيق هذه الأهداف والنقاط عموما، لتمضي الأيام والشهور والسنوات دون أي تغيير حقيقي واقعيا، وبتغير طفيف في الخطاب الرسمي، عبر تضمينه سلسلة من الاتهامات التي تحمّل أطرافا وجهات خارجية وداخلية عميلة- معارضة- مسؤولية ابتعادنا عن تحقيق أحلامنا وغاياتنا. ولاستكمال صورة الشعبوية العربية لا بد من تلمس تمددها في الأوساط والأطراف غير الرسمية أو المعارضة، التي كانت الشعوب العربية قد علّقت عليها الكثير من الآمال في أعقاب موجات الثورات العربية الأخيرة – المعروفة إعلاميا بالربيع العربي- في 2010، على اعتبارها نقيض الأنظمة القائمة، حتى اكتشفت الشعوب يوما بعد يوم أن غالبيتها قد تشربت ذات الأسلوب والمنهج التضليلي والتسويفي المتبع من قبل الأنظمة، فضلا عن ذات السلوك المتفرد والقسري، حتى غدت صورة مطابقة ومشوهة عنها لا أكثر؛ حيث غابت التحليلات والنقاشات الجدية والشاملة التي تعنى بدراسة أفق ووسائل تحقيق الأهداف الشعبية لصالح التمسك بذات الخطاب الجامد الشعبوي، الذي يدّعي التمسك بتحقيق الشعارات الشعبية العامة والفضفاضة، حتى عندما تثبت ممارسته عكس ذلك. فالشعب وفق نظرة الشعبويين مجرد دمى يسهل خداعها والتحايل عليها، ولا أهمية حقيقية لإرضائها وكسب ثقتها قولا وفعلا، لثانوية دورها في تزكية هذا النظام أو الرئيس أو ذاك، مقارنة بمركزية الدور الخارجي والأمني، وربما حصريتهما؛ الأمر الذي يجعلنا موقنين بأن الشعبوية السياسية نهج فكري وممارسة عملية تهدف إلى تشويه الوعي الشعبي، وحرفه عن غاياته وأهدافه السامية، والانشغال بصراعات جانبية مدمرة تبعده في الواقع عنها، كما أنها ممارسة منحرفة تسعى إلى تعزيز مجموعة من الأفكار والممارسات المريضة التي تفسد المجتمع أو جزءا منه، مما يعيق مسار نهضته ونهوضه، وهي أخيرا سلطوية واستبدادية تعمل على سحق الآخر أيا كان من أجل مركزة السلطة بيد فرد أو مجموعة محددة ومتحدة، وهو ما يجعل مجابهتها عملية طويلة تبدأ فكريا كي تنتهي بضوابط قانونية ودستورية تعزّز فصل السلطات واستقلالها عن أي قوى تأثير داخلية أم خارجية، سياسية أم اقتصادية.



بشار يوسف، كاتب وصحافي سوري:
الخطاب الشعبوي بين اليمين واليسار
خلال السنوات الأخيرة حققت الأحزاب اليمينية، المتطرفة منها خاصة، كثيراً من الانتصارات الانتخابية في عدد من الدول الديمقراطية الغربية، الأمر الذي سمح لها بالوصول إلى الحكم في عدد منها، أو على الأقل كسب مقاعد أكثر في البرلمانات، ما أثار مخاوف كبيرة من انهيار كثير من التوازنات السياسية والاقتصادية، وحتى الاجتماعية، وأعاد إلى الأذهان ما كانت عليه الحال قبيل الحرب العالمية الثانية، في ظل وجود أحزاب يسارية متطرفة، اعتمدت النهج الشعبوي ذاته.
مكاسب الشعبوية ما كانت لتتحقق في الغالب لولا تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في

تلك الدول، لتعمد أحزاب اليمين المتطرف إلى استهداف مشاعر وحاجات شرائح محددة، وطرح حلول لمشاكلها، عبر إلقاء اللوم على سياسات الحكومة وطريقة تعاملها مع ملفات حساسة، كالهجرة والإرهاب وقوانين العمل والضرائب وغيرها. براغماتية اليمين الشعبوي أفقدت التيارات اليسارية أوراقاً رابحة استندت إليها في خطابها الموجه للطبقات العاملة عبر مناهضتها للنظام الرأسمالي، لكن أفكار اليسار ممثلاً بالتيار الاشتراكي الديمقراطي لم تدرك ما أصاب العمال والطبقة الوسطى من تغيرات عميقة أفقدتها مكانتها الاجتماعية بفعل السياسات الليبرالية والحدود المفتوحة، وترجيح الاعتبارات غير الوطنية.
تغلغلت الشعبوية داخل التيارات اليسارية التي تعادي المؤسسات التقليدية والنخب، وتدعو لإغلاق الحدود بحجة المخاوف الأمنية التي تهدد المجتمع، لتتراجع مبادئ اليسار التقليدي التي تدعو إلى الانفتاح والعالمية والترحيب باللاجئين، فلم تعد الشعبوية حكراً على اليمين الأوروبي.
اليوم بات الترويج لأي خطاب شعبوي أسهل مع زيادة معدلات الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار، وإعادة نشرها لتصل إلى عدد أكبر من المستخدمين دون التحقق من صحتها، فضلاً عن حجم المعلومات التي يمكن جمعها من هذه المنصات عن حاجات الناخبين وتخوفاتهم، ولعل الحديث عن تأثير ذلك على نتائج الانتخابات الأميركية هو أفضل دليل على ذلك.
اليمين المتطرف في الغرب اعتمد نهجاً سياسياً شعبوياً قريباً من طريقة عمل الشركات، عبر دراسة احتياجات زبائنها المستهدفين، وزيادة مبيعاتها عبر توفير سلع تناسب تطلعاتهم، بغض النظر عن المنفعة الحقيقية التي تقدمها لهم، في حين أن اليسار المتطرف، والأنظمة القومية أو الدينية، استفادت أكثر من خلق الحاجة لدى زبائنها واحتكار توفيرها عبر خلق العدو/ الآخر والتخويف منه والتحريض عليه.
أما في المنطقة العربية، ومنذ نيل الدول استقلالها، ومع غياب وجود خطط اقتصادية وتنموية حقيقية، نزعت الأحزاب الحاكمة، في سبيل تثبيت سلطتها، أو تحقيق مكاسب إقليمية، إلى الاعتماد بشكل كبير على خطاب شعبوي، يغذي ويتغذى من المشاعر الوطنية والقومية، والانتماءات الطائفية، وهو ما تجلى في كثير من الصراعات التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية، وبلغ ذروته في السنوات الأخيرة. في المقابل، لم تستطع التيارات المعارضة لتلك الأنظمة تقديم نماذج أفضل مما تعارضه، بل إنها أعادت إنتاج خطاب السلطة الشعبوي المعادي للتعددية.



أبو بكر عبد الرحمن، باحث سوداني في العلاقات الدولية:
البشير نموذجاً
انتهى شهر العسل في صبيحة الحادي عشر من نيسان/أبريل، ومنه إلى سجن كوبر حيث يقبع عمر البشير الآن نزيلاً يواجه عدداً من التهم الجنائية والمدنية.

شعبوية العسكرة شكلت الحديقة الخلفية للبشير 


منحت الخلفية العسكرية أولاً، ثم الدعوية للحركة الإسلامية السودانية ثانياً، البشير الأساس الصلب الذي انطلق منه لحكم السودان، وقد كانت أسمى غايات دولة البشير التي نادى بها: إقامة دولة إسلامية أساسها العدل وتستوعب الآخر، مع رفض الحوار مع الجناح العلماني السوداني للوصول لأرضية مشتركة عبرها تدار الدولة، وسيطر الخطاب الدعوى الشعبوي، من الجهاد وما على شاكلته، كالأساس المتين الذي ثبت به نظام "الإنقاذ الوطني" سيطرته على الدولة، وقد نجح في كسب ود العامة والطبقة المتوسطة من الفقراء وأبناء الهامش، فكان الاندفاع العاطفي نحو الدين والدفاع عن العقيدة، هو الذي شكل اللبنة الأولى لسيطرة "الإنقاذ" فيما بعد على الدولة.
وكما أشرنا فإن شعبوية العسكرة شكلت الحديقة الخلفية للبشير، وارتكز خطابها الموجه للشارع السوداني إلى دعائم: الدفاع عن الدين، الدعوة إلى إسقاط الإمبريالية العالمية وحلفائها، الدبلوماسية التبشيرية الهادفة إلى تقويض الأنظمة السياسية في المنطقة.
كانت خطاباته يتخللها الوعيد والتهديد، تارة يستعير التهديد العبرة من قصص القرآن، وتارة يستلهم من المزاج السوداني العام، موظفا العسكرية المتوحشة (مثل: الزارعنا غير الله اليجي يقّلعنا)، هناك خطابات كان يرسلها للداخل عندما يحس أن هناك تململا داخليا في الحزب أو المؤسسة العسكرية، والأخيرة كان لها وضع خاص: مثلاً في بعض الأحيان يصف معارضيه بأصحاب الغرض، أما خطاباته عن جماعات الكفاح المسلح فكان يستخدم فيها ألفاظ (عملاء وخونة ومارقين ومندسين).
حشود البشير وشعبيته الزائفة تم اختبارها قبل أسابيع أمام القضاء، بحضور يتجاوز ثلاثين فردا، أغلبهم من أقربائه، وغاب مؤيدوه المزيفون الذين كانوا يحتشدون أمامه بالآلاف. حتى الذين كانوا يؤيدون بقاءه (والذين رفعوا عند انطلاق الاحتجاجات شعار" تقعد بس" الذي يقابل شعار المحتجين "تسقط بس") استندوا إلى اعتقادهم أنه المنقذ، والشخص الوحيد الذي يمتلك عصا الاستقرار والأمن، وبذهابه ستعم الفوضى أرجاء المكان، وكانوا يتساءلون من هو البديل؟
لم يسلم حتى الدين وبعض أهم مقومات الدولة العصرية الحديثة من بطشه، فمفهوم الحرية ظل قاصراً عند الرجل وفي إطارها الضيق، ولم تكن مصطلحات المواطنة والمساواة في خطاباته إلا شعارات للاستهلاك الإعلامي كغيرها من قضايا نحو: محاربة الفساد، وإشاعة الحريات، ومحاسبة المجرمين. البشير لم يحترم حتى الرمزية العسكرية في كثير من الأحيان، فالثقل العسكري الذي أتى به إلى سدة الحكم سرعان ما أصبح تركة ثقيلة عليه، وتخلص من منافسيه واحدا تلو الآخر.
البشير حتى تاريخ سقوطه كان شعبوياً، وكان دائماً ما يرغم معجبيه على طقوس إظهار الشكر والعرفان، وفي كل مسرح تنطلق الشعارات "سير سير يا بشير نحنا جنودك للتعمير"، والحركة الإسلامية التي حملت البشير على أكتافها لم تؤسس دولة تحترم إرثها ولم تترك مجتمعا يدافع عنها، ولم يقدم البشير للسودان على مدى ثلاثة عقود سوى شعبويته الانفعالية، ليصبح السودان دولة فاشلة.


هشام أصلان، كاتب مصري:
جميعنا شعبويون بشكل ما
إن الذين تنوعت العلاقة بين نشأتهم وبين أنواع الشارع المديني، سيندهشون حتماً من تصور بعض النخبة لما يمكن تسميته بالشعبوية في الفن، بالرجوع إلى المفهوم العام للفكرة؛ نجومية البلطجي بصورته الحديثة في السينما مثلاً، أو الأغاني الشعبية على امتداد تطورها من أحمد عدوية وصولاً لموسيقى المهرجانات. البعض سيستنكر جمع عدوية ومطربي المهرجانات في جملة واحدة، ناسين استياء النخبة من عدوية وقت ظهوره كما صدمة النخبة الحديثة من مطربي المهرجانات في سنواتنا القريبة.

ليس هناك تفسير للتعالي الثقافي على هذه النماذج سوى القالب الضيق الذي يحب البعض أن يتحدث من داخله لتصدير فكرة باتت كلاسيكية للمثقف. هكذا يمكن أن يفكر الواحد إذ يرى، منذ خرج للدنيا، أن انتشار الأغاني الشعبية لمطربين من قبيل عبد الباسط حمودة أو طارق الشيخ أو رمضان البرنس، ومن قبلهم، طبعاً، أحمد عدوية، لم يكن أبداً مقصوراً على أبناء الحي الشعبي الذي نشأ فيه، ذلك أن الانتشار والقبول هذا لم يكن أقل أبداً بين أبناء طبقات اجتماعية أعلى.
كنت من محظوظين تنوعت علاقة نشأتهم بالشارع. أعيش في حي إمبابة شديد الشعبية، وأذهب للمدرسة في حي الدقي الأرقى طبقياً، ثم أحد المعاهد العالية لدراسة السياحة في مدينة نصر، حي الطبقة الغنية من دون عراقة ثقافية. التقطت أذناي أغاني حسن الأسمر ومن بعده عبد الباسط وطارق الشيخ في مقاهي إمبابة البسيطة، ومن أجهزة الكاسيت الخاصة بسيارات زملاء دراستي الأغنياء في حي مدينة نصر، بينما الأكثر تعقيداً هو التلقي الجيد لأغاني المطربين الشعبيين بأنواعهم بين دوائر أصبحت أوسع في الحياة الثقافية نفسها، وإن كان بعض هذه الدوائر يتعامل معها بمنطق استشراقي، أو من باب الحاجة إلى تقليل مساحة العمق المجهدة واللجوء إلى العدم في لحظات البهجة.

تتجلى ظاهرة محمد رمضان كنموذج لساحة معركة فكرية مفتعلة 

في السينما، تتجلى ظاهرة محمد رمضان كنموذج لساحة معركة فكرية مفتعلة على هذه المساحة من التلقي داخل دوائر الثقافة. في البداية، ومع تقديمه أفلام "قلب الأسد" و"عبده موتة"، انهالت عليه اتهامات تجاوزت إفساد الذوق العام إلى التسبب في التشكيل السيء لأدمغة أبناء الأحياء الشعبية الذين سيقلدون طريقته في ارتداء الملابس وحب اللعب بالأسلحة البيضاء وجاذبية تناول المخدرات الرخيصة، اتهامات لطالما رأيتها شديدة السذاجة، أو في وصف أكثر تهذيباً، اتهامات لا علاقة لأصحابها، إن صدقوا في طرحهم، بالأحياء الشعبية "للمدينة". ربما نجد لدى الباحثين في علوم الاجتماع كلاماً نظرياً أو علمياً يحبه المثقفون. تجربتي الشخصية أكثر بساطة، حيث نشأتي وضعت في رأسي ما يُصعّب الاقتناع بأن أصدقاء طفولتي ومراهقتي هم من يقلدون محمد رمضان، إنما هو من ينهل من حياتهم لأعماله السينمائية، فيما هم يستحقون أن تعبر عنهم الفنون، الأدب والسينما والأغاني، أو على الأقل يستحقون أن يجدوا ما يستمتعون به.
في "إمبابة"، وربما في الأحياء الشعبية الأخرى، لا يطلقون على المُسجل لدى الشرطة في ملفات "إجرام النفس" لقب بلطجي، يقولون عليه "شقي"، وتتفاوت شهرة الأشقياء بحسب مهارتهم في استخدام السلاح الأبيض وعناصر أخرى ليس هنا مجال الدخول فيها. ما أتحفظ عليه في أعمال محمد رمضان ليس تقديمه وبروزته لصورة الشقي بامتياز، ولكن تقديمه إياها في أفلام رديئة الصنع. على التوازي كان أحمد السقا، مثلاً، أكثر حظاً في تقديمه شخصية الشقي في فيلم جيد الصنع مثل "إبراهيم الأبيض"، غير أن من تربوا في إمبابة يعرفون جيداً أن تركيبة الأشقياء، المهرة في اللعب بالمطواة، هم من عبر عنهم باقتدار محمد رمضان وليس أحمد السقا، فقط كان ينقصه حظ أوفر من التعامل مع صناع سينما يشغلهم الفن، وليس فقط شباك التذاكر.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.