}

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020.. "مصر أفريقيا ثقافة التنوع"

وائل سعيد 28 يناير 2020
هنا/الآن معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020.. "مصر أفريقيا ثقافة التنوع"
في انتظار توقيع رواية "نادر فودة" لأحمد يونس
للمرة الثانية، يستضيف مركز مصر للمعارض الدولية الدورة الأولى بعد الخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2020، تحت عنوان "مصر أفريقيا ثقافة التنوع"، وعلى مدار أسبوعين من 23 يناير/ كانون الثاني الجاري، وحتى الرابع من فبراير/ شباط المقبل.
يقع مركز مصر للمعارض في منطقة التجمع الخامس في مدينة القاهرة الجديدة على مساحة 311 ألف متر مربع، وأُوكلت للقوات المسلحة المصرية مهام إنشائه وإدارته في ما بعد كي يكون بديلاً من تجمع "أرض المعارض" في مدينة نصر، الذي شهد عشرات الدورات من معرض الكتاب، حتى أن قرار نقل المعرض العام الماضي قُوبل بكثير من الانتقادات، والرفض، من قبل المثقفين، سيما أن ميعاد النقل تزامن مع دورة فارقة في تاريخ المعرض واحتفالية اليوبيل الذهبي.
إلا أن وزيرة الثقافة المصرية نجحت أخيراً في القرار المؤجل منذ سنوات بنقل المعرض، وخرجت الدورة الخمسين بالعديد من الإخفاقات على رأسها حجم مشاركة دور النشر، وإقبال الجمهور، وإشكالية التنظيم، الأمر الذي تم تداركه هذا العام؛ حيث بلغ عدد أجنحة العرض 808، بزيادة 86 جناحاً، وعدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والأجنبية 900 دار نشر، بزيادة 153 عن العام الماضي، وارتفع عدد الدول المشاركة من 35 إلى أربعين دولة. أما عن الإقبال الجماهيري، فملمح عودة الأُسر، وانتشارها الملموس، هذا العام، يُعد مؤشراً هاماً إلى عودة الإقبال الجماهيري الذي ستكشف عنه الإحصائيات النهائية خلال الأيام المقبلة.
كانت الفرصة سانحة للجميع؛ حيث تم الافتتاح الفعلي للجمهور يوم الخميس السابق ليومي العطلة الأسبوعية، مما ساعد على انتشار التجمعات الشبابية، وبعض الأُسر، داخل أروقة المعرض، وامتلأت قاعات عروض السينما والفنون الشعبية بالجمهور في شكل كرنفالي.
أما عن التنظيم، فقد اختفت بالفعل الطوابير المتكدسة في العام الماضي – خاصة أمام القاعات
- حيث تطلب المرور من الجمهور، أو الانتقال من قاعة إلى قاعة التفتيش من قبل الأمن في كل مرة، الأمر الذي أعاق حركة كثيرين، واختفى هذا العام لإتاحة حرية الحركة والتنقل بين القاعات بسهولة، إلا أن الدورة الجديدة كانت على موعد مع فأل شؤم من اليوم الأول، أرجعه بعضهم إلى سوء التنظيم، وقلة الإمكانات، ورأى بعض آخر أن سببه الرئيس التزاحم، وإن كانت الأعمار بيد الله أولاً وأخيراً!


وفاة كاتب شاب
خيم الحزن على الجميع عقب إعلان وفاة الكاتب الشاب محمد حسن خليفة أثناء تواجده في اليوم الأول من معرض الكتاب ليحتفل بتوقيع مجموعته القصصية "إعلان عن قلب وحيد"، وتعددت أقاويل الشهود حول سبب موت الكاتب؛ فمنهم من يقول إنه بسبب التزاحم الشديد أمام جناح هيئة قصور الثقافة، وكان الراحل متواجداً هناك، فحدثت له أزمة في التنفس، تم نقله على إثرها إلى المستشفى، في حين يرى بعضهم أن الموضوع مع محمد كان قضاء وقدراً؛ فقد كان يعاني من ثقب في القلب، فيما يُحمِّل بعضهم هيئة تنظيم المعرض مسؤولية وفاة الكاتب الشاب، لا سيما مع غياب معدات الإسعاف، أو مستلزمات الحماية المدنية والطبية، داخل قاعات المعرض، وبين طرقاته؛ الأمر الذي تم تداركه في اليوم التالي من قبل المنظمين، حيث انتشرت مجموعة من الأطباء الشباب بزيهم الرسمي بين الجمهور، واصطفت عربات الإسعاف خارج وداخل المعرض.

محمد حسن خليفة 

في السياق نفسه، قدمت د.إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، التعازي لأسرة الراحل محمد حسن خليفة من خلال اتصال هاتفي أجراه المدير التنفيذي للمعرض مع ابن عم الفقيد، مؤكداً على نية

الوزارة إقامة حفل تأبين لخليفة في اليوم الأخير من المعرض.
على جانب آخر، نفدت الطبعة الأولى من مجموعة الكاتب الراحل في اليوم التالي للحادث، واتفقت آراء المشترين للمجموعة على أن حادث الوفاة كان الدافع الرئيسي لشرائهم كتاباً لشاب مجهول، إلى جانب أن البوست الأخير له أثار كثيراً من التعاطف، ومن ثم الإقبال على شراء المجموعة.
ففي اليوم السابق مباشرة للوفاة، نشر محمد على صفحته اقتباساً من أحد قصصه جعل أصدقاءه، ورواد الفيسبوك، يتداولونه كتميمة تنبأ بموته: علقت خبر موتي على الحائط، وكل صباح ومساء كنت ألقي نظرة عليه، لأطمئن أن ورقة الجرنال التي كتبت فيها الخبر بخط كبير وصفحة أولى بعيداً عن الوفيات ما زالت سليمة، وتستطيع أن تقاوم معي الأيام القادمة.


شخصية مصر.. رافعة السنغال السياسية
لمع اسم جمال حمدان كأحد أهم أفراد أسرة الجغرافيين المصرية في القرن الماضي، حيث ساهم في إعادة اكتشاف وتأويل الفلسفة الجغرافية، وماهية المدن والبلدان الفكرية، ولعل أشهر إنجازاته في هذا المجال كتاب "شخصية مصر- دراسة في عبقرية المكان" في أربعة مجلدات صدر الجزء الأول منها عقب نكسة 67، واستغرق حمدان ما يقارب العشر سنوات للانتهاء من هذه الموسوعة التحليلية التي لا تقف عند رصد وتحليل، أو وصف، الحدود الجغرافية، لكنه بحث في ما وراء هذه الجغرافية المصرية التي وجد فيها عبقرية للمكان، من خلال أربعة محاور رئيسية للدراسة تغوص في الشخصية المصرية وأيديولوجيتها الطبيعية والبشرية والتكاملية والحضارية.
يقول حمدان: وسواء كانت مصر أم الدنيا، أو أم الديكتاتورية، أو كان حاكم مصر هو أقدم أمراضها، كما يذهب البعض، فلا شُبهة في أن الديكتاتورية هي النقطة السوداء والشوهاء في شخصية مصر، وهي منبع كل السلبيات والشوائب المتوغلة في الشخصية المصرية حتى اللحظة، ليس على مستوى المجتمع فحسب، ولكن الفرد أيضاً، لا في الداخل فقط، ولكن في الخارج كذلك.
اشُتهر المُفكر المصري وعالم الاجتماع د.عبدالوهاب المسيري بموسوعته الضخمة عن "اليهود واليهودية والصهونية"، وتتبع فيها باستفاضة تحليل وتفكيك الأسس الفكرية للصهيونية، التي تُعد من أكبر موسوعات القرن العشرين، إلا أن جمال حمدان كان من أوائل المناقشين لفكرة "المغلوط التاريخي" للإسرائيليين، بعد قيام دولتهم بفلسطين، وذلك من خلال كتاب "اليهود أنثروبولوجيا"، الصادر في ستينيات القرن الماضي، ويتتبع فيه حمدان، بالتقصي والتحليل، السلوك الإنساني والثقافي للمجتمع الاسرائيلي، وادعاءاته المستمرة. وقد أكمل البحث في كتاب تال بعنوان "استراتيجية الاستعمار والتحرير"، الأمر الذي أرجعه بعضهم لأن يكون تفسيراً لموت حمدان الغامض؛ حيث عثر على جثته محترقة لنصفها داخل شقته في القاهرة عام 1993، وتعددت أقوال الشهود من الجيران، أو الأقارب، حول رجل وامرأة من الأجانب سكنا الشقة المجاورة لحمدان قبل وفاته بشهرين، وأن طباخه الخاص كُسرت قدمه ليعود إلى بلدته، ويختفي أثره إلى الأبد، في حين اختفت بعض المسودات لكتب حمدان، وعلى رأسها موسوعة عن الصهيونية كان من المفترض أن يُسلمها للناشر في اليوم التالي لموته.
تحمل هذه الدورة اسم جمال حمدان، كشخصية المعرض، وفي ذلك أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب طبعة جديدة من "شخصية مصر"، التي نفدت أعدادها في اليوم الأول (300 نسخة)، الأمر الذي جعل رئيس الهيئة يعُدل الرقم كي يكون 500 نسخة يومية طوال فترة

المعرض. يبلغ سعر الأربعة أجزاء 140 جنيهاً مصرياً، ما يعادل 8.75 دولار.
وتحل دولة السنغال، كضيف شرف الدورة الـ51 من عمر المعرض، تماشياً مع عنوان الدورة "مصر أفريقيا ثقافة التنوع". وفي تصريح له، يقول الرئيس السنغالي الأشهر ليوبولد سيدار سنغور "إن الثقافة هي الرافعة للتوجه السياسي، وهي بداية كل تطور". لذلك فإن سياسة فترته الرئاسية تنحو في سبيل محورين أساسيين "التجذر في قيم الحضارة الأفريقية، والانفتاح على حضارات أخرى". ويحتوي البرنامج الفكري والفني للمعرض على عدد من الموائد المستديرة لمناقشة قضايا القارة السمراء الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى التمثيل الدولي والمشاركات الفنية.


ظواهر سنوية.. الثنائي "فودة – يونس"
لا تخلو دورة – تقريباً - من ظاهرة، أو تقليعة سنوية، فمنذ عامين على سبيل المثال، كان الحديث الأكبر لدورة 2018 حول ديوان بالعامية المصرية بعنوان "شلح هدومك يا زمن" لإحدى الشاعرات الشابات، وتربعت طوال فترة الدورة على ركوب "التريند" الأشهر للمعرض. للعام الرابع على التوالي، يواصل مذيع الراديو، أحمد يونس، تربعه على الحشد الجماهيري أيام المعرض، حيث يقف مئات الشباب يومياً في انتظار الدور والدخول لكشك

فودة، أو يونس، وهو كشك خشبي يستقبل فيه الكاتب جمهوره واحداً تلو الآخر للتوقيع والتقاط صورة تذكارية.
يقول يونس على لسان بطله: "هذا الكتاب هو حالة منفصلة بشكل كبير عن كل ما تعرفونه من قبل عني، فقد تجدون أحداثاً مغايرة لما سمعتموه مني قبل ذلك! ولكني أضمن لكم أن هذا العمل مليء بأحداث وتفاصيل مثيرة وجديدة ربما منعت من سردها قبل ذلك؟! هل نادر فودة، وأحمد يونس، هما ذات الشخص مثلما تظنون دوماً؟! لماذا هذا المجال المخيف تحديداً دون غيره؟!! كيف كانت حياتي قبل أن أصبح ذلك الصحافي المشهور الذي ارتبط به كثيرون؟! كيف كانت طفولتي وأسرتي وريعان شبابي؟! من هو الوقاد!!!! لذا فكان القرار بعد تفكير طويل، أن يكون هذا العمل بين أيديكم لأجيب عن تساؤلات كثيرة تجول بخاطركم. القارئ العزيز: إقرأ الكتاب وأنت تتخيل أنك تستمع إليه وتشاهده بصوت صديقي أحمد يونس، مثلما تعودتم دوماً.. شكراً نادر فودة".
اشتهر يونس برواية "نادر فودة"، التي طبع منها عشرات الطبعات، عبر خمسة أجزاء من الرعب الخالص يعيشه القراء مع الصحافي المشهور، بطل الرواية، "نادر فودة"، ومن ثم ولدت الشهرة للثنائي "فودة.. يونس"، وانتظر آلاف من المريدين تطور أحداث مغامراتهما معاً داخل وخارج الرواية، ولا شك في أن مثل هذه الكتابات حتمية لفترات المراهقة، ولكنها تختلف باختلاف الزمن ومعطياته العلمية من وقت إلى آخر؛ فحين كنا نقرأ سلسلة "رجل المستحيل"، مع نبيل فاروق، أو "المغامرون الخمسة"، مع حلمي سالم، كان من سبقنا يقرأ آرسين لوبين، وآغاثا كريستي، ومن هنا تأتي الأهمية المفروضة غصباً لكتابات أحمد يونس، وأحمد مراد، وما أكثر الأحمدات.


رجل الحمام
لم يلفت انتباهي التجمع الكبير؛ فالمعرض في العموم يعج من وقت لآخر بالتجمعات الكثيرة، ولكن ما لفت انتباهي أن هذا التجمع يقف في منتهى العادية والسعادة أمام الحمام - يعني ضاقت بكم الدنيا لهذا الحد - وثمة من يقبع في بؤرة هذا التجمع، يوزع البسمات والتحيات، والكل يخرج من الدائرة مبتسماً، ويحمل في يده الكتاب.
سألت أحد القراء (14 عام تقريباً) عن هذا التجمع، وذلك الرجل، أهو كاتب؟ قال لا، أهو شاعر، قال لا، فإذا كان ليس بكاتب ولا شاعر عن أي شيء يوقع لكم، ولماذا أنتم فرحون إلى هذا الحد.
رد الصبي: بص، ده راجل سكرة.. هو دكتور.. بس بيقول كلام حلو.. وأنا وكل الناس دي بتحبه..
كان الكتاب بعنوان "مدمن نجاح"، تأليف علي غزلان. عُدت مرة أخرى إلى غزلان، وسط ابتساماته، فوجدته مدمناً فعلاً، إلا أن هاجساً ظل يلعب في دماغي حول النجاح، ذلك الضرب من النجاح تحديداً، وتواجده على أرض الواقع متمثلاً في جمهور وتوزيع ومبيعات تُدر على هؤلاء المدمنين الربح والشهرة.
كتب الغزلان على صفحته العامة تحت عنوان جراح نفوس: ابتداء من بكرة هكون موجود في معرض الكتاب مع كتابي ومولودي الأول "مدمن نجاح". الكتاب هيكون متوفر في القاعات، ولأول مرة عملت حاجه مهمه عشان الناس اللي مش قادره تيجي المعرض .لو انت من القاهره هوصلك الكتاب لحد باب البيت ديلفري.. اتصل بأي رقم من الأرقام دي وهيكلموك..

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.