في عام 1993، أسس المُنظر السياسي البريطاني، السير برنارد كريك، جائزة أورويل، وكان دعمه الوحيد، آنذاك، حقوقه المادية من سيرته الذاتية عن الصحافي والروائي المعروف بالاسم المستعار، جورج أورويل، صاحب الديستوبيا الأكثر شهرة "1984". وهي عبارة عن أربع جوائز تمنح كل عام: واحدة للرواية تم استحداثها فقط في العام الماضي 2019، وواحدة للكتاب السياسي، وواحدة للصحافة، والأخيرة تأسست عام 2015، لـ "فضح الفساد الاجتماعي في بريطانيا" برعاية ودعم من مؤسسة جوزيف راونتري؛ على أن يُراعى في الفائز الذي يتم إدراجه في القائمة القصيرة أن يكون الأقرب إلى طموح جورج أورويل في "تحويل الكتابة السياسية إلى فن".

 

إيفاريستو تواجه إلمان مرة أخرى
لم تحظ الكاتبة البريطانية، برناردين إيفارستو، باهتمام إعلامي يذكر إلا بعد نشر كتابها الثالث "طفل الإمبراطور" في عام 2001م. غير أن الشهرة المدوية لم تتحقق لها سوى في العام

"برناردين إيفارستو حققت الشهرة العام الماضي، بفوز روايتها الثامنة "فتاة، امرأة، أخرى" بجائزة البوكر"

الماضي، بفوز روايتها الثامنة "فتاة، امرأة، أخرى" بجائزة البوكر، سيما مع خرق لقوانين الجائزة يعد الأول في تاريخها، وذلك بمناصفتها مع الروائية الكبيرة، مارجريت آتوود. لاحقًا، أصبح موضع تندر في إعلان الجوائز، حيث حرصت بعضها على نفي أن تحذو حذو البوكر في خرقها للقواعد. منذ ذلك الحين وعنوان روايتها الذي يلخص تاريخ المرأة كنوع، فتاة صغيرة، امرأة، سحاقية، أو متحولة جنسيًّا، يظهر في القوائم القصيرة للعديد من الجوائز الأدبية المرموقة، منها مؤخرًا جائزة المرأة للإبداع هذا العام.
بإدراج رواية إيفاريستو البوليفونية في قائمة أورويل القصيرة، تتكرر المواجهة بينها وبين الكاتبة الأميركية، لوسي إلمان، صاحبة الرواية المميزة "بط نيوبريبورت"، بعد أن تنافستا من قبل على جائزة البوكر، وحسمتها إيفاريستو لصالحها.

فبينما تخصص إيفاريستو، في روايتها المتشابكة الأحداث، فصلًا لكل امرأة من الاثنتي عشر، تستغرق رواية إلمان ألف صفحة كاملة مكتوبة في جملة واحدة، عبارة عن مجموعة من

"رواية إلمان ألف صفحة كاملة من التداعيات التي تحدث في رأس ربة منزل أميركية لديها 4 أطفال"

التداعيات تحدث في رأس ربة منزل أميركية لديها 4 أطفال، تركت العمل في الجامعة بعد تعافيها من السرطان، وفضلت العمل من البيت تخبز الكعك وتبيعه. وأثناء تواجدها في مطبخها تمر بعصف ذهني في تداع حر لا يستعين من علامات الترقيم سوى بالفاصلة، تلك السكتة القصيرة جدًا.
وصفتها جوانا ماكجريجور، عضو لجنة تحكيم البوكر، بأنها "رواية ثائرة على الأنماط الأدبية، وتيار من الحياة الحقيقية، وأنشودة للفقد والحزن".

أسماء تفوز دائمًا
بنظرة سريعة على قائمة أورويل، يتضح لنا أن معظم الروايات المدرجة ترشحت بالفعل للفوز بجوائز أخرى، بعضها فاز بها بالفعل، منها على سبيل المثال رواية إيفاريستو سالفة الذكر، و"فتيان النيكل" الحائزة مؤخرًا على جائزة بوليتزر، للأميركي كولسون وايتهيد، وتحكي

""فتيان النيكل" الحائزة مؤخرًا على جائزة بوليتزر، للأميركي كولسون وايتهيد، مرشحة في قائمة جائزة أورويل"

الرواية السابعة لخريج جامعة هارفارد، عن المعاملة الخشنة لمؤسسة نيكل التعليمية التي يتعرض لها الفتيان من ذوي البشرة الداكنة، تماشيًا مع هدف الجائزة إلى مكافأة الروايات التي "تضيء الموضوعات الاجتماعية والسياسية الرئيسية".
أما الرواية الرابعة، فهي "فتاة" للكاتبة الإيرلندية الشاملة، إدنا أوبراين، المشهورة بـ"ثلاثية بنات الريف"، وحصلت على جائزة كينغسلي أميس.
تستهل أوبرين روايتها بجملة تفض محتواها: "كنت فتاة يومًا ما، ولكني لم أعد الآن"، في سرد مروع عن الفتيات المختطفات من قبل بوكو حرام، يصف الحبس والرعب والجوع، والعودة أحيانًا بطفل من دم العدو.

 

الجحيم هو الآخر
تشارك في السباق أيضًا الكاتبة الأميركية، أتيكا لوك، بالجزء الثاني من سلسلتها "الطريق السريع"، المعنونة بـ "الفردوس، وطني"، وترويها عبر قصٍ تتضاعف فيها الجريمة كآلية يتم من خلالها الكشف عن حالة العلاقات العرقية في الولايات المتحدة. لتكتمل القائمة القصيرة

في عامها الأول 2019، فازت بها رواية "بائع الحليب" لآنا بيرنز، وكانت قد حصلت على جائزة البوكر بالفعل"

بـ"الحائط" لجون لانشيستر، والتي سبق بدورها أن دخلت قائمة البوكر الطويلة 2019، ولم يصبها الدور. وفيها يحكي لانشيستر عن سكان جزيرة يدمرهم التغيير، في زمن يشبه زمننا، فيقومون ببناء حاجز خراساني هائل حول سواحلها بالكامل. والبطل هنا جوزيف كافاناغ، يؤدي مهمة واحدة؛ الدفاع عن الجزء الخاص به من الجدار من الآخرين، النفوس اليائسة العالقة وسط ارتفاع البحار في الخارج، والذين يمثلون تهديدًا مستمرًا. وكأنها صدى لما يحدث الآن، حيث الجحيم هو الآخر.
وصفت لجنة التحكيم، برئاسة المنتج والمخرج المسرحي جود كيلي، رواية "فتاة، امرأة، أخرى" بأنها "دنيوية، رحيمة ومفصلة"، لأنها تصور شخصياتها "في محاولتهم لتحقيق ذواتهم ضد قوى المحافظة التقليدية للأسرة، وداخل مجتمع منظم للحفاظ على استعلاء البيض". وأضافوا أن رواية إلمان "بارعة ومرعبة وممتعة تمامًا"، في حين أن "فتيان النيكل"، التي تتبع صبيين محكوم عليهما في مدرسة إصلاحية جهنمية، "قاسية في تصويرها للفساد والوحشية العرقية".
هذا هو العام الثاني لجائزة أورويل. ففي عامها الأول 2019، فازت بها رواية "بائع الحليب" لآنا بيرنز، وكانت قد حصلت على جائزة البوكر بالفعل، عكس ما نعهده في الجوائز العربية، حيث لا تفوز رواية بجائزتين إلا على سبيل الندرة، بل إن الكثير منها إن لم تكن جميعها تشترط عدم فوز الرواية المقدمة بجائزة على الإطلاق.

لماذا تعد الصحافة مهمة حقًا؟
أعلنت لجنة التحكيم أيضًا عن الكتب السبعة التي تتنافس على جائزة الـ3000 جنيه إسترليني للكتابة السياسية، وعلى رأسها أميليا جنتلمان بكتابها "خيانة ويندرش"، المتعلق بقضية المهاجرين من دول الكومونولث، تلك القضية التي أفضت إلى استقالة وزيرة الداخلية

"الرواية الرابعة المرشحة هي "فتاة" للكاتبة الإيرلندية الشاملة، إدنا أوبراين، المشهورة بـ"ثلاثية بنات الريف"، وحصلت على جائزة كينغسلي أميس"

البريطانية، آمبر راد، بعد أن اعترفت بأنها "ضللت أعضاء البرلمان بصورة غير متعمدة"، بشأن خطط الحكومة لترحيل أعداد من المهاجرين غير الشرعيين. ووصفته لجنة التحكيم بأنه كتاب "يذكرنا، بقوة ملحوظة، لماذا تعد الصحافة مهمة حقًا".
سعت جائزة الكتب غير الخيالية جاهدة لتلبية طموح أورويل الخاص بتحويل الكتابة السياسية إلى فن، في اختيارها لبقية عناوين قائمتها المختصرة، بما في ذلك "أطفال علمتهم، وتعلمت منهم"، لكيت كلانشي، و"المرأة غير المرئية: فضح البيانات المتحيزة ضد النساء"، لكارولين كريدو بيريز، و"المستتر، استكشاف للعالم تحت أقدامنا" لروبرت ماكفرلين. وقالت عنه لجنة التحكيم "جولة قوية في وقتها المناسب". وشملت كذلك "استرضاء هتلر: تشامبرلين وتشرشل والطريق إلى الحرب"، لتيم بوفيري، و"مارغريت تاتشر – وحدها": المجلد الثالث من السيرة الذاتية الموثقة لتشارلز مور، و"عصر رأسمالية المراقبة" لشوشانا زوبوف.
وصرح منظمو الجائزة، حسب ما نشرت الغارديان البريطانية، أن الكتب الـ 13 المختارة للجائزتين "ربما تكون قد كتبت في فترة ما قبل العصر الكوروني، لكنها تردد صدى وتتحدث إلينا عن العالم الذي قد نعيش فيه بعد هذه الأزمة وفي أثنائها". يتم الإعلان عن الفائزين بالجائزتين في 25 يونيو/ يونيو، عيد ميلاد إريك آرثر بلير، صاحب الاسم المستعار جورج أورويل.