}

الحاجة للثقافة عن بعد.. النظرية والفجوة الرقمية بالعالم العربي(2/2)

ليندا نصار ليندا نصار 10 يونيو 2020
هنا/الآن الحاجة للثقافة عن بعد.. النظرية والفجوة الرقمية بالعالم العربي(2/2)
لوحة مفاتيح عملاقة 100 طن بضفة نهر إيسيت الروسي
أصبح لزامًا، في ظل انتشار موجات متتالية من فيروس كوفيد 19، التفكير في منصات رقمية متحركة يمكن أن تحمل معها رؤى فكرية وثقافية تغير مفهوم الزمن لدى الإنسان نفسه، وهذا فرض على الحكومات التوجه قدما نحو تفعيل برمجيات إلكترونية تسهم في تقريب التعليم والكتب والطعام والاقتصاد والروابط الاجتماعية عن طريق الثقافة عن بعد. نسعى في هذا التحقيق إلى طرح مجموعة من الأسئلة على عدد من المتخصصين في التربية والتدريس والثقافة والباحثين من أجل التفكير الجماعي في بناء صورة دقيقة عن واقع هذه الثقافة في العالم العربي ومآزقها وإمكاناتها في فتح فجوة جديدة في علاقتها بالواقع الافتراضي على نحو إيجابي.. هل يمكن أن يشكل التعليم عن بعد تجربة فعالة وجوهرية لتمكين الطلبة في كل المستويات من التعلم المطلوب؟ وماذا عن الطفل تحديدا؟ وكيف يمكن أن يتقبل هؤلاء المتعلمون، الذين لم يحظوا بأية فرصة للتدرب على هذه الثقافة، هذا التعليم؟ ثم هل يمكن لهذه الثقافة أن تنتج تلقيا عقلانيا في ظل العوائق التي تكون مصاحبة لهذا النمط من التعليم؟ وهل نحن قادرون على خلق ذوق رقمي يخلخل البنيات التقليدية التي تعودت على الاستهلاك الحي والمباشر للوجبات الثقافية؟ ألا يمكن أن تكون الثقافة الرقمية هي خيارنا الأخير للتأقلم مع الحياة في صيغها المتعددة والمربكة؟ وأخيرا هل دخلنا إلى الزمن الرقمي وإلى موت الزمن الطبيعي المادي الصرف؟
انطلاقًا من هذه الأسئلة وأسئلة أخرى اختار الأدباء والباحثون بناء مداخلاتهم في هذا التّحقيق.
هنا الجزء الثاني والأخير:
من اليمين (أعلى): كدو، جيران؛ (أسفل) دعدوش، مطر، الشرتوني











 

الكاتبة والأكاديمية فاطمة كدو: "عن بعد" كانت تستعمل في نطاق ضيق ومحدود فأصبحت مفتاحًا ندير به حياتنا اليومية
مع ظهور فيروس كوفيد 19 توقف كل شيء، بدءا من حركات الناس التي تم تقنينها إلا للضرورة القصوى، مرورا بحركة وسائط النقل الجوية والبرية وغلق الحدود؛ إلا تفكير البشر لم يتوقف عن التفكير وطرح الأسئلة جهرا وسرا. لكنه تفكير غير حر، تفكير مقيد بفيروس كوفيد 19، أصبح كل شيء نفكر فيه مرتبطًا بهذا الفيروس، وكل ما نخطط له يجب أن يكون في ضوء استراتيجية محكمة، لتجنب ضربات هذا الفيروس التي قد تكون قاتلة، وكأننا في حرب. بل هي فعلا حرب، ألم تخرج المدرعات وفيالق الجيش في كل بلد تريد محاربة عدو لا يظهر إلا في أروقة المختبرات، عدو لا يرى بالعين المجردة، ولكنه يظهر مجازا من خلال كل فرد لم يلتزم بالحجر الصحي، وخرج يتنطع في الشوارع والأزقة متحديا جبروت الفيروس رغم التحذيرات وصور الجثامين التي تجاوزت مئات الآلاف عبر العالم؛ الكل يترقب عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة هذا الزحف الرهيب للفيروس. تحت هذا الضغط كان لا بد من تغيير طرق تفكيرنا فرادى وجماعات، والاجتهاد في آليات تغيير نمط سلوكنا كي نستمر في التواجد، وكي يستمر نبض الحياة، من خلال إعادة الاشتغال على عبارة: "عن بعد" التي كانت تستعمل في نطاق ضيق ومحدود. هذه العبارة أصبحت هي الكود / المفتاح الذي به ندير حياتنا اليومية.
قبل كورونا، كنا نتحدث عن الفجوة الرقمية التي تفصل العالم العربي عن العالم الغربي، الذي قطع أشواطا كبيرة في تدبير حياته اليومية عن بعد، بحكم تمكنه من التكنولوجيا صناعة واستخداما، وفي المقابل ظل عالمنا العربي يعتبر ذلك رفاهية يلزمها تدبير مالي وميزانية لا قبل للدولة بتحقيقها مقدمة تبريرات غير مقنعة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقطاعين مهمين: الصحة والتعليم، صاريتي المجتمع. ومن منطلق تدريسي للثقافة الرقمية بالجامعة منذ سنوات فقد عشت إكراهات كثيرة مرتبطة بعدة مجالات، بعضها مؤسساتي مرتبط بالبنية التحتية الخاصة بالفضاء التكنولوجي بالجامعة العربية عموما، وقد أشرت إلى ذلك في كتابي"أدب.com: مقاربة للدرس الأدبي الرقمي بالجامعة". وإذا كانت الجامعات العربية قد تمكنت بنجاح من توظيف التكنولوجيا لتدبير أرشيفها الإداري وتحيين المعطيات وحوسبتها، فإنها لم تتمكن من تفعيل الوسائل التكنولوجية اللازمة لتدبير الدرس الجامعي بتقنيات تمكن الطالب من تحصيل المعارف داخل الفصل وفي أروقة المكتبة الجامعية، كرقمنة الكتب والمجلات وتمكين الطلبة من تحميلها، وبالتالي تدبير أمثل للوقت في الزمن الرقمي. أما مسألة تدبير الدراسة والتدريس عن بعد، فإنها من الأمور غير الواردة في نظامنا التعليمي بكافة مستوياته؛ بل اعتبر من طرف هذه المؤسسات التعليمية بأنه ترف، وأن التعليم المباشر أي المرتبط بالإشهاد بالحضور هو أساس العملية التعليمية.
كانت مجتمعاتنا العربية في حاجة إلى رجة قوية لإعادة التفكير في نظام حياتنا (التعليمي والصحي على وجه الخصوص)، صحيح لا أحد كان يتوقع أن فيروسا قاتلا سيكون السبب في إحداث هذا التغيير، لكن ما حصل قد حصل، فوجدنا أنفسنا أمام ثغرات وفجوات مرتبطة أساسا بعالم التكنولوجيا وبالثقافة الرقمية. إذ لم تتمكن المؤسسات التعليمية من تدبير الدراسة عن بعد لأسباب عديدة نذكر منها، عدم إقدام هذه المؤسسات بكافة مستوياتها على تدبير بين الفينة والأخرى لفروض عن بعد لتدريب المتعلمين على الاستئناس بهذه العملية التواصلية التي تتيحها شبكة الإنترنت، وهو الأمر الذي كان سيساهم في تجريب صبيب الإنترنت وتجويده. نضيف إلى ذلك سوء التقدير من قبل الحكومات المتتالية في استخدام التكنولوجيا وعلاقة ذلك بتدبير التكوين عن بعد. ويظل الأطفال الأكثر عرضة لهذا التهميش التكنولوجي خصوصا في المناطق النائية بالقرى والبوادي. أما البعض الآخر من الإكراهات التي وقفت عندها، فمرتبطة بالإنسان نفسه، وعدم قدرته على تغيير بنياته الذهنية وظل مخلصا إلى حد التقديس، لكل أشكال الإنتاج الورقي، معتبرا العالم الرقمي مجرد موضة سيتم استهلاكها لحظيا وتذهب إلى حال سبيلها. أضف إلى ذلك قلة الإمكانيات وعدم توفر أغلب المتمدرسين على حواسيب محمولة وهواتف ذكية تمكن من التحصيل المعرفي عن بعد. والأكثر من هذا، فإن بعض المؤسسات الإدارية التي أرادت تدبير أعمالها عن بعد، لم تتمكن من ذلك لعدم توفر موظفيها على حواسيب شخصية تمكنهم من العمل عن بعد والاشتغال على الملفات العالقة بسبب فرض الحجر الصحي. وبالتالي لا يمكن القول بأن الثقافة الرقمية في وطننا العربي حاليا، يمكن أن تنتج تلقيا عقلانيا يساهم في تطوير حياتنا المهنية والتعليمية.



أمام هذا الوضع، كان لزاما التفكير في آليات خلق ذوق رقمي يعيد بناء علاقتنا مع الثقافة عموما، ومن مظاهر هذه الثقافة: معيشنا اليومي. وذلك من خلال الوسائط التكنولوجية، والتحصيل المعرفي/الرقمي المتاح لكل واحد منا. حيث لاحظنا بعض مظاهر الاشتغال على التعاون القرائي من خلال ما تعرضه شبكات القراءة على صفحات الفيسبوك تحت شعار "تحدي القراءة" حيث يتم عرض مصنفات من الكتب وعناوينها، أو تنظيم بعض المؤسسات لندوات عن بعد عبر السكايب، بالإضافة إلى المبادرات الشخصية لعدد من المثقفين الذين ينظمون فرادى حصة- فيديو، يتناولون فيها محورا من المحاور التي تهم مجالات تخصصهم. وأود التوقف هنا عند هذا الفضاء الإنترنتي/السبيرنيتيكي الذي يسمى بـ"العالم الافتراضي" وهي تسمية خاطئة لعدة اعتبارات، لا بد من توضيحها كي يكون تعاملنا مع الوسائط التكنولوجية "عن بعد" سليم الاستعمال والتعاطي، وبالتالي التمكن من تواصل أفضل يؤدي إلى التلقي العقلاني:

-         سنة 1935 وردت التسمية في قصة خيال علمي للمؤلف ستانلي وينبون تحمل اسم نظاراتPygmalion  يصف فيها نظام واقع افتراضي يستند إلى نظارات مع ميزة التسجيل واستخدام حاستي الشم واللمس.

-          سنة 1962 ابتكر العالم مورتون هيليغ آلة ميكانيكية ضخمة صنع من خلالها خمسة أفلام قصيرة وظف فيها حواس متعددة: البصر والسمع والرائحة واللمس.

-         سنة 1968 ابتكر إيفان سودرلاند جهازا لواقع افتراضي يرتدى على الرأس، لكن عيبه أنه كان ثقيلا.

-         سنة 1985 بفضل العالم جارون لانير أصبحنا أمام المعنى العصري للواقع الافتراضي من خلال جهاز يرتدى على الرأس يحمل اسم Eye phone .

-         سنة 1991 أعلنت شركة سيغا عن نظارة الواقع الافتراضي متطورة جدا.

-          سنة 2007 أصبحت غوغل رائدة في هذا المجال من خلال طرحها لخدمة "ستريت فيو" مكونة من مشاهد بانورامية لمواقع عالمية تتيح للمستخدم التجول في شوارع العديد من المدن والمناطق السياحية حول العالم.

-         سنة 2010 صمم بالمر لوكي صاحب شركة أوكولوس نموذجا أوليا من نظارة الواقع الافتراضي بمجال رؤية يبلغ 90 درجة، وهو ما لم يكن معمولا به في ذلك الوقت.

-         سنة 2014 شهدت إقلاعا كبيرا في هذا المجال بعدما استحوذت شركة facebook على أوكولوس مقابل مليون دولار. ثم إعلانsony  عن نظارة "المشروع مورفيوس" التي أصبح اسمها: بلاي ستيشن.

-         ثم تواصلت التطورات لتصل إلى مجال رؤية بـ360 درجة.

إذًا الواقع الافتراضي أو العالم الافتراضي له آلياته الخاصة وفي مقدمتها النظارات.
إن الوسائط الجديدة هي عالم مواز لعالمنا الواقعي، وليست عالما افتراضيا، فالفيسبوك مثلا تم اعتباره عالما افتراضيا، لكن بالعودة إلى تاريخ وأسباب تأسيسه لا نجد ما يفيد افتراضيته لأنه ظهر (كفكرة) لتسهيل التواصل بين الطلبة داخل جامعة هارفرد. ولأنه تم الاعتقاد بأنه واقع افتراضي تعامل معه المستعملون بنوع من الحيطة والحيلة أيضا في عملية التسجيل وتقديم البيانات: صورة غير حقيقية /اسم مستعار/تاريخ الميلاد مفبرك/ المهنة وهمية...
إن ما نعيشه اليوم داخل شبكة الإنترنت بكل المنصات الموجودة والمحتملة الوجود مستقبلا، تكشف لنا عن مفهوم جديد هو "الواقع المعزز أو المضاعف"، وهو ترجمة ل Augmented reality الذي اقترحته شركة آبل، الذي ينطلق في فلسفته في البدء وفي الأخير من الواقع الذي نعيشه، مع آليات وتقنيات تضاف إلى هذا الواقع وتعزز رمزيته، ودلالاته كتجربة: بوكيمون go أو سناب شات وغيرها كتسجيل فيديو وإدخال عناصر إضافية. لقد قال  Tim Cook  قولته الشهيرة  vertual reality is nice, but augmented reality is the future. لا مجال في شبكة التواصل وباقي المنصات لواقع افتراضي، لأن كلمة اجتماعي تشير مباشرة إلى واقع محدد، شاسع ومركب، بجغرافيا ملؤها السماء والبحر، كان معها الحمام يقطع مسافات طويلة حاملا رسالة إلى فلان وعلان، وكذلك الأمر بالنسبة لساعي البريد، حيث كانت كل الرسائل تذيل بالعبارة التالية: "وفي الختام لا يخصنا سوى النظر في وجهك العزيز"، ها قد جاءت التكنولوجيا لتقلص هذا الهدر الجغرافي والزمني، وأصبحت صور الأصدقاء والأحبة ملء العين والبصر والنظر. والصديق "الافتراضي" ينبغي أن يأخذ وضعا جديدا: كي يكون جزءا من ذاكرتك تتقاسم معه الأفكار وألوانا من الثقافات ووجهات النظر، من أجل بناء ذاكرة جماعية تكنولوجية حوارية، تبادلية تشاركية، لا مكان فيها للأقنعة والأسماء المستعارة.
إن الثقافة الرقمية هي خيارنا الوجودي من أجل التأقلم مع متغيرات الحياة، وتحولاتها الطبيعية، وكذا تحولاتها المفاجئة والطارئة التي تتوقف بفعلها الحركة داخل المجتمع ومؤسساته.
إن الحديث عن الثقافة الرقمية يستدعي طبعا الزمن الرقمي، إنهما متلازمان لتأكيد سرعة التحولات التي تعرفها التكنولوجيا، من اختراعات وابتكارات تكاد تكون يومية، تتحدى الزمن الطبيعي وتقلص تمدده.
إن تفعيل البرمجيات الإلكترونية من أجل تقريب كافة مناحي الحياة (تعليم/ صحة/ مطاعم/ مكتبات/ جامعات/ مدارس/مؤسسات حكومية وغيرها) لا يجب أن يتم في حالات الطوارئ والكوارث فقط، بل يجب أن تكون هي وسيلتنا العادية والطبيعية في معيشنا اليومي، ولن يتم ذلك إلا بتغيير الذهنيات ودفعها إلى التفكير رقميا.


الأديب والناقد عبد الرحيم جيران:
لا ينبغي أن ننجرّ كالعميان وراء كلّ مبادرة تستند إلى حسابات اقتصادويّة لم تَعُد خافية عن أحد



أكيد أن التعلّم عن بعد مسعى محمود، ويبدو أنّ العصر يُحتّمه بوصفه ضرورة لا غنى عنها، لعوامل عدّة تتّصل بما هو اقتصاديّ، واجتماعيّ، بل بما هو ديمقراطيّ مرتبط بالتكافؤ بين جميع أفراد المجتمع في التعلّم، وبخاصّة أولئك الذين يتواجدون في المناطق الصعبة أو المناخيّة القاسية. لكن لا ينبغي التحمّس له قبل أن يحين الأوان، وتكتمل الشروط التي تجعله مراسًا غير محفوف بالمخاطر، وقبل أن تتحقّق العدالة الاجتماعيّة التي تسمح للجميع بأن يمتلك الوسائل التكنولوجيّة اللازمة لتعميمه حتّى لا يظلّ حكرًا على فئات من المجتمع، ومناطق جغرافيّة بعينها. ويلزمنا أن نتنبّه بكثير من الحيطة والحذر- قبل تحقّق هذه الشروط- للتأكّد ممّا إذا كان الانتقال من التعلّم عن قرب الحضوريّ إلى التعلّم عن بعد غير محفوف بمشكلات عمليّة ومعرفيّة وسيكولوجيّة قد تُشكّل عقبات كأداء أمام التعلّم الجيّد والنافع. وينبغي أن نُقرّ- قبل الخوض في بعض من هذه المشكلات- بأنّ هناك دوافعَ اقتصاديّة- سياسيّة  تكمن خلف التقدّم التكنولوجيّ- المعلوماتيّ الهائل، وأهمّها السعي إلى أن يحل الذكاء الاصطناعيّ محلّ العمل الفيزيقيّ والذهنيّ والعضليّ البشريّ؛ وذلك بغاية جني الأرباح الطائلة، وفي أسرع وقت من دون تكلفة باهظة، بما يعنيه هذا من استغناء عن الإنسان. وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي أن ننجرّ كالعميان وراء كلّ مبادرة تستند إلى مثل هذه الحسابات الاقتصادويّة التي لم تَعُد خافية عن أحد. وسأفضّل الحديث- وفق هذا التحوّط- عن بعض الخسارات التي قد تنجم عن التعلّم عن بعد، وأترك الحديث عن المكاسب؛ فهي غالبًا ما تبدو مغرية، وتمنعنا من أن نتنبّه إلى ما تنطوي عليه من عواقب غير محسوبة. وأوّل هذه الملاحظات التي أحب إثارتها- في هذا الصدد- سؤال هامّ يتعلّق بما هو حيويّ في التعلّم عن قرب. وأقصد بهذا التفاعل المباشر بين مجموعة من المتعلّمين وشخص- مدرِّس قد خضع لتكوين يُؤهِّله لأن يُكيّف طرائق توصيل المعلومة، وكيفية استعمالها حتّى تتلاءم مع طبيعة هذه المجموعة التي ليست ثابتة دومًا، لا من حيث عدد أفرادها أو هوياتهم، ولكن من حيث استعدادها النفسيّ، وعلاقتها بالزمان، واختلاف ظروف الأفراد داخلها في كلّ دقيقة وساعة ويوم وشهر وعام. لا يُتيح التعليم عن بعد مراعاة شرط التكيّف هذا، وحتّى في الحالة التي يتمّ فيها وفق شاشة تفاعليّة تسمح بإمكان مماثلة القسم الحيويّ فإنّ قدرة المدرّس على ملامسة الجانب النفسيّ لمجموعة التعلّم- والذي هو مهمّ في العملية التعلّمية- تظلّ محدودة جدًّا، إن لم أقل أَقُل تتّسم بالضمور.
وهناك سؤال ثانٍ لا ينفصل عن الأوّل من حيث الفاعلية التعلّمية، ويتّصل بالخبرة التي يكتسبها الفرد- التلميذ من التعليم الحيويّ- الحضوريّ؛ ولا تتصل هذه الخبرة بالمعلومة المعرفيّة وتلقّيها وتدبيرها مراسًا، وإنّما بالحياة داخل الجماعة المتعلّمة- المتنوِّعة التي ينقل أفرادها تنوّعَهم الاجتماعيّ والثقافيّ إلى بعضهم البعض، وبما تعنيه هذه الخبرة أيضًا من اكتساب فضائل التعاون والتضامن والمشاركة الجماعيّة في تنفيذ الأعمال، ومراس الحوار اليوميّ، وتبادل وجهات النظر المختلفة. هذه الخبرة هي التي تُساهم بقوّة في تنمية قدرات الفرد المختلفة بما فيه تدبير الذكاء سواء أكان عاطفيًّا أم لا، بل تُساهم في إدماجهم داخل المجتمع، وتأهيلهم لأن يتحمّلوا المسؤولية في تدبير شؤونه. لا يُتيح سياق تكنولوجيّ شبه انفراديّ مثل هذه الخبرة، لأنّه يسلب المتعلّم المحيط الحيويّ الذي تنمو فيه قدراته الأسس، ألَا وهو المدرسة.
ويُضاف إلى هذين السؤالين سؤال ثالث يتعلّق بتحويل الأستاذ إلى مجرّد جسر متحرّك صوريّ، أو جعله شبيهًا بعامل في مركز للمهاتفة centre d’appel، منزوع من تأثيره النفسيّ- العاطفيّ والفكريّ المباشر الذي يسمح له بأن يُقدّم للتلميذ نموذجًا للسلوك الأخلاقيّ والفكريّ الذي من المفروغ منه أنّه يُشكِّل وعي المتعلّمين وتوجهّاتهم في الحياة. وبمراجعة عديد من سير المفكِّرين والعلماء والنوابغ نُدرك بأنّ النماذج الإنسانيّة التي تعلّمت على أيديها هي التي ساهمت بدرجة قصوى في ما وصلت إليه من مكانة علميّة. هذا- إذًا- جانب آخر ليس بمستطاع التكنولوجيّة الجديدة توفيره، بل أكاد أُجزم بأنّها لن تدّخر جهدًا في السعي إلى طمسه نهائيًّا بغاية تحقيق هدفها الرئيس ألَا وهو صناعة أجيال من دون اختلاف فكريّ شبيهة بالإنسان الآليّ، لا أقلّ ولا أكثر. وينبغي ألَا يُفهم من كلامي هذا أنّني ضد استغلال التكنولوجيا في التعلّم، بل أنا من الذين يحرصون على الاستفادة من إمكاناتها العديدة، لكن شرط أنسنتها، والبحث عن الطرائق الجيِّدة في استعمالها على النحو الأمثل الذي لا يضرّ بالتكوين الاجتماعيّ والنفسي للفرد.

 

الكاتبة ومستشارة أدب الأطفال ماري مطر: جيل اليوم هو جيل التّكنولوجيا التّي اكتسحت البيوت كافّة تقريبًا


مسيرة التّعلّم والتّعليم هي مسيرة مستمرّة لا تتوقّف مهما طال الزّمان واختلفت الظّروف لكنّ الطّرق هي الّتي تختلف بحسب التّطوّر والمستجدّات. وعصرنا الحاليّ بات يتّكل في جزء كبير منه على التّكنولوجيا ووسائلها على الرّغم من بعض البلاد والمناطق الّتي ما زالت تعيش البساطة والبدائيّة. وبالنّسبة إلى التّعليم عن بعد فيمكننا أن نقول إنّه معتمد ولكن ليس بالشّكل الّذي فرضه فيروس كورونا والّذي يمكننا القول إنّه حرم الناس نوعًا ما من أعمالهم ومدارسهم ومن ممارسة حياتهم بشكل طبيعيّ... ومن هذا الظّرف ومن حاجة الإنسان إلى المتابعة والاستمراريّة فقد نجحت التّكنولوجيا بحلّ جزئيّ لهذه الأزمة. تقريبًا لا يخلو منزل من إحدى وسائل التّكنولوجيا لذا عمدت الحكومات والمدارس القادرة إلى اعتماد التّعليم عن بعد، صحيح أنّه ليس بديلًا لشخص الإنسان أو المعلّم الحق، بحضوره وعواطفه وعلاقته المباشرة مع المتعلّم لكنّه بديل مناسب في مثل هذه الظّروف. وبالنّسبة إليّ كمعلّمة مجرِّبَة، فقد وجدتها طريقة جيّدة حيث أنّها تفرض نفسها بمتابعة من المسؤولين والأهل. فحضور المعلّم ولو من خلال الشّاشّة يجعل المتعلّم متابعًا وراغبًا في التّعلّم. وقد نجحت هذه الطريقة مع المراحل كافّة. لكنّ الرّوضات والصّفوف التّأسيسيّة في الحلقة الأولى لم تأخذ حقّها فهي أكثر من بحاجة إلى المتابعة المباشرة والحضور لتفعيل عمليّة التّلقّي وكما نعلم بأنّ الأطفال يأخذون الأمور بجدّيّة أكبر من غير أهلهم.
أمّا عن تقبّل المتعلّمين لهذه الطّريقة فهي تتراوح بين من يعتمدها ومن لم يعتمدها بعد، فالمدارس الّتي تدرّب متعلّميها على اعتماد التّكنولوجيا وعلى المسؤوليّة في العمل كان الأمر بالنّسبة إليها أسهل من المدارس الّتي لا تعتمد التّكنولوجيا بما يتناسب وتطوّر العصر، ومع هذا فهذه التّجربة القاسية بسبب فيروس كورونا قد حوّلت الأنظار إلى ضرورة التّعليم عن بعد وإن لم تستطع أن تفرضه بشكل مناسب لكنّها لجأت إلى مد جسور الاستعدادات إلى تطبيقه وفرضه في مراحل لاحقة... وبعيدًا عن مدى تطبيقه في المدارس إلاّ أنّ جيل اليوم هو ولا شكّ جيل التّكنولوجيا التّي اكتسحت البيوت كافّة تقريبًا ولذلك فأمر اعتمادها للتّعلّم عن بعد ليس بالأمر صعب التّحقيق.
لكلّ وسيلة تعليم عوائق، لكنّه لن يتوقّف بسببها بل يتمّ السّعي لإيجاد الحلول المناسبة الّتي تحسّن أيّ نهج مستحدث وقد يكون الحلّ الوحيد في ظرف ما. ومن تجربتي أيضًا في التّعلّم عن بعد فقد واجهتني بعض المشاكل في بداية اعتماده، من حيث السّيطرة على الوضع أو من خلال بعض الخبايا الإلكترونيّة إلاّ أنّ الوقت والممارسة كانا كفيلين بحلّها. كما أنّ المتعلّمين المتلقّين أغلبهم تفاعلوا مع هذه الوسيلة بحماسة واهتمام ومتابعة وتركيز وقد شعروا براحة أكبر وهم يتابعون من بيوتهم بعيدًا عن مضايقات رفاقهم المباشرة ربّما وخصوصًا أنّهم تحت نظر أهلهم أيضًا. مع أنّهم واجهوا مشاكل تقنيّة أحيانًا كانقطاع الكهرباء أو انقطاع شبكة النّت أو ضعفها ولكن في التّكنولوجيا هناك حلول جذريّة ربّما لكنّها مهمّة كإمكانيّة تسجيل الحلقة وهكذا يستفيد من تغيّب عن الحصّة...
الحياة تتطوّر وتطوّرها لا يعني إلغاء ما قبل بل على العكس تمامًا. فالتّطوّر يهدف إلى التّسهيل والتّسريع والتّحسين وعلينا أن نتقبّله ونعتمده بالشّكل المطلوب وبحسب حاجاتنا وقدراتنا. والتّطوّر الرّقمي لن يقضي على الاستهلاك الحيّ والمباشر للثّقافة طالما أنّ هناك أناسًا يحافظون على هذا النّمط ويرفضون تغييره لكنّه طريقة حديثة متوفّرة لمن يرغب وفي الوقت المناسب كما حدث معنا في الظرف الأخير الّذي فعّل حلقات الثّقافة المختلفة عبر وسائل التّواصل المستحدثة.
الثّقافة الرّقميّة هي ليست خيارًا أوحد في عصرنا بل هي ثقافة مستحدثة وقد تكون بديلة في ظروف تفرض علينا اعتمادها تحت مبدأ الاستمراريّة في صيرورة الحياة كما لا يمكن أن نتجاهل الدّور الّذي باتت تؤدّيه على الأصعدة كافّة نظرًا لتسهيلها كلّ عمليّات الحياة الأساسيّة.
الزّمن الرّقمي دخلناه منذ زمن ونعيش لحظاته بما تيسّر من وسائل تكنولوجيّة مستحدثة، ولكن هذا لا يعني موت الزّمن الطّبيعي المادّيّ الصّرف. بل يمكننا القول إنّ الزّمن الرّقميّ طغى على حياتنا بشكل ملفت وأكرّر إنّ هذا من فعل التّطوّر الّذي لا يلغي بل يطغى.

 

الكاتب والأكاديمي أنطوان الشرتوني: الكورونا والدرس عبر وسائل التواصل الإجتماعي والقلق



من أكثر المهام صعوبة هي التعليم، فماذا لو كان التعليم يطبق عن بعد؟ فالتلميذ، خاصة الذي لم يتخط الثماني سنوات، هو بحاجة للتفسير المتكرر لاستيعاب المعلومات الجديدة. لذا، من دون مساعدة المدرسة والأهل للتلامذة ستكون هذه المهمة الصعبة. ولا أحد يمكن أن ينكر الجو المقلق الذي يشعر به الطفل بسبب إنتشار كوفيد 19 والإبتعاد عن الأصحاب، وملازمة البيت طول الوقت... وغيرها من الأسباب التي غيّرت من المسار الحياتي والاجتماعي للإنسان. فهل بدأ عصر جديد للدراسة؟ 
القلق... والمدرسة عن بعد!- من الطبيعي أن يشعر الطفل بالقلق الذي ينتقل عادة من الأهل تجاه أطفالهم وخاصة بوجود تغييرات مفاجِئة في يوميات الطفل الذي هو بحاجة للروتين اليومي. ولتقليص هذا القلق، يمكن للأهل أن يفسّروا عدة مرات للطفل عن الأسباب التي أجبرت العالم كله للإنغلاق في بيوتهم. أما بالنسبة للدرس، عدم جبر الطفل للدراسة ساعات وساعات. ولكن يجب أن يكون الوالدان على إتفاق معه حول عدد الساعات الدراسية يوميًا. ولا يجب أن ينسى الأهل أن يتمتعوا بالصبر والهدوء واستيعاب قدرات وقلق وتعب طفلهم ولذا تخصيص استراحة بين مادة ومادة أخرى. كما لا يجب توقع أمور مستحيلة عند الطفل، خاصة في هذه المرحلة الصعبة والمقلقة.
وأخيرًا، تطبيق أسلوب التشجيع خلال الدرس عن بعد لحث الطفل على الدراسة. فهذا النوع من التعامل الإيجابي مع التلميذ، يثير رغبته في الاستيعاب وفهم وحفظ المعلومات المطلوبة بشكل أسرع.
الدرس والحجر المنزلي والأهل!- من أهم الأمور التي يجب أن يراعيها الأهل خلال هذه الفترة مع أطفالهم هي التالية:

-         يجب أن يكون الطفل مهيئًا نفسيًا، للدراسة. تلعب الأم دورًا بارزًا في هذا الموضوع، حيث يمكن أن تجلس مع طفلها ومحادثته. كما يمكن للأب أن يقوم ببعض النشاطات معه.

-         اختيار المكان المناسب، فيجب أن يحدد الطفل المكان المناسب لكي يدرس. طبعًا توجيهات الأهل للمكان المناسب للدرس أساسي. فلا يمكن للطفل أن يدرس على شرفة بيته، بسبب الضوضاء وكثرة التأثيرات الخارجية على إنتباهه وتركيز. بل يمكن أن يدرس بأي غرفة يختارها، مثلًا في غرفة نومه، في غرفة الجلوس، أو حتى في المطبخ. أو في مكان مريح، وهادىء، مع إضاءة مناسبة وصحية.

-         تحضير جدول دراسي مع الطفل، من خلاله يحترم الطفل أوقات الدرس وأوقات اللهو. يجب أن تساعد الام طفلها الصغير في وضع جدول درسه، حيث سيشعر بالمسؤولية تجاه نفسه.

-         إيجابية في حديث الأهل تجاه الطفل الذي يتحضر لمهامه الدراسية بعدما يكون الأهل قد فسّروا البرنامج الدراسي لكل يوم بيومه. 

-         متابعة الطفل من خلال الإجتماعات التي تقام على منصات الإنترنت مع المربين في المدرسة.
وإذا رفض الطفل الدرس؟- يواجه الكثير من الأهالي مشكلة عدم رغبة الطفل في الدرس. فنراه يركل ويضرب ويشتم ويصرخ: "لا أريد أن أكمل درسي! لا أحب المدرسة! أكره الدرس!..." وغيرها من العبارات المعبرة عن غضبه. كما نجد عند البعض الآخر من الأطفال اللجوء إلى الطلبات لكي لا يستكملوا درسهم: "أريد أن أشرب الماء! أريد الدخول إلى المرحاض! إنني جائع أريد أن آكل تفاحة!...". إذًا الطلبات والمعارضات كثيرة والمطلب واحد: الإستراحة من الدرس.  لذا إذا رفض الطفل متابعة درسه يجب على الأهل إتباع الخطوات التالية:

-         إذا لاحظ الأهل بأن طفلهم لم يعد يريد الدرس معهم، يمكنهم إعطاؤه بعض الوقت للاستراحة أو شرب الماء أو عصرونية صغيرة مع قطعة شوكولا كعربون شكر له بأن يقوم بكثير من الجهد لكي يدرس.

-         الابتعاد عن كل أشكال العنف: اللفظي والجسدي والمعنوي... فإذا إستعمل الأهل بعض العبارات النابية لطفلهم، ذلك لن يساعدهم في عملية تلقينه دروسه. بل العكس صحيح، سيتأثر الطفل نفسيًا ولن يعود قادرًا على استيعاب دروسه وإكمال ما له من مهام. أما بالنسبة للعدوانية الجسدية كالضرب فطبعًا هذه ليست طريقة تربوية لتعليم الطفل. تشجيعه ومساندته هي الطريقة المثلي لمساعدته في درسه.

-         المرح واللهو من أبسط وأحلى الأوقات التي تساعد الطفل للاستراحة خاصةً عندما يقرر عدم إكمال دروسه. فبعض النكات المضحكة وسماع موسيقى جميلة وربما الرقص والغناء لفترة قصيرة، يمكن أن تساعد الطفل للتشجيع على الدراسة. 

-         لا يجب أن تكون ساعات الدرس في البيت مملة. فحتى لو كان هناك الكثير من الواجبات اليومية، وحتى لو أن الأهل قلقون على مستقبل طفلهم ويريدون إنهاء تحضير جميع الدروس بشكل كامل، كل ذلك لا يعني أن ننقل خوفنا وقلقنا للطفل.

 

الأديبة ماريا دعدوش: تجارب التعليم الافتراضي كانت فعّالة جدًّا



على مدى العامين الماضيين كانت لي تجارب عديدة في التعليم الافتراضي أو التعليم عن بعد وقد اعتمدت طريقتين، الأولى يتمّ فيها العمل على شكل ورشات صغيرة علّمتُ فيها عددًا صغيرًا من الكتاب مهارات الكتابة الإبداعية لقصص الأطفال واليافعين، والطريقة الثانية هي مساق (أو دورة) على منصة "إدراك" انتسب إليه عشرون ألف متعلم حتى الآن وقد قدّمت في هذا المساق لمحة عن المحتوى الأكاديمي للكتابة الإبداعية للأطفال.
بكل ثقة هذه التجارب كانت فعّالة جدًّا بالنّسبة إليّ. فبالنسبة إلى ورشات التدريب الصغيرة فإن أكثر الكتّاب الذين التزموا بها وبالرغم من أنهم كانوا يكتبون لأول مرة فإنهم بعد انتهاء الورشة حققوا نجاحات كبيرة في عالم الكتابة وباعوا قصصهم لأهم دور النشر في الوطن العربي. وبالنسبة إلى المساق على منصة "إدراك" أيضا فإن مسابقة القصة التي جرت في آخره والتي شارك فيها مئات الكتاب كشفت عن قصص رائعة كانت مؤشرا جيدا إلى نجاحه. لذلك فأنا يمكنني أن أجزم أن التعليم عن بعد يمكن أن يكون فعالا ونجاحه يتوقف على غنى المحتوى وشكل التقديم والمتابعة.
في الحقيقة لا أعرف هل التدرب على منصات جديدة للتعلم الافتراضي سهل وممكن أو أنّه يعتبر تحدّيًا صعبًا، لكن أود أن ألفت الانتباه إلى أن بعض المنصات التي يستعملها الجميع مثل الفيسبوك واليوتيوب والغوغل والتي يتقن الجميع استخدامها يمكن بسهولة استغلالها للتعليم الافتراضي. أستعمل في ورشاتي google classroom وهناك نوع من صفحات الفيسبوك يسمح فيها بتقسيم الدروس إلى وحدات منفصلة ويسمح بتحميل الملفات. لم نواجه في استعمال هاتين المنصتين أية صعوبات تذكر.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.