}

عن حجب أرشيف "الحياة"

راسم المدهون 20 يوليه 2020
هنا/الآن عن حجب أرشيف "الحياة"
لم تعد أعداد جريدة "الحياة" ملك ناشرها (Getty)
هل يمتلك "مالك" الجريدة مضمونها ومحتوياتها وما يمكن أن نسميه تجربتها كلها؟

بعيدا عن حقوق الملكية الشخصية لأية جريدة والتي تعود بالطبع لصاحبها الذي يمتلك "امتياز" إصدارها أو إيقافها، تبرز أسئلة أخرى نعتقد أنها واضحة الإجابات في بلدان العالم التي تحترم الصحافة والحقوق معا، إلا أنها غائبة تماما في بلاد العرب حيث "حارة كل من إيده إلو"، كما يقال في العامية.

من حق مالك الجريدة مثلا أن يبيعها أو يوقفها عن الصدور في صورة مؤقتة أو نهائية ولكن ماذا عن أرشيفها؟ بمعنى آخر: ما هو مصير "المحتوى" الذي تضمنته أعدادها على مدار عمرها وسنوات صدورها؟
هو سؤال يفرض نفسه بالنظر إلى حقيقة أن ملكية جريدة ما لا تعني بالتأكيد حق مالكها في إصدار حكم بحجب كل ما قدمته تلك الجريدة ومنع الآخرين بمن فيهم كتابها من العودة إلى ذلك التراث والقدرة على استعادته من أرشيفها في أي وقت، فهو إرث شخصي لأولئك الكتاب الذين قدموه، يعنيهم ويخصهم ويقع في لب تجاربهم الشخصية والعامة، ولا يجوز للملكية الشخصية لصاحب الجريدة أن توقفه باعتباره نهائيًا وغير قابل للتغيير أو الوقف.
الأمر أيضا يتعلق بالعلاقة بين الجريدة اليومية والتأريخ فهي بكل المعاني سجل أحداث يومية عامة يحتاجها الآخرون وتفرضها الحياة الطبيعية التي نعتقد أنها تفترض بدورها حرية البحث والاطلاع وتمكين الجميع من الوصول الى أية أعداد من تلك الجريدة حتى ولو توقفت عن الصدور وباتت تنتمي للماضي. المسألة هنا تتجاوز حالتها الراهنة كملكية فردية وتعتبر حقا وتراثا عاما يحق للجميع الانتفاع به شرط ذكر المصدر بالطبع.
أقول هذا وأنا بصدد الحديث عن أرشيف جريدة "الحياة" الدولية اليومية والتي توقفت عن الصدور وفوجئنا بأن مالكها قد حجب أرشيفها من الشبكة العنكبوتية ولم يعد بمقدورنا الوصول لأعدادها وصفحاتها وهي خطوة أصابت بالصدمة كل من عمل أو كتب في "الحياة" وترك في صفحاتها بعض جهده الإبداعي أو الإعلامي وكل من ساهم برأي في أحداث عصره في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها. المأزق الذي خلقه قرار حجب أرشيف "الحياة" يطال آلاف الكتاب والصحافيين والمبدعين في اتجاهات شتى، ولا نبالغ إذ نشير إلى أن بعض تلك المنشورات في الجريدة لا يمتلك أصحابها صورا عنها، ما يعني في حالة كهذه ضياعها للأبد.


صدرت جريدة "الحياة" في ملكيتها الأخيرة من مدينة لندن عام 1988 ومن عدد آخر من العواصم العالمية بينها بيروت والقاهرة، وشهدت سنوات صدورها حياة إدارية متطورة لم تقع خلالها تجاوزات إدارية مهمة، سواء فيما يتعلق بحقوق الكتاب المالية أو حتى باحترامهم معنويا والالتزام بالتعامل معهم بأساليب محترمة. ومع توقف الجريدة عن الصدور بقرار مالكها أخذت المسألة وجها معاكسا بل يمكن القول إنه انقلابي عن ذلك الالتزام فأدار مالك الجريدة ظهره لكل ما تبقى لكتاب الجريدة من حقوق مالية رغم إقرار الإدارة المالية لكل كاتب بما له وبالأرقام، لنكتشف أن ذلك الإقرار يتعلق بذمة ورأي المدير المالي للجريدة والذي تبين أنه وإن امتلك المعلومة والأرقام إلا أنه لا يمتلك أوامر الدفع لأن القرار المالي بيد مالك الجريدة الذي "ذاب" واختفى ولم يعد بمقدور أحد الوصول إليه ومطالبته بحقوقه.
هي حقوق لا يقلل من مشروعيتها كون الجريدة قد توقفت عن الصدور لأنها لم تتوقف – في حدود ما نعرف – بسبب إفلاسها ماليا أو إفلاس ناشرها الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود والذي لم يفسر الأمر بل لم يعلق عليه وكأنه ليس المالك والناشر وكأن الجريدة ذاتها لم تكن في يوم من الأيام.
على أن الأشد خطرا هو حجب الأرشيف من الشبكة العنكبوتية ومنعنا من الوصول إليه وما يشكله ذلك من إعاقة قسرية لإنتاج صحافي فكري وإبداعي هو بالطبع من حق أصحابه الكتاب، ولا يجوز حجبه تحت أية ذرائع أو تفسيرات مهما كانت.
لم تعد أعداد جريدة "الحياة" ملك ناشرها، فما يملكه هو "امتياز" صدورها والذي يحق له بيعه لأي ناشر آخر وقت يشاء ولكن دون أن يشمل ذلك حق حجب الأرشيف ومنعنا من الوصول إليه.
نكتب هذه الكلمات كنداء للرأي العام العربي والعالمي لنصرة كتاب "الحياة" ونصرة الصحافة العربية ونصرة الجمهور العريض الذي يحتاج إلى تدفق المعلومات والقدرة على الوصول إليها بيسر وسلاسة في أي وقت.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.