}

ربيع الكون.. دلالة اليوم العالمي للشعر بأصوات شعراء عرب

دارين حوماني دارين حوماني 21 مارس 2021
هنا/الآن ربيع الكون.. دلالة اليوم العالمي للشعر بأصوات شعراء عرب
(فاسيلي كاندينسكي)
في عام 1921، أي منذ مئة عام تمامًا، وفي تقديمه لديوانه "قصائد متفرقة" يقول لوركا: "محزنٌ أمر هذه الكتب/ التي تملأ الأكفّ بالورود والنجوم/ ثم تمضي في هدوء/ الشاعر شجرة ثمارها الحزن وأوراقها جافة/ هو وسيط الطبيعة التي يُظهر عظمتها بالكلمات/ الشاعر يفهم كل ما لا يُفهم/ ويسمّي الأشياء البغيضة بأسماء صديقة حبيبة/ إنه يعلم أن كل الدروب مستحيلة/ ولهذا يمضي الليل في هدوء/ الشعر هو تحويل المستحيل إلى ممكن/ هو الحياة التي نعبرها في قلق منتظرين ذلك الذي يسوق إلينا زورقنا المبحر بلا وجهة/ آه يا لها من أحزان عميقة لا يمكن تجنّبها/ تلك الأصوات المتوجّعة التي يغنيها الشعراء". هكذا يكتب لوركا مندفعًا بحزنه العميق في تدوين معنى الشعر في كلمات قليلة كُتبت لكي تُحفظ عن ظهر قلب.
وفي عام 1999، وفي دورته الثلاثين، أعلن المؤتمر العام لليونسكو – منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة- في باريس يوم 21 آذار/ مارس يومًا عالميًا للشعر. وجاء في نص الإعلان: "هو مناسبة لتكريم الشعراء، وتعزيز قراءة وكتابة وتدريس الشعر، وتعزيز التقارب بين الشعر والفنون الأخرى، وهو إعطاء اعتراف جديد للشعر ودفع لحركات الشعر الوطنية والإقليمية والدولية، بينما يستمرّ الشعر في التقريب بين الناس عبر القارات".
في هذا اليوم، نسأل شعراء من عالمنا العربي: هل يحتاج الشعر اليوم إلى من يذكّرنا به، ويعيد الاعتراف بضرورة وجوده في حياتنا؟ وهل استطاع الشعر طرح الأسئلة الكبيرة؟ وهل تمكّنت الحداثة الشعرية من تحقيق المشروع الثقافي والفكري الذي سعى إليه روّاد الحداثة الأوائل في خمسينيات وستينيات القرن الماضي؟



قاسم حداد (البحرين):
الشعر عكس الموت وضدّه

(قاسم حداد)                                                                                                                                                                                                             


يجيب قاسم حداد: "الحق أننا نحتاج إلى من يذكّرنا، لكي لا ننسى. مثلما التنفّس، فأحيانًا ننسى استعادة أنفاسنا لكي لا نموت، فنموت. الشعر عكس الموت وضدّه. والأسئلة الكبيرة هي هاجس الشعر منذ الأزل، غير أن الأسئلة الكبيرة تحتاج تجارب كبيرة، فيما نلاحظ أن الأجيال الجديدة بدأت تتخفّف ممّا يثقل سعيها الحثيث نحو الحياة، وتكاد أن تموت لفرط خفّتها. أما الحداثة الشعرية، فلكي تبدأ الحداثة في التحقّق، لا بدّ أن تبدأ في الحياة. بيننا وبين الحياة الحديثة سنوات ضوئية. ينبغي ألا نبالغ في مزاعمنا، فالحداثة شأنٌ متطلّب في شروط الحياة، وحياتنا لا تطيق رائحة الحرية، فما بالك بالحريات جميعها. تكمن أهمية أحلام روّاد الحداثة في كونها أحلامًا، وإذا تمكنا من التشبّث بها، فذلك كسبٌ كبير".



عبده وازن (لبنان):
الشعر حاضر في حياتنا لحظة تلو لحظة

 (عبده وازن)                                                                                                                                                                                                       


وجهة نظر قاسم حداد تختلف عن وجهة نظر عبده وازن. يقول وازن: "لا أعتقد أن الشعر يحتاج إلى يوم يذكّرنا به، نحن الشعراء أولًا، ثم القرّاء، على اختلاف مواقعهم. الشعر حاضر في حياتنا لحظة تلو لحظة، كالهواء الذي نتنفّسه، حتى في أوقات الصمت، وأقصد أوقات التوقّف عن الكتابة. هذا الأمر ينطبق خصوصًا على الشعراء، وعلى بعض القرّاء المتحمّسين للشعر. إننا، كما يقول هولدرلن، نسكن العالم شعريًا، نعيشه في المعنى الوجودي بصفته فعل كينونة. وسواءٌ كتب الشاعر، أم صمت من جرّاء أزمة معينة، كما حصل مع شعراء كبار، ومنهم مالارميه، أو بول فاليري، فهو يظل يعيش جوهر التجربة الشعرية. أما في شأن اليوم العالمي للشعر، فهذا اليوم يمثّل احتفالًا بالشعر، إعلاميًا وإبداعيًا، وتقام خلاله قراءات وأمسيات ولقاءات في ما يشبه الاحتفال الجماعي. مبادرة مهمة جدًا تذكّر الرأي العام والقرّاء أن الشعر حيّ على رغم التحدّيات الكبيرة التي يواجهها في عصر الاستهلاك المادي والسطحية وثقافة السوق، وكلّها تهدّد إنسانية الإنسان، علاوة على انتصار الحياة الآلية على القيم الجمالية والوجدانية".
ويرى صاحب "الفتى الذي أبصر لون الهواء" أن الشعر لا يحمل مشروعًا ثقافيًا، أو فكريًا. ويضيف: "هذا ليس من واجباته، ولا دور مباشرًا له في مواجهة معضلات الحداثة الفكرية. قد يقترب الشعر من الفلسفة كثيرًا في البعد الميتافيزيقي والوجودي، لكنه لا يملك منهجًا، أو رؤية منهجية إلى العالم ومشكلاته. الشعر يتّجه إلى الجوهر، يتأمل ويحتجّ ويلج أعماق الإنسان ولاوعيه، ويقارب أحلامه، ويطرح أعمق أسئلة الوجود، حتى وإن بدا أحيانًا أنه يخاطب الأشياء والمظاهر والطبيعة وسواها. ويكفي اعتراف فرويد، رائد علم النفس، بقدرة الشعراء السبّاقة إلى اكتشاف الحقائق الإنسانية، وعوالم الذات البشرية".



سيف الرحبي (عُمان):
يبقى الشعر مطرًا يثري ويُخصب

 (سيف الرحبي)                                                                                                                                                                                                    


"أن تُخصّص اليونسكو يومًا عالميًا للشعر، للمهمّش والمقصي في خضم زحمة الحياة والصراعات والمصالح الوحشية، مضافًا إليها راهنًا مناخ الرعب الكابوسي الذي صنعهُ كوفيد 19، ووحد عبره العالم، فذلك أمر جيد"، يقول سيف الرحبي.
ويؤكّد: "جيّد هذا الاحتفاء، وهذه الوقفة الجمالية في مشهدية مجتمعات الاستهلاك، ببريقها السطحي وهيمنتها على المفاصل والتفاصيل. لكن يبقى حضور الشعر والأدب ملحًا يوميًا ولحظيًا للحالمين والمفارقين لحياة القطعان الآلية، كأوكسجين إنقاذ لحياة تنحدر وتختنق. في الأرض المقفرة اليباب، كما عبر (إليوت)، يبقى الشعر، وتجليّات الروح الفريدة، مطرًا يثري ويُخصب، على قلّته في مستوى القيم وإنسانية الإنسان وروحه دومًا".
يرى صاحب "حياة على عجل" أن الشعر في جوهره وطبيعته، قديمًا وحديثًا، مشتبك بأسئلة المصير والإنسان والتاريخ، من ذلك الموغل في القِدم، وحتى زمن الحداثة وما بعدها، مولّدًا أسئلة وأساليب واقتراحات، ويؤكّد أنه لا قيمة للشعرِ إلا في هذا الارتطام المستمر بعناصر الوجود والعالم، حالمًا بحياةٍ تنبض فيها العدالة والجمال.
وعن المشروع الفكري والثقافي لروّاد الحداثة الأولى، يجيب الرحبي: "هل حققت الحداثة العربية منذ الروّاد في الخمسينيات مشروعًا فكريًا وثقافيًا كان حلم أولئك الأوائل؟ واقع حال التاريخ العربي أن ذلك المشروع كان حلمًا ومتنًا اشتغل عليه الروّاد النهضويون إنطلاقًا من لبنان وبلاد الشام ومصر، وسائر بلدان اللغة العربية، شعراء ومفكرين صنعوا ذلك المجرى بأحلامهم الكبيرة التي ما لبثت أن ارتطمت بصخور الواقع والتاريخ على نحوٍ أليم. وحالت الأنظمة القائمة دون تحقيق أي شيء جوهري في هذا السياق، عدا الشعاراتِ الفارغة من المحتوى، وعدا السجون، وماكنات القمع المختلفة".
ويختم الشاعر العماني: "يبقى الجانب الشعري والأدبي في أحلام الحداثة العربية الذي تحقّق بعضها إبداعيًا وجماليًا على صعيد الأساليب والتجديد في اللغة والرؤية والتجريب، جيلًا بعد آخر في مختلف أقطار العرب، مؤشّر صحة ثقافية، لكنه منفصل عن بُنيات المجتمع الأخرى التي بقيت ترزح تحت وطأة التخلف والجهل وأجهزة الأنظمة والحروب. ما تحقّق على أرض الواقع والتاريخ من ذلك المشروع الكبير قليلٌ في ضوء تلك التضحيات الجسيمة، لكن الأحلام والرؤى ما زالت مُشرعةً نحو الأفق والاختلاف".



شوقي بزيع (لبنان):
الشعر احتياطي العالم من الأوكسجين والماء والليونة والأنوثة

(شوقي بزيع)                                                                                                                                                                                                


بدوره، يرى شوقي بزيع أن الأعياد تبدو نوعًا من التعويض الرمزي عن تقصير البشر في حق هذه الشريحة الاجتماعية، أو تلك، وفي حق هذا النوع الأدبي، أو ذلك النوع، وفي حق المظلومين والمقهورين، الذين لم ينالوا حصّتهم من الحظوة، على حدّ تعبيره. ويوضح: "إن منظمة اليونسكو، أو سواها، سمّت يومًا للعمال، في حين أن العمال كانوا وما زالوا يعانون من الحرمان، ولا ينالون ما يوازي جهدهم. وكيف أن العالم يعلن يومًا للمرأة في ظل بقاء العنف قائمًا ضد المرأة، وفي ظلّ تهميش المرأة وسلبها كثيرًا من حقوقها. وهذا ينطبق على الحب، يُعلن يومٌ للحب في حين أن كل ما يمثّله هذا اليوم لا يتعدّى تحويل الحب إلى فرصة للبيع والشراء، ولاقتناص الربح السريع، ولتفاقم الجشع بالنسبة للشركات المعنية بأدوات الحب المختلفة. ويُعلن عيد المعلم في ظل اضطهاد المعلم وحرمانه من أبسط حقوقه. إذًا، تبدو الأعياد وكأنها تعويض عن حرمان طبقات وشرائح المجتمع من حقوقها. سيقول البعض: وكيف ينطبق ذلك على الشعر؟ أقول إن الشعر يبدو بشكل من الأشكال وكأنه الأب الذي بلغ من العمر ما يكفي ليفكّر أبناؤه بقتله، ولأنه رجل الفنون المريض، حيث أن كل الفنون تحاول أن تعتاش منه وتتغذّى منه وتتركه مع ذلك جثة هامدة، رغم أن الشعر موجود في كل الأنواع الأدبية والفنية، من رواية ومسرح ورسم وموسيقى وفنون تشكيل، إلا أن الكل يروّج لانقراضه، من دون أن يعلموا بأن موت الشعر هو موت لكلّ هذه الفنون مجتمعة".
ويضيف صاحب "الحياة كما لم تحدث": "لا أستطيع إلا أن أحتفي بهذا اليوم، خاصة وأن إعلانه يتمّ في أول أيام الربيع، ونحن نعلم أن الربيع هو فصل الانبعاث وقيامة الأرض من موتها، وفصل الخصب وعودة الحياة، وهو تمامًا ما يمثّله الشعر بالنسبة للعالم، إنه احتياطي العالم من الأوكسجين، ومن الماء، ومن الليونة، ومن الأنوثة. وتوافق هذا اليوم مع عيدي الأم والطفل ليس أمرًا بلا دلالة، لأنه إذا كان الشعر أبو الفنون فهو أمها في الوقت في ذاته، ومرضعها الذي يقسّم جسمه بين جسوم كثيرة على ما يقول عروة بن الورد. وبالنسبة للطفل هو البحث عن طفولة العالم الدائمة وعن براءته، وعن ينابيعه الأصلية، حيث الشعر يسير بشكل عكسي مع التكنولوجيا، أي أنه لا يبحث عن ما هو رقمي وصارم ومنمّط، وما هو خاضع لنظام السوق، ولكنه يبحث عن العودة إلى العالم قبل أن يتلوّث، إلى الأنهار قبل أن تكتنفها السموم، وإلى المياه في ينابيعها، وبهذا المعنى هو ضرورة وحاجة وصرخة ضد فساد العالم واهترائه".



عبد العظيم فنجان (العراق):
الشعر الحديث خرج عن تاريخ الجماعة

(عبد العظيم فنجان)                                                                                                                                                                                          


يرى عبدالعظيم فنجان أن الشعر الحديث خرج عن تاريخ الجماعة (الأمة، القومية، الدين، الطائفة) إلى تاريخ الفرد، فلم يعد مسؤولًا عن نقل الحوادث والمعارك وأيام العرب، أي لم يعد "ديوان العرب"، بل تحوّل إلى مدوّنة فردية مكتظّة بالوقائع الشعورية، وبالأسئلة الكبرى التي يواجهها الفرد المتشظّي، المنعزل والغريب، إزاء العالم بسلطته الجهنمية، وإزاء الوجود الذي صار يحفل بموت أشدّ، وبقهر لا يمكن وصفه. وهكذا يبدو السؤال، في نظر فنجان، متجنّيًا حول الحداثة الشعرية، إذ أن الشعر "يحاول" أحيانًا وحده، وتارةً مع باقي الفنون، أن يؤسّس لحرية وكرامة الفرد، من دون مؤسسات قامعة. ويعتبر صاحب "كيف تفوز بوردة" أن تحوّل الشعر من همّ الجماعة، ومن الهمّ الأيديولوجي، إلى همّ الفرد، يُعدّ إنجازًا في سبيل الانعتاق من الماضي والتطلّع إلى المستقبل، ولا يمكن أن يتحقّق ذلك بشكل تام على انفراد من دون مؤازرة مؤسسات راعية. ويختم فنجان "لعلّ إعلان اليونسكو عن اليومي العالمي للشعر يؤكّد أهمية الشعر في أن يساهم بنقلة حضارية من عصر الانحطاط إلى النور".



إسكندر حبش (لبنان):
على هذا "الاحتفال" أن يكون مستمرًا طيلة حياتنا

(إسكندر حبش)                                                                                                                                                                                                 


يقول إسكندر حبش: العالم بأسره يحتفل، هذا النهار، بـ"اليوم العالمي للشعر". قد لا تخلو صحيفة صادرة في هذه الصبيحة إلا وتشير إليه، وبمختلف لغات الكوكب. المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل، مليئة منذ أيام بما يمهد لهذا "اليوم المجيد". بدا ذلك كله حين أطلقت بعض البلدان، منذ سنين، تظاهرة "ربيع الشعراء"، لتقدم فيها أنشطة متنوعة تتراوح بين الأمسيات المختلفة، والندوات، وإصدارات الكتب، ولقاءات مع الجمهور في الساحات العامة، والمنازل، وأنفاق المترو، وحتى في المستشفيات والمصحات، إلى غيرها من الأمكنة (قبل أن تفرض جائحة كوفيد ـ 19 مبدأ التباعد الاجتماعي، ليستعاض عن ذلك بـــ"ميتينغ زووم"، وغيرها من عروض الإنترنت المباشرة). كان الهدف "جعل الناس أكثر قربًا من الشعر والشعراء". لاحقًا، التقطت "اليونسكو" هذه الفكرة لتعلن "اليوم العالمي للشعر"، عبر احتفالات لا تشذ بجوهرها عن "ربيع الشعراء"، من حيث إدخال الشعر أكثر إلى حياة الناس اليومية. في جميع هذه التظاهرات نجد مفهومًا واحدًا يتمحور عند اللجان المنظمة: العلاقة بين القارئ والشعر.
ويضيف صاحب "لا أمل لي بهذا الصمت": هلل كثيرون لهذه النشاطات. لن نتدخل في حق أحد بأن يرى الأمور مثلما يريد. لكن يحق لنا أن نسأل: هل يجب جعل الشعر سلعة، مثله مثل غيره، وتخصيص يوم عالمي له للاحتفال به عبر الخطب الرنانة؟ هل نستطيع أن نحوّل هذه "المادة" الوجودية إلى شيء عادي أشبه بالخضروات والمأكولات، لنقيم لها الأعياد الوطنية والعالمية؟ أو حتى لنحوله إلى "مادة علاجية". بالتأكيد، يقف الشعر على مسافة بيّنة من ذلك كله. لِمَ اعتبرنا أنه بحاجة إلى هذا الدعم البشري كي "يقف على قدميه" ويستمر في الحياة؟ ومن قال أصلًا إن الجمهور غائب إلى هذا الحدّ الذي نفعل "المستحيل" للبحث عنه؟ أضف إلى ذلك أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح: هل فعلًا لا تستقيم القصيدة إن لم يكن لها هدف مسبق؟ أليس هدف الشعر يكمن في الشعر نفسه، أي أن "المتعة" تكمن في متعة القصيدة، وليس في البحث عن أي مسوغات لها؟
ليس على الشعر أن يكون موسميًا، لأنه، وقبل أي شيء آخر، نمط حياة، تمامًا مثل العبارة التي استعملها ذات يوم الشاعر الفرنسي غيوفيك، ووضعها عنوانًا لأحد كتبه: "العيش في الشعر". الشعر يُعاش قبل أي شيء آخر، أي قبل تحنيطه، وقبل تحويله إلى يوم عالمي، أشبه بأيام الحداد والتذكر، واسترجاع أوهام، علينا ألا نخلقها أصلًا.
ربما كان من الجميل أن نحتفل بالشعر، لكن إن اعتبرنا أن هذا اليوم الاحتفالي ليس يومًا تأبينيًا، عندما ينتهي تنتهي معه علاقتنا بقراءة الشعر، أو كتابته، أو سماعه... على هذا "الاحتفال" أن يكون مستمرًا طيلة حياتنا، لأن لا حياة خارج هذا "الكائن الهلامي"، "الضعيف"، أقصد ألا تتحول المناسبة إلى حفل للاعتداء عليه، لأن القصيدة لا تستطيع بالتأكيد أن تدافع عن نفسها وسط هذه الهجمة البربرية التي تحملها الجماهير معها في غزواتها الكبرى.
في أحيان كثيرة، يكون الشعر أجمل، من دون جمهور، من دون بربرية الكائن الذي يريد أن يجد حلولًا لكل مشكلاته عبر هذا الكائن الجميل. لندع الاحتفالات جانبًا، لأن الأهم أن "نعيش في الشعر".



فاطمة بن محمود (تونس):
محاولة ردّ نوع من الاعتبار

 (فاطمة بن محمود)                                                                                                                                                                                               


من جهتها تعتبر فاطمة بن محمود أنه عندما نخصّص يومًا للشعر نبدو في الظاهر وكأننا نمنح قيمة للشعر، في حين أن الحقيقة تقول إن الشعر يحتلّ المكانة الدون في حياتنا، لذلك نحاول من خلال هذا الاحتفال أن نردّ له نوعًا من الاعتبار.
تضيف بن محمود: "أرى مثل هذا الاحتفال الكرنفالي إدانة للمرحلة التي نعيشها، والتي تشهد حالة من العنف الناعم والفوضوي، وإدانة للإنسان الذي أصبح كائنًا عاجزًا لا يتحمّل مسؤولية الانهيار الفاضح للقيم الجمالية".
وتعتبر صاحبة "ما لم يقله القصيد" أن الشعر لا يملك قدرة على طرح الأسئلة الكبيرة، ولا الصغيرة، "الإنسان هو الذي يملك هذه القدرة، وهو المسؤول عن وعيه، وما اللغة سوى وعاء للتفكير، لذلك يبدو أن تحميل الشعر خاصة، والأدب عامة، هذه المسؤولية، يؤكّد أن الإنسان اليوم رهين المرحلة الحالية التي جعلته كائن عنف من جهة، وكائنًا معنّفًا من جهة أخرى، وفي الحالتين فَقَدَ الإنسان اليوم كل أبعاده القيمية وكل التزاماته الأخلاقية، وهو لذلك مضطّر الآن أكثر من أي وقت مضى لأن يتسلّح بحسّ نقدي من أجل طرح أسئلة اللحظة، ويمكن أن يوظّف الشعر ليكون في الوقت نفسه صوتًا للقيم الجمالية، وصدى للقيم الإنسانية".



عبدالدين حمروش (المغرب):
احتفال بالحياة

(عبدالدين حمروش)                                                                                                                                                                                          


يعنون عبدالدين حمروش إجابته بـ"الشعر وتَفرُّق دمه بين القبائل"، يقول فيها: "حين تمّ الإقرار باليوم العالمي للشعر كانت اليونسكو قد تأخرّت عن الالتفات إلى أحد أقدم "الفعاليات" التصاقًا بالإنسان. طلائعية "القول الشعري" لطالما تجسّدت في بناء العالم اعتمادًا على الوعي به، فهمًا وتصوّرًا وتمثيلًا. ذلك أن من بين أبرز ما ظلّ يمتلكه الإنسان، في إطار مواجهته لبرودة العالم والتباسه، ومنذ إقامته الأولى على وجه الأرض، هو: الشعر. في شكل تمثيلات استعارية، أو تسجيعات كهنوتية، أو ترديدات إيقاعية، استمر الشعر رفيقًا لهذا الإنسان من الممارسة الأكثر مجانية إلى الممارسة الأكثر قصديّة. من هنا، يبدو الاحتفال باليوم العالمي للشعر احتفالًا بـ"الحياة" العميقة في أخفى تمثيلاتها الوجودية، و"الحياة" الرمزية في أجلى أبعادها الأنثربولوجية. الكلمة الشعرية تغدو تلك الثمرة الطيبة، التي ما إن تتناولها الألسنة، حتى يسري مفعولها في الشرايين. وإن جُعِل للشعر يوم للاحتفال به، إلا أن الاحتفال الحقيقي يكون على مدار أيام السنة، في ما يبتدعه الإنسان من استعارات عفوية، ويؤلّفه من إيقاعات وترديدات نغمية، في حالات فرحه كما في حالات ترحه".
يرى حمروش أن القصيدة تشهد نكوصًا مستمرًا، إن على مستوى إبداعها، أو على مستوى تَلقّيها. ولذلك، لم يكن للمُهتمّ تفويت الانتباه إلى تلك الملاحظة المستفزّة، التي تُلخّص "أزمة" الشعر في "هيمنة" فنون السرد (الرواية تحديدًا). وإن أُضيفَ إلى ذلك استهلاك الصور (الثابتة والمتحركة)، خصوصًا بفعل شيوع وسائل التواصل الاجتماعي، تبقى القصيدة الشكل الأدبي الأكثر استعصاءً في مواجهة "شعرية الجماهير"، يبقى الشعر، في شكله الأدبي التقليدي، الأكثر نخبوية. وإن وُلدت القصيدة "مُشعّة في محيطها، فاعلة ومؤثرة في قرّائها، إلا أن المقدَّر لها، في أيامها هاته، أن تعيش غريبة".
ويؤكّد صاحب "على هامش النص ـ في محبّة الشعر وأهله" أنه ينبغي الاعتراف بأن زمن الشعراء الكبار قد أدبر فعلًا، وأن الانخراط المحموم في زمن الحداثة، في أبعادها الأشدّ مجانية، أنهكت الشعر من حيث هو "معنى" إنساني بالدرجة الأولى، مخصوص بالدرجة الثانية. ولا بدّ من التمييز بين "الشعري" باعتباره جوهرًا وفاعلية، والقصيدة باعتبارها شكلًا أدبيًا. التمييز ينصرف، هنا، إلى ديمومة "الشعري"، حتى وإن ضاقت السبل بـ"القصيدة". هكذا، يجد الشعر "ممرّات" جانبية، للنفاذ إلى باقي الفنون الأخرى، الأدبية وغير الأدبية.



أنور الموسى (شاعر فلسطيني/ لبنان):
وليد الحرية التي لا نعيش من دونها

(أنور الموسى)                                                                                                                                                                                                


من جهته، يجد أنور الموسى أن الشعر لا يحتاج إلى جواز سفر حتى نكرّمه، أو نحدّد له أيامًا، أو أعيادًا، "فهو كالهواء الذي نتنفّسه، والأزهار التي ترتاح لها أذواقنا في الربيع، وهو، أيضًا، وليد الحرية التي لا نعيش من دونها". ويقول: "كل الشعوب، منذ حقبة ما قبل الميلاد، قدّرت قيمة الشعر. وعند العرب، في الجاهلية، خُصّصت للشعر مسارح ميدانها الأسواق، حيث يعرض كل نابغة بضاعته، ولذا كانت القبيلة تقيم الاحتفالات حين يبزغ فيها شاعر، لأنها تدرك أن الأخير بمنزلة المحامي عن قيم القبيلة وأبنائها، فضلًا عن كونه وسيلة إعلامية. واستمرّ الشعر يؤدّي وظائف كبرى حتى في صدر الإسلام والعصر الأموي، حيث اصطبغ بصبغة الالتزام والمناظرة والانتماء، داخلًا بقوّة في معترك الحياة والنزاع والإقناع والمعارضة. وحتى في عصر الدول المتتابعة، بقي الشعر منحازًا للعصر، وهموم المجتمع، فكان الشعر الساخر، وشعر النقد الاجتماعي، مَثَلين ساطعين على الدور المهم الذي أدّاه الشعر آنذاك. ولا ننسى في هذا السياق بردة البوصيري، وما كان لها من هالة في المجتمع العربي، حيث أقيمت لها المجالس والاحتفالات".
ويؤكّد صاحب "علم الاجتماع الأدبي" أن الإخفاق السياسي في العالم العربي هو علّة العلل، ولذلك لا يجوز تحميل الشعر مسؤولية الهزائم والإخفاقات، ويطرح إشكالية علاقة السلطة والمتلقّي بالشاعر، معتبرًا أن روّاد الحداثة سعوا من خلال الشعر إلى التغيير والثورة على الموروث، لكن الأزمة ليست في الشعر ذاته بقدر ما هي أزمة بنيوية عربية. ويضيف: "نجح شعر الحداثة في وضع الإصبع على الجراح، ولكنه، في أحيان كثيرة، تموضع في عرش البرج العاجي، حيث آثر الغموض على الوضوح وتسمية الأمور بمسمياتها. لكن، هنالك شعراء حداثة كتبوا بالأحمر، وقسم آخر منهم كان من أنصار القصور، وهي إشكالية قديمة. لكن الأسئلة المطروحة هنا: هل تلقّف المتلقي العربي دعوات شعراء الحداثة إلى التغيير؟ وهل سمحت السلطة للشاعر بحرية التعبير؟ وهل تبوّأ الشعراء والعلماء المكانة المرموقة في مجتمعاتنا؟ ربما يكون الواقع المأساوي قد أجاب عن كل هذه التساؤلات.. واأسفاه!".



إيمان الونطدي (المغرب):
القصيدة مرآة تعكس الواقع

(إيمان الونطدي)                                                                                                                                                                                               


تعتبر إيمان الونطدي أن كتابة الشعر فعل يومي وحالة عشق بين القصيدة والشاعر، وأنه انصهار دائم، وتحرّر أبدي. وترى أن الشعر تفاعل بين الظاهر والباطن، بين الشاعر والقصيدة، وهو حق مشروع لممارسة الحق في التعبير، لأن القصيدة هي المرآة التي تعكس الواقع، بقبحه في صوره اللإنسانية، أو بجماله المتجلّي في مجازه.
تضيف صاحبة "أمهلني.. بعض العبث": "الشاعر يناضل من أجل أفكار تتبنّى عدة قضايا تصبّ في قالب قصيدة صادقة تشحن الذاكرة بخيبات وجراح أهرقت على البياض، كما تعكس الشرخ والاعوجاج السياسي والاجتماعي والثقافي. ولا ننسى دوره التوعوي. الشعر يحلّل الوضع بما يحمل من قضايا كونية، بانفتاحه على ما وراء الحدود، وتعايشه مع المكوّنات البدائل، ويسلّط الضوء على نضالات رجالات ونساء آمنوا بقضايا الأمم، بمناهضة العبودية، مدافعًا عن الحرية والإنسانية بكل تجليّاتها. الشعر قلب الحرية، والشاعر الحر نبضه".
وتختم الونطدي: "ستظلّ قصيدة الشعر عنوانًا للحرف الصادق الذي تخطّى لغة الشعارات، وكتابات الاستئناس فقط. يوم الاعتراف، أو الاحتفاء، لن يمنع الحرف من التشكّل والتشكيل خارج الـ 24 ساعة، لأنه روح القصيدة التي لن تفنى".



عبدالله السمطي (مصر):
فن الفنون المُكثّف

(عبدالله السمطي)                                                                                                                                                                                              


من جهته، يرى عبدالله السمطي أنه من الجميل أن يكون هناك يوم للشعر، "هذا الفن العبقري الرائع الذي حمل هموم الإنسان على مدار التاريخ، وعبّر عن البشرية بمختلف تحوّلاتها، واحتضن قضايا الإنسان شرقًا وغربًا. وإذا كانت الفنون الأخرى قد عبّرت بطرقها السردية والدرامية، فإن الشعر عبّر بطريقته الوجدانية والغنائية القريبة من روح الإنسان وقلبه، ونهج أسلوبًا مغايرًا لكل الفنون الكتابية، فهو فن اللحظة المعبّرة في التوّ، وهو الفن الذي يحتضن الموسيقى والقصة والخبر والتطريز والهندسة والفلسفة والحكمة والتشكيل واللغة في داخله. هو فن الفنون المكثّف الذي يختصر في جملة، أو بيت، ما تقوله روايات كاملة".
يتمنى السمطي أن يتكرّر هذا اليوم على مدار السنة، "فالشعر ليس مجرّد رواية نقرأها ونلقي بها على الرفّ، وليس مسرحية، أو فيلمًا، نشاهدهما، ونغلق التلفاز، الشعر متجدّد دائمًا بتكراره وحضوره، ولأننا في عالم تهيمن عليه النظرة الغربية تمامًا وضعت هذه الأيام العالمية، ومنها هذا اليوم الذي ربط بذكاء بين الشعر وفصل الربيع، فالشعر هو ربيع العمر والحياة، وهو الربيع الكوني الذي لا يتوقف عن نثر أزهاره وقصائده على قلوب البشرية، معبرًا عن الحب والأمل والثورة والرؤيا والحكمة".
وفي رأي السمطي، فإن الشعر مرتبط بما هو إنساني تمامًا، وهو ليس مجرد قصيدة غزل تُقال، ولكنه سؤال كوني دائم. ويضيف: "في شعرنا العربي هناك أسئلة وجودية وكونية وإنسانية منذ إدامة مطال الجوع، وتقسيم الجسم في جسوم كثيرة لدى الشنفرى، وعروة بن الورد، أو التفكير السماوي في ليل امرئ القيس، حتى قصائد الفتوحات والحروب والسفر والترحال والثورة والتصوّف والخمريات والتأمل والحكمة والغنائيات الموشحة في مختلف العصور الإسلامية، وفي عصرنا الحديث استمرّ الشعر يؤدّي دوره في تأملات شعراء المهجر، وتجريبية أدونيس، وغنائية نزار قباني، وثورة سميح القاسم، ومعين بسيسو، ومحمود درويش، والكتابة عن الأرض والتحرير، كما في الشعر العربي في العراق وسورية ولبنان ومصر، ولليوم لم يتوقف الشعر عن أسئلته وحراكه رغم تراجع الأسئلة الجماعية الكونية والعناية بالذاتي أكثر".
ويختم صاحب "السماء الجنوبية للحب": "إن القصيدة العربية اليوم تنتج إبداعات مميزة رغم انسحابها للذاتي والغنائي، ونفرح جدًا بهذا الزخم الشعري النسوي غير المسبوق، فدخول المرأة الشاعرة بهذه الكثافة الشعرية عزّز من وجود مساحات جديدة للشعر، لكنها تحتاج إلى متابعة نقدية أكثر، وأصبحت الأسئلة الذاتية أكثر حضورًا، وأعتقد أن انسحاب الشعر من القضايا العامة الوطنية والاجتماعية هو انسحاب مؤقّت لالتقاط أنفاس المخيلة الشعرية، بعدها سيعود الشعر لحضوره وتجريبه وتجدّده".



مراد علوي (تونس):
شجرة الشعر لا تموت

 (مراد علوي)                                                                                                                                                                                                     


بدوره، يرى مراد علوي أن الانتقال من فكرة "الشّعر ديوان العرب" إلى فكرة "اليوم العالمي للشّعر" هو إجحاف في حقّ الشّعر، ومكانة هذا الخطاب بالنسبة إلى الحضارة العربية التي قامت على الشعر في مراحلها الأولى، فقد كان بالنسبة إليهم "علم قوم لم يكن لهم علم أصحّ منه". ويضيف علوي: "ابتداءً من القرن الثالث للهجرة تحوّلت حياة العرب إلى حضارة فكر وعلم وبناء، تعضدها أشكال خطاب أخرى وأجناس كتابة لا تقلّ شأنًا عن الشّعر. وأمام تعدّد أشكال الخطاب وتنوّعها في العصر الحديث تغيّرت أسئلة الإنسان وأسئلة الثقافة، وتغيّرت معها أسئلة الشعر العربي ورهاناته. فنشأت حركات شعرية كثيرة وتجارب إبداعية توالدت عنها شعريّات متغايرة. وهذا التنوّع لا يعني تنافر الخطابات الشعرية العربية، أو القطيعة بين تيّاراتها، بقدر ما هو إثراء للمدوّنة، وإغناء لمدارسها وتيّاراتها، لأنها تشترك في محاورة الوجود الإنساني وإبداعه بمختلف اللغات. وفي كل مرحلة كانت تطرح أسئلة جديدة تواكب ما يعيشه الإنسان العربي، أو تسبقه، فمثلما طرح روّاد الحداثة في الشعر العربي أسئلة الوطن والاستعمار، والقصيدة والوزن والصورة والمعنى والفن والدلالة، واصل الشعراء اللاحقون مُساءلة وجودهم، فأُضيفت قضايا الذات والوطن والآخر، والإبداع والتراث، كما أُثير مفهوم الثورة فكرًا ونظامًا، حتى أصبحنا نتحدّث عن زمن الشعر". ويتابع صاحب "بيبلوغرافيا الشعر التونسي" أنه وفي سياق العولمة المعاصر طغى المنطق النفعي على الفكر الإنساني، فهُجِرَ الشعرُ وخبا ضوؤُه أمام أشكال خطاب أخرى، وصار الشاعر أقرب إلى العزلة في زمن هيمن فيه خطاب الصور المعولمة. وفي هذا "الزّمن اللّاشعري"، يعيد الشّاعر أسئلته باستمرار حول القيم الإنسانية، والكتابة والمحو، والتفكير والاستهلاك.
ويختم العلوي: "إننا دومًا في حاجة إلى الأدب، وفي اليوم العالمي للشعر نعود إلى تلك الشجرة العظيمة التي لا تموت، شجرة الشعر، متأمّلين صور وجودنا، وفي أوراقها نقرأ ألوان الإنسانية في فصولها المتعاقبة".


                                    ******


في رسالته إلى صديقه بول دميني حول مستقبل الشعر، يقول آرثر رامبو: "الشاعر مكلّف بالإنسانية، بل حتى بالحيوانات؛ عليه أن يمكّن الآخرين بابتكاراته، لمسها، سماعها، عليه أن يعثر على لسان؛ ستكون هذه اللغة من الروح إلى الروح، لغة تلخّص كل شيء، العطور والأصوات والألوان، ستكون فكرًا يشدّ إليه الفكر. سيحدّد الشاعر كمية المجهول المستيقظة في الروح الكونية في زمنه، ويهب ما هو أكثر من صياغة لفكره، ومن تدوين محض لمسيرته نحو التقدّم. سيكون المستقبل ماديًا، أنت ترى ذلك، وستكون هذه القصائد مكتوبة لتبقى". قد تكون هذه الكلمات الأكثر تنبيهًا لنا لما هو الشعر وما على الشاعر أن يكون في عالم يبتعد يومًا بعد يومًا عن ذلك الجوهر الصافي، الذي اسمه الشعر، وعن الشكل الأولي وربما الحقيقيّ لمعنى الحياة.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.