}

قنوات تيليغرام مع القارئ ضد الجميع!

عارف حمزة عارف حمزة 29 مارس 2021
هنا/الآن قنوات تيليغرام مع القارئ ضد الجميع!
(Getty)
أسس الأخوان الروسيان، نيكولاي دروف (ولد في عام 1980)، وبافل دروف (ولد في عام 1984)، تطبيق تيليغرام (أو تلغرام) في عام 2013، وكان التطبيق وقتها مخصصًا للمراسلات والمحادثات، مثل برامج واتس أب، وفايبر، وتانغو، ولكنه سرعان ما تحوّل إلى تطبيق أوسع له ميزات تفوق تلك البرامج بكثير، وربما هذا ما جعل الأخوين يسجلان التطبيق كمنظمة مستقلة تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرًا لها، رغم أنهما أطلقاه في البداية كتطبيق للمراسلة العادية. وفي تعريف التطبيق لنفسه، نجد أنه تطبيق "حر ومجاني ومفتوح المصدر جزئيًا ومتعدد المنصات، ويُركّز على ضمان الناحية الأمنية للمستخدمين". وعدد مستخدميه الآن يزيد على 500 مليون مستخدم. ويعتبر هذا التطبيق ضمن قائمة أكثر 10 تطبيقات يتم تنزيلها واستخدامها حول العالم.



تفجير المحادثة
ما يميز هذا التطبيق أنه يحتوي ميزات متقدمة على ميزات التطبيقات الأخرى، منها مثلًا ميزة التشفير العالية التي من الممكن تطبيقها على المحادثات والصور والفيديوهات والوثائق. وهذا ما يضمن الحماية الأمنية لمستخدمي التطبيق.
كما أنه خلال المحادثة مع شخص آخر يُمكن اختيار ميزة "تفجير المحادثة"، أو إتلافها خلال 20 ثانية، أو بحسب ما يختاره المستخدم. بمعنى أن هنالك شخصين يكتبان لبعضهما البعض، ويتم حذف الأسطر السابقة من المحادثة تلقائيًا إذا مرّ عليها 20 ثانية، أو الزمن الذي يختاره أحدهما، أو كلاهما. وعند انتهاء محادثتهما، والتي قد يتم خلالها تبادل الصور والوثائق العادية، أو المشفرة، لا داعي لأن يقوما بحذف كل ما كتباه وتبادلاه، فطالما اختارا ميزة الإتلاف خلال وقت محدد، فإن التطبيق سيقوم بحذف كل شيء في الوقت المحدد.



قنوات لنشر الكتب

حسابات على تيليغرام تقدم كل ما تحتاجه مجانًا، من بينها مجموعة روايات للروائية التركية إليف شفق 


يعتبر تطبيق تيليغرام جديدًا نوعًا ما في العالم العربي، وهو جديد عالميًا في كل الأحوال، ولكن تطبيقه في العالم العربي تحوّل إلى مسارات أخرى تفيد المتابعين، ولكن كذلك قد تُفقد الآخرين حقوقهم ومكاسبهم، في الوقت الذي تتضاءل إمكانية منع هذا التطاول على الحقوق، مع الحالة المزرية للقضاء العربي الناظر في "الجرائم الإلكترونية". فهنالك قنوات عربية صارت متخصصة في نشر الكتب إلكترونيًا، وهذا التخصص يذهب إلى معناه فعليًا، وهناك قنوات متخصصة في نشر الروايات والقصص، وقنوات متخصصة في نشر كتب وأبحاث التاريخ، وقنوات لأدب الأطفال، وقنوات تعطي انطباعات عن المؤلفين الكلاسيكيين والجدد ومؤلفاتهم، وقنوات كثيرة بالطبع لنشر الكتب والأبحاث الإسلامية. بل صارت هنالك قنوات لنشر أفكار مذهب إسلاميّ معين، من دون المذاهب الأخرى!
السينما والأفلام والمسلسلات لها قنواتها أيضًا. فهنالك قنوات تختص بالمواد الوثائقية، وهنالك قنوات تنشر على منصاتها أفلامًا ومسلسلات أجنبية، قديمة وحديثة، ومترجمة للغة العربية.
بالإضافة إلى ذلك، توجد قنوات متخصصة في كل شيء تقريبًا؛ مثل قنوات لتعليم اللغات الأجنبية، وقنوات خاصة بالطبخ والأبراج والفلسفة والأزياء والتجميل وتربية الأطفال والتخلص من الوزن الزائد أو الأرق أو الكآبة...

بالطبع، فإن نسبة عالية من الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية العالمية لديها قنواتها على تيليغرام، وتكون بذلك متاحة لجمهورها الذي يتابعها على مختلف وسائل التواصل. ولكن هذه المتابعة تكون مقيدة في كثير من الأحيان؛ فلا يُمكن لمستخدم تطبيق تيليغرام أن يستغني عن متابعة الوسيلة الإعلامية؛ لأن أصحاب الوسيلة الإعلامية تلك لا يُمكن أن تضع كل موادها في قناتها ومنصاتها على هذا التطبيق، بل مجرد ملخصات تثير القارئ للحصول على الوسيلة الإعلامية ورقيًا، أو أن يتابع قناتها التلفزيونية الحقيقية. خاصة أن الإعلانات، التي تتربح منها أية وسيلة إعلامية، لا يُمكن نشرها على هذا التطبيق.



عالم مختلف
أما العالم العربي، فهو مختلف عن ذلك. حتى أننا صرنا نجد أحدهم يعرض قناته للبيع بمبلغ 100 دولار، رغم أنه اشترك في التطبيق مجانًا، ولكنّه ينظر إلى الأمر كأنه يبيع "محلًا افتراضيًا" مع زبائنه (مشتركيه) للشاري المستقبلي.
أما إذا نظرنا إلى قنوات الكتب والأبحاث والدراسات، وهي مبحثنا هنا، فسنجد أنها تنشر نسخًا إلكترونية من كتاب ما دون الرجوع إلى المؤلف والناشر. وكذلك تضع روابط لمن يريد أن يشتري رسالة ماجستير، أو دكتوراة، أو أن يدفع مبلغًا لقاء تلقيه المساعدة في كتابة مبحثه، أو رسالته العلميّة.
تلك الكتب ليست كتبًا قديمة الصدور دائمًا، فمنها ما هو حديث الصدور. ولا يغيب عن البال، مثلًا، أن رواية "لوكاندة بير الوطاويط" للمصري أحمد مراد، التي حققت أرقامًا كبيرة في المبيعات، قد نشرت قنوات عربية على تيليغرام نسختها الإلكترونية مجانًا للجمهور، بعد صدورها ورقيًا بأيام قليلة عن دار الشروق المصرية.

هنالك روائي آخر وجد روايته التي صدرت قبل عام منشورة إلكترونيًا في قناة على تيليغرام. فأرسل لهم خطابًا يطلب منهم حذف النسخة الإلكترونية تلك، وإلا فإنه سيلاحق القناة قضائيًا إذا لم يقوموا بذلك، كما كتب كذلك لإدارة تيليغرام عن هذا الأمر. وبدل أن يتم حذف روايته من تلك القناة، سرعان ما وجد روايته منشورة على قنوات أخرى! إذ عادة القنوات العربية أنها تأخذ من بعضها البعض، وتروّج لبعضها البعض، لذلك ما عاد يعرف ذلك الكاتب لمن يكتب، وبقيت روايته هناك من دون احترام لرغبته ولحقوقه هو كمؤلف.
ما يثير السخرية أن الكتب الورقية تنشر في الصفحات الأولى لأي كتاب يصدر عنها تحذيرًا قانونيًا تقول فيه: "لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأي وسيلة من الوسائل ـ سواء التصويرية أو الإلكترونية أو الميكانيكية، بما في ذلك النسخ الفتوغرافي والتسجيل على أشرطة أو سواها وحفظ المعلومات أو استرجاعها ـ من دون الحصول على إذن خطي مسبق من الناشر". وعند تنزيل النسخة الإلكترونية PDF ، من أية قناة على تيليغرام، نجد أنها ما زالت تحتوي على هذا التحذير من الناشر!!



حقوق القارئ
هذا النشر الإلكتروني يطيح بحقوق المؤلفين والناشرين في العالم العربي، خاصة إذا عرفنا بسوء العلاقة المادية أصلًا بين المؤلفين وكثير من الناشرين في العالم العربي. فالمؤلف عادة ما يشتكي من أن دار النشر تبخس عليه حقوقه من قيمة مبيعات كتبه، وبأن دور النشر الأخرى تأخذ من المؤلفين مبلغًا ماليًا كبيرًا من أجل نشر كتابه، أو روايته، أو مجموعته الشعرية، وتعطيه بدلًا عن ذلك نسخًا من كتابه عليه أن يبيعها بنفسه، وكأن دار النشر تلك هي "مطبعة" لطباعة نسخ بقيمة المبلغ الذي دفعه الكاتب، وليست دار نشر.

من جهتنا، كان علينا سؤال بعض المسؤولين عن تلك القنوات العربية، عن مخالفتهم لقانون حماية الملكية الفكرية للمؤلفين والناشرين. بعض المسؤولين تبين لنا أنهم أناس عاديون لا يهمهم مخافة القانون، بل فقط تشغيل قناتهم، وزيادة أعداد مشتركيها، ونشر تلك الروايات والأعمال "الاستهلاكية" التي تهتم بها شريحة واسعة من القراء.
ولكن بعض المسؤلين الآخرين كانوا خريجي جامعات، ومنهم كذلك الكاتب والناشر والحقوقي!! واتفق هؤلاء بأن "القارئ بالنسبة لي يأتي بالدرجة الأولى". ومنهم من قال بأنه يقدم "خدمة كبيرة للمؤلف ودار النشر عندما ننشر نسخة إلكترونية من رواية ما. هناك قراء لا يفضلون النسخ الإلكترونية. ولكن عندما يقرأون تلخيصًا، أو تقديمًا، لرواية، أو كتاب، على قناتنا، سرعان ما يقومون بالبحث عن النسخة الورقية من تلك الرواية، أو ذلك الكتاب، ويشترونها". خاصة مع وجود ميزة "التعليقات من مشتركي القناة" على ذلك الكتاب المنشور.
بعضهم يرى أن "حرمان القارئ من القراءة هو جريمة أيضًا". ويبررون ذلك بأن ما تصدره دور النشر المغاربية لا يصل إلى القارئ العربي في المشرق، والعكس صحيح بالنسبة بالنسبة لإصدارات دور النشر في المشرق العربي. وإن "وصلت نسخ منها فإنها تكون غالية الثمن، ولا تناسب وضع القراء من الطلاب والجامعيين، والذين بلا عمل". لذلك يجدون بأنهم "يقدمون نسخًا مجانية للقارئ من أجل زيادة ثقافته، أو لتساعده في بحثه الدراسي، رغم أن عملنا هذا قد يُعرضنا للملاحقة القانونية".



قرّاء الـPDF
كان علينا استمزاج آراء مديري بعض القنوات تلك، وقد يجد أحدنا أن لديهم الحق في ما يقولون، أو يفعلون، رغم أن ذلك يضرّ "بحقوق الغير".
في أوروبا، هنالك مكتبات قليلة تبيع الكتب العربية، وكذلك يقام القليل من المعارض للكتب العربية. وتصل إليها كثير من الروايات والكتب في طبعات مسروقة عن الطبعة الأصلية. أي أنها نسخ "مطابع" تنسخ هذا الكتاب وتبيعه بعملته الأوروبية، وليست نسخًا أصلية من دور النشر، أي أنها، أيضًا، جريمة بحق المؤلف، ودور النشر.
هنالك كثير من القرّاء والكتاب العرب المقيمين في أوروبا، وربما ينطبق ذلك على من يقيم في البلاد العربية، الذين اشتركوا في كثير من قنوات الكتب على تطبيق تيليغرام، ويقومون بالبحث عن الكتب التي يرغبون بقراءتها وتنزيلها لقراءة نسخ الكترونية منها. هنالك من اعتاد على قراءة النسخة الإلكترونية، خاصة أن أجهزة المحمول، أو التابليت، أو اللابتوب، تساعد في القراءة وحفظ مكان الصفحة التي وصلوا إليها. "أنا أقرأ من موبايل في حافلات النقل، أو جالسًا في انتظارها من موبايلي". بل يضيف أحدهم "أقرأ من موبايلي في الحمام، وكذلك وأنا مستلق في سريري. لا أحتاج لإضاءة خلال ذلك، فلا أزعج شريكي، أو شريكتي، خلال نومه".
هذا الكلام ليس انتقاصًا من النسخ الورقية للكتاب. وليس دفاعًا عن النسخ الإلكترونية، أو القرصنة. بل هذه الميزات موجودة حتى في الدول التي تحترم حقوق الملكية للمؤلف والناشر، ولكنها تبيع النسخة الإلكترونية بسعر الكتاب الورقي نفسه تقريبًا. بل إن هناك أجهزة خاصة للقراءة الإلكترونية تحافظ على صحة العين والدماغ للقارئ.
"ربما قريبًا نجد حلًا لذلك في الدول العربية"، قد يقول أحد المتفائلين. بينما يجد كثيرون بأن العالم العربي سيبقى عالمًا مستهلكًا، وبلا ضوابط قانونية، أو حماية للحقوق والحريات. خلال ذلك الوقت في البحث عن حل يكون في خدمة القارئ والمؤلف والناشر، وليس في خدمة أحدهم على حساب الآخر أو الآخرين، ستتابع أجهزة المحمول زيادة السعة الخاصة بالتخزين، متجاوزة الألف غيغا بايت، وسيتابع القراء التفكير في إمكانية امتلاكهم لمكتبة إلكترونية تضم ملايين الكتب.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.