}

يوسف نبيل: «يوميات تولستوي» توضح تطور شخصية أدبية استثنائية

أوس يعقوب 8 أكتوبر 2020
حوارات يوسف نبيل: «يوميات تولستوي» توضح تطور شخصية أدبية استثنائية
نبيل: اليوميات وقفت على تطور تولستوي الفكري والروحي والشخصي
صدر حديثًا، الجزء السادس من «يوميات تولستوي»، عن دار "آفاق للنشر" القاهرية، ضمن مشروع ضخم مكوّن من ستة أجزاء، بترجمة أنجزها المترجم والروائي المصري يوسف نبيل، الذي قدّم للقارئ العربي عدّة أعمال مترجمة لصاحب «الحرب والسلام»، من بينها روايته «السند المزيف»، وثلاثة كتب فكرية: «طريق الحياة.. رسائل في الروح والموت والحياة»، و«في الدين والعقل والفلسفة» و«في العلم والأخلاق والسياسة».
نبيل تحدث في هذا اللقاء عن تجربته في ترجمة هذه اليوميات، قائلًا: كانت تجربة شديدة الخصوصية. فالأمر الأول المميز فيها هو طول الوقت الذي قضيته مع شخصية بعينها. ربما لم أقض في حياتي مثل هذا الوقت في معية شخصية واحدة. الأمر أصبح بمثابة جلسة اعتراف طويلة بدأها تولستوي في التاسعة عشرة من عمره وأنهاها قبل وفاته بأيام. سبق قرار ترجمة اليوميات تفكير طويل من طرفي ومن طرف "دار آفاق". كلانا تهيب التجربة لأسباب مختلفة ومشتركة على السواء. أنظر لنفسي بوصفي مترجمًا مبتدئًا، من حيث قصر مدة عملي بالترجمة، ومن حيث إمكاناتي. لكني أدرك تميزي بالمثابرة، وكانت اليوميات بمثابة اختبار لهذه المثابرة. يمكن أن تكون ترجمة هذه المادة أسرع وأفضل لمترجمين كبار أفضل مني، ورغم توفر هؤلاء المترجمين الأكفاء الذين يفوقونني في معرفة اللغة الروسية لم يُترجم هذا المشروع من قبل. لذا قلت إنّ عليّ القيام به مع كل هذا الاهتمام من طرفي بشخصية تولستوي وأفكاره.

 


مراقبة تطور شخصية إنسانية استثنائية
صدور الجزء الخامس من اليوميات تزامن مع الذكرى 192 لمولد الأديب الروسي الأشهر الكونت ليف نيكولايفيتش تولستوي (1828 - 1910)، الذي ولد في التاسع من شهر أيلول/ سبتمبر 1828، وهذه هي المرة الأولى التي تتم فيها ترجمة اليوميات كاملة إلى اللغة العربية، كما أنه لم يترجم منها إلى الإنكليزية سوى جزأين، بحسب يوسف نبيل، الذي يشير إلى أنّ اليوميات توفر مادة هائلة الوفرة لحياة شخصية عظيمة، فقد بدأ تولستوي تدوين يومياته في عام 1847 وأنهاها يوم 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 1910، أي قبل وفاته بأيام قليلة؛ ما يسمح للقراء بتكوين صورة شديدة الدقة عن شخصيته وأفكاره الدينية والفلسفية وأدبه وعلاقاته الأسرية وعلاقاته بأصدقائه.
يضيف نبيل: وقفت في ترجمة اليوميات على تطور تولستوي الفكري والروحي والشخصي. طول الفترة الزمنية التي ضمتها اليوميات أكسبني خبرة ثمينة جدًا من جراء مراقبة تطور شخصية إنسانية استثنائية. يمكنني الآن قراءة أعماله الأدبية بفهم كامل لتفاصيل ودقائق مشاعر وأفكار أبطالها، لأنّ خريطة مؤلفها أصبحت مفتوحة. فهمت كذلك جوهر فكر تولستوي الديني، وفهمت طبيعة تناقضاته الشخصية والعلاقة بين أفكاره وحياته التي تدور حولها مغالطات لا حصر لها لكل من لم يقرأ اليوميات. من الأمور المهمة جدًا أنني فهمت أنّ التحوّلات التي يظن الكثيرون أنها حدثت في شخصيته بطريقة فجائية، حدثت في واقع الأمر بتدرج شديد جدًا.
تبدأ اليوميات بوجوده داخل مشفى يُعالج فيه من مرض جنسي، وتنتهي بصلاة وتأمل في الحياة والوعي والله. بين هذين الطرفين تفاصيل طويلة تؤكد لنا أنّ جوهر هذه الشخصية واحد، وتشرح لنا تشكّلات الروح الإنسانية بصدق شديد. والأمر يحتاج إلى صبر في القراءة لاكتشاف هذا الكنز الإنساني.
نبيل أشار في حديثه معنا إلى أنه اشتغل نحو 17 شهرًا تقريبًا على إتمام مشروع ترجمة الأجزاء الستة من اليوميات، التي صدرت في غضون 15 شهرًا. وبسؤاله عن دوافعه لترجمة اليوميات؟ أجابنا: بدأ الأمر بفكرة ترجمة أعمال تولستوي الفكرية التي يجهلها القارئ العربي تمامًا. ترجمت مجموعة من المقالات والخطابات في كتابين، وترجمت له كتابًا ضخمًا بعنوان: «طريق الحياة.. رسائل في الروح والموت والحياة». شعرت أنّ بقية الإنتاج سيكون مشابهًا إلى حد ما لما ترجمته، وتركزت أبصاري على اليوميات. كتب تولستوي يومياته بطريقة تجعلها بالغة الأهمية من حيث العفوية والصدق المذهلين، حتى أنها أصبحت بمثابة جلسات اعتراف وجلد ذات مزمنة. بالإضافة إلى ذلك تحوي اليوميات تفاصيل قراءاته وعاداته اليومية والأحداث الخارجية وخطاباته ومقالاته وأفكاره... سجل كامل يتضمن كل ما يتعلق بهذه الشخصية الاستثنائية بكمية هائلة.

  غلاف الجزء السادس من اليوميات 

















وعن أبرز العقبات والصعوبات التي واجهته أثناء الترجمة؟ يقول: العقبة الأولى التي واجهتني هي طول المدة المطلوبة لترجمة هذه المواد. خفت من تعطل المشروع بسبب أيّ ظرف خارجي أو مرض أو ما شابه. العقبة الثانية تتعلق بلغة تولستوي التي تعتمد على جمل شديدة الطول. فالجملة المكونة مثلًا من خمسين أو ستين كلمة هي جملة عادية ومتكررة عند تولستوي، وفي أحيان كثيرة قد يصل عدد كلمات الجملة إلى الضعف. واجهتني كذلك إشكاليات لغوية تتعلق بإيقاع العمل حيث يكتب تولستوي بلغة شديدة الاختصار في بعض المواضع، مما تطلب مني إيجاد صياغة أوازن بها بين نقل إيقاعه اللغوي وبين إيجاد لغة عربية مناسبة. واجهت كذلك صعوبة بالغة في البحث المستمر عن سياق الأحداث حيث تتعلق اليوميات بكمية هائلة من الأماكن والشخصيات والأحداث التي على المترجم أن يعرفها ليتمكن من الترجمة، وكانت هذه العقبة هي الأصعب على الإطلاق، لأنها تعني ببساطة أنّ مقابل كل عدّة سطور في النص الروسي لليوميات، عليّ أن أقرأ نفس العدد تقريبًا في الحواشي الروسية التي قام بها محررون كثيرون لفهم ما يقصده تحديدًا، ثم التفكير في كيفية عرض ذلك بأقصر وأنسب صورة ممكنة.
وضع المترجم الشاب - كما يذكر- نحو 2574 حاشية تقريبًا على مدار الأجزاء الستة. ما دعانا لسؤاله إلى أيّ حد تدخل في تفاصيل العمل المترجم؟ وهل ترجم اليوميات حرفيًا أم أنه حذف وأضاف؟ فأجابنا: ينحصر تدخلي في العمل في وضع الحواشي وحسب. لم تكن هذه الحواشي استعراضية أو أمرًا يمكن التخلي عنه، لكن في غيابها يستحيل فهم العمل. يكتب تولستوي عن سياقات معينة لا يعرفها القارئ. إن كتب مثلًا أنه تشاجر مع زوجته بشأن الوصية، على القارئ أن يعرف أيّ وصية يقصد. إن كتب أنه ذهب إلى المحكمة، على القارئ أن يعرف سبب ذلك، وثمّة أمور أشدّ تعقيدًا من ذلك بكثير، لذا تطلب الأمر بحثا مني وترجمة لأجزاء طويلة من الحواشي الروسية الموجودة في طبعات روسية تناولت هذه المسائل.
أما بخصوص الحذف، فلم يتجاوز الأمر 1% من المادة الأصلية، وأغلبها في الجزء الأول وأشرت لذلك في مقدّمتي وأحيانًا كنت أشير عند الموضع المحذوف. تعلق الحذف بتفاصيل خطط للعب الورق مثلًا في شبابه، أو بمادة كررها دون أن يدري: يكتب يوميات نفس اليوم مرتين مثلًا سهوًا، أو بجزء يكتبه من قصة في دفتر اليوميات، والقصة مترجمة إلى العربية بالفعل. كل ذلك كان في مساحة محدودة للغاية.

لشخصية تولستوي وأفكاره حضورهما الدائم في أعمال أدبية أخرى بشكل صريح، بحيث يمكننا أن نقرأ عن شخصيته وأفكاره في أعمال دوستويفسكي ونيكولاي ليسكوف وليونيد
أندريف وفلاديمير كورولينكو وأنطون تشيخوف





تولستوي الذي لا يعرفه الكثيرون
تكشف اليوميات الكثير من المفاجآت حول صاحب «آنَا كارنينا»، مثل تعرّضه للفقر ومعاناته في البحث عن وظيفة رغم انحداره من طبقة النبلاء الإقطاعيين، وإصابته بمرض تناسلي، وكذلك اضطراباته النفسية الحادة وشكوكه الوجودية.
مما جاء في مقدّمة المترجم أيضًا، أنه "عندما يكتب أديب أو مفكر مذكرات أو سيرته الذاتية، فهو يتأمل ويفكر ويختار مناطق بعينها ليعرضها للقارئ ويحذف أخرى، ويخرج المنتج العام في صورة قصة متماسكة موجهة بحسب رؤية الكاتب في وقت الكتابة، لكن اليوميات تختلف عن ذلك فهي تدوين لأحداث وأفكار وهواجس اليوم، سواء كانت هامة أم غير ذلك، إنها بمثابة كاميرا ترصد ما يحدث على المستوى الخارجي والداخلي دون تمييز، وإن كان المنتج قد يبدو فوضويًا، أو يتسم بالإسهاب أو بذكر تفاصيل غير مهمة، لكنه في الوقت ذاته يكون بمثابة مجهر حقيقي على ما يحدث داخل تكوين هذه الشخصية".
يتناول الجزء الأول من اليوميات الفترة من عام 1847 وحتى عام 1857، وفيه يتعرف القارئ على تولستوي الذي لا يعرفه الكثيرون. حيث ترصد هذه الفترة توليه أمور ضيعته التي ورثها في ياسنايا بوليانا وحياته العابثة، ثم التحاقه بالجيش ومحاولاته لنيل وظيفة بالدولة دون جدوى، وولعه بالموسيقى والقمار، وسفره للقوقاز وانبهاره بالطبيعة هناك، وكتابة الأعمال المبكرة: «الطفولة والصبا والشباب» و«صباح صاحب الضيعة»، وغيرهما، حتى خروجه من الجيش وتنقله بين ياسنايا وغيرها من الأماكن.
ويتناول الجزء الثاني من اليوميات الفترة من 1858 - 1889، وفي هذه الفترة ترصد اليوميات بحثه عن زوجة، وتفاصيل زواجه من صوفيا والمشاكل التي تفجرت بينهما، وكتابته لبعض أهم أعماله مثل «سوناتا كرويتزر» و«ما الفن؟» وغيرهما، كما أنها تعرض لبدء توثق علاقته بتشيرتكوف الذي سيتولى تنظيم بعض أعماله الأدبية.
في هذه الفترة أيضًا كتب تولستوي رائعته الشهيرة ملحمة «الحرب والسلام» التي يصنفها الكثيرون بأنها أفضل عمل أدبي في التاريخ. ويخبرنا مترجم اليوميات أنّ هذه الرواية نُشِرت بين عامي 1865 – 1869، وأنّ الجزء الثاني من اليوميات يشمل الفترة التي عمل فيها تولستوي على «الحرب والسلام» بالإضافة إلى الفترة التي نُشِر العمل فيها مسلسلًا، مبينًا أنّ كتابة اليوميات تناسبت بشكل عكسي مع انشغال تولستوي الأدبي، لذا نراه في الفترة التي كتب فيها أعماله الضخمة والرئيسة لا يُقبل على كتابة اليوميات بكثافة شديدة من فرط انشغاله، وهذا ما يفسر طول الفترة الزمنية التي يشملها الجزء الثاني من اليوميات، بعكس الجزء الأخير مثلًا.
«الحرب والسلام» عمل أدبي عملاق، عصي على التصنيف.



لا يمكننا تسميته ببساطة بأنه مجرد رواية، فالقارئ سيجد نفسه أمام صفحات طويلة تتحدث عن فلسفة التاريخ وصفحات طويلة تتأمل قضايا فلسفية معقدة، بالإضافة إلى الحبكة الروائية العملاقة التي ضمت عددًا هائلًا من الشخصيات، والصفحات الطويلة التي ترصد معارك تاريخية بتفصيلاتها.
ويضيف نبيل: يرسم تولستوي كافة تفاصيل هذه اللوحة العملاقة بحساسية فائقة، متتبعًا التطور النفسي لشخوص العمل بدقة. ومن المعروف أنّ تولستوي لا يرصد لنا النتيجة النهائية التي تشكلت عليها شخصية البطل، بل يرصدها إبان عملية التشكل نفسه، وبالتالي نجاور أبطال «الحرب والسلام» في أمانيهم وترددهم وتخوفاتهم وآمالهم. يعد تولستوي كذلك في هذا العمل من أوائل من رصدوا تاريخًا مضادًا؛ بمعنى أنه أدرك أنّ حكاية التاريخ التي تهتم بسرد حكايات الزعماء والقادة السياسيين كمحركين رئيسيين لعجلة التاريخ هي حكايات زائفة، ومن ثم ناقش في العمل أكثر من مرة كيف كان الجندي البسيط هو المحرك الرئيس لعجلة التاريخ العملاقة، وكيف يمكن التوفيق بين النظرة إلى التاريخ بمفهوم حتمي وبين حرة إرادة شخوص العمل.
ويتناول الجزء الثالث الفترة من 1890 وحتى 1895، وفيه نقرأ عن أحداث المجاعة التي حصلت في بعض أجزاء روسيا في 1891 – 1892، وتفاصيل تكريس تولستوي لمعظم وقته في هذه الفترة لنجدة المتضررين من المجاعة بمساعدة جدية من زوجته وأسرته، وتزداد علاقة تولستوي بتشيرتكوف قوة في هذه الفترة، الأمر الذي يؤثر بالسلب على علاقته بزوجته، التي ترى أنّ تشيرتكوف يدفعه صوب مزيد من التطرف في وجهات نظره الدينية ويؤثر بالسلب على علاقته بأسرته. وينشغل تولستوي في هذه الفترة بكتابة نوفيلا «سوناتا كرويتزر»، ومسرحية «ثمار التنوير». نُشِرت النوفيلا في عام 1889، لكن في الأعوام اللاحقة تثار الكثير من التساؤلات وتنهمر الخطابات على تولستوي بشأنها فيكتب تعقيبًا عليها. تُعرض المسرحية للمرة الأولى في عام 1890. وفي عام 1893 تكتمل النسخة الأولى من عمل تولستوي الخالد «ملكوت الله بداخلكم»، وهو كتاب عن فلسفته في عدم مقاومة الشر بالعنف؛ وهو الكتاب الذي سيكون له أبلغ الأثر على المهاتما غاندي وتكوين حركته السياسية السلمية. يكتب كذلك تولستوي في هذه الفترة مقالاته الشهيرة «لماذا يُخدِّر البشر أنفسهم؟»، و«الدرجة الأولى» و«المسيحية والوطنية»، إضافة إلى مقدّمة لبعض قصص موباسان المترجمة إلى الروسية.

حينما بدأت عملي كمترجم بدأت أقلِّب في تراثه بحثًا عن أعمال لم تترجم، فاكتشفت أنّ أغلب أعماله الفكرية لم تترجم، وحينها بدأت رحلتي التي أوصلتني إلى اليوميات





ويغطي الجزء الرابع الفترة من 1896 وحتى 1903، وفي هذا الجزء نتعرف على جهود تولستوي في دعم طائفة «الدخوبوريين»، وهي طائفة مسيحية اعتنقت أفكار المسيح الأخلاقية ورفضت انضمام أبنائها للجيش، كما امتنعت عن كل ما نهى عنه المسيح مما عرضها لاضطهاد شديد من قِبل السلطة وتم ترحيلها إلى كندا. في هذه الفترة كتب تولستوي كذلك أعمالًا شديدة الأهمية مثل: «البعث - الأب سيرجيه»، وازداد الصراع بينه وبين زوجته خاصة بسبب غيرته من علاقتها بأحد الموسيقيين. يتناول هذا الجزء أيضًا جهوده التي بذلها من أجل إنقاذ الفلاحين الجوعى في مقاطعة تولا.
أما الجزء الخامس فيضم الفترة التي كتب فيها بعض مقالاته عن ثورة 1905 التي قمعها النظام القيصري بعنف، وتأملاته عن الشعب والثوار والسلطة. في تلك الفترة كتب تولستوي مقالته الشهيرة التي هجا فيها شكسبير وقلل من أهميته، كما واصل تأملاته الفكرية والفلسفية عن معنى الحياة والموت والزمان والمكان، وهو يسرد كذلك ملابسات تأليفه بعض أعماله الأدبية، ومن أهمها رواية «السند المزيف» وأفكاره حول الحرب اليابانية الروسية، فضلًا عن الكتب التي يقرأها والزوار الدائمين الذين يستقبلهم بضيعته، والمشاكل الحادة مع زوجته صوفيا وأبنائه الذكور.
ويتناول الجزء السادس الأعوام الثلاثة الأخيرة في حياة تولستوي ويتضمن صراعه المرير مع صوفيا زوجته، حول إصدار وصية جديدة تعين المسؤول عن حقوق أعماله وطباعتها. يرصد هذا الجزء تطور صراعهما والأعراض المرضية الحادة التي ظهرت في شخصية صوفيا، الأمر الذي ينتهي بهروب تولستوي وموته في الطريق، كما يواصل تولستوي تأملاته الفكرية والفلسفية وصلواته وعرض قراءاته ومواصلة العمل على آخر أعماله.

 

أثر الكاتب وصدى الأفكار

تكشف اليوميات الكثير من المفاجآت حول صاحب «آنَا كارنينا»، مثل تعرّضه للفقر ومعاناته في البحث عن وظيفة رغم انحداره من طبقة النبلاء الإقطاعيين، وإصابته
بمرض تناسلي، وكذلك اضطراباته النفسية الحادة وشكوكه الوجودية



يقول يوسف نبيل إنّ لشخصية تولستوي وأفكاره حضورهما الدائم في أعمال أدبية أخرى بشكل صريح، بحيث يمكننا أن نقرأ عن شخصيته وأفكاره في أعمال دوستويفسكي ونيكولاي ليسكوف وليونيد أندريف وفلاديمير كورولينكو وأنطون تشيخوف، مبينًا أنه في النصف الثاني من حياة تولستوي دعا إلى أفكار بعينها عن المقاومة السلمية والعصيان المدني والدعوة لتأسيس ملكوت الله على الأرض... إلخ. وكان لهذه الأفكار صدى قوي جدًا سواء بالقبول أو الرفض أو حتى السخرية. وإن بحثنا عن اسم تولستوي سنجده مذكور صراحة في أعمال أغلب الكتّاب الذين عاصروا الفترة المتأخرة في حياته وحتى بعد وفاته، لأنّ هذه الأفكار أثارت حراكًا واسعًا وتكونت إثرها طوائف وجماعات كثيرة في روسيا ودول كثيرة.
واشتغل ضيفنا قبل ترجمة الأجزاء الستة لليوميات على أربعة كتب أخرى لصاحب «البعث»، فما هي الأسباب التي دعته إلى الاهتمام بإرثه الإبداعي؟ يأتينا الجواب على لسانه قائلًا: في المرحلة الثانوية قرأت كتابًا عن حياة تولستوي من تأليف محمود الخفيف، ومنذ تلك اللحظة ارتبطت بشدّة بهذه الشخصية. أعجبت بطريقته الراديكالية في معالجة كثير من القضايا، وبصراحته المفرطة مع ذاته، وبقوة شخصيته. بمرور الوقت ازدادت علاقتي به قربًا والتصاقًا بعد أن قرأت أعماله الإبداعية التي هزتني بشدّة. حينما بدأت عملي كمترجم بدأت أقلِّب في تراثه بحثًا عن أعمال لم تترجم، فاكتشفت أنّ أغلب أعماله الفكرية لم تترجم، وحينها بدأت رحلتي التي أوصلتني إلى اليوميات.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.