}

جورج خبّاز: هاجسي الدائم محو النظرة التنميطية إلى المختلف

دارين حوماني دارين حوماني 20 أغسطس 2020
حوارات جورج خبّاز: هاجسي الدائم محو النظرة التنميطية إلى المختلف
جورج خبّاز: لا يمكن تصور العالم بلا مسرح

يردم جورج خباز المسافة بين الجمهور والمسرح، بين الجمهور والجمهور نفسه، وبين الجمهور والوطن الذي تحوّل إلى مجموعة خرائط ممزّقة.. في كل عمل مسرحي له منذ عشرين عامًا يحمل خبّاز ملابس التقطها عن الطرقات ويعلّقها لنا على مسرحه لنرى أنفسنا ولبناننا وعالمنا العربي على حقيقته.. إنه هناك يبحث في أماكن أمسكت بها الحروب والنيران من رؤوسها، يريد أن يجمعنا، يوبّخنا على طريقته، يُضحكنا ويُبكينا في الآن نفسه على أحوالنا لنخرج بفكرة موحّدة عن الوطن والمواطنة والسلام، عني وعنك وعن الآخرين..
بدأ جورج خباز عمله المسرحي في عام 1996، وقدّم ستة عشر عملًا مسرحيًا حتى الآن تحمل كل مسرحية ثيمة غير مستوردة ولا متصنّعة، هي قضية إنسانية بحدّ ذاتها. يعالج قضايا لبنان والوطن العربي مستخدمًا الكوميديا السوداء هادفًا إلى نبذ الطائفية والتحزّب الأعمى والتبعية، وإلى محبة الآخر المختلف. باختصار يريد خبّاز البحث عن الإنسان الحقيقي فينا لنبني وطنًا. في كل مسرحية من مسرحّياته يحزن شبيه تشارلي شابلن مرة أخرى، فيغنّي في مسرحية "هللأ وقتا" (2007): "قولك رح تاخدنا الريح/ ما بيكفّي للي راحوا/ سبق وشربنا الكاس وبكينا عل المقابر/ ما اشتقنا ع خطوط التّماس/ ولا اشتقنا عالمعابر/ حاج يضحكوا عل الناس/ للي بيحكوا عل المنابر".  وفي مسرحية "مش مختلفين" (2013): "ما نقّيت اسمي شو/ ما نقّيت شكلي كيف/ عادي ناصح والله ضعيف/ ما نقّيت أهلي مين/ ولا المذهب ولا الدين/ ما نقّينا نحنا مين/ ع شو دخلك مختلفين". ويحرّف في مسرحية "ناطرينو" (2014) النشيد الوطني اللبناني: "كلنا للوطن كلنا للعلم" فيغنّي: "كلنا عل الوطن كل واحد عندو علم/ كيف إلكن عين بهل الزمن/ تعيّشوا الناس بالألم".
لم يكتفِ خبّاز بالمسرح بل كتب للتلفزيون فأبدع كتابةً في عدد من المسلسلات أبرزها مسلسل "عبدو وعبدو"، كما كتب وأخرج للسينما، ومن أبرز مشاركاته وأعماله "تحت القصف" (2007)، و"وينن" (2013)، و"غدي" (2014)، وحصدت هذه الأفلام جوائز عربية وعالمية.
عن آخر مسرحيّاته "يوميات مسرحجي" التي توقّف عرضها بسبب جائحة كورونا وعن تجربته على مدى خمسة وعشرين عامًا التقيناه وأجرينا معه هذا الحوار، وكان من الطبيعي أن يبدأ بسؤال عن انفجار مرفأ بيروت: 





قدر بيروت..
(*) بعد الكوارث المتلاحقة التي تعرّضت لها بيروت منذ عام 1975 وآخرها انفجار المرفأ، ما الذي خسرته المدينة، وهل يمكن إعادة ترميم الثقافة فيها؟
- تشوّهت بيروت وخسرت الكثير، خسرت أبناءها ومبانيها، وخسرت من كرامتها في مكان ما. ربما إذا نظرنا إلى تاريخها سنجد أن قدر بيروت أن تُصاب دائمًا ثم تقوم وتبني نفسها من جديد. الانفجار أصاب الحياة الاجتماعية والثقافية، وعلينا أن نحارب كما في كل مرة من أجل الحفاظ على هويتها الثقافية.


(*) خمسة وعشرون عامًا في المسرح والسينما والتلفزيون، لماذا اخترت منذ البداية عالم الكوميديا الساخرة؟
- الكوميديا هي الأقرب إلى قلوب الناس وعقولهم، الكوميديا تصل إلى القلب والفكر بنفس الوقت ونحن بحاجة للفرح، لكن الكوميديا التي أقدّمها ليست للضحك المجاني، هي كوميديا سوداء تعتمد على قاعدة درامية لكن المقاربة كوميدية، هي مضحكة مبكية ويمكن القول إنها تعالج عبثية الأمور المعيشية التي نعيشها في عالمنا العربي.


(*) بدأت بعرض مسرحية "يوميات مسرحجي" وتوقّف العرض بسبب جائحة كورونا، وتنوي استكمال عرضها في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. هل تخاف على المسارح بسبب كورونا الذي يبدو أنه آخذ في التطور وليس في التراجع؟ وبعيدًا عن كورونا، يعاني لبنان من أزمات متعدّدة تضاعفت هذا العام حتى بات اللبناني يستحضر المجاعة التي حدثت في أكثر من بلد عربي، ألا يشكّل إعادة العرض تحدّيًا آخر لك ولرفاقك في العمل؟
- بخصوص كورونا أتمنى العكس لكن يبدو أن هذا ما سيحصل، المسارح وصالات السينما وكل الأماكن التي فيها اكتظاظ بشري ستتأثر، حاليًا نحن نرسم خريطة طريق جديدة لإعادة إنعاش المسرح ولو عبر تخفيض النسبة المئوية للحضور فيكون هناك تباعد بين كراسي المسرح. بالنسبة للوضع الاقتصادي، الشعب اللبناني يعاني حاليًا من ضائقة مادية واقتصادية كبيرة لكن هناك الغذاء الثقافي والغذاء الفكري والروحي، والضروري أن يظلّ موجودًا وذلك من خلال المسرح الذي هو أب الفنون ويتضمّن كل الثقافات والفنون، لذلك تقف أمامنا مهمّتان، ليس فقط أن نشتغل مسرحًا، بل أيضًا أن نعمل على بقائه حيًا ولو بحالة إنعاش حتى لا نورّث الأجيال الجديدة كما ورثنا نحن من الصفر، فأنتِ تعلمين أنه حدث في الحرب الأهلية شرخ كبير بين المسرح والجمهور، ما فعلناه أنا ورفاقي نحن أجيال الحرب هو أننا أعدنا الثقة ما بين الجمهور والمسرح لذلك نخاف أن يرجع ذلك الشرخ وأن نورّثه للأجيال الجديدة، أتمنى أن لا تؤثّر كورونا والضائقة المادية، لكن هذا كله أمنية، ولا يمكن أن نكفل ما قد يحصل قبل أن نخوض التجربة ونستكمل العمل في تشرين الثاني/ نوفمبر.



(*) بعد ستة عشر عملًا مسرحيًا من كتابتك وإخراجك، اخترت في هذا العمل أن تحكي حكاية المسرح السياسي والغنائي والتجريبي والعبثي والغنائي على طريقة سرد اليوميات، لماذا استحضار كل هذه الأساليب المسرحية وماذا تريد من ذلك؟
- المسرحية هي عمل تكريمي بعد أن قدّمت ستة عشر عملًا مسرحيًا، إنها من النوع الذي أقدّمه لكن بمقاربة مختلفة. ثماني عشرة شخصية تتحدّث عن المسرح كوميديًا، تحكي عن كل أنواع المسرح وكل أنواع الجمهور الذي يشاهد مسرح. هي نوع من تكريم لي في هذا المكان الذي أعطى لبنان الكثير وأعطاني أنا الكثير.

(*) يُعتبر مسرحك شكلًا من أشكال النقد الذي يشتغل على الوعي الإجتماعي والسياسي، تعرّضتَ لانهدامات الطائفية في مسرحية "إلا إذا" و"إلا إذا تغيّر شي"، ماذا عن الحاجة إلى فعل أقسى مع الذين يعتبرون أنفسهم حماة الطائفة في لبنان ويستغلّونها للبقاء في السلطة، ألا تجد أنّه من الضروري النزول إلى الشارع والمشاركة في التغيير، على الأقل في المكان الذي لم يتلّوث بتدخّلات السياسيين وادّعائهم المشاركة في معاناة الشعب اللبناني؟
- ما هو مفهوم الشارع؟ ألا يستطيع أن يكون المسرح شارعًا؟ ألا تستطيع أن تكون المدرسة شارعًا والبيت شارعًا؟ أحيّي الشباب الذين نزلوا من قلبهم لكن لا أحيّي الذين نزلوا إلى الشارع لأغراض سياسية ولأغراض طائفية وحزبية، وكم من شارع كان مسرحية وكم من مسرحية كانت شارعًا. يجب أن تطالب الناس بمطالبها، وكل واحد سيطالب على طريقته، أنا طريقتي من خلال المسرح، الذي قلته على المسرح منذ ستة عشر عامًا عدد قليل جدًا تجرّأوا وقالوه، ولا أزال أقوله. وأعيد لك كم من شارع كان مسرحية وكم من مسرحية كانت شارعًا.



الاختلاف غنًى فلماذا نجعله ضعفًا وخلافًا؟
(*) اخترتَ الكوميديا الساخرة، وربما يصحّ وصفها بالكوميديا المبكية، لأنها تنقل الواقع المؤلم كما هو فينتقل الجمهور معك بين الضحكة والدمعة بخفّة تامة، استبدلت في مسرحية "ناطرينو" النشيد الوطني اللبناني "كلنا للوطن كلنا للعلم" بـ"كلنا عل الوطن كل واحد عندو علم" وهو استبدال موجع لأنه حقيقي، هل نحن هنا أمام محاولة إيقاظ هذه البيئة المضطربة بالطائفية؟
- بالتأكيد هاجسي دائمًا مسألة تقبّل الآخر ومحبّة الآخر على ما هو عليه، لديّ هاجس المجتمع المدني والمجتمع العلماني، أنا بجوهر مسيحيّتي أؤمن بهذا الانفتاح، لم آت به من عبث، أؤمن أنه علينا أن ننظر إلى بعضنا كما نحن عليه، لأن لا أحد منا اختار لا شكله ولا دينه ولا لونه ولا أهله ولا طائفته ولا بلدته نحن انوجدنا هكذا، فلماذا هذا الخلاف؟ الاختلاف غنى فلماذا نجعله ضعفًا وخلافًا؟ هاجسي دائمًا محو النظرة التنميطية إلى المختلف، لذلك ستجدين في كل أعمالي صرخة حب وصرخة تقبل للآخر إن كان بـ"غدي" كآخر مختلف اجتماعيًا وجسديًا وإن كان مختلفًا طائفيًا، هذا الخلاف الطائفي آفة كبيرة في مجتمعنا، آفة عدم تقبّل الآخر، وهو يسبّب لنا حروبًا ودماء لا نزال نعاني منها إلى الآن.









(*) هل تشعر بهذا الخلاف وأنت تقدّم مسرحك أمام جمهور مختلف عن بعضه ومتنوّع طائفيًا؟
- الكلّ يتفاعل لأنه في نواياه وفي قلبه وفكره يرغب بنبذ الطائفية لكنه محكوم فيها لأنها دولته، الطائفة هي التي تؤمّن له استمرارية عيشه لذلك هو مجبور أن يكون طائفيًا لكن عندما يصبح عندنا دولة بقانون يسري على الكلّ، في ذلك الوقت لن يكون أحد بحاجة لأي زعيم ولأي سياسي ولأي طائفة كي تؤمّن له معيشته، الدولة مجبورة أن تؤمّنها من خلال عمله الذي يقدّمه ومن خلال دفع الضرائب، لكن الضرائب هنا تُدفع في سلّة غير مقدوحة.  



المسرح مرآة المجتمع
(*) يكاد مسرحك يشكّل وثيقة عن أوجاع بيروت، ألهذا الحدّ تجد أن على الفن أن يمسرح الواقع؟
- طبعًا المسرح هو مرآة المجتمع وإذا كانت المرآة غير ناصعة أو ملتوية ولا تعكس الواقع كما هو فلن ينتمي لها المشاهد بأي مكان، ما هو دور المسرح؟ أن يجلس المشاهد ويختار باللاوعي شخصية تشبهه أو موقفًا يشبهه ويتفاعل مع نفسه من خلال هذه الشخصية، يبكي على نفسه ويضحك على نفسه من خلال الشخصية التي يشاهدها. يقول موليير "أكثر من ضحك على البخيل في مسرحية البخيل هو البخيل بحدّ ذاته" لأنه رمى العلة التي فيه على الشخصية التي يشاهدها. لذلك عليّ أن أكون مرآة ناصعة، أغرف من المجتمع شخصيات وهواجس وجدليات وهموم الناس وأحوّلها الى مشهدية ما وأحوّلها إلى جدلية، هذا هو الأهم، واحد يقول نعم وواحد يقول لا، هذا هو المسرح، إذا كان الاثنان يقولان "نعم" أصبحت محاضرة، وإذا كان الإثنان يقولان "لا" أصبحت مظاهرة، متى يصبح مسرحًا؟ عندما يقول واحد "نعم" وواحد يقول "لا"، هذه هي الجدلية التي نطرحها والتي تبني مسرحًا وتزرع بعقل الإنسان جدلية وتناقضات والبحث عن سلوك أفضل لبناء مجتمع أفضل.



(*) ألم يحمل رهانك على المسرح الذي يكاد يكون بشكل صرف وفي ظلّ أزمة المسرح نوعًا من المخاطرة، وخصوصًا أن مسرحيين كبار اعتزلوا المسرح لصالح التلفزيون لأن فيه مقابلًا ماديًا أفضل وأكثر أمانًا؟ وهل تخاف أن تترك المسرح يومًا ما بسبب نفس الظروف وتتوجّه إلى التلفزيون، وخصوصًا أن نجاح تجربتك مع التلفزيون في مسلسل "عبدو وعبدو" الذي كتبته وأخرجته وشاركت فيه تمثيلًا قد يدفعك إلى التلفزيون مجدّدًا؟
- كانت تجربتي في المسرح فيها مردود معنوي ومادي لذلك أنا اكتفيت بالمسرح ولا ألوم أحدًا إذا ذهب إلى التلفزيون من أجل المكسب المادي إذا كان لا يمكن أن يعتاش من المسرح، لكن يمكن القول إني أعيش من المسرح واعتاشت منه عائلات عديدة معي وأنا راهنت على المسرح وكسبت الرهان. أنا لم أتخلّ عن التلفزيون كليًّا لكنّي بانتظار العمل المناسب الذي يردّني إلى التلفزيون وتكون العودة حميدة.



(*) كتبت في فيلم "غدي" عن النظرة إلى المختلف الآخر ونلت جوائز عديدة عنه كما تُرجم إلى لغات عديدة، ألا يشجّعك ذلك على الذهاب نحو السينما كونها تشكّل لك انتشارًا عربيًا وعالميًا؟
- طبعًا، لكن السينما إنتاجها مكلف أكثر وصعب أكثر، نحن نحكي هنا عن ملايين الدولارات خاصة في هذا الزمن الصعب من الضائقة المادية، عندي مشاريع سينمائية جاهزة لكن بانتظار الإنتاج الصح. جمهورنا قليل ففي مصر مثلًا أكثر من 80 مليون نسمة، إذا شاهد الفيلم 1% من الجمهور المصري هذا سيغطّي كلفة إنتاجه، لكن هنا إذا شاهد الفيلم 20% من الجمهور اللبناني فلن يغطّي ذلك كلفته.



(*) يطلق عليك "شابلن العرب"، وكأن لغة الجسد التي كان يخاطبنا فيها تدخل فيك وتُحرّكك، ماذا تعلّمت منه، ومن هم الذين أخذت منهم ما بنى عمارة جورج خبّاز الداخلية؟
- أخذت من شابلن تبنّيه لمسألة الفن الهادف صاحب القضية وللكوميديا السوداء التي قاعدتها درامية ومقاربتها كوميدية. طبعًا تعلمت منه الحركة الجسدية والتعبير بالجسد، وطبعًا نحن نعرف أن المسرح لغة جسد. أخذت منه هذه الأشياء كما أخذت من آخرين مثل موليير، أوجين لابيش، محمد الماغوط، دريد لحام، عادل إمام، زياد الرحباني، ومثل مبدعين آخرين في الكوميديا الذين تأثرت بهم وتعلمت منهم حتى بنيت شخصيتي وهويتي المستقلة.


(*) يرى المخرج المسرحي عصام محفوظ أن قيام المخرج بدور المؤلف يعود إمّا إلى أزمة غياب النص العربي الحديث وإمّا إلى رغبة المخرج في احتكار ما يظنّه نجاحًا مسرحيًا، أين يقف جورج خباز الكاتب والمخرج والممثل والمنتج والموسيقي أحيانًا في وقت واحد؟
- مع احترامي للكبير عصام محفوظ وبعيدًا عن التشبيه، لن أشبّه نفسي بأحد، هل تجربة زياد الرحباني أو تجربة دريد لحام أو تجربة شابلن، أو تجربة وودي آلن، أو تجربة شكسبير ذلك الكاتب والمخرج في آن، هل هي انتقاص من دور ما؟ أرى أن الشمولية بالفن أعطت دورها وتركت لنا أعمالًا لا نزال نتعلّم منها إلى الآن، من شكسبير إلى الآن. 
 










(*) في حوار سابق لك تقول "أجد سلامي الداخلي في المسرح الفارغ" ومؤخّرًا خلال فترة الحجر كتبتَ تغريدة من داخل مسرح شاتو تريانو تقول: "
كأنّنا في كلامِنا نبحث عن الصَمتْ... الصمت القديم الذي يقول الحق"، هذه العلاقة مع الصمت هل يمكن أن تأخذك ذات يوم إلى البانتوميم؟
- هذا ممكن، نحن نتكلّم لكي نصمت بسلام، نحن نبحث في كلامنا عن الصمت المريع، الصمت الحقيقي الذي يقول الحقيقة. لماذا نتكلّم ولماذا نعبّر؟ لأننا نفتّش عن الحب وعن السلام، وعن القناعة والحقيقة، وعندما نصمت عن قناعة نكون قد اقتربنا من الحقيقة. أعتقد أنه من الممكن أن أشتغل على المسرح الصامت فهو نوع من أنواع المسرح الذي أحبّه.



المسرح والحرية
(*) ما هو هامش الحرية الذي تضعه لنفسك وخصوصًا أن مسرحك يحمل قضية فهو ليس للضحك من أجل الضحك، وهل من تابوهات تود كسرها؟
- مفهوم الحرية أحيانًا يشوبه خطأ، فإذا كنت جريئًا وهاجمت بشكل مباشر فهل يعني هذا حرية؟ لا هذه ليست حرية. وحرّيتك تكف عند الاعتداء على حرية الآخرين. جميل أن تكون حرّيتك تقف عند سقف أخلاقي معيّن. هامش حرّيتي واسع جدًا ضمن إطار أخلاقياتي واحترام حرية الغير. أتمنى للمسرح في لبنان وفي كل العالم العربي أن يعود ويقف على قدميه لأن العالم بلا مسرح كالعالم بلا ضمير، المسرح هو ضمير الشعوب، الفن هو ضمير الشعوب، إذا تجرّدنا من الفن أصبحنا أممًا بلا ضمير.   

(*) هل تفكّر في الاشتغال على نص "عربي" ويكون موجّهًا إلى هذا العالم نفسه الذي يمسّنا كلبنانيين؟ 
- كل القضايا عربية وكل القضايا عالمية وهواجس الناس هي هي أينما كان، عندما أتكلّم عن الطائفية فهذه قضية عربية وإنسانية بالدرجة الأولى، عندما أتكلم عن التفكّك الأسري فهذه قضية عربية وإنسانية. مسرحي لم يكن يومًا لبنانيًا، ربما هو لبناني بالشكل لكن بالمضمون هو مسرح يطال كل إنسان في كل بقعة من هذا العالم.

(*) اختارك الفنان دريد لحام لتجسيد دوره في حال إنتاج فيلم أو دراما عنه، هل يعود ذلك إلى أن لحام وجورج خبّاز التقيا على نفس خط الوجع من أمة واقعة في أزمات متعدّدة وغير قادرة بعد على النهوض من سقوطها وتشرذمها؟
- أفتخر بهذا الخيار، لكن أقول إني لست مع أن تتجسّد قصة حياة أي فنان. وقصة حياة دريد لحام موجودة بين أيدينا من خلال أعماله، وأعماله هي انعكاس له، وستبقى خالدة.




(*) الأسماء المسرحية في لبنان والعالم العربي قليلة وهذا ينطبق على النصوص الأدبية للمسرح، هل علينا أن نستعيد تجارب أدونيس وعصام محفوظ وأنسي الحاج في ترجمة المسرح العالمي، ألا يشكّل ذلك تجديدًا للمسرح اللبناني والعربي؟
- ليس خطأ، لكن من الجيّد أن تغرفي من ترابك وأن تشكّلي هوية خاصة بك، وليس خطأ أن تقتبسي. المسرح هو مساحة حرية واسعة وكل واحد يعبّر على طريقته، المقتبس، الملبنن، المعرّب، المؤلَّف، العبثي، الاختباري، التجرييبي، الكوميدي، الاستعراضي، والغنائي. ولا يمنع أن أقتبس، اقتبست ذات مرّة من مسرحية لجيلبيرت ويكفيلد التي نُفّذت في عام 1923 ولبننتها في عام 2008 ضمن مسرحية "شو القضية". 

(*) حدّثنا عن رؤيتك للسينما والدراما اللبنانية والعربية؟ ما الذي ينقصنا؟
- تنقصنا نصوص ومواضيع تشبه البيئة، نحن نتقدّم في نوعية الإنتاج على أمل أن تصبح لدينا عجلة إنتاجية كاملة يمكن أن نتّكل عليها لتصبح صناعة تنعكس إيجابًا على كل العاملين في هذا القطاع.


(*) ماذا تقول لجيل الشباب الذين يدرسون المسرح الآن ويخافون من المستقبل الذي لن يكون فيه مكان ومساحة للعمل في المسرح؟
- أقول لهم أكملوا وتعلّموا ولا تعيروا كل ما يحدث انتباهًا. كان وضعُنا أسوأ، نحن جيل الحرب، لكن كان لدينا أمل بالنهوض وبالتعبير. أنتم جيل الشباب الذين تشتغلون على تنمية مواهبكم لتعبّروا من خلالها عن مستقبل هذا العالم، أنتم أكسجين هذا الوطن.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.