}

صارة بوعياد: حزينة جدًا للوضع الثقافي الذي تعيشه الجزائر

بوعلام رمضاني 16 ديسمبر 2021




"ما أضيقَ دُنيَا الثَّقافَةِ لولا مُقَاتَلَة شِبهِ انتحاريَّةٍ مثلَ الشَّابَّةِ صارة بوعياد". قَفزَت إلى ذِهني هذه الكَلِمَاتِ، وأنا أُحاوِرُها مُستَمِعًا لإجاباتِ شابَّةٍ تُؤمِنُ بالمُمكِنِ في وطنٍ طَغَت عليْهِ الاستحالَةُ على أكثَرِ من صَعيدٍ. هَذِه الصحافيَّةُ المُقاتِلَة في الصفوفِ الأمامية للجَبهَة، تَكفُرُ بالاستكانَةِ والتَّردُّدِ رغمَ كلِّ دواعِي التَّشَاؤُمِ ويزدادُ كُفرُها بالمستحيلِ- وهي المرأَةُ النَّحيفَةُ الوَديعَةُ في مجتمَعٍ رِجاليٍّ لا يُؤمِنُ بدَورِها حتى عندَ بعضِ من يدَّعُونَ الانتسابِ للنُّخبَة النيِّرَةِ- حينمَا تُشيرُ بكلِّ أصابِعِ يَديْها إلى مسؤوليَّةِ الدَّولَةِ والمثقف والمسؤولِ الإعلامِّي على حدٍّ سواءٍ في تأخُّرِ بُروزِ المَشروعِ الثَّقافيِّ المدروسِ، الذّي من شَأنِه صُنعَ مُواطِنِ غَدٍ يَعِي رِهاناتِ الصِّراعاتِ المَصيريَّةِ الكُبرى، وعلى رأسِها رِهاناتِ التَّربيَّة والثَّقَافة والآداب والفنون. هُنَا قِصَّةُ طُمُوحِ امرأةٍ شُجاعة وشَرِسَةٍ وَوديعَةٍ تَدفَعُ بالكثيرِ من قادَةِ الشُّعوبِ العربيَّةِ إلى تحسُّسِ مُسدساتهم حينمَا يَتعلَّقُ الأمرُ بالثقافَة التي اختارتها كمجال حيوي ووُجودي لتبرير وجودها!

(*) منْ هي صارةُ بوعياد شخصيًّا ومِهنيًّا، ولماذا فكَّرَتْ في تأسيسِ أوَّلِ قناةٍ ثَقافية إلكترونيَّة وليس صحيفة، وممَّن يتشكَّلُ فريقُك؟

أنا خريجَةُ قسمِ علمِ الاجتماعِ. تحصَّلتُ على شهادة الليسانس تخصُّص ثقافي، وشهادة ماستر تخصص الطِّفل والعائلَةِ والرِّعايَة الاجتماعية، أم وامرأة جزائرية غَيورَةٌ على الثَّقَافَة والهوَّية الجزائرية. بَدأْتُ المسارَ في عالم الصَّحَافة سنة 2012 كمُتربِّصة في جَريدَةِ "المِشوارِ السيَّاسي"، بعدها التحقْتُ بجريدَةِ "المِحورِ اليومي" باقتراحِ مُلحَقٍ ثقافي أُسبوعي حيث كنت أَدرُسُ وأعْمَلُ في نفس الوقت، انتقَلْتُ بعدَها للعَمَل بجريدَةِ "الحيَاةِ الجزائرية"، تَلتْهَا جريدة "العاصمة نيوز" الأسبوعية وبعدها "شبكة أخبار الوطن".

قد يَتساءَلُ الكثيرُونَ عن دِراسَتي الجَامِعيَّة والمِهنَة التي اختَرتُها بحب وشَغَفٍ كَبِيريْنِ، وهُو القرارُ الذِّي اتَّخذْتُه في سنِّ الخامِسَة من عُمري لأَعيشَ حُلُمًا حقَّقْتُه لاحقًا.

أمَّا فِكرَةُ تأسيسِ أوَّلِ قَنَاةٍ ثَقافيَّةٍ إلكترونيَّة، فقدْ جاءت بعدَ تفكيرٍ عَميقٍ منذُ عام 2018، ولم تَخرُجُ للنُّور بسبَبِ انشغالاتي العائلية، وبعْدهَا أيْ في عام 2021 قرَّرتُ المُغامَرة، وبِدعواتِ الوالِدة والوالِدِ وبِتشجيعٍ من زَوجِي الذي قال لي "حانَ الوقتُ لتحقيق حُلُمُك"، وقال "الشيءُ الوحيدُ الذي لا يَتَغيَّر فيِ الحيَاةِ هو العَائِلة، وكلَّ شيءٍ قابِلٍ للتَّجدِيدِ، فابحَثِي عنِ الأحسنَ واصنعي التَّميُّزَ"، فبدأْتُ العملَ على المشروعِ من التَّصمِيمِ إلى المُحتَوى.

فكَّرْتُ في قنَاةٍ إلكترونيَّةٍ وليسَ في صَحيفَةٍ، لأنَّ فضاءَ الإنترنت مفتوحٌ والكلُّ يَضَعُ فيه ما يُحبُّ سواءً كانً فنًّا راقيًا أو مُحتَوى دونَ مُستوى، فجاءت القَنَاةُ لتَفرِضَ نَفسَها وَتُقدِّمَ مَضمُونًا زاخِرًا بالثَّقَافَة الجزائِريَّةِ، ولأنَّنَا نَعيشُ في عصرِ الفِيديُو، ارتَأيْنَا أنْ تَكونَ قناةً ثقافيَّةً إلكترونيَّةً. أمّا الفريقُ الذِّي يَعمَلُ بالموقِعِ فهُو مُكوَّنٌ من أشخاصٍ آمنُوا بالفِكرَةِ ويَكتُبُونَ مَعنَا مجَّانًا، لأنَّنَا مَا زِلنَا في مرحَلَةِ التأسِيسِ، كمَا تَصِلُنَا بعضُ المُساهَماتِ عبرَ البريدِ الإلكتروني الخاص بالمجلة.


(*) كيفَ كانَ المَخَاضُ عَمَليًّا، وعلى ماذَا تُراهِنِينَ لضمَانِ الإقبالِ الذِّي سَيسْمَحُ برِعَايَةٍ مَاليَّةٍ، وبالتَّالي باستمرار القَنَاةِ، علمًا أنَّ القنَاةِ مُغَامَرَةٌ في ظِلِّ مُعطيَاتِ وَاقِعِنا السِّياسي والاقتصادي والثقافي؟


مَخاضُ الموْقِعِ الإلكترُوني الذِّي يَضُمُّ أوّلَ قَنَاةٍ ثَقَافيَّةٍ إلكترونيَّةٍ ومَجَلَّةٍ ثقافية فنيَّة إلكترونية "أهلُ الفنِّ" لم يَكُنْ سَهلًا، لكن تَلقّيْتُ المساعَدَةِ في التَّصمِيمِ الخاص بالموقع بمبْلَغٍ رمزي، وتَصمِيمِ كلٍّ من شِعارِ القَناةِ والمجلَّةِ مِنْ قِبَلِ زُملاءَ مُتخصِّصينَ، كمَا تَلقَّيْتُ المُساعدة لتَصمِيمِ الفيديوهَاتِ، لأنَّ مجالَ عَملِي هو الصّحافَة المَكتُوبَة وقدْ تَختَلِفُ نوعًا مًا عنِ الصَّحَافة الإلكترونية.

وحقِيقَةِ القَنَاةِ مُغامَرَةٌ لا مفرَّ مِنهَا، وهِيَ أجمَلُ مُغامَرَةٍ أَخُوضُهَا بحبٍّ، لأنَّهُ بِقَدَرِ مَا تَعمَلُ في شيءٍ تُحبُّه بِقَدر ما يُمكِنُكَ أنْ تُضحِّي وأنْتَ على عِلمٍ أنَّ النَّجَاح لنْ يَأتِي بِسهُولَة، ولنْ يَكُونَ علَى سجَّادةٍ حمراءَ مَفروشَةٍ بالوُرُودِ، لكنَّ الدَّعم المَعنوي أهمُّ بِكثِيرٍ منَ المالِ في الخُطواتِ الأُولى لهذَا المَشروعِ. بَعدَها تَأتِي نُقطَةٌ حسَّاسة وقدْ تُبعْثِرُ كلَّ الأوراقِ، ألاَ وَهِي الدَّعْم المادي، وهُنا أَتحدَّثُ عن الإشْهارِ الذِّي أسْعَى للحصولِ عليهِ بشكلٍ مدروسٍ ومُخطَّطٍ لِكسْبِ شُركَاءَ في المَشرُوع.

أَخُوضُ التَّجرُبَة رغمَ أنَّنَا نَفتَقِدُ في الجَزائرَ إلى الإعلامِ المُتخَصِّصِ، وعَدَمِ وُجُودِ اهتمامٍ واسعٍ بالمجالِ الثَّقافيِّ لأَنَّهُ مُوجَّهٌ بالأسَاسِ إلى نُخبَةِ المُجتَمَعِ، لَكِنْ نُحَاوِلُ أنْ نَمُسَّ كلَّ فئاتِ المُجتَمعِ بالدِّعايَةِ والتَّسويقِ لِقنَاتِنَا، وعليْهِ يُمكِنُ القولَ إنَّ الرِّهانِ صعبٌ في مُجتَمَعٍ نِصفُه يَهتمُّ بالتَّفاهاتِ وليسَ بالثّقافَةِ.

(*) ماذا تَقصُدين بالدَّعمِ المعنوي، وهل مِنْ أمثِلَةٍ مَلمُوسَةٍ لمعرِفَةِ مَدى تَأثِيره فِعليًّا عِلْمًا أنَّهُ لا يَكفِي عَمَليًّا؟

الدعمُ المعنوي مُهِمٌّ جدًّا، لأنَّ البِداياتِ دائمًا صَعْبة، وحِينَمَا تَتلقَّى الاهتمام من أقربِ النَّاس إليكَ يزيدُكَ ذلكَ حماسًا والعكس قد يُحطِّمُكَ مِنَ البِدايَةِ، وهُنَا أَتحدَّثُ عنِ الدعمِ العائِلي، يَلِيه دعْمُ الصحافي والمُثقَّف. اهتمامكم الصحافي بالقناةِ عبرَ مَنبَرِ "ضِفَّة ثالثة" الثقافي الكبير زادني تحفيزًا وأنَا جدُّ سعيدَة بذلِكَ، كمَا تلقَّيْتُ بعضَ الرَّسائل من قِبَلِ صحافيَّاتٍ في الميدانِ الثَّقافي حثَّتني عَلى المُواصلة مهمَا كانت الظُّروف كما تلقيْتُ بعض الاقتراحَاتِ، ومِنْ هذَا المنْبرِ أُعبِّرُ عن شُكرِي الكَبِيرِ لَهُنَّ.

(*) أشتَمُّ رائحَةَ الإيمانِ الرَّاسِخِ بمسؤوليَّتِكِ كَصحافيَّة ثَقافيّة صَاعِدَة قَادِرةٍ على مُواجَهَة تحديَّاتٍ يَخشَى الكثيرونَ الاقترابَ مِنها. ما تَفسيرُكِ لِذلِكَ إِذا كانت قِراءَتِي صَحيحَة؟

التحدِّي كانَ ولا يَزالُ مُنذُ أنْ قرَّرْتُ وُلُوجَ عَالم الصحافة الذّي لم أدْرُسُه في الجامعة، بل كانَ تَخَصُّصي كما ذكرتُ سابقًا علمَ الاجتماعِ، والتَّحَدي اليومَ قائمٌ لتَأسِيسِ أولَّ قناةٍ ثَقافيَّة إلكترونية. اليومَ، وجدْتُ أنَّ الوَقتَ قد حانَ لهذِهِ المُغامَرَةِ، وأنَا على عِلمٍ أنَّهُ ليسَ بالأمرِ السَّهل، لكنِّي قرَّرْتُ أنْ أقُومَ بشيءٍ أُحبُّهُ، وخاصَّةً أنَّ من أهدافِ القنَاةِ فتح التَّكوِينِ الجادِّ في الإعلامِ الثَّقَافي، وهذَا ما لم أحْظَ بِه في بِدايَاتِي. فلا نُغطِّي الشمس بالغربَالِ ونحنُ عَلى عِلمٍ أنَّ الصَّفحَةِ الثَّقافيَّة هِي أوَّلُ منْ يُضَحَّى بها لصالح الإشهارِ، وإنْ كانَتْ هُناك تَغطيَّةٌ ثقافيَّةٌ وأُخرى في السِّياسَةِ أو الاقتصادِ، فأوَّلُ صحافي يُضحَّى بهِ خَلفَ المَكتَبِ في حالَةِ وُجُودِ سائقٍ واحدٍ طبعَا هو الصحافي في القسمِ الثَّقافي لأنَّهُ القسم "المحقور". العيبُ ليسَ في المُواطِنِ الذِّي يَسعَى وراءَ أخبارِ الكُرَةِ أكثَرَ ممَّا يَسعَى خلْفَ المُثَقَّفِ والكَاتِبِ والفنَّانِ، بلْ في صاحِبِ المؤسسة الإعلاميَّة والإعلامي بحدِّ ذاتِه الذّي يُقدِّمُ التَّفاهَاتِ بِحُجَّةِ أنَّ هذا ما يُريدُه الجمهور. لنَرتَقِي بالمجتَمَعِ عنْ طريقِ ثَقَافَةٍ راقيَّةٍ عِوَضَ الفُقاعات الفارغة.

كلُّ الخوف من جيلٍ لاَ يَعرِفُ منْ يَكُونُ عبد الحميد بن هدوقة، ولا يَعرِفُ مُفَكِّريهِ وصُناَّع تاريخِه



الوضع الثقافي في الجزائر

(*) يَبدُو من ردِّكِ أنَّكِ حزينَةٌ جِدًّا لمكَانَةِ الثَّقَافَةِ في الإعلامِ، ومُستاءَةٌ من أشباهِ الإعلاميِّين الذِّينَ يُوَلُونهُ اهتمامًا فُلكلوريًّا إنْ صحَّ التَّعبِير. هلْ يُمكِنُ إعطاء أَمثِلَةٍ تُؤكِّدُ صِحَّةَ مَا تَقُولينَ للكَشْفِ عنْ خُطورَةِ التَّهمِيشِ الذِّي تَعيشُهُ الثَّقَافَةِ في الإعلامِ؟

- أَجَلْ.. حَزينَةٌ جدًّا للوَضْعِ الثَّقَافي الذي تَعيشُهُ الجزائر، وهي البَلَدُ الذِّي يُعتَبَرُ قارَّةٌ ثقافيًّا، ومُتأسِّفَةٌ جدًّا لمَا وصل إليه الإعلام الذِّي عادَ يَهتَمُّ بالتَّفاهاتِ عِوَضَ الثَّقافَةِ الجادَّةِ فَيَزيدُ الطينَ بلَّةً، وأنَا هُنَا في حيْرةٍ من أمْري لمَا وَصلَ إليْهِ المُجتَمَعُ الذِّي يُتابِعُ (يوتوبرز) وهُو مُنبَهِرٌ بِها وَوَصَلَ الحدُّ لِلِقائِها في المَطَارِ، فأيْنَ هو العَالِمُ الجزائري بلقاسم حبَّة العَرَبيِّ الأكْثَرَ اختراعًا، وأيْنَ هو الكاتِبُ والمُثَقَّفُ من كلِّ هذا؟ فالخُطورَةُ ليستْ فقَط في تهميشِ الثقافة التِّي تَلعَبُ دورًا مُهِمًّا في أيِّ بَلدٍ، بلْ في تَهميشِ المُنظَّمَة التَّربويَّةِ كَكُل، وهُنا الأمرٌ خَطيرٌ جِدًّا، وكلُّ الخوف من جيلٍ لاَ يَعرِفُ منْ يَكُونُ عبد الحميد بن هدوقة، ولا يَعرِفُ مُفَكِّريهِ وصُناَّع تاريخِه. لكن في المُقابل لا نُنْكر المجْهُودات المَبذُولَةٍ من قِبَلِ الإعلاميّة آسيا شلابي التي تقدم من خِلالِ حصَّتِها ".. أما بعد" مادةً راقيَةً تُشرِّفُ الثقافة الجزائرية باستضافة فنانينَ ومُثقَّفينَ في المُستوى، ولكن هذه الجهود الفرديَّةِ لا يَكْفِي.

(*) ما هيَ أَسبابُ ذلِكَ في تَقدِيرِكِ أنتِ التِّي اكتويت بنَارِ التَّهمِيشِ، ومَا هامِشُ مَسؤوليَّةِ الدولة من جِهة، والمُثَقَّفِينَ والكُتَّابِ من جِهَةٍ أُخرى، علمًا أنَّ العَديدِ منهم راحُوا ضحيَّةَ مَسؤولين إعلاميِّينَ أَهانوهُم بِمَبَالِغَ زَهيدَةً مُقابِلَ مُساهمَاتٍ فِكريَّةٍ وأَدبيَّة راقية؟

تتحمَّلُ الدولة مَسؤُوليَّة كَبيرَة، ولا بُدَّ أنْ نَعلَمَ أنَّ العُقْمَ مَوجُودٌ في مَنظومَةِ التَّربيَّة والتعليمِ فَهِيَ أَساسُ بِناءِ الدُّول العُظمَى، وفِي نَظَري حانَ الوَقْتُ لِنَستَثْمِرَ في الطفلِ لأنَّهُ رجُلُ الغَدِ، فَأينَ نحنُ من التَّربيَّةِ الفنيَّةِ بالمسرحِ والمُوسيقَى والرَّسم. إنْ لمْ نَكُن قَادرينَ على إِنجَابِ كاتبٍ مسرحيٍّ وفنَّانٍ تَشكيليٍّ ومُوسيقيٍّ نُنْجِبُ مِنهُم إنسانًا مثقَّفًا، وإنْ لمْ نَنجَح في الحَالَتَين، فلنُنجِب مُواطنًا مُسالِمًا معَ ثَقافَتِه، وغَيُورًا على هويَّتِه الذِّي يُفتَخَرُ بِها، ونَتفَادى العُنْفَ وَمَشاكِلَ أُخْرى.

أَجِدُ أنَّ المُثَقَّفَ الجزائري في سُباتٍ عميقٍ يَجلسُ شاهدًا على الخراب القادمِ منَ الغربِ والمُتحجِّر في عُمقِ المجتمع، وهو مُكتفٍ فقط بالتَّعليقِ على الوَضعِ المُتأَزِّمِ للثَّقافَةِ، فَمتَى تَحدُثُ الاستفاقَةُ من أجلِ صناعةِ ثورةٍ ثقافيَّةٍ في الجزائر. وإنْ تَحدثْتُ عن الوصيَّةِ الأُولى في البلادِ عنِ الثقافةِ وأَقصِدُ هُنَا وِزارةِ الثقافة والفُنون، فلاَ بُدَّ من وضعِ استراتيجيَّةٍ حقيقيَّةٍ، والقضاء على روح الشَّلَلَيَّةِ التي يَتَسبَّبُ فيهَا الوزيرُ الذي يَأتِي بحاشيَتِه ويُقدِّمُ مجموعَةً من الاقتراحات، وبمجرَّدِ خُروجِه تبقى دار لُقمان على حالها. وللنجاحِ لا بُدَّ من الاستمرارية في العمل، وأنْ لا تَبقى المشاريع عَالِقَةٌ ما بَيْنَ وزيرٍ وآخر.


أسباب اختيار تسمية "هنّا الثقافة"

(*) عمليا، ما الذِّي تُريدِين ضَمَانهُ كإضافَةٍ نوعيَّةٍ، وكيفَ السبيلُ إلى ذلك في ظِلِّ شِبهِ انعدامٍ لمهاراتٍ صحافيَّة في المجالِ الثقافي؟

أَهدفُ إلى تكوينِ جيشٍ في الإعلام الثقافي سواء في النقد الأدبي، أو المسرحي والسينمائي، والفني وغيرها، ولن نكتفي فقط بالأخبار الفنية والثقافية والفيديوهاتِ، بل نَسعى كمُؤسَّسة في طورِ الإنجاز إلى أهداف أخرى لإقامة مُنتدى الشباب المبدع، وتظاهرة "الثقافة في مدينة" وغيرها. كمَا نعمَلُ على الاتصالِ والتواصُلِ مع مُثقفِي الجزائر والعالم العربي بنشر مساهمتهم مَعنَا، ونسعى إلى نشرِ الابداعِ في شتَّى المَجَالات من الشعر، القصة، الرسم، وكذا السعي للتعامل مع الجامعات لنشر دراساتهم الفكرية، الفلسفية والتاريخية، والسوسيوثقافية والأنثروبولوجية وغيرها.

للإشارة، اخترنا تسمية "هنّا الثقافة" بهدف إعادة بعثِ رسالةٍ لكلِّ شخصٍ يَظُنُّ أنَّ الثقافَة هي "الشطّيح والرّديح"، بل هي أسمى من ذلك، واخترنا هذا الموقع الإلكتروني لكي نُقدِّمَ إبداعًا راقيًّا يليقُ بالثقافة الجزائرية.

وللعلم، شعارُ القناةِ "دَعه يُبدع اتركه يمر" لم يَكنْ محلَّ صُدفَة، بل هو دعوَةٌ لِكُلِّ منْ يُريدُ أنْ يُبرِزَ مَوهِبَته ليكونَ مَوقِعُنَا فُرصَةً في يَدِ كلِّ من أرادَ وُلوجَ عَالم الفنِّ والثَّقَافَة.


(*) لاحَظْتُ اهتمامًا خاصًّا بالفنِّ وغيابِ أركانٍ ثقافيَّةٍ يُفتَرَضُ أنْ تَكونَ مَوجودة. هل الأمرُ مُؤقَّتٌ لأنَّهُ يَعودُ إلى بدايةٍ صعبَةٍ يُبرِّرُها سُؤالي السابق؟

القناة تَعملُ على الاهتمامِ بكلِّ الفنونِ من المسرحِ إلى السينما، الرقص، الموسيقى والفن التشكيلي، كمَا نَهتَمُّ بالأدبِ والفكرِ، وَجَمَعْنَا كلِّ ذَلِكَ في مجلَّةِ "أهل الفن"، علمًا أنَّنَا نَسعَى لفتحِ أركانٍ أُخرى مُستقبَلًا، مِنهَا ما يُعزِّزُ الهويَّةِ الأمازيغية، وركن خاصٍّ بالطفل المُبدِعِ الذي لا بُدَّ أنْ نَستَثْمِرَ فيهِ، وهُو هدفٌ آخر نعمَلُ لأجله.


(*) هلْ عرَضتِ المشروعَ على مُثقَّفِينَ وصحافيِّينَ مُخضْرمين وعلى قُدامى وجهاتٍ رسمية، لمُساعَدَتِك، أمْ قرَّرتِ ركُوبَ المُغامَرة المحسوبَة وَحدَكِ؟

لم أعرِض المَشرُوعَ على أيِّ مُثقَّفٍ أو صحافي مخضرم، لأنِّي بكلِّ صراحَةٍ لمْ أُفكِّر في ذلك، لكنْ عرَضْتُ فكرَةَ المَشرُوعِ على الوكَالةِ الوطنية لدعم وتنمية المُقاولاتية، ومررْتُ على لجنَةٍ خاصَّةٍ وحَظيْتُ بالمُوافقة، وأنا حاليا في انتظار الدعم الذي سيَكُونُ في شكلِ وسائِلَ خاصَّة بالإعلامِ تُساعِدُني على الانطلاقة الفعلية للمشروع والبروز أكثر في الميدان.

تَبقَى المُغامَرة الكُبرى التي خُضتُها، هي عدْمُ قُبُولِ إِمضاءِ العَقدِ للسَّنَة الثالثة مع الجريدة الأَخيرة التي اشتغلت بها، وقرَّرْتُ أنْ أَدْخُلَ في تجرُبَةٍ جديدة، فَلَطالما آمنْتُ بمشاريعَ الآخر، وأَظُنُّ أنَّهُ حانَ الوَقْتُ لأُؤمن بمَشروعي الخاص، وليسَ هذا مَعنَاهُ أنَّني وَصلْتُ إلى القِمَّةِ، لأَن الطريق طويلٌ أمامي وما زِلْتُ أتعلَّمُ وأتَكوَّنُ وأتَدرَّبُ، فمن قال وصلتُ في نَظرِي حَكم على نفسه بالموت، وأنا أنبِضُ بالحياةِ ما دُمْتُ أتعلم.


(*) أخيرًا.. هل من كلمَةٍ أخيرَة تُريدِينَ إِضافتَها، لأنَّني لم أطرح عليك السؤال الذي يمكنك من التَّحدُّث عنها؟

في الأخيرِ أوجِّهُ كلمَةً لكلِّ شابٍّ حالمٍ بغدٍ أفضلَ في بلدِ المليون ونصف مليون شهيد، أنْ يعملَ على نفسه وتطويرِ ذاته بالتكوين الجاد، وأن يَصنَعَ لنفسِه هَدَفًا يَبنيِ به مشروعه الخاص، عِوَضَ التفكيرِ في الهجرَةِ غيرِ الشرعية، فالتغييرُ لنْ يَأتِي من العدم ولن يَكونَ بين عشيَّةٍ وضُحاهَا.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.