}

جلال برجس: الروائي لا يمكنه أن يحيّد وجوده بنصه

إيهاب محمود 29 أبريل 2021

لم يكن ظهور اسم الروائي الأردني جلال برجس في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية المعروفة إعلاميًا باسم "البوكر" بمثابة مفاجأة لمن يتابع الجائزة، حيث وصل برجس في عام 2019 للقائمة الطويلة للجائزة بروايته "سيدات الحواس الخمس" غير أن التوفيق لم يحالفه وقتها ولم يصل للقائمة القصيرة، ولذلك يمني جلال نفسه هذه المرة باقتناص الجائزة.

في روايته الأحدث "دفاتر الوراق" يبني جلال برجس قصته من خلال عدد من الدفاتر في إطار زمني بين عامي 1947 و2019 عن أشخاص يعانون الفقد والوحدة، عبر بطله إبراهيم، وراق الكتب المأخوذ بالروايات الذي يشارف على حافة الجنون، غير أنه يعرف الأمان أخيرًا عن طريق فتاة. 

هنا حوار سريع مع الروائي الأردني جلال برجس عن الرواية، الكتابة، الجوائز، والأعمال التي يعكف عليها حاليًا:


(*) تصل روايتك "دفاتر الوراق" للقائمة القصيرة للبوكر للمرة الأولى. حدّثني عمّا يمكن لجائزة أن تضيف لكاتب؟ هل هو المردود المادي فقط؟ أم ثمة ما يمكن أن يعوّل عليه الكاتب من وراء الفوز بجائزة ما أو الظهور في قوائمها؟

إن أهم ما يمكن نيله من جائزة بحجم الجائزة العالمية للرواية العربية هو اتساع رقعة مقروئية الكاتب، وهذا ما نريده لأجل أن تكون للكلمة مكانتها التي تستحق، إضافة إلى طريق الترجمة التي تفتح آفاقًا نحو القارئ الآخر.


(*) تنبني الرواية على حكايات تُروى من خلال عدد من الدفاتر في إطار زمني بين عامي 1947 و2019 عن أشخاص يفقد بعضهم بيوتهم، ويعاني البعض الآخر أزمة مجهولي النسب. هل أردت أن تحكي قصتك بهذه الطريقة تحديدًا بسبب كم القصص التي تبدو محمّلًا بها؟ أم هو النص يفرض الطريقة التي يُسرد بها؟

رغم قناعتي بأن الروائي لا يمكن أن يحيّد وجوده في نصه، حتى لو اختبأ وراء شخصية هامشية، إلا أنني في "دفاتر الوراق" أكتب قصة الإنسان في مرحلة معقّدة. إن الكتابة في هذا المستوى هي تبلور للرؤية التي أخذت تتشكّل عبر سنين عمري؛ إنها صرخة بوجه كل أشكال الوجع التي باتت تقف في طريقنا نحو الحياة.  



(*) هل ثمة تقاطع بين إبراهيم الوراق المثقف المأخوذ بالروايات وبينك أنت؟ بمعنى أنك أردت أن تقول شيئًا على لسانه.. بدا لي أن فيه منك ولو شيئًا قليلًا؟

ربما يكون الوراق هو جلال برجس، وربما يكون جلال برجس هو الوراق، فنحن نتحرك في فضاء واحد حلمنا فيه، وتعرّضنا للانكسار معًا، وأحببنا الحياة وما زلنا نفعل ذلك. حينما يبتكر الروائي شخصية يفعل ذلك لينقل عبره رؤيته، لكن ليست كل الشخصيات قابلة لفعل ذلك، فماذا لو كانت الشخصية ذات ميول ثقافية وفكرية وسياسية مخالفة لما يؤمن به الروائي؟ هنا يفترض أن تتبدّى البراعة في المحايدة والموضوعية. 





(*) لقد اشتغلت على روايتك في خضم عزلة كورونا، كيف ترى الرواية مستقبلًا  وبعد ما لحق بالإنسان جراء هذه المواجهة الصعبة؟

من المتعارف عليه أن التبدّلات الكبرى تفضي إلى تبدّلات أكبر، وأنه ما من زلزال إلا ويؤدّي إلى انزياح في إحدى طبقات الأرض، بما أنه من جرّاء انزياح لطبقة أخرى، وتفشي وباء كورونا، ومن ثم ما تمخّض عنه من آثار سلبية على الإنسان بكل هذه الكارثية؛ لا بد وأن يؤدي إلى انزياحات كثيرة منها انزياحات على صعيد الرواية التي باتت في هذه الأيام من أكثر الأنماط الأدبية تداولًا على صعيد الكتابة والقراءة، ولا بد لما سيأتي من انزياح/ تبدّل إلا وأن يكون خارجًا على السائد لا مستمرًا به. لهذا أزعم أن الراوية في المستقبل القريب ستبنى على تأمل الإنسان لذاته وعبر أدوات جديدة ربما تُبقي على بعض ملامح ما كان منها إلا أنها ستكون ذات شكل ولغة وأسلوب جديد: رواية تأملية ستطرح المزيد من الأسئلة حول مصير الإنسان.       



(*) هل تؤمن بالإلهام في الكتابة؟

ليس بالشكل المطلق الذي يؤمن به البعض؛ إذ يقف وراء الكتابة عنصران: الأول هو الموهبة التي لا نعرف كيف تشكلت، والثاني هو خبرة حياتية تدفع إلى الكتابة. الكتابة في جزء كبير منها هي اشتغال وليست إلهامًا. 



(*) في ظل جائحة كورونا.. هل يمكن أن تختفي معارض الكتب الورقية وتحل محلها معارض الكتب عبر الإنترنت كبديل يمكن أن يستمر ويطغى؟ أم تبقى للورق نكهته ومذاقه؟

إن زمن كورنا مؤقت وسينقضي مثلما انقضت أزمنة الأوبئة من قبل، ورغم ترسيخ كثير من المفاهيم التي سادت خلال تلك المرحلة إلا إن الكتاب الورقي لن ينقرض بكل تلك السهولة التي يخشى منها الكثير، ستعود معارض الكتب، وتبقى للكتاب الورقي مكانته التي لن تتلاشى.   



(*) تكتب الشعر والقصة إلى جانب الرواية.. هل الفكرة هي التي تختار قالبها الفني الأكثر تعبيرا عنها أم أنت؟

نعم الفكرة هي التي تحدّد مسارها، هناك أفكار لا تصلح إلا لتكتب في سياقات وأساليب القصة القصيرة، وهناك ما نجده يأخذنا إلى الرواية. أما الشعر فهو حالة مختلفة.



(*) ما الجديد لديك؟

جديدي رواية أقرأ وأبحث لأجلها منذ زمن، وأنتظر اللحظة المناسبة التي تشير إلى الكتابة. ولا أدري متى تجيء هذه اللحظة، ربما بعد عام أو أقل، أو ربما تطول أكثر من ذلك؛ ففي التحضير لرواية جديدة متعة كبيرة معرفيًا، وجماليًا، تأتي من تفاصيل البحث وجهوده التي أنفقها بلذة متناهية.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.