}

الموسيقي اللبناني/ الفرنسي ناجي حكيم: أستمتع بالجمع بين الثقافتين

وسام جبران 26 سبتمبر 2021
حوارات الموسيقي اللبناني/ الفرنسي ناجي حكيم: أستمتع بالجمع بين الثقافتين
ناجي حكيم (21/8/2008/Getty)
"الموسيقى لغة الصّمت"، هكذا يُعرّف ناجي حكيم (1955)، عازف الأورغن الكنسيّ، والمؤلّف الموسيقيّ اللبنانيّ ـ الفرنسيّ، الموسيقى، التي تشكّل لغة تخاطبه مع الإنسان ومع الخالق.
ناجي حكيم هو المحاور الثاني في سلسلة حواراتي مع مؤلفين موسيقيين عرب، ومع كلّ حوار تزداد فُسيفساء مشهد التأليف الموسيقي العربي تنوّعًا وثراءً، مما يضعنا أمام "وثيقة" و"كشفٍ" يمكن الادعاء بأن لا سابقة له في أدبيّاتنا الموسيقيّة العربية المعاصرة.
في هذا الحوار، سيكتشف القارئ العربي شخصيّةً فريدةً في ثقافتنا الموسيقيّة العربيّة، التي تنبع من الشرق، وبالذات من الإيمان المسيحي، ومن الثقافة الموسيقيّة الغربية الكلاسيكيّة، في آنٍ معًا، مما يجعلنا أمام حالة تحمل تميّزها، وتستدعي منا تحليلًا ورصدًا أوسع لظاهرة التأليف الموسيقي الكلاسيكي المعاصر الآخذة في النمو في شرقنا العربي.
أجريت حواري مع المايسترو ناجي حكيم باللغة الإنكليزيّة، وقمت بالترجمة والتحرير في سبيل تقديمه كما هو إلى القارئ العربي تحديدًا.



(*) هلَّا حدّثتنا، أستاذ ناجي حكيم، عن ذاكرتك الصّوتيّة/ الموسيقية لمرحلة النّشأة في بيروت؟
ذكرياتي الموسيقية الأولى تتلخص في استماعي إلى والدتي وهي تعزف على البيانو، ومصفِّف الشّعر يعزف على العود بعد قص شعرنا، واكتشاف صوت أورغن مُصلى كليّة القلب الأقدس في بيروت، وكلّ موسيقى تلقيتها عبر الراديو، أو عبر التسجيلات العديدة التي وفّرها لنا والدي.


(*) كيف انعكست هذه الذاكرة على مؤلّفاتك الموسيقيّة؟ وماذا بقي منها الآن؟
لهذا الرصيد الصوتيّ الأولي انعكاسٌ عميقٌ في ذاكرتي، لكنه لم يتمظهر في مؤلّفاتي الموسيقيّة إلا مع التسعينيات (من القرن الماضي)، وبصورة مميزة جدًا، بدءًا من مؤلّفي الموسيقي بعنوان: "مقدمة لبنانية للأورغن" (2001). منذ ذلك الحين، قمت بتأليف عدد من الأعمال المستوحاة من نشأتي المشرقية. (أنظر قائمة الأعمال في نهاية الحوار).


(*) ألفت عددًا كبيرًا من الأعمال الموسيقيّة المتنوعة: منها الأوركستراليّ السّمفونيّ والكونشرتيّ، أو تحت مُسمّياتٍ نوعيّةٍ (جانريّة) وأدبيّة مختلفة، وعدد من مؤلفات موسيقى الحجرة والموسيقى الغنائيّة، ومن ضمنها 4 قداديس للجوقة والأوركسترا، وأعمال كثيرة للأورغن (الكنسيّ)، وهي آلتك التي تتقن العزف عليها، وغيرها من المؤلّفات التي قد نأتي على ذكرها لاحقًا. أين تموضع مؤلفاتك الموسيقيّة، من حيث الأسلوب، في عالم الموسيقى اليوم؟
تطور أسلوبي عبر السنين، وتأثر بمصادر مختلفة. ومع ذلك، فقد كان كلاسيكيًا باستمرار، أي متجذرًا في التّونالية (الموسيقى المقاميّة اللحنيّة)، التي تتضمن في فهمي كل الموسيقى الموداليّة (modal music)، وفي خط الربرتوار الغربي الممتدّ من بورسيل Purcell، إلى سترافينسكي Stravinsky.

عازف الأورغن ناجي حكيم في كاتدرائية القديس جايلز في إدنبرة/ سكوتلندة (Getty/ 21/ 8/ 2008)


(*) درست الأورغن على يد الأستاذ Jean Langlais، ثم على يد Rolande Falcinelli في باريس، والقيادة الأوركستراليّة مع Evelyne Aïello، ثم تأهلت لتصبح أستاذًا في الأورغن من: Trinity College of Music in London، ثم أصبحت، في باريس، عازف الأورغن الأول في كنيسة Basilique du Sacré-Coeur بين الأعوام (1985ـ 1993)، ثم في كنيسة l'église de la Trinité (1993 ـ 2008) خلفًا للمؤلف الموسيقي وعازف الأرغن الفرنسي أوليفييه ميسيان Olivier Messiaen، وحصلت في هذا المجال على جوائز عديدة. كيف يؤثر الارتباط المستمر بالموسيقى الكنسيّة الدينيّة على حريّة التأليف الموسيقي؟ هل تجعلك هذه الممارسة مؤلّفًا "وظيفيًّا"، من الناحية الفكرية، لتخدم مُعتقدك الديني والموسيقى الكنسيّة بمعناها "المؤسّساتيّ" وحسب، أم إنها لا تتعارض، بالضرورة، مع حُريّة وتنوّع التأليف، أو أن يكون أكثر دُنيويّةً، أو حتى إنها، ربما، تخدمه وتُثريه؟
كل موسيقاي مكرّسة لتمجيد الله وبهجة البشرية. وهي، في طبيعة الحال، مستوحاة من ثقافتي وممارستي الدينية. في مثل هذه الفلسفة الفنية، لا مكان للانتهاك، أو التّشويه، أو الإكراه.


(*) مَنْ مِن المؤلفين الموسيقيين الفرنسين المعاصرين ترك أثرًا عليك؟ هل كنت على علاقةٍ شخصيّةٍ مع سلفِك في كنيسة l'église de la Trinité، المؤلّف الموسيقي وعازف الأورغن أوليفييه ميسيان؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأرجو أن تحدثنا قليلًا عن طبيعة هذه العلاقة، بما يهم القارئ.
ذات يوم، جاء أوليفييه ميسيان للاستماع إليّ بينما كنت أعزف في بازيليك القلب الأقدس. لم أعرف عن تلك الزيارة حتى 9 شباط/ فبراير 1992، أي قبل شهرين من وفاته، حين طلب أن يراني ليعطيني أفضل شهادة، إذ قال لي: "لم أسمع أبدًا شخصًا يرتجل مثلك!".




لم أدرس مع ميسيان، لكنني كنت طالبًا عند Jean Langlais لمدة 10 سنوات تقريبًا. كان له تأثير كبير على مقارباتي الموسيقيّة، وساهم بشكل لا لُبس فيه في تطوير شخصيتي الموسيقية. كما أنني أحب، بشكل خاص، موسيقى رافيل، وديبوسي، وروسيل، وهونيغر، وبولينك.


(*) زوجتك ماري برناديت دوفورسيه، هي كذلك، عازفة أورغن، مؤلفة وباحثة موسيقيّة. يتبادر للذهن، للحظة، أن ذلك قد يشكّل نوعًا من "الزُّحام" المهني داخل العلاقة الأسريّة الواحدة، لكنه عندكما، قد أثمر ابنة هي شاعرة وعازفة بيانو وباحثة موسيقية، وابن حقوقي وعازف بيانو ومؤلف موسيقي. هل من تعليق؟
زوجتي، ماري برناديت دوفورسيه، ليست فقط موسيقية من الدرجة الأولى، وعازفة الأورغن التي عزفت لأول مرة كونشرتو سياتل للأوركسترا خاصّتي مع أوركسترا سياتل السمفونية بقيادة جيرارد شوارتز، بل وبفضلها اكتسبت تقنية البيانو اللازمة كي أصبح عازف أورغن جيد. وتتمتع ابنتي كاتيا صوفيا بذكاء موسيقي رائع. وهي شاعرة ممتازة. وإلى جانب مسيرته المهنيّة في القانون، فإن ابني جان بول هو مؤلف موسيقي ومُرتجِل ذو خيال شعري ولحنيّ لافت، مستلهمًا متعة الحياة. بحس مسرحي فطري، يتقن المسرح ويجمع بسعادة بين الغناء والمرافقة الهارمونيّة الارتجاليّة على البيانو المتجليّة في مجموعة متنوعة من الكتابة والأساليب الآلية. وقد نشر حتى الآن مقطوعتين للبيانو، Valse وAlhambra.


(*) كيف يتفق الموروث الموسيقي الكنسي (الليتورغي) مع الموروث الموسيقي العربي الإسلامي، أو الشعبي؟ وكيف يمكن للموروث المتنوع الموارد أن يتآلف ويتشبّك في التأليف الموسيقي الكلاسيكي في أعمالك؟
إنها مسألة جبريّة، بالمعنى العربي الاشتقاقي الإيتمولوجي. بالحب والعاطفة والذوق الرفيع، يمكنك أن تفعل المستحيل. هنالك، أيضًا، سر الخلق. إن الله هو الذي يعطي النّعمة. على المرء فقط أن يفتح يديه وقلبه للترحيب بالنعمة.


(*) عملت أستاذًا للتحليل الموسيقي في Conservatoire National de Région de Boulogne-Billancourt ، (باريس، 1988 ـ 2019)، وأستاذًا زائرًا في الأكاديميّة الملكيّة للموسيقى في لندن. ما معنى أن تكون أستاذًا في معاهد غربيّة المنهج والهوى، وأنت القادم من الشرق؟ هل كانت لك بصمة مختلفة بفعل هذا الثراء الثقافي؟ بمعنى، كيف يمكن للشرقيّ الذي في داخلك أن يُساهم في صناعة الطالب الغربيّ؟
بعد أن درست في كلية القلب الأقدس في بيروت، استفدت من الثقافتين، الشرقية والغربية. لم أجد صعوبة في الوصول إلى فرنسا، وغالبًا ما كنت أستمتع بوصفي مدرّسًا، حيث أقوم بتصحيح الأخطاء الإملائية لطلابي في فصل التّحليل الموسيقي في Conservatoire de Boulogne. من المؤكد أن الموسيقى الشعبية الشرقية التي أحاطت بي في طفولتي أنتجت عندي أسلوبًا موسيقيًّا غربيًّا أصيلًا، لكنه مفعمٌ، كذلك، بالألوان والأنغام والأوزان الشرقية.


(*) تخرّجت في المدرسة الوطنية العليا للاتصالات في باريس. هل من شيء مميز تود قوله بخصوص هذه الرحلة؟ وما علاقة هذا في كونك مؤلّفًا موسيقيًّا، أو عازفًا؟
كان والدي الحبيب، صبحي حكيم، يخشى ألا أكسب عيشي كموسيقي. لقد دعمني في جميع دراساتي الموسيقية، لكنني احترمت رغبته في الحصول على شهادة في الهندسة.


(*) كنت عضوًا في الرابطة العالمية للموسيقى الروحية في روما. وحزت على شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة الروح القدس ـ الكسليك في لبنان. ثم تقلّدت وسام الصليب الأكبر من قداسة البابا بينيدكتوس السادس عشر تقديرا لتميزك في خدمة الكنيسة والأب الأقدس. وهنا، أسألك عن مسألةٍ قد تُحيّر بعضنا، حيث في الثقافة العربيّة (وربما العالمية) يصعب جدًا أن تجد شاعرًا متديّنًا، وكأن ثمة حاجز أو تعارض بين الدينيّ والشّعريّ، لكن في الموسيقى، بدءًا من جوهان سباستيان باخ (ومن قبله كثُر)، مرورًا بـ أوليفييه ميسيان، وصولًا إليك، لا نجد مثل هذا التعارض. لماذا في رأيك؟ هل المسألة تكمن في طبيعة اللغة الكلاميّة الشعريّة وطبيعة اللغة الموسيقيّة الصّرف، أم لأسبابٍ أخرى، ربما، اجتماعيّة، سياسيّة، عُرفيّة، أو غيرها...؟
الشعر يربط الإنسان بروحه، والدين يربط الروح بإلهها. في ثقافتنا العربية، نعيش في مخافة الله ومحبته التي نستحضرها في جميع أحاديثنا. لا يمكن أن يكون الشاعر العربي استثناءً. أيًا كان الموضوع الذي يتعامل معه، فإنه يفعله في خوف الله ومحبته.


(*) عندما نتحدث عن الموسيقى العربية، تاريخيًّا، فإننا نتحدّث عن غناءٍ في الدرجة الأولى. لاحظت في قائمة أعمالك الموسيقيّة الغنائية أن معظم هذه المؤلّفات قد وُلدت في القرن الواحد والعشرين، وأنت المولود عام 1955. كيف تُعلل هذا التأخير؟ ثم أسألك، وليس بمنطقٍ قوميّ، أو أيديولوجيّ، بل موسيقي صرف، لماذا تغيب اللّغة العربية عن مؤلفاتك الغنائية؟
المسألة، أولاً وقبل كل شيء، هي مسألة فُرص. لم أقم باستخدام النصوص العربية في مؤلّفاتي الموسيقية إلاّ مؤخرًا، ولا سيما بدعوة من الأب نعوم خوري TWO MARONITE CAROLS للرباعية الوترية والتينور (2013)، ومن السيدة فاديا طمب (ACHCHAOUQUOU ILASSAMA) (2016)، و"طِباق" من السيدة ماتيلدا فيتو Mathilde Vittu، و"أبانا" من السيدة آن وارثمان Anne Warthmann (2019)، و"السلام عليك" (2019).


(*) ماذا تقول عن خيارك بأن تكون مؤلّفًا موسيقيًّا كلاسيكيًّا، في عالم عربيّ غير مُهيّأ لمثل هذا النوع من الموسيقى؟ وهل باريس كانت خيارًا أم "انسلاخًا" قدريًّا عن الوطن؟ وما معنى أن تكون مؤلّفًا موسيقيًّا عربيًّا خارج جغرافيّة المنشأ؟
سأدع الشاعر محمود درويش يبدأ الجواب:
 "أنا من هناك
أنا من هنا
ولست هناك ولست هنا
ليَ اسمان يلتقيان ويفترقان
ولي لغتان نسيت بأيهما كنت أحلم
لي لغة إنكليزية للكتابة طيّعة المفردات
ولي لغة من حوار السماء مع القدس
[...]
أنا اثنان في واحد كجناحيْ سنونوة
إن تأخر فصل الربيع اكتفيت بنقل الإشارة".




إذا كنت قد استقرّيت في فرنسا، فقد كان ذلك بعد الحرب الأهليّة التي ضربت لبنان. خياري الوحيد هو أن أفعل مشيئة الله. أنا فخور بكوني عربيًا، وفخور أيضًا بكوني فرنسيًا. لذا فإنني أرى نفسي "اثنين في واحد"، وأستمتع بالجمع بين الثقافتين ومقابلتهما واستحضارهما معًا في موسيقاي وفي قلبي.

ناجي حكيم في كاتدرائية القديس جايلز في إدنبرة (21/ 8/ 2008/ تصوير روبي جاك/ كوربيس/ Getty)


(*) كيف أثر البيت العائلي الذي نشأت فيه (الوالد/ الوالدة...) على علاقتك بالثقافة العربية ونشأتك الموسيقيّة؟
لقد ورّثني والداي وأجدادي وعيَ وحبَّ جذوري الثقافية العربية. لقد رددت جميلًا لأبي في مؤلَّفي "طباق"، الذي تناول نصًّا لمحمود درويش. كما كرّمت جدتي نور، في عملي الأوركسترالي "نور" (رابسودي الأرض المقدسة). أما بالنسبة للتربية الموسيقية، فقد موّل والداي دروسَ العزف على البيانو، وكلاهما من عشاق الموسيقى (والدي يغني ويعزف على المندولين، وأمي تعزف البيانو سماعًا)، وكذلك فعل إخوتي وأختي.


(*) كتبت عددًا من المؤلفات للأوركسترا "الكلاسيكية الغربية". وقمت، في بعضها، باستدعاء "ألحان" شعبية شرقية (افتتاحية لبنانية، 2004 OUVERTURE LIBANAISE، السندباد 2016 SINDBAD، وبعلبك 2015 BAALBECK). ما معنى هذا "الاستدعاء"، أو "الاستنبات" للمكوّن الشرقي، أيًّا كان، في الكتابة الأوركستراليّة، لغةً، تلوينًا، وأسلوبًا؟
يكمن سحر وأصالة الموسيقى الشرقية في الألحان والميلسميّات (melismas) وفي المقامات؛ في تحوّلاتها وتقلّباتها. تتآلف أنغامها، بالمعنى الموزارتي، عبر "النوتات التي تحب بعضها بعضًا"، مندمجةً مع الخط اللحني. تؤدي الخطوط اللحنية الشرقية، باستثناء النغمات الربعية، باستخدام المسافة الثانية المُكبّرة (نغمة الحجاز)، إلى ظهور تسلسلات متناسقة صعبة، ولكنها ممتعة. التنسيق الأوركستراليّ هنا، هو ليس أكثر من طريقة متواضعة لإضفاء التناغمات. وكما يقول ريمسكي كورساكوف: "عندما يكون التناغم الهارموني جيدًا، يكون التنسيق الأوركستراليّ جيدًا".


(*) سؤالٌ أوجهه لكلّ مؤلّفٍ موسيقيّ عربي أحاوره: هنالك من يرى إلى الأوركسترا بوصفها شكلًا من أشكال الخطاب الغربي (الأوروبي)، لغةً وهيمنةً. كيف تنظر إلى العلاقة بين الموروث الموسيقي الشرقي وبين نظام الأوركسترا داخل علاقات القوى الحضارية غير المتكافئة؟
يقدم غناء أم كلثوم برفقة مجموعتها الموسيقية إتقانًا فنيًا تحسده عليها الأوركسترا السيمفونية، حيث يكون الباسون المنفرد قادرًا على ملء الروح، كما لو أنه أوركسترا بأكملها. وبالتالي، فإن التنسيق الآليّ، أو الأوركستراليّ، هو ليس سوى الرداء لروح الموسيقى الكامن في اللحن وتناغماته الهارمونيّة. وكما قال جوزيف هايدن: "اللحن هو الأجمل، لكنه الأصعب في التأليف الموسيقي!".


(*) كتبت الكونشيرتو للأورغن، وكذلك للكمان مع الأوركسترا. ما سبب اهتمامك بهذا "النوع" الموسيقي تحديدًا؟
كونشيرتو الأورغن، وكونشيرتو الكمان، الخاصين بي، وكل كونشيرتو أكتبه هو نتيجة دعوة أو تفويض، وليس بمبادرتي الشخصيّة.


(*) لكنك، في هذه الكونشيرتات، لم تستحضر، ولو في واحدٍ منها، آلةً من خارج المنظومة الكلاسيكية الأوروبية، كما فعل عددٌ من المؤلّفين العرب حين استنبتوا الآلة الشرقية في هذه الأعمال. لماذا؟
يحدث ذلك في مؤلّفاتي الأوركسترالية، أو الصوتية اللاحقة، لكن لم تتوافر لي الفرصة، أو الإلهام، بعدُ للتعامل مع الآلات الشرقية بوصفها آلات انفرادية يُمكنها محاورة الأوركسترا.


(*) هل يشغلُك أن تُعزف أعمالك الموسيقيّة في العالم العربي؟ من هو جمهورك المُفترض حين تؤلّف الموسيقى؟
تطور أسلوبي كثيرًا من سيمفونية في ثلاث حركات للأورغن (1986)، حتى تنويعاتي المشرقية للتشيلو والبيانو على "بنت الشلبية" (2021). عندما أؤلف فإنني أخاطب الجميع من دون تمييز، وأعبر عن نفسي من خلال "المفردات" الموسيقية التي اكتسبتها. الموسيقى هي لغة الصّمت!


(*) ماذا فعلت، كموسيقي وإنسان، عندما سمعت خبر "انفجار بيروت" في مُستهل آب/ أغسطس 2020؟
يؤكد انفجار بيروت، من بين العديد من المآسي الأخرى، أننا في حرب ضد الإنسانية. لقد صُدمت، وكُدمت، لأن الحي الذي نشأت فيه كان في مهبّ الانفجار. لقد صلّيت وقدمت المساعدة بقدر المستطاع. وموسيقيًّا، قمت بإعدادٍ جديدٍ لأربع آلات تشيللو لأغنيتي التي ألفتها بالأصل لأربع فيولات. وقد تم إنشاء هذا الإعداد، المرتبط بالحدث، بواسطة جنى سمعان على موقع يوتيوب:


(*) المشهد الموسيقي الكلاسيكي العربي اليوم، كيف ترى إليه؟ وإلى أين هو ذاهبٌ في رأيك؟
أنا قلق من الوضع السياسي وعواقبه الإنسانية الوخيمة. يعلم الله إلى أين نتجه نحن وموسيقانا. لا أستطيع إعطاء إجابة أخرى على سؤالك. أكرس نفسي للعمل كمؤلف موسيقي وعازف أورغن، واضعًا كل ثقتي في الله. أقوم بتثقيف نفسي من خلال القراءة والاستماع لمعرفة الحقيقة والاقتراب من الحقيقة الفنية. لقد تأثرت كثيرًا بالفكرة التالية التي قدمتها كريستينا مارتين خيمينيز، مؤلفة الكتاب الأكثر مبيعًا "La verdad de la pandemia" (حقيقة الوباء): "إنهم يمنعوننا من فعل أي شيء يشفي: القبلات والعناق والمودّة وأكسجين الطبيعة ومياه البحر والتغذية الجيدة، في محاولة لجعل جهاز المناعة لدينا يمرض بالحزن".




كان الحظر الكبير أثناء الوباء هو منع الحب، لأن الحب هو الفن الوحيد. لذلك نحن في زمن الحرب. لكننا سنفوز، "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله والذين هم مدعوون حسب قصده!" (رومية 8، 28).

                                   ***

قائمة المؤلّفات الموسيقيّة:

أعمال للأورغن:
"الرّباعيات" (1990)، LE TOMBEAU D’OLIVIER MESSIAEN "قبر أوليفييه ميسيان" (1993)، "الحُكم الأخير" (1999)، LE BIEN-AIMة (الحبيب) (2001)، "عليك السلام" (2006)، THEOTOKOS (2010)، "اسكتشات فارسيّة" (2012)، "السندباد" (2014).

أعمال للأوركسترا وكونشيرتات:
"مقدمة لبنانية للأوركسترا" (2004)، "عليك السلام للأوركسترا" (2012)، "بعلبك" (2015)، و"السندباد" (2016) لإيقاعات وهارب ووتريّات، و"نور ـ رابسودي الأرض المقدسة" (2016) للدف والدربكة والقانون والوتريات، وكونشيرتو رقم 5 للأورغن والوتريات والتيمباني (2017/2018).

أعمال للبيانو:
"دمية" (2001)، "افتتاحيّة لبنانية" (2001)، "عليك السلام" (2009)، "اسكتشات فارسيّة" (2012)، "بعلبك" (2015)، "تنويعات على يا طيرة طيري" (2020)، "تنويعات على طلعت يا محلا نورها" (2021). وتنويعات للتشيللو والبيانو "VARIATIONS LEVANTINES" (2021).

رباعيّات وتريّة:
"TWO MARONITE CAROLS" (2013)، و "تنويعات على نشيد يا مريم البكر" (2019).

موسيقى الحجرة:
كونشيرتو الحجرة رقم 1 (2008).

أعمال غنائية:
سوبرانو وبيانو ـ سوبرانو وأورغن: "أبانا" (2009). "السلام عليك" (2019). و"ACHCHAOUQUOU ILASSAMA" لألتو غنائي، كمان، فيولا، تشيللو وبيانو (2016). و"TWO MARONITE CAROLS" لتينور ورباعية وترية (2013). و"THE ANGEL CRIED" لجوقة (a cappella and congregation) (2007). و"جلوريا" لجوقة وأورغن (2002). و"طباق" لجوقة ثلاثيّة، فلوت، أورغن (أو بيانو) وتخت شرقي (ناي، قانون، عود، رق، دف، دربكة) (2018).

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.