}

ندى غصن: الثقافة اللبنانية بكل تنوّعها موجودة بإنتاج الشاعرات

ليندا نصار ليندا نصار 4 مارس 2025
حوارات ندى غصن: الثقافة اللبنانية بكل تنوّعها موجودة بإنتاج الشاعرات
ندى غصن

سعت المترجمة والناقدة اللبنانية ندى غصن مع الكاتبة ومؤرّخة الفنون بولينا سبيشوفيكز Nada Ghosn and Paulina Spiechowicz إلى ترجمة نصوص لخمسين شاعرة لبنانية معاصرة، وقد صدر العمل حديثًا عن "دار كاف" في بيروت تحت عنوان "الغسق".  

تمكّنت غصن وسبيشوفيكز من الولوج إلى عوالم المرأة اللبنانية ومن استكشاف قضاياها الحياتية والاجتماعية والتزاماتها السياسية والأدبية الفنيّة عبر هذه الأنطولوجيا النسائية التي رصدت من خلالها التحولات في لبنان. وقد تمّ اختيار الأسماء بتأنّ وعناية. إنها تجارب وأصوات عبّرت عن الوضع السياسي والاجتماعي الذي امتزج بالثقافي الأدبي منذ سنوات وحتى اليوم، وهي أصوات نساء استطعن التغلّب على الظروف ومواجهتها بالكتابات الإبداعيّة.

إن من يقرأ هذه الأنطولوجيا يتبدّى له المشهد الحيّ، إذ نلمح حوار الأجيال من إيتيل عدنان إلى إدفيك شيبوب إلى فيوليت أبو الجلد ودارين حوماني وليلى عيد وغيرهنّ من الأصوات النسائية التي فرضت نفسها في المشهد الثقافي اللبناني.

وندى غصن كاتبة ومترجمة مقيمة في باريس منذ عام 2006، قامت بترجمة العديد من المقالات وكتب الفن والروايات ونصوص الأفلام والمسرحيات ومجموعات القصص القصيرة والشعر من العربية إلى الفرنسية. وقد أسست منصة www.wordworld.online. أمّا بولينا فهي كاتبة بارعة ومؤرخة فنون ولدت في كراكوف، بولندا. درست في عدة مدن أوروبية كبرى، بما في ذلك روما وباريس وبرلين. نشرت بولينا عدة كتب شعرية، ورواية، وكتبت للمسرح والأفلام.

في الكتاب قصائد لـ: فيوليت أبو جلاد، إيتيل عدنان، سناء البنا، هدى النعماني، سوزان عليوان، منار علي حسن، تيريز عواد بصبوص، رومي لين عطية، ريتا بدورة، ريتا باسيل، فاليري كاشارد، هوغيت كالاند، ألميرا شاكال، أندريه شديد، ماجدة داغر، رنيم ضاهر، فريدا دباني، أماندا دوفور، ميريل عيد، ليلى عيد، جنى عيد، ندى الحاج، ماي إليان، تاميراس فاخوري، كلير جبيلي، ريم غندور، لور غريب، حلا غصن، جمانة حداد، كاتيا صوفيا حكيم، دارين حوماني، عناية جابر، مريم جنجلو، إدفيك شيبوب جريديني، هناء خاتون، فينوس خوري غاتا، ميشيل غاريوس، نادين مكارم، نهى موسوي، مي مر، أمل نوار، ميرا برنس، فيولاين برنس، ربى سابا، نهاد سلامة، كريستيان صالح، رلى صليبا، مو ماريا سركيس، ندى سطوف، مها سلطان، إيفون سرسق، سامية توتونجي، نادية تويني، هيام يارد، صباح زوين، عفاف زريق. وذلك برفقة أعمال فنية لكل من: إيتيل عدنان، لور غريب، هوغيت كالاند، عفاف زريق، منار علي حسن، جنى عيد، وكاتبة هذه السطور.




هنا حوار مع ندى غصن حول هذه الأنطولوجيا: 

(*) ما هي الأسس أو المعايير الأدبية التي جعلتك تختارين الشاعرات اللبنانيات في العمل على هذه الأنطولوجيا وما الهدف منها؟

الهدف من هذا الكتاب هو سرد قصة بلد على مدار قرن من الزمان، وهو ما يتوافق مع عمره من تاريخ تأسيسه، ومع بداية الشعر المعاصر. بصفتي امرأة لبنانية، لاحظت نقصًا في الأصوات النسائية في الشعر. هناك مختارات من الشعر اللبناني المعاصر، لكنها تحتوي على أصوات نسائية أقل بكثير من أصوات الرجال. وبالنظر إلى الإنتاج الشعري الكبير للنساء على مدى القرن الماضي، تهدف مختاراتنا إلى إبراز هؤلاء الكاتبات وجعل أصواتهن مسموعة.

(*) إنّ ما يميّز هذه الأنطولوجيا أنّها ترجمت باللغات الثلاث، فما هي أهمّيّة أن تكون أنطولوجيا نسائيّة باللّغات الثلاث للبنان البلد المبني على التنوّع والاختلاف؟

يتميز لبنان بتعدّد لغاته. فالشعب اللبناني يتكلم ثلاث لغات هي العربية والإنكليزية والفرنسية، وهذا له تأثيره حتى في خطاب الناس اليومي الذي يمزج بين هذه اللغات الثلاث. ومن المهم أيضًا ملاحظة أن اللغة ليست سمة من سمات الموقع الجغرافي للشاعرات. فمن بين شعب يعيش في المهجر ويعاني من هجرة دائمة، نجد كاتبات يعبّرن عن أنفسهن باللغة الإنكليزية عندما يعشن في فرنسا، وبالفرنسية عندما يعشن في مصر، وبالعربية عندما يعشن في كندا. اللغة التي نعبّر بها عن أنفسنا هي أيضًا ملاذنا الأخير عندما نعيش في المنفى.

(*) تنطلق الترجمة من محاور منها: العدم والليل وبيروت... لماذا هذه العناوين؟ هل القصائد قادتك إلى اختيارها؟

من بين جميع القصائد التي جمعناها بعد الإعلان عن إرسال النصوص والبحث في المكتبات عن دواوين وقصائد لشاعرات لبنانيات، كانت هناك مواضيع متكررة حفّزت اختيارنا للعناوين. لم نختر تصنيفًا زمنيًّا بل موضوعيًّا، فانتقلنا من الظلمة إلى النور، ومن العدم إلى المدينة والعنف ثم الثورة والوطن وأخيرًا الأحلام والأفق، وهي وجهة نظر شخصية وغير موضوعية عن تاريخ لبنان منذ ولادته إلى يومنا هذا، حيث شهد البلد حروبًا متعاقبة منذ نشأته، ولكن في هذه الفوضى جمال وفرح وخلق أيضًا. هذا ما يعكسه هذا الشعر وما أردنا تسليط الضوء عليه.



(*) ما هي أهمّيّة التجارب النسائية على صعيد التنوّع في المشهد الشعريّ النسائيّ اللبناني وتعدد المواضيع فيه من سياسية إلى اجتماعية إلى تناول مسألة المرأة وعلاقتها بالجسد وأسلوب حياتها؟

الشعر المعاصر هو شكل من أشكال التعبير العفوي الذي يعكس عصرًا ما ومشاكله. وغالبًا ما يرتبط شعر المرأة بموضوعات مثل الجسد والمشاعر ونزعة رومانسية معينة أو إيروتيكية. ولكن عند قراءة النصوص الكثيرة وجدنا النساء في مكانتهن يكتبنَ مثل الرجال، متبعات الحركات الأدبية لكل عصر، ومتطرقات إلى مواضيع سياسية واجتماعية ونسوية. شعرهن ملتزم جدًا ويتناول أيضًا العلاقة مع الجسد وكيفية عيشنا كنساء.

(*) ننتبه إلى حوار الأجيال الحاضر في هذه الأنطولوجيا خصوصًا وأننا نرى قصائد لإيتيل عدنان وللشاعرات الحاضرات والمؤثّرات في المشهد الثقافيّ اللبنانيّ. إلى أيّ مدى يمكن اعتبار هذا العمل جسرًا للتواصل بين الأجيال النسائية اللبنانية ما يُبعد القطيعة بينها؟

يمزج التنظيم الموضوعي للكتاب بين العصور وأصوات الشاعرات. لأن التاريخ دوري ويعيد نفسه. في الأربعينيات والستينيات كانت هناك أصوات أكثر حداثة وجرأة من اليوم. تمامًا كما يمكنك أن تقرأ قصيدة من السبعينيات وتشعر أنها تتحدث عن عصرنا الحالي. والهدف هو جعل هذا التعدد في الأصوات يتردد صداه وينسج الروابط بينها.

(*) بالنسبة إليك، إلى أيّ مدى استطاعت الشاعرات في هذه الأنطولوجيا أن يقلن عوالمهنّ، وأن تكون الكتابة حريّة وتعبيرًا عمّا يخالج روحهنّ؟ كونك ناقدة ومترجمة، ما الذي اختلف في شعر المرأة اللبنانية بين الأمس واليوم؟ ما الذي جعل هذه النصوص فريدة؟ ما الذي ميّز هذه الأنطولوجيا عن غيرها؟

الشعر المعاصر هو في حد ذاته حرية تعبير وكتابة. وقد كسر هذا الشعر قواعد الشعر الحديث، الذي كسر هو نفسه قواعد الشعر الكلاسيكي، فهو شكل من أشكال الشعر الذي لا يحترم أي قواعد في كتابته ويشبه النثر. أطلقت المرأة العنان لأفكارها، وغالبًا ما كان ذلك بطريقة فجة وحطمت الكثير من المحظورات. ففي الخمسينيات، على سبيل المثال، انتقدنَ السياسة بشكل مباشر، وكتبنَ قصائد سريالية ودادائية سمحنَ فيها للاوعي بالتعبير عن نفسه. ومع حركة spoken word المستوحاة من تقاليد موسيقى الجاز والسول والبلوز، وقبل كل شيء من جيل beat generation، والتي تنطوي على التعاون (أو التجريب) مع أشكال فنية أخرى، أصبح التعبير أكثر شفوية وجسدية وأحيانًا ارتجالية، كما نرى في شعر Slam اليوم. وخلاصة القول، استخدمت المرأة الشعر المعاصر للتعبير عن نفسها بحرية في مجموعة متنوعة من الموضوعات، وأحيانًا بالاشتراك مع ممارسات فنية معاصرة أخرى مثل الرسم أو النحت أو الأداء الجسدي... وقد أدرجنا بعض أعمالهن البصرية في الكتاب، لأننا نعتبر أن الشعر المعاصر لا ينفصل عن الفن المعاصر. وبهذه الطريقة يعود الشعر اليوم إلى الواجهة من جديد.

من الشاعرات في هذا الكتاب، من اليمين: ندى الحاج، إيتيل عدنان، عناية جابر، ليندا نصار، دارين حوماني، ولور غريب


(*) بالرغم من الأوضاع اللبنانية المعقّدة، صدرت هذه الأنطولوجيا وأبصرت النور. ماذا كانت التحدّيات التي واجهتك خلال العمل وبعد الإصدار؟

كان العثور على الأموال اللازمة لتمويل مختارات من أكثر من 400 صفحة وتطويرها وإنتاجها، لتضم أكثر من مئة قصيدة، تُرجمت كل منها إلى لغتين، تحديًا حقيقيًا. ولحسن الحظ، وجدنا شركاء من خارج لبنان في مؤسسات مثل "ميشالسكي" في سويسرا والمركز الوطني الفرنسي للكتاب، بالإضافة إلى مكتب الكتاب في السفارة الفرنسية في لبنان. نحن نواجه اليوم تحديًا آخر بعد ثلاثة أشهر فقط من النشر. فقد حقق الكتاب نجاحًا كبيرًا ونفد من المخزون. نحن بحاجة إلى جمع الأموال مرة أخرى لتمويل إعادة الطبع، ونحن نناشد الممولين العرب والخليجيين. وكان التحدي الآخر هو اختيار الشاعرات، اللاتي لا يقل عددهن عن 60 شاعرة في هذا الكتاب. وقد تم اكتشاف شاعرات جديدات خلال عملية النشر، وننظر في كيفية مواصلة المشروع.

(*) كيف استطعت أن تعكسي الثقافة اللبنانية من خلال هذه الأنطولوجيا؟

تتواجد الثقافة اللبنانية بكل تنوعها الجغرافي واللغوي من خلال الإنتاج الأدبي للشاعرات. وسواء كنّ يعشن في الولايات المتحدة أو الخليج أو أستراليا، تتشارك النساء اللبنانيات مدينة بيروت كنقطة مرجعية مشتركة. وتربطنا مواضيع الحرب والهجرة والمنفى والأحداث الأخيرة ببعضنا البعض. لبنان دولة لم تعمل على تاريخ مشترك أو ذاكرة مشتركة للحرب. نحن بحاجة إلى عمل يربطنا معًا، وهذا الكتاب هو محاولة للقيام بذلك. بشكل عام، يمتلك الفن والثقافة القدرة على جمع الناس معًا، فهما وسيلة جيدة لخلق روايات مشتركة.


(*) تشتغلون على تحضيرات للاحتفاء بالأنطولوجيا والشاعرات. ماذا تقولين عن أهمية هذا اللقاء؟

لقد نظمنا بالفعل العديد من الفعاليات حول الكتاب في فرنسا ومصر، حيث جمعنا شاعرات ومترجمات وناشرات، وقد أبدى الجمهور ووسائل الإعلام اهتمامًا كبيرًا بالأنطولوجيا. وقد حالت ظروف الحرب في لبنان في الأشهر الأخيرة دون نقل الكتاب وعرضه للبيع في لبنان، بالرغم من أن هذا البلد هو موضوع الكتاب! الجمهور اللبناني ينتظر أن يكتشف الكتاب ونحن ننتظر بفارغ الصبر سماع ردة فعلهم. من المقرر عقد لقاء متنوع بقراءات مع شاعرات مقيمات في لبنان في 8 آذار/ مارس الحالي، بمناسبة يوم المرأة العالمي في المعهد الفرنسي في بيروت.

(*) ماذا عن مشاريعك المستقبليّة؟

أود مواصلة هذا المشروع من خلال عروض مسرحية مصحوبة بالموسيقى. نحن بحاجة إلى التفكير في كيفية إنتاج هذا العرض وتقديمه للمؤسسات في مختلف البلدان. وهنا مرة أخرى، تلعب المسألة المالية دورًا مهمًا. وبعد النجاح الذي حققته هذه الأنطولوجيا، أعدت إطلاق مشروع قديم لجمع قصص قصيرة من اليمن، والذي توقف بسبب الحرب التي بدأت في هذا البلد في عام 2014. وكما هي الحال في لبنان، شهد اليمن سلسلة من الاضطرابات السياسية والثورات والصراعات منذ تأسيسه، والهدف من هذا الكتاب هو سرد قصة ماضي هذا البلد وحاضره من خلال الإنتاج الأدبي للعديد من كتابه، رجالًا ونساءً، الذين لا يزالون غير معروفين للجمهور العربي وبقية العالم.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.