}

ردفان المحمدي: الفن وسيلة مقاومة روحية

صدام الزيدي صدام الزيدي 20 يونيو 2025
ردفان المحمدي فنان تشكيلي يمني (مقيم في القاهرة منذ عام 2016)، من مواليد 1985، حاصل على دبلوم فنون جميلة عام 2004. شارك كمحكم في عدد من مسابقات الفن التشكيلي اليمنية والعربية. أقام خمسة معارض شخصية وشارك في عشرات المعارض حول العالم، وحصل على عدة جوائز محلية ودولية. نسّق لعدة معارض وملتقيات وصالونات فنية، منها: معرض قطري يمني في الدوحة بمناسبة الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010؛ الصالون الدولي للفن التشكيلي- القاهرة، 2024؛ المعرض التشكيلي الجماعي للفنانين اليمنيين ضمن افتتاح مكتب رابطة معونة لحقوق الإنسان- نيويورك، 2025. كما عمل في التدريب على فنون الرسم والتشكيل ضمن ورش عمل محلية وعربية. اقتُنيت عدد من لوحاته من قِبل: متحف الفن الوطني الصيني؛ مؤسسة بارجيل للفنون (الشارقة- ليتوانيا)؛ وزارة الثقافة اليمنية؛ طيران اليمنية؛ مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة (تعز)؛ مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، وعدة شركات تجارية ورجال أعمال من اليمن والوطن العربي.
وهو عضو أساسي في الجمعية اليمنية للفنون والتصميم، والرابطة العربية للفنون، عضو مؤسس لبيت الفن (تعز)، عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، ومؤسسة عبد القادر الحسيني للفنون- القاهرة، ورابطة فنانين بلا حدود، واتحاد رواد الفن التشكيلي العربي.

هنا حوار معه:

(*) مؤخرًا افتتحتم غاليري في نيويورك ليكون بوابة للفن اليمني، حدثنا عنه؟
افتتحنا الغاليري ليكون امتدادًا طبيعيًا للمنتدى العربي للفنون، وأطلقنا عليه اسم "ديما آرت غاليري". جاء تأسيسه ليكون مساحة دائمة للفن اليمني، إلى جانب احتضانه للأعمال الفنية العربية والعالمية. ويُعد هذا المشروع فرصة حقيقية لإثبات أن اليمن، رغم التحديات، قادرة على الحضور الفاعل والراقي في المشهد التشكيلي العالمي، بل والمساهمة في تنسيقه وصياغة رؤاه الجمالية.


(*) سنوات من الغياب عن الوطن؛ ما الذي أنجزته وهل يأخذك حنين لليمن؟
رغم الغياب الجسدي، لم أنفصل عن اليمن يومًا. السنوات التي قضيتها بعيدًا عن الوطن كانت مليئة بالعمل والانفتاح على تجارب فنية من مختلف الثقافات. شاركت في عشرات المعارض الدولية، ووسعت من أدواتي ورؤيتي التشكيلية. لكن الحنين لليمن ظل حاضرًا في كل عمل، في كل لحظة. الوطن ليس فقط مكانًا، بل هو شعور راسخ في القلب وفي تفاصيل الذاكرة البصرية.

(*) كيف ترى إلى واقع التشكيل اليمني عمومًا في العقد الأخير الذي شهدت فيه البلاد اضطرابات وحالة صراع وانقسام سياسي... وهل استطاع الفنانون التشكيليون اليمنيون مواكبة الحركة التشكيلية في المنطقة العربية بشيء من التجديد والمغايرة؟
رغم قسوة الواقع وتراجع الدعم المؤسسي، الفن التشكيلي في اليمن لم يمت. على العكس، برزت طاقات شابة وتجارب فردية حملت في طياتها قدرًا من التجديد، وطرحت أسئلة جمالية نابعة من واقع معقّد ومؤلم. هناك من واكب الحركة التشكيلية العربية بإصرار، ونجح في تقديم نفسه خارج حدود اليمن. ومع ذلك، لا تزال الحاجة ماسة إلى حاضنات فنية حقيقية تعزز هذا المسار وتمنحه استمرارية.


(*) وماذا عن الحرب، كيف تمت مقاربتها تشكيليًا؟
الحرب تركت أثرًا عميقًا على كل مبدع يمني، والفن كان أحد وسائل المقاومة الروحية والتعبير عن الوجع. بعض الفنانين اختاروا التعبير المباشر، والبعض الآخر – وأنا منهم – تناولوا الحرب من خلال رمزياتها، وما تتركه من ندوب داخلية وصمت ثقيل. لوحاتي حاولت أن تنقل إنسانية الإنسان اليمني في مواجهة العبث، وأن تحافظ على مساحة أمل وسط الركام.

(*) كنت محظوظًا بالاقتراب من الفنان التشكيلي اليمني الكبير الراحل هاشم علي. تتلمذت على يده لثلاث سنوات تقريبًا. فما الذي قدّمته لك هذه الفترة وما الذي تخبئه شخصية هاشم علي الإنسان، لا الفنان المعروف؟
تجربتي مع الأستاذ هاشم علي كانت من أجمل مراحل حياتي. تعلمت منه الكثير فنيًا، لكن الأهم من ذلك أنني تعلمت كيف يمكن للفن أن يكون موقفًا إنسانيًا. كان متواضعًا، قريبًا من الجميع، يعامل طلابه كأبنائه، ويمنحهم الثقة حتى قبل أن يكتمل وعيهم الفني. كان يؤمن باليمن، بالفنان اليمني، وبقدرته على خلق الجمال رغم الصعوبات.


(*) هل يمكن القول إن انطلاقتك الفنية ضمن عمل مؤسسي بدأت في عام 2009 عندما تم تكليفك مديرًا لبيت الفن في تعز، وهي تجربة مهّدت للمنتدى العربي للفنون، والذي قمت بتأسيسه في العاصمة صنعاء بعد ذلك؟
بالتأكيد، عام 2009 كان نقطة تحوّل في مسيرتي. تولي إدارة بيت الفن منحني فرصة لتنظيم المشهد الفني، والتفاعل مع فنانين ومبدعين من مختلف المحافظات. هذه التجربة جعلتني أدرك أهمية العمل المؤسسي في دعم الفنون، ومن هنا بدأت فكرة المنتدى العربي للفنون، الذي سعيت من خلاله إلى توفير فضاء حر يجمع الفنانين ويوفر لهم أدوات العرض والتطوير والتوثيق.

(*) أكثر من 60 معرضًا دوليًا للفن التشكيلي شاركت فيها منذ عام 2010 فصاعدًا، في كل من إيطاليا، المملكة المتحدة، الصين، ليتوانيا، الكويت، مصر، قطر، الجزائر، الأردن، تركيا، السعودية، السودان، سلطنة عمان، لبنان، تونس، الولايات المتحدة، فرنسا. هذه الحصيلة من المشاركات والمثاقفات الفنية، ما الذي أضافته للتشكيلي ردفان؟
كل معرض كان تجربة مختلفة، وكل دولة كانت حوارًا جديدًا بيني وبين جمهور مختلف. هذه المشاركات منحتني مساحة لتوسيع رؤيتي، للتفاعل مع مدارس وأساليب فنية متنوعة، ولطرح تجربتي اليمنية في سياق عالمي. كما أنها عززت من حضوري كفنان، ومنحتني فرصة تمثيل اليمن بكرامة وإبداع على الساحة الدولية.

(*) ثمة حصيلة مشرقة من الجوائز، تتلون بها رحلتك لفنية، نذكر منها: جائزة أفضل فنان تشكيلي عربي قسم "فيجراتيف ارت" (لندن 2016)، جائزة معرض رؤى عربية (القاهرة 2019)، جائزة المدرسة الواقعية التشخيصية (ملتقى المبدعين الدولي التاسع- القاهرة، 2018). برأيك، ما الذي تضيفه الجائزة للفنان المتمكن عمومًا؟ وعلى الصعيد الشخصي، ما الذي أضافته لك هذه الحصيلة من الجوائز؟
الجائزة لا تصنع فنانًا، لكنها تقدير للجهد واستحقاق يُعطي دفعة معنوية مهمة. على المستوى الشخصي، كانت الجوائز شهادة على أن ما أقدمه يُقابل بالتقدير خارج حدود بلدي، وأن الصوت اليمني يمكن أن يلقى صدى واسعًا. كما أنها فتحت لي أبوابًا جديدة للمشاركة والعرض، وزادت من مسؤوليتي تجاه ما أقدمه فنيًا.

(*) لنختم الحوار معك بالحديث عن المنتدى العربي للفنون الذي أطلقته منذ سنوات ومعهد ديمة للفنون الذي أطلقته العام المنصرم. ما حصيلة ما أنجزه المنتدى من أنشطة فنية وإبداعية، وما هي أهداف معهد ديمة، وإلى أين وصلتم في مشروع "أعلام الفن اليمني"؟
المنتدى العربي للفنون حقق الكثير رغم الصعوبات. نظّمنا معارض وورش وندوات استضفنا فيها فنانين من اليمن وخارجه، وسعينا لتوفير بيئة حاضنة للفنانين الشباب. أما مشروع "أعلام الفن اليمني"، فقد بدأنا بخطوة التوثيق البصري والشفهي لأهم الأسماء اليمنية، على أمل أن يتحول إلى مشروع بحثي ومعرفي متكامل يحفظ ذاكرة الفن التشكيلي اليمني للأجيال القادمة.
أما معهد ديمة للفنون، فهو امتداد للمنتدى على أن يكون المنتدى متخصصًا بالفعاليات فقط والمعهد متخصصًا بالتدريب.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.