}

يدٌ في الهواء

رولا الحسين 7 أبريل 2017
شعر يدٌ في الهواء
لوحة للفنان السوري سامر إسماعيل

يد في الهواء

‎يدها اليمنى

‎مسدلة

‎بموازاة جنبها الأيمن

‎طرف ظفر أصبعها الأوسط

‎يصل عند أعلى ركبتها

‎يمر إبهام يدها على باقي أصابع يدها

‎وعندما ينتهي من الاطمئنان عليهم

‎يلمس مع باقي الأصابع

‎قماش الفستان

‎ليتحققوا من رقّته

‎على فخذها،

‎أصابع اليد اليمنى نفسها

‎تصعد

‎لتتحسس أطراف خصلة شَعرٍ

‎لفحتها حرارة شمس الظُّهر الدافئة

‎ثمّ تكمل حتى أسفل الخد الأيمن

‎قرب الذّقن، عند الحنك

‎تقرصه

‎قرصة لطيفة أكثر من مرَّة

‎بالإبهام والسّبابة

‎ثمّ تنزل اليد

‎لتعدّل حِزام الحقيبة

‎عند كتفها الأيسر

‎وتستقر ثواني على الكتف

‎وتربت عليه

‎قبل أن تهبط

‎عائدة إلى جانبها الأيمن

‎بأصابع مرتخية

‎بعيدة قليلة عن بعضها البعض

‎بما يكفي ليمرّ الهواء بينهم

‎ويحرّكهم كمن يعزف ببطء

‎على مفاتيح بيانو وهمي.

بحثٌ

‎لدي

‎في يدي

‎لمسات كثيرة

‎بعضها رقيق

‎للوجه

‎ينتظر عند أطراف أصابعي

‎وبعضها عنيدٌ

‎للأكتاف

‎يحتلُّ كل أصابعي

‎أُبقي يدي مفتوحة

‎ألمس راحة كفِّي بأطراف أصابعي

‎ألمس أطراف أصابعي بطرف إبهامي

‎وأخبِّئ يدي في جيبي

‎لِيَدٍ

‎تبحث عنها.

 

يدٌ لم تمتدّ

 

‎الشّاب

‎الذي يجلس على طاولة مجاورة لها في المقهى

‎كتفه يكاد يسند كتفها

‎يمكنها أن ترى شعيرات لحيته القصيرة

‎وعدُّها واحدة واحدة

‎أذناه نظيفتان

‎وشعره ليس قصيرًا وفيه بعض الشّيب

‎التشيرت البيضاء التي يرتديها

‎تفوح منها رائحة معطّر غسيل 

‎تتأمّل أظافر أصابعه القصيرة

‎وهو يرفع فنجان قهوته

‎عن الصحن أسفل الفنجان

‎يرتشف منه مرّتين

‎تستطيع تذوّق طعمها المرّ

‎قبل أن يعيد الفنجان فوق الصحن

‎ثم يضع مرفقه على جنب مقعده

‎تكاد أو تمدّ يدها خلف رأسه

‎وتلمس رقبته الطّريّة الخالية من الشَّعرِ

‎أو تمرّر أصابع يدها فوق أصابع يده

‎ثم تضع يدها على وجهه

‎تبقيها هناك بضعة ثوانٍ

‎قبل أن تبعدها

‎وتحمل حقيبتها على كتفها وتغادر

‎كحلم قصير.

من خلف النافذة

‎يمرُّ الأصدقاء أمام نافذتي

‎أراهم يتحدّثون

‎ يضحكون

‎يرقصون

‎وبعضهم يموت أيضًا

‎أسمع في نشرة الأحوال الجوّيّة المسائية

‎أن الطَّقس يكون جميلًا في بعض الأوقات

‎أصدّق

‎فأرتدي ملابس ملائمة

‎وأحضر مشروبًا يناسبه

‎أحيانًا أضع نظارات شمسية

‎وأفتح ستائر نافذتي

‎وأراقبه

‎يلوّح لي الأطفال بأيديهم الصغيرة

‎أمرّر لهم قطع حلوى

‎يحدِّقون في عينيّ كي أفتح لهم الباب

‎ثمّ يغادرون

‎وخيبتهم تغطي وجوههم

‎تصلني في ليلة رأس السنة

‎أضواء الألعاب النارية البعيدة

‎بتصاميم أشكالها الجديدة

‎بلا صخب ضجيجها

‎تقول أمِّي إن في حديقتنا الخلفية

‎شجرة تزهر ورودًا ألوانها ساحرة

‎أصدّقها أيضًا

‎فرائحة ورودها تصلني

‎حين أشقّ النّافذة

‎لأزيل لطخة عصفور ما

‎عن زجاجها

‎حين أستيقظ أحيانًا

‎أكون أكثر سُمرة

‎ويداي تكونان ملطختين بالشوكولا

‎وفي شعري وردة لونها ساحر

‎وعند حافّة نافذتي

‎عصفور

‎لا يعرف كيف دخل

‎وكيف يخرج. 

ظنون خاطئة

‎كُنَّا ظننَّا

‎أنَّ العزلة

‎تضفي سحرًا على مظهرنا

‎وتترك سرًّا في عيوننا

‎ورغبة لدى العابرين

‎للبقاء حولنا.

‎وظننَّا

‎أن فضول الآخرين اتجاه

‎نظراتنا الحزينة

‎سيأتي لنا

‎بابتساماتٍ

‎ترفعنا قليلًا عن الأرض،

‎وأن كلماتنا القليلة

‎ستملأ فراغ

‎جملًا طويلة

‎لن يكن هناك داعٍ لأن يقولها أحد. 

‎ظننا أننا

‎كِنَّا بحلول الآن

‎سنصبح

‎آخرين،

‎بلا خطوطٍ رقيقة حول الفم

‎بلا نظرات معلقة في الغيوم

‎بلا نوبات هلع مسائية لا يعلم بشأنها أحد،

‎نلبي دعوات نهايات أسبوع مع الأصدقاء

‎وننظر من بعيد

‎بفضول

‎في عيون مليئة بالأسرار

‎ونحاول إنقاذ أصحابها

‎مما ظنوه

‎سحرًا سيدوم.

لو أني عرفت

‎كان كل شيء سيختلف.

‎كل ما حصل

‎لربما كان لن يحصل.

‎ولو أني عرفت،

‎كنت ابتسمت أكثر

‎وكذبت بين الحين والآخر

‎وغضّيت النَّظر عن نكتة سيئة،

‎كنت سرقت ذاك الشاب من حبيبته

‎وقبلته،

‎كنت على الأقل

‎بقيت لوقت أطول أينما كنت

‎قبل أن أعود ركضًا إلى كنبتي،

‎كنت شربت القهوة

‎التي لا أحبها

‎وربما تناولت السلطة

‎كما يفعل الجميع

‎واستخدمت كلمتي "شكرًا" و"عفوًا" أكثر

‎وسخرت أقل

‎ورقصت دون أن أطير

‎كنت اتصلت

‎بالذين وعدتهم بالاتصال

‎وفتحت الباب عندما طُرق،

‎لو أني عرفت

‎كنت سأكون الآن

‎أشبهكم أكثر

‎وأشبهني أقل.

 

عام متعب

‎تعبت كثيرًا هذا العام،

‎أثناء البحث عنك، قبَّلت كثيرين

‎أكثر مما يقبِّل الممثلون في الأفلام،

‎خنت كلبتي مرتين،

‎حقدت على 5 فتيات نحيفات،

‎استيقظت كل الدقائق الطويلة

‎بين الفجر والصبح،

‎تناولت الماغنيسيوم مرتين يوميا،

‎تفقدت وزني كل صباح،

‎غضبت من وزني كل صباح،

‎استمعت إلى أخبار جارة أمي

‎عن رحم ابنتها المعطل،

‎وأضحكت أمي وصديقتها

‎كل مساء،

‎أعدت طرح كل الأسئلة

‎مع علامات تعجب

‎وانتظرت كل الوقت.




*شاعرة من لبنان

قصائد اخرى للشاعر

قص
21 أكتوبر 2019
شعر
7 أبريل 2017

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.