}

انتصارات صغيرة

عباس بيضون عباس بيضون 28 يونيو 2020
شعر انتصارات صغيرة
"خلق آدم" لمايكل أنجلوـ سقف كنيسة سيستين بالفاتيكان (Getty)
ألمك الذي ينتقل إليّ

لا يحمل إسمًا

ولا عنوانًا

لا أدري من أين أتى

ولا كيف عثر عليّ

لم يكن هو العجوز

الذي مرّ تحت الشرفة

ولا الغيم الذي ركب السماء

لم يكن طعم الإكي دينيا

ولا كلمة عن شرق أوروبا

لم يكن أنت

كان فقط ألمك

الذي سمّاك لي

أعدّ خطواتي بخوف

لكن أتابع العدّ

لا أعرف متى يحصل الرقم المشؤوم

الذي أفوّته دائمًا

لكن أعرف أنه قد يوجد بالخطأ

في فسحة فارغة

قد يكون سقط

بدون أن أشعر

في ركبتي

قد يكون عثرة قادمة

قد يكون هذه القصيدة

التي ليس لها ما وراءها

ولا ما بعدها

فالشعر الآن هو هذا الجسد

الذي أربّيه للحظة

أعرف أنه فيها فقط

ينتصر على نفسه

لا شيء أسلّمه للغد

ولا أعرف ماذا ينتظر هناك

هل سيكون حقًا موبوءًا

أنه زمني الخاص

أشتغله بمنتهى الزهق

وسأتركه في حجرتي

وعلى سريري

مع وجع اليد اليمنى

ومكابدات النوم

مع الرّسائل المتوعّدة

التي تصل بنصف صورة

ونصف صوت

بثانيتين قبل اليقظة

مع ذلك أكمل تماريني

التي أجرّ نفسي إليها

مع دوام التفكير

بأني لا أستطيع أن أكملها

وأني في كلّ لحظة

أكاد أخرج منها

مع ذلك أفهم بسأم كامل

أنني هكذا أغلب نفسي

وأحقّق بدون أن أصدّق

إنتصاراتي الصغيرة

وهذه القصيدة التي لا أطمع

في أن تسمّيني شاعرًا

هي فقط معركتي

وسأكون وحيدًا معها في الحجرة

وربما تكون وداعًا للشعر

أو مجرّد يأس منه

خير لي أن أعرف نسبة الكولسترول

في طعامي

إنها عدد كبير من الأعداد

من الأرقام الهائلة التي تغطّي على عمري

والتي هي أثمان كلّ ما طلبته

ترتفع كلّ دقيقة

ووحدها تكبر كلّ صباح

تنمو وتتسلّق

لدرجة تغرقني

آخذ أدويتي الكثيرة

لأنتصر على قلبي

وأعود إلى سريري

الذي أعانيه

بدون أن أستطيع

اقتلاع نفسي منه

وحدي مع كتاب

وحدي على الشرفة

وحدي مع ألم القريب

وهذه كلّها

إنتصاراتي الصغيرة على نفسي..

عباس بيضون.. الشعر الآن هو هذا الجسد

قصائد اخرى للشاعر

شعر
28 يونيو 2020

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.