كلّ صباح أختار شارعًا
لأقضي نهاري في قلبه
وحين يجنُّ الليل
أكتب له قصيدة شكر
أشكره على مصاطب
لم يجلس عليها سواي
وشجيراتٍ اختبأتُ خلفها
حين لمحت من بعيد رجلًا يعرفني
أشكره لأنّه كاد أن يبكي
عندما التفتُّ إليه
كما لو أنّه يقول لي:
عدْ ثانيةً
إن لم تجد شارعًا يؤويك.

***

كلُّ الدموع لها بيوت
فلمْ أقرأ أبدًا عن دمعةٍ مشرّدة
لم أصادف منها
ما يتدحرجُ في الشوارع
ولم أجد طوفانًا
يعزى إلى فيض من البكاء
نحن يا صاح
بيوت دافئة لدموع الآخرين
بيوتٌ تصدح بأسماء البكائين الحزانى
أولئك الذين ينتحبون
عندما يسكنون أرواحنا
دون أن يعرفوا

***

كل شيء على الطاولة الوحيدة:
فناجين القهوة الفارغة
بقايا الخبز اليابس
مناديل من سارعوا بالخروج من البيت
وحقائب من وصلوا متأخّرين
فناموا
كلّ شيء
حتّى بقايا دمعة رجلٍ
كان ينوي الخروج
ولم يعرف إلى أين

***

سأقول: وداعًا للجبل
جبلٌ أخرس
يصمّ سمعه العشب اليابس
وأكداس الطيور النافقة
أشرت إليه بيدي
فعرفت أنّه بلا عيون
تتبع خطى المودّعين
حشوت قلبه بالديناميت
فانفجر
مخلفًا حفرًا عميقةً
ينام في جوفها رجالٌ آخرون
لا يعرفون بأيّةِ لغة يودعون الجبل
حين تتكاثر الحفر في جبينه...

* شاعر عراقي/ الأردن.