}

هزيمة حرب فلسطين 1948.. أبعد من أسلحة فاسدة

حسام أبو حامد حسام أبو حامد 29 أغسطس 2021
آراء هزيمة حرب فلسطين 1948.. أبعد من أسلحة فاسدة
مقاتلون عرب في منطقة الخليل بفلسطين (1948/Getty)
كتب إحسان عبد القدّوس، في "روز اليوسف"، بتاريخ 10 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1950، أن الجيش المصري تعرض للخيانة في حرب فلسطين عام 1948، وأن أسلحة فاسدة زُوّد بها الجيش المصري المقاتل في فلسطين قد قتلت جنوده قبل أن تقتل العدو، محملًا مسؤولين مصريين، وسماسرة سلاح، مسؤولية الهزيمة في تلك الحرب. وأثار مصطفى مرعي القضية في مجلس النواب. بعدها، اضطر وزير الحربية، في حينه، إلى تقديم بلاغ للنائب العام بتاريخ 20 يونيو/ حزيران 1950 للتحقيق في صفقات السلاح التي كتب عنها عبد القدّوس، وأثارت الرأي العام المصري. في تلك الأثناء، قامت ثورة الضباط الأحرار، 23 تموز/ يوليو 1952، وتناول أول بيان لها تلك القضية على لسان البكباشي أنور السادات، بقوله: "وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين".
لا تزال قضية "الأسلحة الفاسدة مثار نقاش وجدل. هنالك من يعدونها أكذوبة، وهنالك من يستمر في التعامل معها كإحدى الحقائق الثابتة. لكن يبدو أن هزيمة العام 1948 أبعد من أن تكون مجرد هزيمة بأسلحة فاسدة.



جاهزية الجيش المصري

الضباط الأحرار بعد ثورة 23 تموز/ يوليو 1952


كانت تقارير أجهزة الدولة المصرية تؤكد وجود رأي عام مصري مؤيد بشكل متصاعد للقضية الفلسطينية، لا سيما بعد أنباء المجازر التي ترتكبها العصابات الصهيونية في فلسطين.




وفي 14 مارس/ آذار 1948 التقى النقراشي باشا، رئيس الوزراء المصري في حينه، بالملك فاروق لمعرفة توجيهاته بشأن ما ينبغي أن يكون عليه الموقف المصري من قضية فلسطين خلال أسابيع قد تكون حافلة. أخبره الملك أنْ ليس في ذهنه شيء نهائي، لكنه متأكد من أن مصر لا يمكن لها أن تبقى متفرجة، فما يجري في فلسطين أمر يهم مستقبل وأمن مصر. مع هذا الرد، خرج النقراشي مرتاح البال، كما أخبر بعض حاشيته. كانت القيادات المصرية تعلم صعوبة تدخل القوات في فلسطين طالما أن الإنكليز لن يسمحوا لأي تعزيزات بعبور قناة السويس، ولن يسمحوا للقوات الموجودة في رفح بالتقدم أكثر، وكان شيوخ السياسة المصرية يتداولون في جلسات مغلقة أمام مجلسي النواب والشيوخ ما لم يكن في إمكانهم التصريح به علنًا أمام الشعب المصري. وفي إحدى تلك الجلسات، طرح إسماعيل صدقي باشا على البرلمان المصري 14 سؤالًا، وطلب من النواب الإجابة عليها ليتم بناء على تلك الإجابات تقرير ما إذا كان الجيش المصري مستعدًا للمعركة أم لا. أثار ذلك غضب النواب، واتهمه بعضهم بالخيانة.
في كل حال، توجّب البحث عن بدائل لعدم جاهزية الجيش المصري، في ظل حظر أممي، وبإشراف بريطاني، على توريد الأسلحة لمصر، فاقترح المستشار الملكي لوزارة الخارجية، وحيد رأفت، أن يتم فتح باب التطوع أمام المستعدّين للمشاركة في الدفاع عن فلسطين، بوصفها مشاركة مقبولة في القتال إذا ما دعت الضرورات لذلك، من دون أن يكون ذلك تدخلًا رسميًا في الحرب تترتب عليه تكاليف ومخاطر غير معروفة. ودفع نقص التسليح، وضيق الوقت، القيادة المصرية إلى تشكيل لجنة "احتياجات الجيش" في 13 مايو/ أيار 1948، ومُنحت صلاحيات واسعة لشراء السلاح من كل الجهات، في أسرع وقت، من دون قيدٍ، أو رقابة.

جنود فلسطينيون غير نظاميين بالقرب من شاحنة إمداد مدرعة من الهاغاناه على الطريق إلى القدس ( 1948/Getty)


كان الاقتصاد المصري لا يزال منهكًا بعد الحرب العالمية الثانية التي تحملت خلاله مصر أعباء جهود حربية هائلة جرت على أراضيها من دون أن يكون لها أي دور. وكانت الجبهة الداخلية المصرية غير مستقرة؛ اغتيل رئيس الوزراء، أحمد ماهر، عام 1946، وتوالت بعده سلسلة من الاغتيالات، لا سيما تلك التي نفّذها "التنظيم الخاص" التابع لحركة الإخوان المسلمين؛ كما تفشى وباء الكوليرا بشكل غير مسبوق منذ قرون ما بين 1946 و1947؛ فشل النقراشي باشا في عرض القضية المصرية على مجلس الأمن للتحكيم الدولي لنيل الاستقلال، على غرار سورية ولبنان؛ في مطلع عام 1948 حدث أول إضراب للشرطة المصرية؛ انتشرت منشورات تحمل توقيع جماعات سرية يعتقد أنها تابعة للجيش.




سادت هواجس جاهزية الجيش المصري للقتال، وهو الجيش الذي لم يخض حربًا منذ العزلة التي فرضت عليه بعد هزيمة محمد علي عام 1839، ومعاهدة عام 1840. مع ذلك، وبعد أسابيع من لقاء النقراشي المذكور مع الملك فاروق، سوف يتخذ الملك فاروق قرار دخول الجيش المصري الحرب في فلسطين.



قرار الحرب
لعبت عوامل مختلفة دورها في قرار الحرب الذي جاهر به الملك فاروق لإنقاذ الفلسطينيين من ظلم اليهود. حصلت مصر على إشارات بريطانية بأنها سئمت من تصرفات العصابات الصهيونية في فلسطين، وأنها ترغب في تأديبها، مع قناعتها، وهي تنوي الانسحاب من فلسطين، أنها لن تتمكن من منع حرب دموية بين العرب واليهود، ولا تمانع في حماية الفلسطينيين في المناطق التي خُصّصت لهم بقرار التقسيم، كما أبدت استعدادها لفتح مخازن أسلحة الجيش البريطاني في قناة السويس للمصريين لأخذ السلاح منها عبر توافق أمني، من دون اتفاق سياسي معلن، بوصف ذلك إجراء مؤقتًا لحين تتخذ الحكومة البريطانية قرارًا وعدت به في موضوع توريد الأسلحة إلى مصر.
دخلت الجيوش العربية الحرب فعلًا في 15 مايو/ أيار، تحت ضغط موجة الغضب الشعبي العارم، خصوصًا بعد مجازر العصابات الصهيونية في دير ياسين في 9 أبريل/ نيسان 1948، وما بعدها.
كان الفيلق العربي التابع للجيش الأردني أفضل قوة مقاتلة ترفع علمًا عربيًا، وعوّلت العواصم العربية على جاهزية وخبرة القوات الأردنية، وأبدت استعدادها لدعمها ماديًا وعسكريًا، ومنح الملك الأردني عبد الله القيادة العليا للقوات العربية.



إنقاذ اللحظة الأخيرة
عوّل الجميع على مقدرات الجيش الأردني، وعلى افتراض مفاده أن القوات اليهودية، في حال نشوب الحرب، ستجد أن واجبها الأساسي هو المحافظة على سلامة وأمن المثلث الحيوي؛ من القدس "الجديدة" إلى تل أبيب، ومن القدس "الجديدة" إلى حيفا، ومن حيفا إلى تل أبيب. بذلك، تكون معركتهم أسهل من المتوقع، وأقل تكلفة. لم تمتلك الجيوش العربية التي تداعت، وهدفها المعلن إنقاذ فلسطين، أي هدف استراتيجي، بل تصورات عامة، وبدا عملها تناديًا بالنجدة في اللحظة الأخيرة، وتُركَ لكل طرف أن يقدّم من الموارد ما يستطيع، من غير التزام محدد، في غياب منطق القتال في حرب مشتركة.




في الجبهة الشمالية، لم يتجاوز الجيش اللبناني بحكم إمكانياته منطقة الناقورة، ورغم حماسة الضباط والجنود السوريين للقتال، لم تتوفر لهم لا الإمكانات ولا الأوامر ليصنعوا جبهة، ولم يرسل السوريون إلى القتال سوى ربع الجيش السوري، تخوفًا من خسارتهم استقلال سورية بسبب أطماع الجوار العربي، أما خلافات فوزي القاوقجي مع عبد القادر الحسيني فدفعته إلى رفض توفير الدعم العسكري للحسيني، وترك العصابات الصهيونية تهاجم "الجهاد المقدس" من دون أن يتدخّل. وبخلاف معركتهم في "سمخ"، بقيت معظم عمليات الجيش السوري القتالية من قبيل الفر والكر. التناقض بين حماسة المقاتلين، وغياب الإرادة السياسية، كان ذريعة لأول انقلاب عسكري في سورية قاده حسني الزعيم، بعد شهور من حرب 1948.
في الجبهتين الجنوبية والوسطى، توافرت قوات أربعة جيوش ملكية عربية. بقيت القوات العراقية في إطار السياسات الأردنية، فضّل فيصل أن يكون موجودًا خشية أن يُفوّت أي مكاسب محتملة، أكثر مما كان مستعدًا لتحمل خسائر. أما بالنسبة لابن سعود، فخشي أن يوسع الهاشميون أملاكهم، ويقدّموا أنفسهم حماة للأماكن الإسلامية المقدسة في فلسطين، وينافسونه على زعامة العالم الإسلامي. قدمت السعودية دعمًا ماليًا ولوجستيًا أكثر مما شاركت في المعارك، وبقيت مشاركتها مقتصرة على سريّة صغيرة أُلحقت بالجيش المصري، لكن محاولة جنود سعوديين ذبح أسيرين صهيونيين دفعت المصريين إلى إخراجها من الجبهة. فعليًا، لم يكن في الساحة إلا الجيشين المصري والأردني. بالنسبة إلى الملك فاروق، كان حريصًا على أن لا يصبح الهاشميون القوة الملكية الأكبر في الشرق. لم يكن هنالك تنسيق بين الجيشين، من ذلك انسحبت القوات الأردنية من غزة إلى شمال الجليل في 7 أيار/ مايو 1948، قبل أيام من وصول القوات المصرية إليها، مما ترك فسحة لقوات يهودية تقدمت من النقب إلى خليج العقبة لتحتل موقع أم الرشراش الذي بُني عليه لاحقًا ميناء إيلات.



الأسلحة فاسدة
كانت القيادة السياسية المصرية ممثلة في الملك فاروق، ورئيس الوزراء النقراشي باشا، قد قررت دخول حرب فلسطين عام 1948، قبل نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين بأسبوعين، وأقرّ البرلمان المصري دخول الحرب قبلها بيومين فقط، من دون أي تحضير، وقبل التأكد من توفّر القدرات التسليحية اللازمة. منحت لجنة "احتياجات الجيش" صلاحيات هائلة من دون رقابة ملائمة، لتوفير الأسلحة بأي طريقة، في ظل قرار مجلس الأمن الدولي بحظر بيع الأسلحة للدول العربية وإسرائيل. سمح لهذه اللجنة بحرية الحركة في هذا المسألة، وعدم التقيد بالقوانين المالية المعمول بها في ذلك الوقت، وقد تم الشراء عن طريق سماسرة يسعون إلى الربح، بعكس الاتفاقيات الخاصة بالتسليح التي تتم بين دول. تحايلت مصر على الحظر، وعقدت صفقات تحت غطاء أسماء وسطاء مصريين وأجانب، ما فتح الباب على مصراعيه للتلاعب بالأسعار، والحصول على عمولات غير مشروعة، مقابل أسلحة لم تكن مطابقة للمعايير المطلوبة، على أقل تقدير.




في إحدى حلقات برنامج "شاهد على العصر"، على قناة الجزيرة، ذهب رئيس أركان الجيش المصري خلال حرب 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، سعد الشاذلي، وأحد الضباط المشاركين في حرب عام 1948، إلى أنه كانت هنالك بعض الأسلحة الفاسدة، إلا أن الأمر لم يخلُ من مبالغات، وشرح المسألة بتوضيحه أن شراء أسلحة من السوق السوداء، وبشكل متسرع، لا يتيح لعناصر الجيش التدرب عليها، وأمام العجز عن استخدامها الأمثل، يمكنهم القول إن الأسلحة فاسدة. أما اللواء محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر العربية، فرفض الانزلاق مثل كثيرين غيره إلى تفسير هزيمة عام 1948 بالأسلحة الفاسدة، التي استخدمت للدعاية ضد النظام القائم حينذاك، وانتهت بالبراءة في عهد الثورة.

إسماعيل حرب وأنور  السادات وسعد الدين الشاذلي أثناء حرب أكتوبر 1973


كانت القوات الإسرائيلية تفوق القوات المصرية في العدد والتسليح والتدريب. في الواقع، بلغ عدد القوات الصهيونية حوالي 70200 عسكري، ومع اشتداد المعارك بعد الأسبوع الأول من الحرب، وصل العدد إلى ما يقارب 100000 مقاتل، مدربين ولهم خبرات سابقة، ويتعاملون مع أحدث الأسلحة من مصادر متنوعة، أما الجيوش العربية مجتمعة، فلم تحشد للحرب أكثر من 22000 عسكري، ينقص كثير منهم العتاد والتدريب. وقد دحض المؤرخ، وعضو الكنيست، ميخائيل بار أون، الذي خدم عام 1948 في الجيش الإسرائيلي، أسطورة تفوق فئة قليلة على فئة كثيرة، كما تكرّسها الأدبيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية في دراسة بعنوان "داوود مقابل جوليات"، ويعتقد أن عدد الجنود اليهود فاق عدد الجنود العرب بثلاثة أضعاف، لأن دولًا عربية اكتفت بإرسال عدد هامشي من الجنود، فيما امتنعت أخرى عن التدخل في الحرب. ورأى أن أقلية مقابل أكثرية ما هو إلا ادعاء خاطئ من ناحية الحقائق، وينقصه فهم عوامل الانتصار، واستخلاص الدروس المطلوبة. ومع أنه لا مانع بالنسبة له من رواج الأسطورة لدى عامة الإسرائيليين، لكنه يحذر منها عندما تدخل رؤوس الجنرالات.
وفي مذكراته يذهب ثروت عكاشة، الذي كان ضابط استخبارات في حرب فلسطين، أن ما حدث لم يتعد انفجار أربعة مدافع 25 رطلًا نتيجة خطأ في تعبئة ذخيرتها الإنكليزية، وكان مثل هذا الحادث قد وقع للجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية. ولذلك، قامت المصانع البريطانية بإصلاح هذا الخطأ في الذخيرة التي بحوزة المصريين بعد القتال، ويعتقد أن إرجاع هزيمة الجيش المصري في فلسطين عام 1948 إلى فساد الأسلحة والذخائر كعامل أوحد فيه تجاوز للحقيقة.




في الواقع، سعت الحكومة المصرية عقب الحرب إلى إعادة بناء قواتها العسكرية، ففي مارس/ آذار 1949، طلبت الحكومة المصرية من بريطانيا تزويد جيشها بطائرات مقاتلة، ومعدات وقطع غيار عسكرية أخرى. ووفق تقرير "سري للغاية" أعدته إدارة الإنتاج الحربي المشترك في وزارة الدفاع البريطانية، فإن مصر قررت في شهر يوليو/ تموز، إنشاء مصنع محلي لتصنيع الطائرات. واستمرت المشاورات، بين الأجهزة البريطانية والمصريين حتى بدأت ثورة 23 يوليو/ تموز، التي فجّرت العداء بين النظام المصري بزعامة جمال عبد الناصر والمملكة المتحدة.



خاتمة
كانت المفاجأة أنه بعد قيام الثورة، وتحديدًا في يوم 10 يونيو/ حزيران 1953، صدر حكم المحكمة ببراءة كل المتهمين في قضية "الأسلحة الفاسدة" من التهم المنسوبة إليهم، ما عدا اثنين، حكم على كل منهما بغرامة 100 جنيه، وهما القائمقام عبد الغفار عثمان، والبكباشى حسين مصطفى منصور. كما تأكد من شهادات الجنود والضباط أن هذه الأسلحة التي تم شراؤها في صفقات مشبوهة لم يكن لها تأثير في الحرب، ولم يكن هناك فيها فساد في نوعياتها، وإنما في طريقة شرائها، والأرباح التي حققها السماسرة والمسؤولون الحكوميون. ويقول محمد حسنين هيكل، الذي كان معاصرًا لهذه الأحداث، إن موضوع الأسلحة الفاسدة كان واحدًا من ذرائع ثورة يوليو، وأظهرت التحقيقات في القضية مسألتين: الأولى، أنه كانت هنالك بالفعل أسلحة فاسدة، لكنّ نسبة هذه الأسلحة كانت في الحدود المعقولة، وعلى ضوء الظروف التي تمّ فيها شراؤها، مع وجود مبالغات في الأسعار استفاد منها بعضهم، والثانية هي تبرئة النظام الملكي من القضية.
يبدو أن إحسان عبد القدوس قد روّج لـ "الأسلحة الفاسدة" بالتواطؤ المباشر، أو غير المباشر، مع الضباط الأحرار، بغرض تقليب المصريين على الملك، تمهيدًا للانقلاب عليه في يوليو/ تموز 1952، ووَصف الانقلاب بالثورة. لكن جمال عبد الناصر في كتابه "فلسفة الثورة"، أسقط أسطورة الأسلحة الفاسدة، ورأى أنه لو كانت هنالك أسلحة فاسدة، ومتهمون، لما تمّت تبرئتهم. اللواء أركان حرب متقاعد، مصطفى ماهر، الرئيس السابق للجنة العسكرية في ثورة 23 يوليو، ذهب، في شهادته على تلك الأحداث، إلى أنه بعد حكم المحكمة في القضية، قابل بنفسه عبد القدّوس، وطلب منه مصارحته بالحقيقة بعد انتهاء القصة، فقال له: "أنا افتعلت هذه القصة، وروّجت لها، ونفخت فيها بهدف توضيح عجز الأحزاب في ذلك الوقت عن إحداث تغيير، وأن القوى الوحيدة التي تستطيع التغيير هي القوات المسلحة، فأردت أن أستفزّ وأثير حماس ضباط القوات المسلحة".
لا تتعلق القضية بأسلحة فاسدة بقدر ما تتعلق بأنظمة فاسدة. معها، لا تزال هزائمنا في معاركنا الداخلية والخارجية مستمرة حتى اليوم.


هوامش:
1 ـ يذهب محمد حسنين هيكل إلى أن صدقي باشا اعتقد بقدرة مصر على التعايش مع دولة يهودية إلى جوارها، وأنه كان على صلات وثيقة باليهود المصريين، رئيسًا، أو عضو مجلس إدارة، لأكثر من خمس عشرة شركة يملكها، أو يسيطر عليها، رجال أعمال يهود، وأنه التقى في صيف عام 1946، بوصفه رئيسًا للوزراء في حينه في الإسكندرية بإلياهو ساسون، وأبدى تأييده لقرار تقسيم فلسطين، شرط أن تضمن له الوكالة اليهودية موافقة دول عربية أخرى حتى لا يبدو موقف مصر منفردًا، وأن يتم دعم مصر في مفاوضاتها مع بريطانيا بشأن الجلاء، وإقناع الولايات المتحدة بدعم الاقتصاد المصري.
2 ـ يمتلك هذا الفيلق خبرة قتالية اكتسبها في غير معركة، فتدخل لتصفية انقلاب ضباط المربع الذهبي، وإسقاط حكومة رشيد عالي الكيلاني، وتدخل في سورية لتصفية حكومة فيشي الفرنسية التي استسلمت للألمان.


إحالات:
1 ـ محمد حسنين هيكل، العروش والجيوش: قراءة في يوميات الحرب، ج1، ط7، (القاهرة: دار الشروق، 2002).
2 ـ محمد حسنين هيكل، العروش والجيوش: أزمة العروش ضد الجيوش، ج2، ط4، (القاهرة: دار الشروق، 2002).
3 ـ محمد حسنين هيكل، سقوط نظام: لماذا كانت ثورة يوليو 1952 لازمة؟، ط2، (القاهرة، الشركة المصرية للنشر العربي والدولي، 2003).
4 ـ محمد نجيب، كلمتي للتاريخ، ط3، (القاهرة، المكتب المصري الحديث، 2011).
5 ـ ثروت عكاشة، مذكراتي في السياسة والثقافة، ط2، (القاهرة: دار الشروق، 1990).
6 ـ فتحي خطاب، "في ذكرى النكبة: حقيقة موازين القوى في حرب 1948"، موقع تلفزيون الغد على الرابط: https://bit.ly/3mabFhE.
7 ـ عامر سلطان، "‘مصر أعدت بعد هزيمة 48 أضخم مشروع في تاريخها لإنتاج سلاحها محليًا بموافقة بريطانية وأميركية ـ وثائق بريطانية"، بي بي سي نيوز: https://bbc.in/3z7Au1n.
8 ـ لقاء الشاذلي مع أحمد منصور في برنامج "شاهد على العصر" على يوتيوب: https://bit.ly/2W3dGkX.
9 ـ هزيمة 48 وحقيقة الأسلحة الفاسدة من حصار الفالوجا حتى ثورة يوليو، صحيفة البيان: https://bit.ly/3gsqatx.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.