}

ذكرى نصف قرن لاغتيال غسان كنفاني.. ثقافة الكلمة المقاومة

أنطوان شلحت أنطوان شلحت 8 يوليه 2022

 

لا شكّ في أن ذكرى مرور نصف قرن على اغتيال الأديب الفلسطينيّ غسان كنفاني، التي تصادف اليوم، 8 تموز/ يوليو، تقتضي منّا استعادة الكثير من الأمور ذات الدلالة المرتبطة بسيرة حياته، وكذلك بإنتاجه الأدبيّ والبحثيّ ودوره الإعلاميّ والسياسيّ، مما يتطلب حيّزًا واسعًا.
وبناء على ذلك، ارتأيت أن يقتصر حديثي على عملية اغتياله، وكيف تمت مقاربتها إسرائيليًا لاحقًا لوقوعها من جهة، فضلًا عن تناول جانب واحد من جوانب حضوره في المشهد الثقافي الإسرائيلي من جهة أخرى، وهو جانب تقديم مسرحية عن روايته "عائد إلى حيفا" في أحد أكبر المسارح الإسرائيلية في تل أبيب عام 2008 وما أثاره ذلك في حينه من زوبعة وسجالات من شأنها أن تلقي الضوء عمومًا على الموقف الإسرائيلي من قضية فلسطين ومن الفلسطينيين وثقافتهم، والذي صار إلى مزيد من التشدّد منذ ذلك الوقت.

غير أنه قبل ذلك من الحقّ أن يُشار إلى أنه منذ أن بدأ كنفاني كتابته الأدبية كانت له بصمة باقية ولا سيما في سياق السعي لاستكشاف الصفة الخاصة جدًا للقضية الفلسطينية من دون التنازل عن صنعة هذه الكتابة أو عن فنيتها، إلى جوار كونه من الآباء المؤسسين للرواية الفلسطينية، لا بمعنى الأسبقية الزمنية بل بالمعنى الأعمق للتأسيس، وهو تأسيس فنية الرواية ذاتها.

كما أنه كان من الأدباء الذين تبنّوا منهجًا تركيبيًّا في الكتابة، جاء ليخدم مقولة له فحواها: "أنا أريد أن أقول شيئًا، وأحيانًا أستطيع قوله بكتابة الخبر الرئيسي في صحيفة الغد، وأحيانًا بصياغة الافتتاحية و.. أو صياغة خبر صغير في صفحة المجتمع. بعض المرات لا أستطيع أن أقول الذي أريد إلا بقصة".

ولدى قراءة كنفاني الباحث من الصعوبة بمكان إقامة حدّ فاصل بين نتاجه الأدبي، الذي توزع على "جانرات" متعدّدة، وبين بحوثه التاريخية والأدبية، وأهمها بحثه التاريخي عن ثورة 1936 وبحوثه الأدبية: "أدب المقاومة في فلسطين"، و"الأدب الفلسطيني المقاوم"، و"في الأدب الصهيوني". ففي هذه البحوث، كما في نتاجه الأدبي عمومًا، يظهر كنفاني حاملًا على كتفيه مشروعًا ثقافيًا- سياسيًا يتغيّا جبهتين: الأولى قومية عربية، والثانية وطنية فلسطينية. ولعل مقارنة جوهر هذا المشروع بما يجري الآن على الجبهتين ذاتهما تكشف لنا عمق غاياته، وضرورته في آنٍ.

 



"عائد إلى حيفا" على خشبة المسرح في تل أبيب.. عودة إلى الحدث وبعض الدلالات


في صيف 2008 بدأت في "مسرح الكاميري" في تل أبيب عروض مسرحية "عائد إلى حيفا" المأخوذة عن رواية تحمل الاسم نفسه لغسان كنفاني، والتي سبق أن تُرجمت إلى اللغة العبرية في عام 2001. وأعدّ النص المسرحي الكاتب والصحافي الإسرائيلي بوعاز غاؤون، وقام ممثلان عربيان بأداء دوري الزوجين الفلسطينيين. وجيّر معدّ النص المسرحيّ الثيمـة الرئيسة في الرواية، التي تحكي قصة عائلة فلسطينية شُرّدت من مدينة حيفا في عام 1948، وفي غمرة ذلك تركت وراءها طفلها الصغير، الذي سرعان ما تبنته عائلة يهودية لإحدى النساء الناجيات من المحرقة النازية وربته تربية صهيونية، كي يدخل مجموعة تعديلات على المسرحية تهدف إلى "معادلة" معاناة المشردين الفلسطينيين جراء النكبة بمعاناة ضحايا المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية، بقصد الإيحاء مسبق البرمجة والأدلجـة بأنه لا يجوز إعادة العجلة إلى الوراء، وذلك إخلاصًا لوجهة تأخذ في اعتبارها الحاضر أساسًا، وليس الماضي التاريخي، والتي تعتبر أرضية صلبة لذريعة عدم جدوى فتح "ملف 1948" في نصوص أدبية إسرائيلية كثيرة.



وعلى ما يبدو فإن هذه التعديلات ساهمت في "تخفيف" وطأة الطرح الأصلي الذي انطوت عليه رواية كنفاني، ومؤداه اعتبار إقامة إسرائيل محصلة إثم فظيع ارتكبته الحركة الصهيونية وتسبّب باقتلاع السكان الفلسطينيين من بيوتهم وتشريدهم من وطنهم. ولكن على الرغم من هذا فإن المسرحية أثارت عاصفة كبيرة حتى قبل أن يبدأ المسرح بعرضها على الجمهور الواسع. ومن جملة ذلك أنه في أوائل نيسان/ أبريل 2008، حضرت مجموعة من ناشطي اليمين الإسرائيلي المتطرّف إلى إحدى القاعات في مدينة يافا، حيث كانت تجري المراجعات الأخيرة على المسرحية، ونظمت قبالتها تظاهرة احتجاجية رفعت خلالها شعارات كتبت عليها عبارات من قبيل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحيي مسرح الكاميري على تشجيعه تحرير حيفا ويافا من ربقة الاحتلال الصهيوني" و"الله أكبر" و"اذبح اليهود"! وفي أعقاب هذه التظاهرة عممت بضعة تنظيمات يمينية إسرائيلية متطرفة بيانًا على شبكة الإنترنت نعتت فيه كنفاني بلقب "القاتل الأكبر"، ودعت الجمهور الإسرائيلي العريض إلى مقاطعة المسرحية والمسرح الذي أنتجها.

 

 وفي ردة فعل عاجلة على ذلك قال "مسرح الكاميري" إن هذه العاصفة تؤكد، أكثر شيء، حالة كسلٍ ذهنيةٍ، وتشير إلى تطوّر "صنف جديد من النقد المسرحي الإسرائيلي"، هو الذي يهاجم المسرحية حتى قبل أن تُعرض على الخشبة. وحرص المسرح، من ناحية أخرى، على توكيد أن مؤلف المسرحية هو كاتب إسرائيلي، وأنها اعتمدت على رواية كنفاني وحسب، وأن "العديد من مؤسسات التربية والتعليم في إسرائيل سبق أن تبنت رواية كنفاني، نظرًا لمساهمتها في فهم الهوية العربية". وأضاف المسرح أن فئة المنتقدين لا تزال أسيرة تفكير قديم بأن الآخر هو عدو لا أكثر، وأنه يجب فرض الصمت على الأصوات الفنية كافة وأن يبقى الهدير من نصيب المدافع فقط.

مشهد من "عائد إلى حيفا" على خشبة "مسرح كاميري"



وأكد القيمون على المسرح: "إننا نفكر بطريقة مغايرة. وإن ’مسرح الكاميري’ يفتخر بتقديمه مسرحية ’عائد إلى حيفا’، ويعرب عن غضبه إزاء ما تعرضت له من هجوم لا يمت بصلة إلى الواقع. وندعو جمهورنا كافة، بمن فيه الذين يشنون الهجوم علينا، إلى حضور المسرحية والتفاعل مع ما تنطوي عليه من أحداث ومفارقات، وإلى التماثل مع معاناة العائلتين، العربية واليهودية، اللتين تتصارعان على أحقيتهما في الولد نفسه. ربما هذا هو ما يثير حنق المهاجمين، أي خطر أن يجدوا أنفسهم يذرفون الدمع جراء آلام الآخر ومعاناته".

أمّا مؤلف المسرحية بوعاز غاؤون فقال لصحيفة "هآرتس": "لم أكن أعرف أن الرعب من النبش في جذور الصراع بات في الوقت الحالي أكبر مما كان عليه في عام 1969، في إبان نشر الرواية الأصلية... لست معنيًا بالدخول في جدل مع أشخاص يهاجمون المسرحية حتى قبل مشاهدتها، ومن دون قراءتها أو قراءة رواية كنفاني. لعل الأمر الذي يخيف هؤلاء هو أن يكون هناك مشاهدون تؤدي المسرحية إلى تماهيهم مع معاناة الطرف الآخر".

من الجائز أن المسرحية هدفت إلى أن تتيح إمكان التماهي مع معاناة الفلسطيني، غير أن معادلة ألم الزوجين الفلسطينيين بألم عائلة يهودية ناجية من أتون المحرقة النازية تنطوي على خلطٍ مريبٍ للأوراق. فضلًا عن ذلك فإن المسرحية تعرض العائلة اليهودية في سياق من الكينونة المنطقية والمبرّرة مبنى ومعنى، بدءًا بـ "تسلمها" البيت الفلسطينيّ في عام 1948 بعد تجاوزها محنة المحرقة وانتهاء بعام 1967 واستقبالها العائلة الفلسطينية وإبدائها الاستعداد لأي حل وسط إنسانيّ يخفّف محنة تلك العائلة، في حين أن تاريخ هذه الأخيرة يبدأ في المسرحية من عام 1967 واستعادة ما حلّ بها من نكبة في عام 1948 تتم على لسانها فقط، وهذا التسلسل يمنح العائلة اليهودية صدقية أكثر، علاوة على مدّها بقدر من التفوّق الأخلاقيّ.

وفي حقيقة الأمر فإن بعض النقد الإسرائيلي للمسرحية انتبه إلى مثالب الطرح القائم على احتواء المحرقة النازية للنكبة الفلسطينية وما يسفر عنه من خلط للأوراق ومن خدمة للرواية الإسرائيلية المتعلقة بنكبة 1948. فمثلًا أبرز الناقد المسرحي في صحيفة "هآرتس"، ميخائيل هندلزلتس، البون الشاسع بين حرص المسرحية على توكيد مقولة فحواها أن مشكلة الصراع "كامنة في الإنسان" كما لو أنه غير خاضع للسياسة وممارساتها ومحدداتها وبين هيمنة واقع الاحتلال الإسرائيلي في إثر حرب حزيران/ يونيو 1967 القائم على التضحيـة بالإنسان. وهاجم ناقد آخر، هو كوبي نيف، واقع جعل البطلين الفلسطينيين في المسرحية يتكلمان اللغة العبرية ليس مع الشخصيات اليهودية فحسب بل أيضًا فيما بينهما، في حين أن اللغة تعتبر عنصرًا مركزيًا من عناصر الهوية، ليخلص إلى الاستنتاج بأن اليهود صادروا مرة أخرى من العرب حق التكلم بلغتهم الأم، ولذا فإن المسرحية بدت أقرب إلى استمرار الاحتلال إنما بطرق ناعمـة.

مشهد من مسرحية "عائد إلى حيفا"


وبطبيعة الحال فإن المسرحية الإسرائيلية تكذب في تأويل لجوء كنفاني إلى اختيار عائلة يهودية ناجية من المحرقة كي تستوطن البيت الفلسطيني وتستملك ما يحتويه كله من بشر وأثاث، ذلك بأنها رأت أن هذا الاختيار يشفّ فقط عن تماهٍ مع محنة اليهود ضحايا المحرقة، بينما توحي وقائع رواية "عائد إلى حيفا" بمحصلة مغايرة جملة وتفصيلًا، مؤداها وقوع الفلسطيني ضحية لـ "الضحيـة" برغم أنه لا ناقة له ولا جمـل في أحداث المحرقة. وفي غمرة ذلك فإنه يصوّر الصراع بين الحق والباطل، بين صاحب البيت والمستعمر الغاصب في رحلة دائمة للاستقرار واسترداد الحقوق إن لم يكن في الحاضر، فعلى الأقل في المستقبل.

وما نصادفه في الرواية هو أن الإنسان في نهاية الأمر قضية، وليس دمًا ولحمًا فقط، وأن حقيقة الإنسان هو ما يحقن فيه ساعة بعد ساعة ويومًا بعد يوم وعامًا بعد عام. وبعد هذا لم يعد أمل في استعادة الابن، بل ينشأ في ذهن الأب الفلسطيني ذلك الصراع الأبدي بين الماضي الذي يمثله ابنه هذا الذي تنكر له (خلدون، أو دوف) وبين المستقبل الذي يمثله خالد، الابن الثاني الذي ولد بعد ولادة خلدون بثلاثة أعوام والذي طالما ألّح على أبيه بأن يسمح له بالانضمام إلى صفوف الفدائيين. ويضيع الأب في حمأة السؤال عن حقيقة الوطن: هل هو الأبوة أم البنوة...؟، ويقول بعد مرارة الذي عاشه: "لقد أخطأنا عندما اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط، أما خالد فالوطن عنده هو المستقبل". ويشعر الأب بعودته هذه أنه كان يعاكس مجرى التاريخ، ويسبح ضد التيار، ليخلص إلى النتيجة الحتمية التي هي المسؤولية الجماعية، فيقول مخاطبًا ربة العائلة اليهودية: "أتعرفين شيئا يا سيدتي؟ يبدو لي أن كل فلسطيني سيدفع ثمنًا، أعرف الكثيرين دفعوا أبناءهم، وأعرف الآن أنني أنا الآخر دفعت ابنًا بصورة غريبة"، ثم يجيء قرار الحسم وهو يغادر المنزل، فيخاطب ساكنيه قائلًا: "تستطيعان البقاء مؤقتا في بيتنا، فذلك شيء تحتاج تسويته إلى حرب".

 

اعترفت إسرائيل لأول مرة وبشكل رسمي أن عملاء جهاز الموساد هم الذين اغتالوا كنفاني بزرع عبوة ناسفة في سيارته، في سياق تقرير الصحافي إيتان هابِر



اعتراف متجدّد بمسؤولية

إسرائيل عن اغتيال كنفاني

كانت هناك مسألة أخرى أعادتها تلك المسرحية إلى الصدارة وتكمن في إجماع معظم التقارير الصحافية الإسرائيلية، التي غطت العاصفة الملازمة لها، على أن إسرائيل هي التي ارتكبت جريمة اغتيال كنفاني يوم 8 تموز/ يوليو 1972. ولا يعد هذا الكشف جديدًا كل الجدة، ذلك بأن إسرائيل سبق أن اعترفت لأول مرة وبشكل رسمي أن عملاء جهاز الموساد هم الذين اغتالوا كنفاني بزرع عبوة ناسفة في سيارته، وذلك في سياق تقرير بقلم المعلق الصحافي الواسع الإطلاع إيتان هابِر نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، وانطوى على "كشف جديد" لمعلومات تتعلق بـ "حملة الثأر" التي نفذها عملاء الموساد في عدد من الدول ضد فلسطينيين في أعقاب مقتل رياضيين إسرائيليين خلال دورة الألعاب الأولمبية في عام 1972 في مدينة ميونيخ الألمانية.

يشار إلى أن هابِر، وهو الناطق بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، وكاتب خطاباته، كان قد ألّف سوية مع د. ميخائيل بار زوهر كتابًا في هذا الموضوع بعنوان "مطاردة الأمير الأحمر" علي حسن سلامة.

وجاء في التقرير المنشور في "يديعوت أحرونوت" أنه في إثر قيام مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين باختطاف أحد عشر رياضيًا إسرائيليًا كانوا يشاركون في دورة ألعاب ميونيخ الأولمبية قامت الشرطة الألمانية بقتل جزء من الخاطفين والرياضيين الإسرائيليين كلهم.

وكتب هابِر أن "الألمان، بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية، لم ينووا تحرير الخاطفين. فقد انتظرهم شرطيون ألمان في المطار وفتحوا عليهم النيران ما أدى إلى مقتل الرياضيين وعدد من الخاطفين". وأضاف أنه "بعد عامين من تلك العملية (أي في عام 1974) تبين أن القتلى جميعًا قضوا بنيران القناصة الألمان، برغم أن الاعتقاد السائد كان أن الرياضيين قتلوا على أيدي الخاطفين". وتابع أنه على الرغم من ذلك فقد أصدرت رئيسة الحكومة الإسرائيلية في حينه، غولدا مائير، أمرا بالانتقام، وتم تشكيل لجنة وزارية كُلفت بمهمة إصدار "أحكام بالإعدام". وتشكلت اللجنة الوزارية الإسرائيلية من مائير نفسها ومن وزير الدفاع موشيه ديان، ووزير الخارجية يغئال ألون، والوزير بدون حقيبة يسرائيل غليلي، ورئيس الموساد تسفي زامير، ومستشاري رئيسة الحكومة للشؤون الاستخباراتية أهارون يريف ورحبعام زئيفي (الأخير أصبح وزيرًا في حكومة أريئيل شارون الأولى في عام 2001 وقتل على أيدي فلسطينيين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في فندق "هيات" في القدس).

اعترفت إسرائيل من خلال تقرير هابر بقيام عملائها بقتل علي حسن سلامة وبفشل محاولة اغتياله الأولى في بلدة ليلهامر بالنرويج حيث تم قتل نادل مغربي يدعى أحمد بوشيكي خطأ


وبحسب هابِر فانه عندما تقرر تنفيذ "أحكام الإعدام" بحق فلسطينيين في عواصم أوروبية تبيّن أن قاعدة جهاز الموساد في أوروبا لم تكن بالحجم الكافي، وأن أذرع جهاز المخابرات الإسرائيلية كانت "ضعيفة" ولم تكن قادرة على اختراق الجاليات العربية في أوروبا. وعقب ذلك قام الموساد، المسؤول عن عمليات إسرائيل في الخارج، بتجنيد دعم من الأذرع الأمنية الإسرائيلية كلها، بينها جهاز الأمن العام ("الشاباك") والوحدة العسكرية النخبوية المعروفة بالوحدة رقم 504، كما تم تجنيد أبرز رجال المخابرات المعروفين بقدراتهم على جمع المعلومات مثل شموئيل غورن وباروخ كوهين وتسادوق أوفير ورافي سيتون وإليعازر تسَفرير ومايك هراري وناحوم أدموني، وهذا الأخير كان مسؤولًا عن العلاقات مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية.

وكان قناصة الشرطة الألمانية قتلوا بالإضافة إلى الرياضيين الإسرائيليين خمسة من الخاطفين من أصل ثمانية فيما تم اعتقال الثلاثة الآخرين. وبعد بضعة أشهر تم الإفراج عن الخاطفين الثلاثة عقب اختطاف طائرة تابعة لشركة لوفتهانزا الألمانية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته ولم تتمكن الاستخبارات الإسرائيلية بعدها من اقتفاء آثارهم.

ولفت المعلق الصحافي إلى أنه على الرغم من مرور أعوام طويلة على حملة "الانتقام" الإسرائيلية التي جاءت في إثر أحداث ميونيخ إلا إن العديد من المعلومات ما زالت طيّ السرية. وقال إن أحد أوائل الأشخاص الذين نفذت إسرائيل بحقهم "حكم الإعدام" كان منتميًا إلى منظمة "أيلول الأسود"، لكن رغم مرور الأعوام فان اسمه وظروف مقتله وحتى كنيته ممنوعة من النشر حتى الآن. وتابع أن هناك عمليات تم التخطيط لها لكنها لم تخرج إلى حيّز التنفيذ.

واعترفت إسرائيل، من خلال تقرير هابِر هذا، بقيام عملائها بقتل علي حسن سلامة وبفشل محاولة اغتياله الأولى في بلدة ليلهامر في النرويج حيث تم قتل نادل مغربي يدعى أحمد بوشيكي خطأ. وتابع التقرير الإسرائيلي أن سلامة قتل لدى مروره بسيارته قرب سيارة مفخخة في بيروت.

وادعى هابِر بأنه قتل في "حملة تنفيذ أحكام الإعدام" الإسرائيلية أناس "على الرغم من عدم وجود علاقة لهم بالإرهاب عامة وعملية ميونيخ خاصة". وأضاف: "يعترفون الآن في الموساد بأن هناك من سقط ضحية في أعقاب القرار القاضي بخلق أجواء من الرعب والردع في صفوف الجالية الفلسطينية في أوروبا. ولعل أبرز هؤلاء كان غسان كنفاني، أحد أشهر الأدباء الفلسطينيين في الفترة التي أعقبت عام 1948... وقد قضى نحبه في عام 1972 في سيارته بعدما زرع ’مجهولون’ عبوة ناسفة فيها"، على حدّ تعبيره.
بطبيعة الحال فإن ما يقوله هابر لا ينفي أن قرار اغتيال غسان كنفاني يعكس، بكيفية ما، خوف إسرائيل من الكلمة المقاومة لا أقل من خوفها من الرصاصة.

 

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.