Print

فلسفة فتغنشتاين والسلوكية موضوعًا لسيمنار المركز العربي

28 يونيو 2020
أجندة
استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، عن بُعد ونقلٍ مباشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب)، الدكتور رجا بهلول، أستاذ الفلسفة ورئيس برنامج الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم يوم 24 حزيران/ يونيو 2020، محاضرة بعنوان "فتغنشتاين والسلوكية المنطقية".
استهلّ رجا بهلول محاضرته بالحديث عن نشوء النزعة السلوكية وتعدد مقارباتها، ومن ثمّ تعدد تسمياتها: السلوكية المنهجية Methodological Behaviorism، والسلوكية السيكولوجية Psychological Behaviorism، والسلوكية الراديكالية Radical Behaviorism، والسلوكية الفلسفية Philosophical Behaviorism، والسلوكية المنطقية Logical Behaviorism، والسلوكية التحليلية Analytical Behaviorism؛ إضافةً إلى تسميات لمواقف سلوكية لا تعدو كونها إعادة تعريفٍ أو تحديدٍ جديد لواحد أو أكثر من المفاهيم المستخدمة في هذه النظرية السلوكية أو تلك، كمن يتكلم عن السلوكية الجزيئية Molecular Behaviorism، ونقيضها الذي يشار إليه بتسمية Molar Behaviorism. وأوضح الباحث في هذا الصّدد أن الأمر يتعلق بنطاق الأشياء التي يجوز أن ننسب السلوك إليها؛ أي إعادة تعريف مفهوم السلوك. كما يشير بعض الكتّاب إلى ما قد يقال إنه نوعٌ بريء من السلوكية يطلق عليه "السلوكية بوصفها موقفًا" Behaviorism as an Attitude، أو بالأحرى، السلوكية بوصفها مزاجًا عامًا لا يلزم صاحبه بأكثر من القول بضرورة التزام بعض القيود الإمبيريقية عند قيامنا بنسبة حالات أو أوضاع أو سيرورات سيكولوجية، إلى من تجوز نسبة مثل هذا الحالات أو الأوضاع أو السيرورات إليهم.
ثم انتقل الباحث إلى تخصيص الحديث عن ذلك النوع من السلوكية الذي يُعتقد في العادة أنّ فتغنشتاين كان من أنصاره، إن لم يكن من مؤسسيه؛ وهو ما أشار إليه بمصطلح "السلوكية المنطقية". فطرح سؤالين مركزيين يؤسّسان لمقاربته في هذه الورقة البحثية: ما المقصود بالسلوكية المنطقية؟ وهل كان فتغنشتاين سلوكيًا بمعنى من المعاني؟
وللإجابة عن هذين السؤالين، عرض الباحث مقدمةً تاريخية للنمط السلوكي في التفكير؛ وذلك بقصد وضع فكر فتغنشتاين في الإطار العام والسياق التاريخي لهذا النوع من التوجه الفكري، ثم عرض للسلوكية المنطقية في مرحلتين من مراحلها التاريخية: المرحلة المبكرة عند رودلف كارناب في ثلاثينيات القرن العشرين، ثم المرحلة المعاصرة عند دانيال دينيت. وانتقل بعد ذلك إلى تقديم بعض الحجج التي يسوقها بعض شرّاح فتغنشتاين للقول بأنه لم يكن سلوكيًا البتّة، متناولًا إياها بالنقاش والتقييم.
أنهى الباحث محاضرته بالقول إنه بالقدر الذي كتب فيه فتغنشتاين بوضوح وبطريقة حاسمة حول موضوع السلوك وعلاقته بمسألة الذاتية، يظهر أنّ الاتجاه الغالب في تفكيره كان سلوكيًا، على الرغم من أنه لم يكن قادرًا على إدارة الظهر لاعتبارات الذاتية. فهناك توترات في فكر فتغنشتاين، وليس هناك غير هذا من تفسير للآراء المتعارضة التي يقدمها المعلقون. فلا يقدم فتغشتاين جوابًا حاسمًا عن السؤال: كيف لنا أن نحول دون قسمة الإنسان إلى جانبين، جانب الروح وجانب الجسد؟ يمكن القول إنّ محاولات فتغنشتاين لنقض الديكارتية بأيّ ثمنٍ هي بالتحديد ما جعله يميل نحو السلوكية. وأوضح أنّ مساهمته في هذه الورقة البحثية تتمثل في البناء على إنجازات كل من فتغشتاين والسلوكية المنطقية بشكلها المعاصر، لاقتراح "تضعيف" أطروحة التماثل الكامل في الحالات السيكولوجية التي تضيق الخناق كثيرًا على الذاتية، ولكن دون التخلّي عن فكرة تحدد الحالات السيكولوجية بناء على السلوك؛ ما يفسح المجال للقول إنّ الذاتية، وإن كانت غير قابلة للاختزال إلى سلوك، فإنها من حيث المبدأ دومًا قادرة، بل مضطرة، إلى التعبير عن نفسها من خلال السلوك؛ ذلك أنه الطريقة الوحيدة التي توجد الذاتية من خلالها.
وأعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه عن بُعد الباحثون في المركز العربي، وخبراء معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من الخارج، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.

 # فيديو محاضرة الدكتور رجا بهلول "فتغنشتاين والسلوكية المنطقية":