Print
نواف التميمي

مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، حضور عربي لافت

22 سبتمبر 2015
سينما
يعدّ "مهرجان تورنتو السينمائي الدولي" (10 - 20 سبتمبر / أيلول) من أهم التظاهرات السينمائية العالمية، وأهمها في أميركا الشمالية. وإذ يدشّن هذا العام دورته الأربعين، فقد تميّز باستقطاب عدد من النجوم العالميين. وكان العرض الأوّل الافتتاحي مع فيلم " ديموليشن" للمخرج جان مارك فاليه وبطولة الممثل الأميركي جيك غيلنهال وناعومي واتس. ورغم وفرة عدد الأفلام المشاركة هذا العام (ثلاثمائة فيلم من 70 دولة)، إلا أن الحضور العربي بدا لافتًا، فقد تميّز أولًا بتمويل مشترك فضلًا عن المنح التي تقدّمها مؤسسات سينمائية وثقافية عربية، على رأسها "مؤسسة الدوحة للأفلام"، وصندوق "إنجاز" و"آفاق".
ويمكن التدليل على الحضور العربي اللافت من خلال ثلاثة من المخرجين العرب المعروفين: الفلسطيني هاني أبو أسعد الذي يشارك بفيلم طويل "ذا أيدول / يا طير الطاير" وفيه يستلهم قصّة نجاح المغني الفلسطيني محمّد عساف في برنامج المواهب المعروف. هذا هو العرض الأول لفيلم أبو أسعد، وقد حظي فيلمه بدعم إنتاجي من "مؤسسة الدوحة للأفلام". صور الفيلم في كلّ من قطاع غزة ومدينة جنين في فلسطين، وعمّان والبحر الميت في الأردن. ويقول مخرج الفيلم إن قصة "يا طير الطاير" تعطي صورة رمزية عن الكفاح من أجل الحرية وتحقيق الطموحات والأحلام ، والإيمان بأن لا شيء مستحيلا أمام المثابرة والاجتهاد، وأن الفقر لا يحول دون الوصول إلى قمة النجاح والشهرة والمجد.
الفيلم الثاني المميّز فلسطيني أيضًا للمخرجة مي المصري صاحبة التجربة الطويلة في الأفلام الوثائقية العرض الأوّل لفيلمها الروائي الأوّل "3000 ليلة" وهو إنتاج فلسطيني فرنسي أردني لبناني مشترك، ويشارك في بطولته ميساء عبد الهادي ونادرة عمران، ويحكي الفيلم قصة معلمة فلسطينية شابة يتم اعتقالها ظلماً في سجن إسرائيلي وتضع مولودها فيه، لتربي طفلها وسط حالة تمرّد تطلقها مجموعة من المعتقلات الفلسطينيات والسجينات الإسرائيليات المحكومات جنائيًا ضدّ إدارة السجن. وجديرٌ بالذكر أن فيلم المصري يعرض ضمن برنامج "السينما العالمية المعاصرة"، وسيعرض كذلك في مهرجان لندن السينمائي الدولي الذي يعقد في الشهر المقبل.
وينطبق الأمر عينه على فيلم التونسية ليلى بوزيد وفيلمها "على حلّة عيني" الذي يعرض ضمن إطار البرنامج ذاته، وقد سبق أن عرض في مهرجان البندقية السينمائي لدورة هذا العالم. هذا فيلم بوزيد الروائي الأوّل، وتُؤدي فيه الممثلة بية المظفر دور فرح ، شابة في السابعة عشرة من عمرها تعيش مع عائلتها في تونس العاصمة، تغني ضمن فرقة روك ومنغمسة في حياة اللهو في تحدّ وثورة على الأوضاع السائدة، فهي تختزل توق الشباب إلى الحرية والانعتاق عكس طموح والدتها حياة المغنية غالية بن علي، التي تريدها أن تتجه الى دراسة الطب بعد أن أنهت دراستها الثانوية، لا سيما أنها تدرك عواقب تجاوز المحظور في عهد يتسم بالديكتاتورية.

اقرأ أيضاً: العرب يقدمون هواجسهم في "البندقية السينمائي"

وقدم المخرج إيلي داغر فيلم "موج 98" الذي فاز بجائزة السعفة الذهبية في الحفل الختامي لمهرجان كان السينمائي ضمن الأفلام القصيرة. وينتمي فيلم "موج 98" إلى صنف أفلام الكارتون المتحركة ويستغرق 15 دقيقة، وهو إنتاج قطري لبناني للمخرج اللبناني إيلي داغر البالغ من العمر 30 عامًا. ويروي الفيلم الذي دامت تحضيراته مدة سنتين، قصة طالب في المدرسة يدعى عمر ويعيش في الضاحية الشمالية لبيروت ويعاني في محيطه الاجتماعي. وذات غروب على شرفة مطلّة على المدينة، يلاحظ عمر شيئاً غريباً، شيئاً يشبه حيوانا ضخماً ذهبي اللون، يظهر من بين الأبنية، فيجذبه ويرشده لاكتشاف جزء مميز من المدينة.
ورغم أن "مهرجان تورونتو السينمائي" لا يتضمن أي مسابقة رسمية وتمنح فيه جائزة الجمهور، إلا أنه يُعد بوابة ذهبية لعبور الأفلام إلى الترشح لجوائز الأوسكار، لذا يحرص صنّاع الأفلام حول العالم على المشاركة بأعمالهم في هذا المهرجان. ويُعتبر جان مارك فاليه، الذي أخرج الفيلم البارز "دالاس بايرز كلوب"، من الشخصيات التي تشارك باستمرار في مهرجان تورونتو السينمائي، إلى جانب مات ديمون وجيسيكا تشاستاين اللذين شاركا بفيلم "ذي مارشين"، آخر أفلام ريدلي سكوت الذي يروي قصة رائد فضاء علق في كوكب المريخ، إثر عملية إجلاء طارئة للرواد استبعد منها إذ ظُن أنه ميت.
وتميزت الدورة الأربعين لـ"مهرجان تورونتو السينمائي" بجرأة الأفكار التي عالجتها الأفلام المشاركة، لا سيما منها التي تناولت المعارك السياسية والقانونية، ومثال ذلك فيلم "ستون وول" للمخرج رونالد إميريتش عن أحداث شغب 1969 التي أصبحت حدثا مشهوداً، وفيلم "فري هيلد" بطولة إلن بيج وجوليان مور.
عرض مهرجان تورونتو السينمائي الدولي الأربعون، تسعة أفلام حظيت بدعم من مؤسسة الدوحة للأفلام، تشهد ثلاثة منها عروضها العالمية الأولى، من ضمنها الفيلم الطويل "ذا أيدول" للمخرج هاني أبو أسعد المرشح لجائزة أوسكار. وتتضمن قائمة الأفلام الحاصلة على منح من مؤسسة الدوحة للأفلام وعرضت للمرة الأولى في أميركا الشمالية بعد عرضها بنجاح في مهرجانات دولية أخرى: فيلم "فرنزي" لأمين ألبير الذي فاز بجائزة الحكام الخاصة في مهرجان البندقية السينمائي، وفيلم "ناصر" إخراج جيهان الطهري، والفيلم القصير التحريكي "أمواج 98" للمخرج إيلي داغر.
كما شارك في مهرجان تورونتو ثلاثة أفلام حصلت على منح تمويل من مؤسسة الدوحة للأفلام وعرضت للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي في نسخته الماضية، وهي أفلام لمخرجين يقدمون تجربتهم الإخراجية الأولى، وهي: فيلم الدراما التركية "موستانغ" إخراج دنيز حمزة إرغوفن، وفيلم الدراما الفلسطينية "ديغراديه" إخراج الأخوين طرزان وعرب ناصر، بجانب الفيلم الإثيوبي "لامب" إخراج يارد زيليكيه. وكذلك فيلم دراما الجريمة اللبناني "فيلم كتير كبير" للمخرج مير جان أبو شعيا الذي يعرض في برنامج ديسكوفري "اكتشاف المواهب".