Print

سرديات النسوية وآفاقها

7 مارس 2020
صدر حديثا
صدر حديثاً عن دار الحوار في سورية كتاب "سرديات النسويّة" للكاتبة والباحثة المغربيّة سلمى براهمة، وهو الكتاب الذي يبحث عن جذور النسوية في العالم، والعالم العربي، ومعرفة تطوّراتها، ونقد نماذج معيّنة لمعرفة رؤياها ومآلاتها.

وانقسم الكتاب، الذي جاء فيما يقارب الثلاثمئة صفحة، إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، وحوى كلّ فصل العديد من الأقسام.
ففي القسم الأول حاولت الباحثة تحديد المفاهيم وطرح إشكالياتها، وكذلك الدراسات عن النسوية ونقدها، والنسوية وأسئلة الهويّة.
وتوسّعت الباحثة في الفصل الثاني في "الهوية الأنثوية"، وطروحات معنى الكتابة عند المرأة.
"السرد وإعادة صوغ الهوية" كان عنوان الفصل الثالث، الذي تجوّلت فيه الباحثة في "محكيات الأنا واستبطان الذات" و "متى يحكي الرجال في السرديات النسوية". ومواضيع أخرى شيّقة.
ولم تكتف براهمة بالجانب النظري والأبحاث السابقة، طارحة من خلال ذلك العديد من الأسئلة المثيرة، بل دعمت بحثها بالتطبيق العملي؛ فاختارت بلغة تناسب مختلف طبقات القرّاء والمهتمين، أعمال عدد من القاصات والروائيات العربيات، مثل سحر خليفة وليلى العثمان وعلوية صبح وفاتحة مرشيد ومسعودة بوبكر وحنان الشيخ، لتطبق وتشرح وتنقد، للتمييز بين "الرواية النسوية" و"الرواية النسائية".  

ومما جاء في تظهير الكتاب:
تخرج المرأة من اللغة ليستحوذ عليها الرجل وحده، ولتمعن الثقافة الذكورية في تغييبها باعتبارها ذاتا، فإضافة إلى تغييبها في الواقع، ستحضر في أدب الرجل وثقافته بوصفها موضوعا لبلاغته، يتفنن في اختلاق الصور لها، فهي الملاك وهي الشيطان، وهي الغائبة وهي الحاضرة، وهي المعشوقة المعبودة وهي الموؤودة، هي الجمال وهي القبح، هي الرمز والمثال، وهي السحر والمكر والغدر والشر المتربص بالرجال.
يستحوذ الرجل على الكتابة، ويمنع المرأة من الوصول إليها، خاصة في ثقافتنا العربية، أو يترك الحكي الشفهي للنساء، ليضيف رؤيته أثناء التدوين، ويعمد إلى تمثيلها وفقا لتمثلاته عنها، وانطلاقا من موقعه المختلف ومن ثقافته الذكورية. فكان على المرأة في هذا الوضع أن تصمت، أو تعيد إنتاج صور الذكورة وتمثلاتها عنها، أو تكتب (وقد كان ذلك نادرا) لتمثل نفسها، فتهمل كتابتها أو تقبر.
لذلك تدخل المرأة زمنا حضاريا جديدا، هو زمن الكتابة، وتقرر أن تكون ذاتا وموضوعا لكتابتها في الوقت نفسه، وتضع حدا لنيابة الرجل عنها في رسم صور الأنوثة التي يشتهيها هو، وهي صور زائفة لا سند لها في ما هو طبيعي، بل تمتح شرعيتها من ثقافة صنعتها الذكورة. فكان على الكاتبة أن تخلخل كل الموروث، وتضع الأنوثة وصورها موضع مراجعة ومساءلة ورفض، وكان عليها أن تقترح صورا بديلة، ولكن كان عليها قبل ذلك أن تعلن دخولها اللغة وزمن الكتابة، وخروجها من أزمنة الصمت السحيقة، وتعلن استعادتها لصوتها المغيب وقدرتها على تمثيل ذاتها. وكان السرد في العالم العربي سلاحها الفعال، والرواية النوع الأدبي الأقرب إليها، لمرونتها الفنية ولانفتاحها الموضوعي.