Print
مهند مصطفى

العلاقات السريّة للمشروع الصهيوني بقيادات سوريّة.. تهميش الموضوع الفلسطيني!

9 نوفمبر 2021
عروض

 






مسعى للفهم لا للاتهام

يعتبر كتاب "العلاقات السريّة بين الوكالة اليهودية وقيادات سورية في أثناء الثورة الفلسطينية الكبرى" للدكتور محمود محارب، الصادر حديثًا عن "جسور للترجمة والنشر" في 496 صفحة، عملًا تاريخيًا جادًا يضيف إلى المكتبة العربية مرجعًا حول قضية لم تبحث من قبل بهذا العمق والشمولية المعتمدة على الوثائق الأرشيفية، ويقدم لنا تأريخًا لفترة هامة من تاريخ القضية الفلسطينية ومن علاقة المشروع الصهيوني بالعالم العربي.
يناقش الكتاب محاولات الوكالة اليهودية بناء علاقات مع القيادات السورية، لا سيما مع الكتلة الوطنية والمعارضة السورية الشهبندرية وجبل الدروز، وذلك من أجل تسويق المشروع الصهيوني في فلسطين، ومحاولة التضييق على الثورة الفلسطينية الكبرى التي كان الشعب السوري أحد الداعمين لها بكل الجوانب: الإمداد بالسلاح، تدريب الثوار، وانخراط سوريين في الثورة، فضلًا عن تواجد قيادات من الثورة داخل سورية. يرصد الكتاب هذه الفترة ويتناولها بالعرض والتحليل بصورة هادئة وموضوعية، معتمدًا على الوثائق الأرشيفية بالأساس، حيث يوظف الباحث أدواته المعرفية والتاريخية في صياغة هذه الفترة التاريخية المُغيبة من تاريخ الصراع، ويحاول قراءتها بصورة موضوعية بلغة تاريخية تحاول الفهم لا الاتهام، وتحاول تسليط الضوء على حقبة تاريخية ظلّت منسيّة ومغيّبة بهدف تتبع عمل المشروع الصهيوني الذي حاول بناء مشروعه في فلسطين من خلال بناء علاقات مع النخب العربية، والحصول على شرعية سياسية وأخلاقية منها على اعتبار أنه مشروع حداثوي وليس مشروعًا استعماريًا.

ينطلق الكتاب من تفنيد الادعاء بأنه لم تكن هناك اتصالات بين الوكالة اليهودية والنخب السورية، ويؤكد بالوثائق الأرشيفية وجود هذه العلاقات التي امتدت خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي. وكان الهدف الأساسي والطارئ للوكالة اليهودية من بناء هذه العلاقات هو ضرب الثورة الفلسطينية الكبرى التي بدأت تهدّد المشروع الصهيوني في فلسطين وتشكّل ضغطًا على بريطانيا، في حين كان الهدف الاستراتيجي هو تحويل المشروع الصهيوني في فلسطين إلى مشروع طبيعي وشرعي في المنطقة، من خلال الحصول على مشروعية له من النخب العربية. لذلك فإن الكتاب يقدم لنا مقولة هامة حول ذلك، حيث أن التواصل كان مع النخب المركزية في سورية بدءًا من قادة الكتلة الوطنية التي مثّلت الحركة الوطنية السورية وقائدة استقلال سورية، وانتهاء بالمعارضة السورية، حيث عُقدت اجتماعات رسمية مع الكتلة الوطنية وفيما بعد اجتماعات سرية، لا بل تم تجنيد قيادات منها للعمل مع الوكالة اليهودية، كلها ساهمت في ضرب الثورة الفلسطينية. وقد تم تجنيد عملاء من النخب السورية في مقابل تقاضي راتب ودفعات مالية، وحتى هذا التعاون السافر يرصده الكتاب بدقة متناهية. الكتاب هو بذاته وثيقة، ويدفعنا إلى إعادة سبر أغوار علاقات المشروع الصهيوني مع المحيط العربي قبل النكبة، واستعداد نخب عربية وطنية للتواصل مع المشروع الصهيوني، ولو كان مؤقتًا في بعض الأحيان كما كان مع الكتلة الوطنية السورية، التي لم تر الطبيعة الاستعمارية للمشروع الصهيوني رغم أنها، أي تلك النخب، كانت جزءًا من الصراع ضد الاستعمار في بلادها.

انطلق تواصل نخب عربية مع قيادة الوكالة اليهودية، كما يشير الباحث في كتابه، من الوهم السائد لدى نخب عربية، ولدى نخب سورية في هذه الحالة، بإمكانية الحصول على تأييد الوكالة اليهودية لاستقلال سورية بسبب علاقات هذه الوكالة مع فرنسا، وهو تفكير بحد ذاته يدل على سذاجة وغباء سياسيين. كان الوهم السائد لدى هذه النخب، وهو وهم ساهمت في إنتاجه الوكالة والدعاية الصهيونية أيضًا، أن نفوذ الحركة الصهيونية الدولي، لا سيما لدى الدول العظمى، سيساهم في دعم مطالب الكتلة الوطنية للاستقلال، في المقابل، كانت تعتقد هذه النخب بأنها قادرة على لعب دور الوسيط بين الحركة الصهيونية والحركة الوطنية الفلسطينية فيما يتعلق بفلسطين، وهذا تفكير آخر ساذج يأتي من حركة وطنية حاربت الاستعمار، وتتعامل بتساو بين المستعمرين والواقعين تحت الاستعمار، وإن أدركت لاحقًا خطأ تصوراتها، ولكن بعد أن استطاعت الوكالة اليهودية اختراق النخب العربية في سورية من كتلة وطنية ومعارضة وفي صفوف الدروز أيضًا، وساهمت كلها في ضرب الحركة الوطنية الفلسطينية، وربما مهّد هذا لاحقًا لنكبة الشعب الفلسطيني.

يقسم الكتاب إلى خمسة فصول تحمل في طياتها كمًّا هائلًا من المعلومات والتحليل التاريخيين، ورغم أن فصول الكتاب ترصد بالأساس تطور العلاقات بين الوكالة اليهودية والنخب السورية، فإنه يحمل أيضًا قراءات تاريخية للمشروع الصهيوني في جانب لم ترصده الكتابات التاريخية العربية ويتعلق بتطور أجهزة المخابرات والتجسس الصهيونيين في فترة الانتداب البريطاني. وهو موضوع الفصل الأول من الكتاب، حيث تم تأسيس أول جهاز مخابرات وتجسس صهيوني في عام 1918، وكان هدفه السعي المتواصل للسيطرة على الأراضي الفلسطينية لا سيما من المالكين الغائبين، لبناء المستوطنات عليها، بالإضافة إلى رصد تحركات المقاومة الفلسطينية، وكلما ارتفعت وتيرة النضال الفلسطيني زادت أهمية جهاز المخابرات الصهيوني وأعطي أهمية كبيرة في المشروع الصهيوني الذي لم يقتصر دوره كما يبين الكتاب على المراقبة والتجسس على الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما رصد الحراك والنخب السياسية في العالم العربي، وما يحدث تحديدًا في الدول المجاورة (المستعمرات للدقة) المحيطة بفلسطين. كما أن نشاط المخابرات الصهيونية لم يقتصر على التجسس والرصد والمراقبة، بل تعدى ذلك لإثارة الفتن داخل المجتمع الفلسطيني ومحاولة اختراق النخب العربية ودق إسفين في العلاقة بين الشعب الفلسطيني ومحيطه العربي، بمعنى أنه أنيطت بالمخابرات إدارة حرب سياسية بين صفوف الشعب الفلسطيني، تمثلت في شراء صحف فلسطينية معادية للصهيونية، والسعي لشراء بعض "الوجهاء" في منطقة نابلس بهدف العمل ضد الحركة الوطنية في نابلس، والعمل على إقامة تحالف مع شيوخ شرقي الأردن والسعي لضعضعة علاقتهم بسورية، وإحباط دعمهم للحركة الوطنية الفلسطينية وإقامة نواد مشتركة للعرب واليهود من أجل نشر الأفكار الصهيونية والتحريض على الحركة الوطنية وغيرها من الأهداف.





قصور نظر سياسي

يناقش الفصل الثاني بداية المفاوضات بين الوكالة اليهودية والكتلة الوطنية في سورية، حيث شكلت سورية نقطة دعم مركزية للثورة الفلسطينية الكبرى في فلسطين، ولذلك اهتمت الوكالة اليهودية بسورية اهتمامًا خاصًا، وكانت غاية التواصل مع النخب السورية، لا سيما الكتلة الوطنية، كما يشير الباحث، وقف الدعم المتنوع والهام الذي كان الشعب السوري وقواه السياسية يقدمانه للثورة الفلسطينية، وإحداث شرخ بين الكتلة الوطنية والحركة الوطنية الفلسطينية، والحصول على تأييد النخب السورية للمشروع الصهيوني في فلسطين، وتهميش حقوق الشعب الفلسطيني. بدأ التواصل بين الكتلة الوطنية والوكالة اليهودية بلقاء جمع بين القيادي في الكتلة الوطنية فخري البارودي وممثل الوكالة اليهودية إلياهو إبشتاين، وعقد اجتماع آخر بين الرجلين في دوما، وكانت الوكالة اليهودية عبر إبشتاين تعرض إنجازات المشروع الصهيوني في فلسطين في المجالات المختلفة وسعي أصحابه للعيش المشترك مع العرب، لتسويق المشروع الصهيوني. وبعدها تم عقد اجتماعين رسميين: الأول بين الكتلة الوطنية والوكالة اليهودية في آب/ أغسطس 1936 في بلودان، ومثل الكتلة الوطنية فيه أهم قادتها مثل شكري القوتلي وفخري البارودي ولطفي الحفار، ومثل الوكالة اليهودية إلياهو إبشتاين وعاموس لندمن. والاجتماع الرسمي الثاني والأخير عقد في أيلول/ سبتمبر من نفس العام. وعلى الرغم من أن قادة الكتلة الوطنية رفضوا الرواية الصهيونية في فلسطين، غير أن الاجتماع بحد ذاته بين الحركة الوطنية السورية المتجذرة الأصلية المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني والتي تناضل ضد الاستعمار من أجل الاستقلال، وبين ممثلين عن حركة سياسية استعمارية كان يدل على قصور نظر سياسي وعطب فكري لدى قادة الكتلة الوطنية فيما يتعلق بمسألة فلسطين. ويشير الباحث إلى أن الهمّ الذي كان أمام قادة الكتلة الوطنية هو نفوذ الوكالة اليهودية والدور الذي يمكن أن تلعبه في استقلال سورية، وشدد القوتلي في اللقاء على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين العرب واليهود في فلسطين بمعزل عن المشروع الصهيوني الذي عبّرت الكتلة في اللقاء عن رفضه، ورفض المزاعم الصهيونية في فلسطين رغم انبهار جزء من قادتها مما قيل لهم عن الإنجازات اليهودية في فلسطين في مجالات الزراعة والتكنولوجيا والتعليم وغيرها. لم تنه اللقاءات الرسمية التواصل بين قادة في الكتلة الوطنية وبين الوكالة اليهودية، وهو ما يفصله الكتاب بشكل رائع وتحليل معمق.

يعالج الفصل الثالث موضوعًا في غاية الأهمية، وهو المقالات الصهيونية المدسوسة في الصحف السورية واللبنانية في أثناء الثورة الفلسطينية الكبرى؛ حيث اهتمت الوكالة اليهودية بكتابة مقالات بأسماء عربية مستعارة، أو باسم هيئات تحرير صحف سورية ولبنانية كانت بينها علاقة مع الوكالة اليهودية، حيث زرع جهاز المخابرات التابع للدائرة السياسية للوكالة اليهودية ما لا يقل عن 280 مقالًا مدسوسًا في تلك الصحف، كما أسست الوكالة وكالة إعلامية باللغة العربية سميت وكالة الشرق في القاهرة، من أجل الترويج للمشروع الصهيوني. تجدر الإشارة إلى أن الباحث يؤكد أن هذه النشاطات كانت تدار وتراقب من الهيئات السياسية العليا في الوكالة اليهودية، لا سيما موشيه شرتوك (شاريت)، وكانت تستعمل هذه المواد بشكل مقصود الحيادية في بعض الأحيان، أولًا لإخفاء العلاقة بين هذه المواد وبين الوكالة اليهودية، وثانيًا من أجل عرض صورة متساوية بين المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الاستعمار وبين المشروع الصهيوني الذي يحاول السيطرة على الأرض على حساب الشعب الفلسطيني، فمجرد الحيادية في الموقف هو موقف لصالح المشروع الصهيوني. ولعب إلياهو ساسون دورًا مركزيًا في نشر المقالات المدسوسة في الصحف اللبنانية والسورية، حيث قاد ساسون ليس نشر المقالات فحسب، بل أيضًًا شراء صحف عربية في سورية ولبنان وصل عددها إلى خمس صحف. يعتبر هذا الفصل والجهد الكبير بمثابة "عمل النمل" الذي قام به الباحث، وهو وثيقة تكشف أن محاولة اختراق النخب العربية لم تكن من خلال العمل والمباحثات السياسية بل من خلال محاولة التأثير على وعيها ووعي الجمهور فيما يتعلق بالمشروع الصهيوني، وإعطاء الإعلام الأهمية الكبيرة في ذلك، إذ أدركت الحركة الصهيونية أهمية المحيط العربي للنضال الفلسطيني وعملت على قطعه بجهود حثيثة وأساليب متنوعة، وذلك للاستفراد بالشعب الفلسطيني الذي كان يواجه استعمارين، واحد بريطاني وآخر صهيوني.

استفادة الوكالة اليهودية

يعالج الفصل الرابع ما بدأه الباحث في الفصل الثاني، ولكن هذه المرة يناقش عملية اختراق الوكالة اليهودية للكتلة الوطنية بشكل غير رسمي فضلًا عن اختراقها للمعارضة الشهبندرية. فقد بدأت الوكالة اليهودية التواصل مع قيادات في الكتلة الوطنية بشكل منفرد، ولاقت قبولًا عند بعضهم، مثل جميل مردم، الذي تعامل خلال مباحثاته مع الوكالة اليهودية بنوع من التفهم لمطالبهم معتبرًا أن في فلسطين هناك ثلاثة أطراف، اليهود، العرب وبريطانيا، وأن الحل هو بوجود إطار واحد يجمع اليهود والعرب بشكل متساوٍ رافضًا تقسيم فلسطين. ووصل الأمر إلى تجنيد نسيب البكري، أحد قادة الكتلة الوطنية، كعميل للوكالة، والذي ساهم في نقل أخبار الثوار الفلسطينيين وقرارات الكتلة الوطنية، ومحاولة التأثير، بعد أن أصبح وزيرًا في الحكومة السورية، على سياسات الحكومة السورية والكتلة الوطنية وقراراتهما فيما يتعلق بالموقف من الثورة في فلسطين والدعم السوري لها والموقف من الوكالة اليهودية. كما يناقش الفصل العلاقة مع المعارضة الشهبندرية حيث تفاوض عبد الرحمن الشهبندر مع حاييم وايزمان، ورغم أن الشهبندر أبدى معارضة مثلًا على عدد المهاجرين اليهود لفلسطين، لكنه لم يبد موقفًا واضحًا ومبدئيًا ضد المشروع الصهيوني، وبقي يتحدث عن ممارسات عينية مرفوضة له، وأعلن عن رغبته في إجراء مفاوضات جدية مع الوكالة اليهودية من أجل التوصل إلى سلام بين العرب واليهود.

من الصعوبة الإحاطة بالمعلومات والتوثيق الدقيق الذي يقدمه الباحث في هذا الفصل عن الأدوار التي لعبها قادة سوريون وعلى رأسهم نسيب البكري في محاولة ضرب الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية الفلسطينية ليس على مستوى العمل التجسسي ونقل المعلومات فحسب، وإنما أيضًا في التأثير على قرارات سياسية سورية في هذا الشأن. واستفادت الوكالة اليهودية من هذا التواصل على مستوى المعلومات وعلى المستوى السياسي، حيث كتب ساسون في إحدى رسائله: "بواسطة هذه العلاقة تمكنا من الاطلاع على ما يجري، ليس في صفوف التنظيمات السياسية المختلفة في سورية فحسب، وإنما على ما يجري في أروقة الحكومة أيضًا، وقد أثرنا بنسبة ليست قليلة في توجهاتها، أكان ذلك في ما يخص تركيبتها أو ما يخص نشاطها، وبعد سقوط الكتلة الوطنية السورية وانهيار الحكم الوطني في سورية، حرصنا على إقامة علاقات جيدة مع المعارضة السورية" (ص 172-173).

في الفصل الخامس والأخير يناقش الباحث العلاقات بين الوكالة اليهودية والقادة الدروز في سورية. وهو فصل مثير جدًا، يسبر أغوار العلاقة بين الدروز وبين إسرائيل والدور الذي لعبه قادة دروز في فلسطين في ربط العلاقة بين الوكالة اليهودية ودروز سورية، وكيف لعب الخطاب حول مكانة الدروز في فلسطين في استعطاف الدروز في سورية نحو بداية علاقة بينهم وبين الوكالة اليهودية وصلت إلى قمة هرم القيادة الدرزية المتمثلة في سلطان باشا الأطرش. وقاد آبا حوشي العلاقات بين الوكالة اليهودية والدروز في سورية. وقد دعمت قيادات درزية في فلسطين المشروع الصهيوني رغم أنه كانت هناك خطة إسرائيلية لنقل الدروز من فلسطين إلى جبل الدروز، الأمر الذي رفضه دروز سورية. ووصلت العلاقة بين الدروز والوكالة إلى تجنيد عميل من مساعدي سلطان باشا الأطرش وهو يوسف العيسمي، حيث كان أحد قادة جبل الدروز وله علاقة خاصة مع سلطان باشا، وعلى غرار البكري لم تكتف الوكالة بدور العيسمي في تزويدها بالمعلومات القيمة، وإنما سعت من خلاله للتأثير في تطوّر الأحداث في سورية، بحكم مكانته وموقعه وعلاقته المتشعبة عموما، ولا سيما بسلطان الأطرش. في الاجتماع الذي جمع سلطان باشا وآبا حوشي، كان موقف الأطرش والذي نقله لممثل الوكالة اليهودية، بأنه يحاول عدم الزج بالدروز في القضية الفلسطينية، "إننا لسنا أداة عمياء بيد الآخرين ليفعلوا بنا ما يشاؤون ويستغلوننا لأهدافهم" (219) مكررًا طلبه بأهمية السلام بين "اليهود والمسلمين"، ولم يتم التطرق بهذا اللقاء، على الأقل كما تشير الوثائق، إلى مسألة نقل دروز فلسطين إلى سورية، ولكن التزم سلطان باشا الأطرش "بالعمل على وقف دعم دروز الجبل للثورة في فلسطين".

لا شك في أن كتاب الدكتور محمود محارب هام جدًا في فهم تغلغل المشروع الصهيوني للمحيط العربي من أجل ضرب الثورة الفلسطينية، ومحاولة عزل الحركة الوطنية الفلسطينية عن محيطها العربي، منذ فترة الانتداب البريطاني، وهذا يدل على عمق فهم المشروع الصهيوني لأهمية العمق العربي للقضية الفلسطينية. وفضلًا عن كونه كتابًا معمقًا من الناحية الأكاديمية والتأريخ المهني، فهو كتاب شيق جدًا، يربط بين الحالة البحثية العينية وسياقها التاريخي على المستوى الإقليمي وحتى الدولي. وتزداد أهميته في الوقت الراهن لفهم أن العلاقات العربية- الإسرائيلية الراهنة ليست وليدة لحظة أو تحوّلات طارئة بل هي عميقة في تاريخ الصراع، وكان هدفها في الماضي واليوم تهميش الموضوع الفلسطيني.