Print
وارد بدر السالم

"معارك قيس وليلى".. الفروق البيولوجية والاجتماعية بين الرجل والمرأة

22 يوليه 2021
عروض


مؤلّفان عالِمان، زوج وزوجة، هما آلان وبربارة بيز، ومعهما مواطنون من عدد غير قليل من الدول (أكثر من 20 دولة أوروبية وأفريقية) وضعوا خطوط هذا الكتاب وأرسوا دعائمه الميدانية بشكل مثير، لكشف الفروقات الكثيرة بين الذكر والأنثى، بوصفهما مختلفين، لا بيولوجيًا وحسب، إنما نفسيًا وفكريًا. عكس ما كنا نعتقده من أن الفروق البيولوجية وحدها هي الفارق بين الجنسين، كما ورد في الكثير من الأبحاث والدراسات النفسية والاجتماعية والجنسية. ولهذا أخذ هذا الكتاب الضخم مهمته المتشعبة ليشكل "استفزازًا وصدمة" للكثيرين، بعدما وُضعت الحقائق العلمية بوضوح؛ لكنه قد يحقق حضوره المبدئي في وعي القراءة نظير توفره على حقائق ومعلومات علمية غير قابلة للدحض والشك. وهذا وحده كفيل بأن يري الجنسين الأخطاء المشتركة الكثيرة بينهما، الزوجية منها والعاطفية والإنسانية، من دون التوقف أمام فرضيات الجدل المتناقضة في هذا الشأن الاجتماعي الحساس.

"معارك قيس وليلى- دراسة علمية مفصلة عن الفروق البيولوجية والاجتماعية بين الرجل والمرأة"- آلان وبربارة بيز - ترجمة: غزوان زركلي (دار كنعان - دمشق -2019)- عنوان ظريف لكتاب علمي لمؤلفين زوجين، وهما من الرواد في مجال العلاقات الاجتماعية. نشرا عدة كتب بحثت في موضوع لغة الجسد. فالزوجة بربارة ممثلة ومخرجة ومنتجة وباحثة برازيلية. والزوج خبير لغة الجسد، ومؤلف أو مؤلف مشارك لخمسة عشر كتابًا. وتعد كتب الزوجين من أكثر الكتب مبيعًا في أكثر من 100 دولة، وقد تمت ترجمتها إلى 55 لغة.  وواضح أن هذا الكتاب أخذ من التسمية العربية عنوانًا له برمزية قيس وليلى؛ ذكرًا وأنثى؛ برباطهما العاطفي المقدس عربيًا. وهو ما عكف المؤلفان عليه دراسةً علمية ميدانية ونظرية وتشريحًا نفسيًا، للتوصل إلى أنّ هناك اختلافاتٍ جذرية بين الجنسين مهمة جدًا. بل ومتضادة تمامًا، يتوجب على الجميع الإحاطة بها علمًا وعدم التغاضي عنها. فالعلاقة بين الرجال والنساء (تفشل لأن الرجال لا يفهمون لماذا لا تستطيع المرأة أن تكون مثل الرجال، والنساء يتوقعن من رجالهن أن تكون ردود أفعالهم مثلهنّ).

عبر أحد عشر فصلًا وأكثر من 200 فقرة بحثية يتوزع هذا السّفْر الشامل على مركزيات علمية، تجادل في تأكيد الفروقات المهمة بين الذكر والأنثى، وتؤكد على الانتباه إلى أخطاء شائعة في المجتمعات الإنسانية بخصوص الاختلاف الجذري بين الرجل والمرأة، مع أن الصنفين ينتميان إلى الجنس البشري ذاته. ومع تاريخية وجود هذين الجنسين، فإن المفارقة التي يجب معرفتها هي أنهما "مختلفان في تطورهما عبر ملايين السنين"، فالرجال الذاهبون إلى الصيد والنساء اللاتي كنّ يجمعن الثمار أثّر ذلك في أدمغتهم وثبّت الهويات الشخصية للصنفين بمرور الزمن بتكيف الأدمغة على أعمال معينة أكثر من غيرها بالنسبة للرجل والمرأة. ومع الوقت وبتطور الآلة الطبية والتكنولوجية أمكن إيجاد اختلافات حاسمة بين دماغي الذكر والأنثى. وهذا يستدعي بشكل أولي الوصول إلى فروقات جوهرية بين الاثنين، وأنهما ليسا متماثلين بالضرورة. ولعل الأبحاث العلمية والطبية التي أجريت على الدماغ البشري (وما توصل اليه علم المستحاثّات وعلماء الأعراق البشرية وعلماء النفس والبيولوجيا والبناء العصبي .. أعطت إجابات حاسمة بأن الرجل والمرأة ليسا متساويين) وأنهما مختلفان جذريًا (على الصعيدين الجسماني والفكري) وأن (الاختلافات في البناء الدماغي عند الذكر والأنثى لا يمكن دحضها) وهذه النتائج المبكرة في البحث الشامل، أوصلت فكرة أن مجمل ومجموع النتائج المستحصلة في هذا الكتاب كأنما هي (دليل سياحي) ومثل هذا الدليل ينبغي أن تعرف قبله الموضوع التطوري الأولي قبل أن تدخل إلى عالم الإنسان الحالي، أو القرد العاري كما يسميه المؤلفان. لهذا فسرديات "العلم" الذي يحتويه هذا الكتاب أكثر من سرديات الخيال الذي نطالعه في كتب كثيرة تنطوي على فرضيات واحتمالات وتوقعات وتحليلات خارجية.


الحدس الأنثوي

الحدس الأنثوي الذي قد لا نعيره انتباهًا كبيرًا، هو ما يبيّن لنا أن حواس المرأة أكثر دقة من حواس الرجل بسبب (مستقبلاتها الحسية) واستشعاراتها الدقيقة لما يدور حولها. لهذا فالمرأة أكثر التقاطًا لمثل هذه الأمور التي تفصلها عن الرجل، كالحزن والغضب والخيانة والنظرة الثاقبة لحياة الرجل ونبوءتها بأولادها وكيف يفكرون وبماذا يحلمون، لذلك يبرهن علم النفس العصبي بشخص روبن غور على أن التيارات الكهربائية في دماغ المرأة هي بنسبة 90 بالمئة بينما تبقى عند الرجل بنسبة 70 بالمئة، يضاف إلى ذلك أن مستقبِلات الرؤية عند المرأة اكثر منها عند الرجل، وأنها "تستقبل عددًا أكبر من الإشارات عن طريق العين وتتحكم بها" وتحللها ضمن محيطها الاجتماعي، إضافة إلى تمتع المرأة بزوايا رؤية جانبية أوسع "بزاوية لا تقل عن 45 درجة يمينًا ويسارًا وإلى الأعلى والأسفل. وقد تبلغ زاوية الرؤية الجانبية عند بعض النساء 180 درجة". ومثل هذه النسب العلمية هي التي تجعل من المرأة عينًا لاقطة، وزاوية نظرها الواسعة تجعلها ترى الشعرة الرفيعة على قميص زوجها من بُعد أمتار غير قليلة، مثلما لديها القدرة على النظرة الجانبية التي ترى الرجل من دون أن يشعر بها..!



ومثل هذه الفروق- الجمالية برأينا - ستجعل الصراع مستحكمًا بين الطرفين. على أنه صراع غير مكشوف تمامًا، لكنه يؤشر إلى حد كبير لمقدار الاختلاف الحركي النفسي بين الجنسين، يعتقد فيه الرجل بأنه أكثر كفاءة تاريخية من المرأة، يوم كان صيادًا ماهرًا في العصور القديمة، فيما ترى المرأة أنها أكثر استيعابًا لحياتها وأكثر دقة وتنظيمًا بوصفها الطرف الثاني في معادلة العلاقة والزواج، لكن الأمر مع هذا الاشتباك يقرره العلم وليس المزاج أو التجربة الحياتية مهما كانت دقيقة. لهذا يمكن أن نطالع الكثير من الفروقات الجوهرية والهامشية بين الرجل والمرأة مثلما جاء في الكتاب. وهي فروقات علمية يقررها الدماغ المختلف بين الجنسين. فالرجل ذو دماغ أحادي. ودماغ المرأة مبرمج في مخّها على أكثر من وظيفة. لذلك يمكن تلخيص أبرز الفروقات بين الاثنين بشكل بسيط، من دون الإشارات العلمية - الطبية التي تصعب على القارئ. وهي إشارات محكومة بطبيعتها الفنية التي يتداولها العلماء والأطباء كرموز دالّة على الحالات المرضية أو الاجتماعية أو السلوكية. وهذا ما يجعلنا نكثّف المعلومات وتقديمها بشكل أولي يسمح أن نرى الفروقات التي عمل الكتاب عليها، بدلالاتها العلمية والطبية الناجزة، من دون الخروج على أبجدية الكتاب ومعلوماته، بصرف النظر عن العلامات الطبية والمصطلحات التي لا ضرورة لها في هذه القراءة. ومع الأمثلة والشواهد؛ التي بعضها ظريف وطريف وغير متوقع؛ سنكون مع الفروقات التي لا ننتبه لها كرجال في ألمعية المرأة وهي تعيش حياتها الزوجية والعلائقية بنظام دماغي لا يشبه دماغ الرجل في الأحوال كلها. وبالمقابل ثمة مقارنة لصالح الرجل؛ وهي قليلة سنقف على بعضٍ منها.


أمثلة معقولة

وعلى سبيل الأمثلة المتاحة فإن المؤلفين يقرران علميًا بأن الدماغ الأنثوي يختلف عن الدماغ الذكري، وهذا الاختلاف هو المسؤول عن غالبية المشاكل التي تقع بين الرجال والنساء. فالدماغ الأنثوي أصغر من الذكري وبالتالي ثمة تبعات ورؤى ممكنة في اختلاف هذا الحجم. ومع أن العالم الهولندي بيرته باكين برغ برهن على أن الرجل يمتلك 4 مليارات خلية عصبية إضافية عن المرأة، لكن المرأة تتفوق عليه في الذكاء بنسبة 3%. وعلى هذا الأساس نجد أن نصف الكرة المخية الأيسر عند الرجال هو المسؤول عن اللغة، بينما تستعمل النساء نصفَي الدماغ في آنٍ واحد. ومن أهم مصادر قوة الدماغ الأنثوي هو برمجته على استعمال اللغة كأهم وسيلة للتعبير. وهذا ما نسميه بالثرثرة. إذ توجد عند الإناث منطقة محددة للكلام تقع في مقدمة نصف الدماغ الأيسر. ولهذا فأنهن متحدثات بارعات. يتكلمن بكثرة ورغبة.. ويستطعن في الوقت نفسه القيام بعمل آخر بسبب امتلاكهن مراكز مخصصة للكلام في الدماغ تسمح للقسم الباقي من الدماغ أن يلتفت لوظيفة أخرى. بينما دماغ الذكر لا يمتلك مركزًا مخصصًا لوظيفة الكلام، وبالتالي فهو يتحدث مع نفسه. أما المرأة فتتحدث في مشاكلها مع الآخرين بشكل طبيعي.. لذلك فالرجال يتجهون إلى شرب الخمر والنساء يتجهن إلى أكل الشوكولاته..!

علميًا دماغ المرأة مجهز بإمكانية التبادل السريع بين نصف الكرة المخية. لذا تكون أسرع من الرجل في الربط ما بين الإشارات السمعية والبصرية التي تتلقاها. لهذا من الممكن للمرأة العثور على الأشياء الصغيرة؛ كالإبرة مثلًا؛ أسرع من الرجل. كما لا تجد صعوبة في إدخال الخيط في ثقب الإبرة وهي منشغلة بأمرٍ آخر لا علاقة له بالخياطة. والنساء يستطعن أن يرينَ في الظلام أفضل من الرجال؛ لكِبَر حجم بياض العين عند المرأة أكبر مما هو عند الرجل. بالمقابل فإن أعين الرجال تتعب أسرع من عيون النساء عند قراءة جريدة أو النظر إلى شاشة الحاسوب، لأن دماغ الذكر مبرمج على أن يقضي أموره الواحد تلو الآخر. ودماغ الأنثى مجهز لأن يقوم بعدة فعاليات متعددة الوظائف في وقت واحد (المرأة تتحدث في الهاتف وهي تطبخ وتشاهد التلفزيون في الوقت ذاته).

يرى المؤلفان أن أدمغة الفتيات مبرمجة لتكوين ردود أفعال على الأشخاص والوجوه. بينما تكون ردود أفعال الفتيان موجهة إلى الأشياء المجردة والأشكال. وأنهن يتعلمن الكلام والقراءة بشكل أبكر من الصبيان. والأولويات عندهنّ الأكثر أهمية هي خدمة الآخرين. أما عند الذكور فهي المظاهر والسلطة وامتلاك الأشياء المادية. ومن ناحية الكلام والترتيب اللغوي في مخاطبة الآخرين تكون جُمل الرجل أقصر وأفضل من حيث التركيب اللغوي من جمل النساء. ولكن المرأة تكتشف أهمية ما يقال عن طريق لحن الصوت ولغة الجسد عند المتكلم.

بتدقيق علمي موثق بالتجارب الميدانية الكثيرة، ثبت أن النساء يبكين أكثر من الرجال. والرجال يبكون عندما تُفعّل منطقة الأحاسيس الموجودة لديهم في نصف الدماغ الأيمن. وأنهن يمتلكن حاسة سمع متميزة أفضل من الرجال. فدماغهن مدبوغ على سماع بكاء أطفالهنّ. مثلما لديهن حاسة شم أفضل وأقوى من الرجل. بينما الدماغ الذكري غير مبرمج لملاحظة التفاصيل الصغيرة التي تلاحظها المرأة مهما كانت هامشية.



يقول المؤلفان بأنه من النادر أن يستطيع الرجل الكذب على المرأة إذا كانا واقفين وجهًا لوجه. فإحساسها اللاقط الفوري يمكّنها من رؤية ما يخفيه الرجل عنها وتختزله بسرعة، مهما حاول أن يكيّف نفسه على أي موقف. بينما تستطيع المرأة أن تدير حديثًا مع شخص ما وتنصت إلى حديث شخص آخر في الوقت نفسه. كذلك يصبح الجلد لدى المرأة في سن البلوغ أكثر حساسية للّمس والضغط بعشر مرات في الأقل من الرجل. وإن غالبية الرجال الذين يجلسون في المقهى يفضلون الجلوس وظهورهم إلى الجدران بحيث يستطيعون مراقبة الداخلين، عكس النساء اللاتي لا يهمهن هذا التفصيل. وأغلب الرجال يفقدون السيطرة على أنفسهم بعد مضي عشرين دقيقة على التسوق مع امرأة. وإعاقة الكلام عند الرجال تحدث حصرا عند إصابة نصف الكرة المخية الأيسر لديهم. بينما لا تحدث عند النساء إلا بإصابة مقدمة الدماغ بنصفيه. والتأتأة مرض يصيب الذكور بشكل حصري ولا يصيب النساء.


العاطفة والرومانسية

على الصعيد العاطفي ثمة ملاحظات أخرى وجدها المؤلفان ميدانيًا ومختبريًا في الحياة العامة، يمكن أن تكون دليلًا واضحًا على الفروق التي لا نلاحظها كثيرًا في يومياتنا. فعند مصادفة رجل أنيق في ملبسه علينا أن ندرك بسهولة أنه مرتبط بامرأة تشرف على ملبسه. وأناقته تشي بامرأة ذوّاقة تهتم بشريكها. أما الوقوع في الحب ففي عمومه هو قاعدة مفيدة للصحة.. لأن جميع الأحاسيس هي عبارة عن مجموعة من التفاعلات الكيمياوية الحيوية.. لا سيما الاقتراب كثيرًا من الشريك، كأن تتحد الشفاه في لحظة وصال رومانسية، إذ يقوم الدماغ بتحليل كيماوي واسع للُعاب الآخر ويستخلص نتائج فيما يخص التوافق الجيني للتزاوج. عندها يقوم الدماغ الأنثوي بشكل إضافي بتحديد الحالة المناعية للذكر. ومن المؤكد أن هورمون الأستروجين يقوّي الذاكرة عند النساء.. ويُفَسّر انجذاب الرجل إلى الشقراوات على أن الشعر الأشقر هو علامة فارقة لوجود مستوى عالٍ من الأستروجين في دمائهن. ودماء النساء المنحرفات جنسيًا يكون غنيًا بهورمون التستوسترون. وإن روح المنافسة بين الرياضيين تصعّد العدوانية للسبب نفسه. وهو ما نلاحظه في المناكفات الكثيرة بين لاعبي كرة القدم مثلًا.. والشوكولاته تنبّه مركز الحب في دماغ المرأة لأنها تحتوي على مادة الفينيل ايتيلامين. وجهاز المناعة القوي عند الرجل يُكسبه جاذبية مغناطيسية غريبة لدى المرأة.

أما على الصعيد الجنسي فمركز الجنس في الدماغ أصغر بكثير لدى المرأة منه عند الرجل. وغرائز الرجال الجنسية أقوى من عند المرأة.. وممارسة الجنس عندها تحتاج إلى سبب في حين يحتاج الرجل إلى مكان مناسب. وهذا يفسر أن الرجل يبحث عن الجنس أكثر من بحثه عن الحب.. فالشهوة الجنسية عنده مبرمجة في دماغه وتشكّل مورّثًا لتاريخ تطوره. لهذا فالذكور ينزعون إلى السلطة والنجاح والجنس. والإناث ينزعن إلى العلاقات والاستقرار والحب. وبالتالي فالرجال يريدون الجنس والنساء يُردن الحب. وهذه الرغبات تتقاطع كثيرًا بين الاثنين في العلاقات العاطفية الرومانسية التي تنشأ على مثل هذه المشكلة الأخلاقية. حتى في الغرب المنفتح تبدو التقاطعات واضحة في هذا الملف الشائك.


الغرب والعرب

في تصميمه العام سيبدو هذا الكتاب متوجهًا إلى الغرب الأوروبي. فالمشاركات البشرية في الاستبيانات الموضوعة فيه والنتائج المستحصلة منه تشير إلى ذلك من دون مشاركات عربية. بعد أن قطع المؤلفان مسافة تربو على 400.000 كيلومتر واستغرقت منهما البيانات والاستبيانات والاستطلاعات والندوات حوالي ثلاث سنوات، مما يؤكد جديتهما في تحقيق غرض الكتاب، لتحقيق فرصة القول بأن اختلافاتٍ جوهرية بين الرجل والمرأة، ومع ذلك فلا يمكن أن يستغني الرجل عن المرأة أو المرأة عن الرجل. فهذه فطرة الطبيعة عليهما ولهما. ومع التوجه الغربي القطعي لهذا المؤلَّف، إلا أن تشكيلته العلمية ونتائجه المهمة ليست مخصوصة للعالم الغربي وحسب. بل يمكن أن تجدها عند الرجل والمرأة في أي مكان من العالم، لا سيما عالمنا العربي المثقل بالتقاليد الكثيرة والأعباء التاريخية والثوابت العشوائية، هو أحوج ما يكون إلى هكذا دراسات ميدانية تفصيلية تخص الجنسين: المرأة والرجل. وباعتقادنا أن هذا الكتاب بواقعيته الكبيرة وعلميته المتاحة بشكل واضح يصلح جدًا لأن يكون مفتاحًا لفهم العلاقات الاجتماعية، لا سيما علاقات الزواج، بين الرجل والمرأة. كما يصلح لأن يكون توثيقًا جديًا لمثل تلك العلاقات في تحرّيه وفهمه الميداني لطبيعة تلك العلاقات الإنسانية، خاصة إذا عرفنا أن الشرق العربي والمتوسطي هو عبارة عن مجتمعات بطريركية أبوية ذكورية على حساب الأنثى والأنوثة ومعاناة النساء فيه أكبر من معاناة النساء الغربيات في جدولة الحياة اليومية ومشتقاتها العسيرة أمام الرجل.