Print
إيهاب محمود

"لعنة حياة مثيرة".. حكايات كُتّاب عن طقوس الكتابة

9 سبتمبر 2021
عروض

 


لا يتوقف اهتمام المتابعين بطقوس الكتابة لدى الأدباء. إنه شغف يزداد يومًا بعد الآخر، ولا تنضب قصص هؤلاء المبدعين حول تعاملهم مع فعل الكتابة، وما يدور حول الكتابة نفسها من عادات وطقوس تثير اهتمام القراء على الدوام، الأمر الذي استغله المترجم المصري جابر طاحون ليضم 13 كاتبًا عالميًا جنبًا إلى جنب، كاشفًا عن تصوراتهم عن الكتابة والأدب والحياة، وذلك من خلال كتابه الأحدث "لعنة حياة مثيرة" الصادر عن دار منشورات الربيع في القاهرة.

المشي أولًا

بالنسبة للكاتب الأميركي بول أوستر، فإنه يحب الجلوس للكتابة بعد ممارسة رياضة المشي، وبحسب حوار له مع صحيفة "نيويورك تايمز"، يبدأ نصوصه من الجملة الأولى ويشقّ بها طريقه إلى الجملة الأخيرة، معتبرًا أن الفقرة هي الوحدة الطبيعية للكتابة ووحدة تكوين البناء، ما يجعل استمرارية الكتابة عملية بطيئة للغاية تستمر تدريجيًا لحين انتهاء العمل والوصول للصفحة الأخيرة.


نقل الواقع

بخلاف كثيرين، ترى الكاتبة البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش الحاصلة على جائزة نوبل لعام 2015، وهي الجائزة التي أحدثت ضجة مدوية وقتذاك، أن الكتابة الحقيقية وعملية الإبداع تقوم على نقل الواقع كما هو بدون اللجوء لعنصر التخييل، مؤكدة أنها جربت استخدام الخيال في بعض الكتابات، غير أنها اكتشفت في الأخير أنه لا يثير اهتمام القارئ كما يحدث عندما يتم نقل الواقع له.

لم تعد سفيتلانا تصغي كثيرًا للأفلام والمسرحيات، لم تعد تصدقها، معللة الأمر بأن من يبكون على الشاشة ويعبرون عن آلامهم بالصراخ والصوت العالي الذي قد يصل إلى حد الضجيج، هم بعيدون تمامًا عما يحدث في الواقع، حيث يوجد الكثيرون الذين لديهم معاناة كبيرة غير أن طريقتهم للتعبير تكون خلاف ذلك تمامًا، وبحسب الكاتبة فإن من يعانون فعلًا، كما وثقت مواجعهم، يتكلمون بصوت خفيض وبهدوء شديد، يبكون قليلًا ولكن من دون انهمار للدموع.




خطة مسبقة

كازو إيشيغورو، الروائي الياباني المولد، البريطاني الجنسية والحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 2017، يفضل دائمًا أن تكون لديه خطة مسبقة قبل الشروع في عملية الكتابة، بمعنى أن يكون ملمًا بكل شيء، يقول إنه يأخذ وقتًا طويلًا قبل البدء بكتابة مسودة الرواية التي قد تستغرق نحو عام، لكن خلفية العمل وما سيدور فيه من أحداث وكذلك طبيعة الشخصيات والمواضيع تأخذ أكثر من عام، وذلك قبل الشروع في الكتابة الفعلية، الأمر الذي يكشف نظرته لعملية الكتابة نفسها، وأنها عمل دؤوب أكثر منها عملية تخضع لعامل الإلهام الذي تراجع تأثيره مؤخرًا من خلال عديد من شهادات المبدعين حول العالم.


الكتابة باليد

في التاسعة صباحًا، يكون هاري ماثيو، الروائي والشاعر والمترجم الأميركي، جالسًا إلى مكتبه، يكتب نصوصه بيده أولًا قبل أن يقوم بكتابتها على الكمبيوتر وطبعها بغرض تصحيحها وتنقيحها، يكثر من تعديل نصوصه بحيث يضع حدًّا أقصى لحجم الرواية هو 300 صفحة. ومهما طال حجم المسودة الأولى، فإن الرواية في النهاية عندما تدخل مرحلة الطبع تكون لا تتجاوز في الغالب مائتي صفحة فقط.

يتحدث ماثيو عن التجريب الذي يسعى لتوظيفه واختباره داخل أعماله، خصوصًا أنه كان عضوًا في جماعة "أوليبو" الفرنسية المعروفة، التي تستخدم الرياضيات والمعادلات الرياضية في الكتابة وتهتم بفلسفة العلاقة بين الكتابة والرياضيات. يرى ماثيو أن قارئه المثالي هو شخص يقوم، بعد أن ينتهي من قراءة كتاب له، بإلقائه من النافذة من طابق علوي في مدينة نيويورك، وفيما هو يسقط يستقلّ المصعد ليستعيده.

لا يستطيع الشاعر الأميركي تشارلز سيميك الكتابة سوى في المنزل بالقرب من السرير الذي ينام عليه، لأنه يفضل الاستلقاء أثناء الكتابة. فالكتابة مرتبطة لديه بالمنزل. ويبدي اندهاشه من ترجمات شعره إلى لغات متعددة مثل العربية والإسبانية والنرويجية عبر أشخاص لم يلتقِ بهم ولا تربطهم به صلة.



لا شيء غير الكتابة

الروائي البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، يؤكد أنه ليست لديه طقوس ثابتة للكتابة وأن ما يحفّزه على الكتابة هو أن ليس لديه أي أمر يستطيع فعله غير الكتابة، كما يعتبر رشدي أن من الصعب على أي كاتب في هذه اللحظة من تاريخ العالم، أن يكون متفائلًا.

تحدث رشدي أيضًا عن سيرته الذاتية التي تناول فيها اختفاءه لعشرة أعوام وعيشه باسم مستعار بعد فتوى المرشد الإيراني بقتله، يقول إنه فضّل انتظار 23 عامًا حتى يكتبها، بغرض أن تكون هناك مسافة زمنية كافية تسمح له بكتابة موضوعية لا كتابة عاطفية عابرة "أو حلقة من حلقات أوبرا وينفري"، بحسب تعبيره.