Print

"كتاب المهمَلات" لصلاح الزين

7 أكتوبر 2024
صدر حديثا


صدر حديثًا عن "محترف أوكسجين للنشر" في أونتاريو كتابٌ جديد للكاتب السوداني المقيم في أميركا، صلاح الزين، حملَ عنوان "كتاب المهمَلات".
وجاء في تقديمه: عشرون نصًّا اجتمعت في هذا الكتاب، يقدِّمها صاحبُها بوصفها كتابة عن العادي، تَهِب شهادةً للأساسِ اليتيم!
في كتاب صلاح الزين الجديد، وفي نصوصهِ المبتكَرة هذه، نحن حيال شهادة أدبية يهِبُها الكاتبُ لكلِّ ما أهمَلناه وصار في عدادِ الأشياء العادية، تلكَ التي غرقت في ظلالِ معانيها، من دون بقعةِ ضوءٍ، أو التفاتةٍ منَّا، وهذا ما تشي به نصوص الزين وهي تزيحُ الغبار المتراكم عن موجوداتِ الحياة المادية، وعن عيوننا في الوقت نفسه، لنرى بكلماتِه ما عجزنا عن رؤيته في ازدحام الأزمنة وانفلاتِها من بين أيدينا. إنّها لحظة تأمّل عميقة، فلسفية، غاضبة أحيانًا، وساخرة أحيانًا أخرى، فلا عجب أن تكون "المرايا" هي "ظمأُ الصورة لذاتها"، و"البلكونة" ليست سوى "ما فاض عن المسكن وانشغل بما لا يعنيه"، ولا غرابة في أن يكون لـ "المطبخ" مثلًا "سلالة مِن أشباح تضيق بالحيّز وتنضيدِ المكان، فيكون سقفُها من سماء، أو هواءٍ منهَكٍ، فتستعرُ خصومةُ التمييز واتساق التوصيف والمُسمّى".
إن سؤالَ الماهية والمسمّى هو دعوةٌ للسؤال حول ماهية هذه النصوص ومسمّياتها، أو كما تدعونا كلمة الغلاف لاكتشافه: "هي نصوص حول ما أهمَلناه لفرطِ عاديته! يؤكد الكاتب السوداني صلاح الزين في مستهلِّ كتابه، محوِّلًا هذا العادي المهمَل، المنسيّ، المحرومَ من كلِّ نظر؛ إلى نصوصٍ مبتكرة وتجريبية تأبى التصنيف، كل نصٍّ هو عالم في حدّ ذاته، فنحن أمام قائمة طويلة من مهمَلات حياتنا، كُتبت بإحالات فلسفية تستدعي التفكير في الواقع العبثي ومفارقاتِه العجيبة، كما لو أنها ميثولوجيا شعرية تُؤسطِر وتُفهرِس، تحتفي وتؤنسِن ما استعاد هنا بريقَهُ وألقَهُ الخاص، فالبابُ فضيحة الوجود، والمطبخُ ديمقراطيٌّ بفوضى، أمّا الصورة فالتِباسٌ يغفِر فيه الغابرُ للحاضر".
في ظاهرهِ، يضمّ "كتاب المهَملات" عشرين شيئًا مهمَلًا، تحوّلت بين يدي صلاح الزين إلى ملاحم أدبية صغيرة، كُتِبت بلغة أنيقة ورفيعة لها معجمُها الخاص وامتدادها في التراث، بحسٍّ شعريٍّ يعكسُه تفاني الكاتب في نحتِ تعريفاتٍ تخصّه، تمزجُ الخاصَّ بالعام، والتأمّلي بالسياسيّ، والواقعيّ بالأسطوري، لتخلق قائمة نعتقد بإمكانية عدِّها: من "الباب" إلى "البرندة"، ومن "الصورة" إلى "المنديل"، وصولًا إلى "المخزن"؛ لكننا حتمًا سنخطئ العدَّ، لأنها نصوص مترامية، عبثية، تستدعي القراءة وإعادة القراءة، فلا تصبح الأشياء مجرّد أشياء، ولا القراءة خطًا مستقيمًا نقلّب على إثره صفحات الكتاب الـ104، إنما متاهة جميلة مليئة بالمنعطفات والمفاجآت.

صلاح الزين: كاتب وناقد من السودان، مقيم في فرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية، صدر له في القصة: "عنهما والإكليل والانتظار" (1993)، و"وضعية ترفو حكايا لتروى" (2011). وفي الشعر صدر له: "عورة الماء"، كتاب صوتي (2023). كما له ترجمات وبحوث ودراسات اجتماعية بالعربية والإنكليزية، ويكتب مقاربات ومقالات نقدية في الشأن السياسي والفكري السوداني.