"لطالما كنت دائمًا على الهامش، وطالما كنت دائمًا خارج المؤسسة، وطالما كنت دائمًا على الحافة، لكن السير على الحافة لا يهمني"، ربما تختصر هذه الكلمات الجانب الآخر من حياة الراحلة المعمارية العالمية زها حديد. وعلى عكس خطوط تصاميمها ومشاريعها المعمارية، لم تكن حياة زها المهنية مُتدفقة بانسياب مُتحرر من الزوايا الحادة. فحياة المهندسة العراقية وطريقها نحو العالمية كانت مثل قسمات وجهها قاسية، ومليئة بأمواج من انكسارات وإحباطات.
غير أن ابنة بغداد، تعلمت منذ الصغر تدوير الزوايا، وتليين الحديد حتى يستحيلا بين يديها قطعًا فنية تحلق في سماء بلا حدود، وترتفع عن الأرض بجدران تنساب على بعضها بكل رقة ودقة.
في بداية مشوارها كان المنافسون والنقاد لا يرون في المصممة العراقية أكثر من "رسامة على الورق"، يستحيل تبني تصاميمها أو تنفيذها على أرض الواقع، وظلّ الأمر كذلك حتى قامت شركة في هونغ كونغ بتبني تصميمها لمنتجع "القمة"، الذي لم تُكتب له رؤية النور بسبب خسائر مالية لحقت بمالك المشروع.
اقــرأ أيضاً
انتكاسة أخرى كانت بانتظار المعمارية الحالمة، فبعد فوز تصميمها "العقد الكريستالي" لمبنى دار الأوبرا في كارديف، تم تأجيل المشروع لسببين؛ عدم توفر التمويل الكافي، ومعارضة بعض السياسيين في كارديف للتصميم الذي قدمته زها حديد، حيث اعتبروه لا يتوافق مع ويلز المعروفة بطبيعتها المحافظة ثقافيًا ومعماريًا، وقد يبدو كأنه "سقط من الفضاء" على حد تعبير أحدهم.
ولأن زها حديد احترفت "السير على الحافة"، فقد رسمت بهذه الإخفاقات طريق النجاح الطويل، الذي لم يعد مجرد "رسومات على الورق" بل بات أيقونات فنية تشبه سفن الفضاء، تسبح من دون تأثير الجاذبية في فضاء مترامي الأطراف، لا يوجد فيها جزء عال ولا سفلي، ولا وجه ولا ظهر، فهي مبان في حركة انسيابية في الفضاء المحيط، ومن مرحلة الفكرة الأولية لمشاريع زها إلى مرحلة التنفيذ، تقترب سفينة الفضاء إلى سطح الأرض، وفي استقرارها تعتبر أكبر عملية مناورة في مجال العمارة"، كما يقول الناقد والمنظر المعماري، أندرياس روبي.
ولم تكن تصاميم زها الجريئة والمُعقدة والغارقة في الخيال، بل و"الثورية" ما ميز شخصية المعمارية العراقية، وأغاظ منافسيها وحسّادها، وحسب، فقد كانت شخصيتها القوية والعنيدة والرافضة للتسويات والحلول الوسط جزءاً من الأسطورة المُبدعة، حتى احتار النقاد في رسم حدود التأثير والتأثر القائم بين شخصية الفنانة وأعمالها، وأيهما يطغى بقوّته على الآخر، وهل أن التصاميم القوية والصارمة تمنح قوتها للفنانة؟ أم أن شخصية المعمارية القوية هي من تمنح "رسومات الورق" قوة عندما تتجسد أيقونات معمارية شاهقة في الفضاء؟
هذه الشخصية الحادة والقوية، كانت مثار انتقاد للكثير من الحاسدين للمعمارية العراقية التي شقت طريقها نحو القمة تاركة خلفها الكثير من الأسماء اللامعة في عالم الهندسة والمعمار. وعندما لم يجد الحاسدون أو الناقمون أو الناقدون سبباً لانتقاد أعمالها المعمارية اللافتة، كانوا يوجهون سهامهم لشخصيتها وهي "المرأة" "صاحبة المزاج الحاد والشخصية المُستبدة"، كما يراها بعضهم.
وربما لم يكن للمعمارية ابنة بغداد أن تطرق أبواب العالمية لولا هذه الشخصية القوية، التي لم تتردد للحظة في ترك استديو "راديو بي بي سي 4"، أثناء مقابلة على الهواء مباشرة، عندما وجهت لها مقدمة البرنامج أسئلة خارجة عن السياق ولا تتعلق بصلب أعمالها المعمارية.
وعلى خلاف مدرستها "التفكيكية أو التهديمية" في التصميم المعماري، فإن المعمارية العراقية حسّاسة ومرهفة تجاه دور الفن في الحياة، وهي التي ترى أن الفن والهندسة والموضة، كلها أشكال إبداعية وجدت لمنح الإنسان السعادة والرفاهية، وقد ترجمت ذلك في إرث معماري تركته للإنسانية وقد ضم في صفحاته مآثر معمارية ترتفع في السماء على امتداد النظر من الرباط إلى باكو والدوحة وموسكو وطوكيو وميامي وغيرها من المدن والعواصم العالمية.
بخطوطها المُنسابة بأناقة وتألق، ردّت الفنانة العالمية على قساوة مشوارها المعماري، وبشخصية قوية رافضة للمهادنة أو المساواة، فرضت الراحلة زها حديد نفسها في عالم الهندسة المعماري "الذكوري" وقد نالت أرقى الجوائز والأوسمة لتكون أول امرأة تحصل على جائزتين متفردتين في الكرة الأرضية، وهما ذهبية العمارة لعام 2016، التي تعد أعلى تكريم يقدمه المعهد الملكي البريطاني، اعترافًا بالإنجاز التاريخي لها في مجال الهندسة المعمارية، وجائزة بريتزكر للعمارة (2004). سكت قلب زها حديد ولكن أثرها المعماري سيبقى خافقًا وقد اعترف العالم بأنها "قوة كبيرة وجميلة في المعمار العالمي، لا يمكن تأريخ العمارة الحديثة من دون وضع اسمها على أكبر فصوله" كما قال جون ريبون رئيس المعهد الملكي البريطاني للعمارة.
غير أن ابنة بغداد، تعلمت منذ الصغر تدوير الزوايا، وتليين الحديد حتى يستحيلا بين يديها قطعًا فنية تحلق في سماء بلا حدود، وترتفع عن الأرض بجدران تنساب على بعضها بكل رقة ودقة.
في بداية مشوارها كان المنافسون والنقاد لا يرون في المصممة العراقية أكثر من "رسامة على الورق"، يستحيل تبني تصاميمها أو تنفيذها على أرض الواقع، وظلّ الأمر كذلك حتى قامت شركة في هونغ كونغ بتبني تصميمها لمنتجع "القمة"، الذي لم تُكتب له رؤية النور بسبب خسائر مالية لحقت بمالك المشروع.
ولأن زها حديد احترفت "السير على الحافة"، فقد رسمت بهذه الإخفاقات طريق النجاح الطويل، الذي لم يعد مجرد "رسومات على الورق" بل بات أيقونات فنية تشبه سفن الفضاء، تسبح من دون تأثير الجاذبية في فضاء مترامي الأطراف، لا يوجد فيها جزء عال ولا سفلي، ولا وجه ولا ظهر، فهي مبان في حركة انسيابية في الفضاء المحيط، ومن مرحلة الفكرة الأولية لمشاريع زها إلى مرحلة التنفيذ، تقترب سفينة الفضاء إلى سطح الأرض، وفي استقرارها تعتبر أكبر عملية مناورة في مجال العمارة"، كما يقول الناقد والمنظر المعماري، أندرياس روبي.
ولم تكن تصاميم زها الجريئة والمُعقدة والغارقة في الخيال، بل و"الثورية" ما ميز شخصية المعمارية العراقية، وأغاظ منافسيها وحسّادها، وحسب، فقد كانت شخصيتها القوية والعنيدة والرافضة للتسويات والحلول الوسط جزءاً من الأسطورة المُبدعة، حتى احتار النقاد في رسم حدود التأثير والتأثر القائم بين شخصية الفنانة وأعمالها، وأيهما يطغى بقوّته على الآخر، وهل أن التصاميم القوية والصارمة تمنح قوتها للفنانة؟ أم أن شخصية المعمارية القوية هي من تمنح "رسومات الورق" قوة عندما تتجسد أيقونات معمارية شاهقة في الفضاء؟
هذه الشخصية الحادة والقوية، كانت مثار انتقاد للكثير من الحاسدين للمعمارية العراقية التي شقت طريقها نحو القمة تاركة خلفها الكثير من الأسماء اللامعة في عالم الهندسة والمعمار. وعندما لم يجد الحاسدون أو الناقمون أو الناقدون سبباً لانتقاد أعمالها المعمارية اللافتة، كانوا يوجهون سهامهم لشخصيتها وهي "المرأة" "صاحبة المزاج الحاد والشخصية المُستبدة"، كما يراها بعضهم.
وعلى خلاف مدرستها "التفكيكية أو التهديمية" في التصميم المعماري، فإن المعمارية العراقية حسّاسة ومرهفة تجاه دور الفن في الحياة، وهي التي ترى أن الفن والهندسة والموضة، كلها أشكال إبداعية وجدت لمنح الإنسان السعادة والرفاهية، وقد ترجمت ذلك في إرث معماري تركته للإنسانية وقد ضم في صفحاته مآثر معمارية ترتفع في السماء على امتداد النظر من الرباط إلى باكو والدوحة وموسكو وطوكيو وميامي وغيرها من المدن والعواصم العالمية.
بخطوطها المُنسابة بأناقة وتألق، ردّت الفنانة العالمية على قساوة مشوارها المعماري، وبشخصية قوية رافضة للمهادنة أو المساواة، فرضت الراحلة زها حديد نفسها في عالم الهندسة المعماري "الذكوري" وقد نالت أرقى الجوائز والأوسمة لتكون أول امرأة تحصل على جائزتين متفردتين في الكرة الأرضية، وهما ذهبية العمارة لعام 2016، التي تعد أعلى تكريم يقدمه المعهد الملكي البريطاني، اعترافًا بالإنجاز التاريخي لها في مجال الهندسة المعمارية، وجائزة بريتزكر للعمارة (2004). سكت قلب زها حديد ولكن أثرها المعماري سيبقى خافقًا وقد اعترف العالم بأنها "قوة كبيرة وجميلة في المعمار العالمي، لا يمكن تأريخ العمارة الحديثة من دون وضع اسمها على أكبر فصوله" كما قال جون ريبون رئيس المعهد الملكي البريطاني للعمارة.