Print
روان الجبر

جيل الألفية: المواطنون الرقميون الأصليون

23 أكتوبر 2024
إناسة


تشعر أنك قليل الحظّ. تبحث عن الاهتمام وجذب انتباه من حولك، كثير الشكوى وينتابك الاكتئابُ حين تقارن نفسك بالآخرين، وترى الماضي أفضل من الحاضر. يملؤك الفراغُ حين تنتهي من مسلسل تابعتَه. مع ذلك، تتمتع بشخصية قيادية، وقدرة كبيرة على التأقلم مع التغيّرات الحياتية المختلفة، والمناخية أيضًا، لكنّك تخشى التقدّم في العمر، وتعاني مشكلةً في مواجهة الزمن فتشعر بالإحباط، وربما بالفشل، حين تدرك أنك أصبحت في الثلاثين من عمرك (أو أكثر)، غير راضٍ عن نفسك لأنك لم تحقّق احلامَك كلها. ولعلّك تُتَّهم بالكسل، وقلّة الصبر. ورغم شبابك تبدو طاعنًا في السن تحبّ البقاء في المنزل، وتشعر براحة أكبر حين تكون وحيدًا... لا تقلق! لست وحدك، وحالك هي حال غيرك من أبناء جيلك الذين يشكّلون اليوم النسبة الأعظم من سكّان العالم، وصار اسمهم "جيل الألفية" (Millennial) أو "Gen Y".

بين جيلين

بحلول عام 2018، أدرك باحثون ضرورةَ إحداثِ نقطةٍ تقطع بين "جيل الألفية" (الذي بلغ أكبرهم في ذلك العام 37 سنة من عمره)، والجيل الذي يليه Z (2012- 1997). لقد دخل من هم الأكبر في السن من جيل الألفية مرحلة النضج، وحفاظًا على مغزى تحليلي، والبدء في النظر فيما قد يكون فريدًا في النموذج التالي، قرّر باحثون اعتبار مواليد الأعوام 1981- 1996 جيلًا جديدًا هو جيل "Y"، وتتراوح أعمارهم حاليًا بين 28 و43 عامًا. واستُخدم مصطلح "جيل الألفية" للمرّة الأولى في كتاب "الأجيال" (1991)، لمؤلّفَيه ويليام ستراوش ونيل هاو، ليناسب الجيل الأول الذي يصل مرحلة النضج في الألفية الجديدة.

 نشأ جيل الألفية في فترة استقرار نسبي وازدهار اقتصادي مع آبائهم من الجيلين X (1980-1965)، وجيل طفرة المواليد (1946-1964)، الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية، ونشأوا على فكرة قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، وتعزَّزت لديهم تلك الفكرة بمرور الوقت بعد النمو الاقتصادي، وزيادة قوانين العمل، وغيرها من الأمور التي ساعدت في خلق كثير من أوقات الفراغ، ويُشتَهر بأنّه جيل يدمن العمل، ويتمتّع برغبة دائمة في تحقيق التواصل الفعّال. استطاع هؤلاء منح أبنائهم (جيل الألفية) الرعايةَ، والاهتمامَ بتحصيلهم العلمي، وحصولهم على الشهادات العُليا، كما أنّ شراء المنازل كان أمرًا سهلًا (نوعا ما)، في حين أن جيل الأبناء شبَّ في مرحلة الركود الاقتصادي والصعوبات المادية، وباتت إمكانية شراء منزل فكرةً شبه مستحيلةٍ، حتّى التعليم أصبح مُكلفًا جدًّا مقارنةً بالسنين السابقة. هم أول جيل حديث يكون أسوأ حالًا اقتصاديًا يواجه كثيرٌ من أعضائه مستوياتٍ عاليةً من بطالة الشباب مع بدء حياته في عقاب الركود الاقتصادي الكبير، ومن ثمّ ركود كوفيد – 19.

سباق مع الزمن

بناء على ما سبق، فإنك، عضوًا في نادي جيل الألفية، قد تكون أقلّ إنجابًا للأطفال من آبائك، وقد تتأخّر في الزواج، أو تختار عدم الزواج نهائيًا. لكن لا تقلق على النوع، فأنت وغيرُك من أبناء جيلك في البلدان النامية ستستمرّون في تشكيل الجزء الأكبر من النمو السكّاني العالمي.

قد يكون لآبائك من جيل الألفية تأثير سلبي في حياتك العملية، حين زرعوا في عقلك أن الحياة مفتوحةٌ أمامك، وبإمكانك تحقيق كلّ شيء. لكنّك بدأت تواجه الإحباط مبكّرًا؛ منذ مراحل دراستك، إذ كان عليك الحصول على الدرجات النهائية، فعدم بلوغ هذا المُعدَّل يعتبر استهتارًا وعدمَ مسؤولية منك تجاه والديك الذين زرعوا فيك تلك الشخصية النرجسية، فجاءت مواقفُ الحياة تحطّم نرجسيتك. ربما أفقدك ذلك الثقة، وأوصلك الأمر في بعض الأحيان إلى كره الذات (انتحر آخرون من أقرانك في الحالات القصوى).

لا يعني ذلك أنك لم تترك وأبناء جيلك تأثيرًا واضحًا وكبيرًا في العالم. لقد ازداد التقدّم العلمي بشكل كبير مقارنة بالأجيال التي سبقتكم، وبينما اكتفى كثيرون من الجيل السابق بما دون الشهادة الجامعية، أصبحت الأخيرة بالنسبة لكم تحصيلًا أولَ، تقتضي دراسات عُليا وتخصّصات، ومن ثمّ دورات جانبية ولغات، أصبحت جميعها ضروريةً للوصول إلى وظائفَ جيّدةٍ وحياةٍ مرضية. هذا المشوار الدراسي الطويل ربما يكون قد أثّر فيك تأثيرًا نفسيًا سالبًا، فكأنك في سباق مع الزمن، تعدّ أوراق العمر ورقة صفراء بعد أخرى، فما أن بدأت مشوارك المهني حتى وجدّت نفسك قد بلغت الثلاثين من عمرك، أو أكثر... غدرك الزمن؟

بعد الانتهاء من تحصيل هذه الشهادات كلها، والمميزات والخبرات، تدخل مجال العمل منافسةً لأصحاب الكفاءة من أبناء جيلك، ومن سبقكم من أجيال، لتبقى المقارنة بالآخرين، ومعها عدم الشعور بالرضى، ملازمين لك. ألست أنت من صعّب على نفسه خطواته؟ ما أن بلغت مرحلةً دراسيةً إلّا وشعرت أنك مطالب بأخرى زيادةً في فرص العمل والمكانة الأفضل. جيل آبائك لم يكن على هذه الحال، كان للثلاثين من العمر طابع مختلف، ما أن بلغه واحدهم إلا وكان قد أسّس عائلةً، بعد حصوله على شهادة وعمل. لا تتفاجأ إن وجدت جيلي الآباء "x" وطفرة المواليد أكثر رضى عن أنفسهم، محبّين لذواتهم بصورة أعلى منك ومن أبناء جيلك.

توسّعت الفجوة بين جيل الألفية وجيل الآباء، مع أن الأخير يصرّ على مقارنات غير عادلة تغضّ النظر عن اختلاف متطلبات الحياة وإمكاناتها مع مسافات قطعتها عجلة التطور العلمي وتطورات اقتصاد القرن الحادي والعشرين. "على زماننا" عبارة تحمل مفاضلة تسمعها مرارًا من والديك تضعك في خانة الدفاع، لا يجدي معها شرحًا مهما بدت ظالمةً.

لا تستغرب إن صُنّف جيلك (جيل الألفية) بأنه أكبر أجيال "بطاطا الأريكة" (Getty)


مواطنون أصليون لعالم رقمي

لا تستغرب إن صُنّف جيلك (جيل الألفية) بأنه أكبر أجيال "بطاطا الأريكة"، تخطّى مرحلة البلوغ الجنونية إلى عادات كانت حكرًا على كبار السن الذين يفضلون قضاء وقتهم متسمّرين في الأريكة أمام التلفاز، مفضلين أسلوب الحياة هذا على الخروج من قوقعتهم لممارسة الأنشطة المختلفة. لعل أحد الوجوه التي تفسّر ذلك أنك وأبناء جيلك تختلفون عن الأجيال التي سبقتكم، بأنكم الجيل العالمي الرقمي الأول، "المواطنون الأصليون" للعالم الافتراضي، أول جيل ينمو مع الإنترنت، نشأتم خلال عصر التطور السريع، والتبني الواسع النطاق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي اندمجت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية. تتحقّقون من هواتفكم ما يصل إلى 150 مرّة يوميًا، وبفضل شغفكم بالخدمات التكنولوجية كنتم سببًا رئيسًا في نمو وادي السيليكون*، وانتعاش مراكز التكنولوجيا العالمية الأخرى.

قد لا يكون مبالغة القول إنكم جيل أُعدَّ من خلال تكنولوجيا شكّلت تفاعلاتكم، تثقون إلى حدّ كبير في قدرتها على دعم وتطوير العمل وصقل المهارات، وتعتمدون عليها في كل جانب تقريبًا من جوانب حياتكم. أنتم أكثر إيجابيةً تجاه التقنيات الجديدة، تجيدون استخدام الهواتف النقّالة وغيرها من أجهزة محمولة، وتخوضون معترك التواصل الاجتماعي بكفاءة ملحوظة لا تضاهيها الأجيال السابقة. قد تتقاضى أجرًا في مقابل معرفتك تلك، وربما فتحت لك تكنولوجيا العالم الرقمي أبوابًا للرزق في أكثر من وظيفة.

لكن في خضم هذا العالم من التكثيف والاختزال ووفرة المعلومات، وسهولة الحصول عليها، ستلحظ أنك قليل الصبر، تتسرّع في الحصول على ما تريد وتستعجل النتيجة تحرّيًا لنهايات الأشياء وخواتيمها. لن تتابع مثلًا حلقات المسلسل في مدار أيام، بل ستقفز من حلقة إلى أخرى في يوم واحد إن استطعت إلى ذلك سبيلًا. ولا تخشى أن تترك عملًا لا يتماشى مع قيمك، أو باحثًا عن وظيفة أخرى تسمح لك بأن تكون أكثر تأثيرًا وقيمة، وقد تكون مشكلتك عدم احترامك التسلسل الهرمي للعمل، تبحث عن ترقية كلّ سنة أو سنتين، يشغلك الأمن الاقتصادي. لا تعجب إن اتهمك الآخرون بأن تطلعاتك غير واقعية، خصوصًا مع ما تملكه من معتقدات خاصة بشأن كيفية إدارة العمل.

خرقت هجمات 11 سبتمبر (2001) مظاهر الأمن الذي عرفتَه وأبناءُ جيلك، كنتَ وغيرُك كبارًا بما يكفي لتذكّر تلك الأحداث، والتعرّف إلى أهميتها. وفي العالم العربي عايشت كغيرك من أبناء جيل الألفية الانتفاضتين الفلسطينيتين (الأولى 1987 والثانية 2000)، وحروب العراق وأفغانستان وسورية. بلغت سنّ الرشد شاهدًا، وكان ربيعكم العربي ثورة رقمية. وبما أنّ جيلك هم المواطنون الأصليون، فقد لجأت وإياهم إلى البحث عن حلول لمشاكلكم في شبكة الإنترنت، وأدمنتم التواصل عبر الشبكات بنفس الطريقة التي يدمن فيها أناس الكحول والمخدّرات، تغمركم السعادة بسماع صوت إشعارات الرسائل التي تصلكم. ومهما أيقظت أصوات الإشعارات تلك من سعادة في نفوس الأجيال السابقة، الذين ولجوا العالم الرقمي فضولًا أو مواكبة أو بحكم الضرورة، فإنها لا تثير في أدمغتهم كمّ "الدوبامين" الذي تتلذّذ به أدمغتكم.

وفي خضمّ بحثك المحموم عن لحظات السعادة في العالم الرقمي، فإنك من الجيل الأكثر كآبةً، تجعلك هذه الحياة الافتراضية أقلَّ رضى عن حياتك الواقعية، تعاني مشاكلَ في العلاقات الاجتماعية والعاطفية والصداقات، وتجدك أقلَّ ثقةً بالآخرين مقارنةً بجيل آبائك. تسيطر عليك الوحدةُ أكثر، حين تستشعر الصعاب المتراكمة أمامك في مراحل حياتك، تجعلك تلوذ بالنوستالجيا إيمانًا أن ماضيك أفضل بكثير.

الحب من نقرة زرّ

أصبح الإنترنت بالنسبة لك وسيلةً للتخفيف من الوحدة. لم يعد التواصل الاجتماعي يتطلّب سيارةً أو مكالمةً هاتفيةً أو خطّةً من نوع ما، فقط نقرة زرّ واحدة. وغالبًا ما يواجه جيل الألفية مجموعةً فريدةً من التحدّيات عندما يتعلّق الأمر بالعلاقات، فالوجود المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا أدى إلى تغيير جذري في طريقة تواصل الأفراد وتفاعلهم. وفي حين أن التكنولوجيا يمكن أن تكون حافزًا لك لتكوين اتصالات جديدة، إلا أنها تخلق لديك حواجز في بناء علاقات حميمة والحفاظ عليها. ففي حين تتوفّر لك طرائق أكثر من أي وقت مضى للبقاء على اتصال مع شريك، إلا أنّها قد تكون ساحقة لتواصل صادق هادف. إنّه "طغيان الحرّية"، كما يسمّيه عالم النفس الاجتماعي باري شوارتز؛ شعور بالإرهاق وعدم اليقين والقلق عندما يُمنح لنا الكثير من الخيارات مع عدم وجود إطار محدّث لإدارة هذه الخيارات.

مع جيلك، تغيّرت الأدوار الجنسانية والمعايير المجتمعية وتوقعات العلاقات التقليدية، فأنت غالبًا ما تشكّك في معايير الأجيال السابقة، وقد تعيد تعريف ما يعنيه أن تكون في علاقة ناجحة وصحية باستمرار. من الممكن لك بناء علاقات صحية وناجحة بفهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا في العلاقات، وقد تستطيع التقليل من الآثار السلبية واستخدام التكنولوجيا لصالح علاقاتك. تبني هياكل العلاقات غير التقليدية، وإعادة تعريف الأدوار الجنسانية التقليدية، وإعطاء الأولوية للذكاء العاطفي ومهارات الاتصال على علامات النجاح القديمة، يمكن أن تكون فرصًا عظيمة للعلاقات بين جيل الألفية. من خلال فهمك لهذه التحدّيات والفرص الفريدة، يمكن لك بناء علاقات دائمة ومُرضية تلبّي احتياجاتك وقيمك الحديثة.

العلاقات صعبة على الجميع، ولكن بالنسبة لك الأمر أكثر تعقيدًا، بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي المصدر الأساس للقاءات والعلاقات المحتملة، فإن الالتزام يشكل تحدّيًا خاصًا لجيلك الذي يتعرّض للاختيار المُفرِط، والسؤال الذي يؤرّقك: كيف يمكنك التأكّد من أن هذا الشخص هو الشخص المناسب عندما يكون هناك عشرات المواعيد المحتملة على بعد نقرة واحدة؟ سوف يستمر الاختيار غير المحدود يغذّي قلقك. قصص ما قبل النوم التي أسمعك إياها الجيل "X" والمنتهية بسعادة إلى الأبد، حلّت محلها بالنسبة إليك مشاهد مواعدة جديدة مدفوعةً بالتكنولوجيا فقدت نسيجها القصصي التقليدي العذب.

بفضل شغفكم بالخدمات التكنولوجية كنتم سببًا رئيسًا في نمو وادي السليكون، وانتعاش مراكز التكنولوجيا العالمية الأخرى (Getty)


جيل الإشباع الفوري

مع ذلك فإن أبناء جيل الألفية متفائلون، حتى لو عرفوا أن الاحتمالات ليست في صالحهم. لكنهم يستمتعون بوجهات نظر ذكية ومعاكسة للمعايير الثقافية. إنهم يتشبثون بشغف بنتائج الأبحاث التي توضح كيف أن التمسّك بمفاهيم القصص الخيالية عن الأميرة الجميلة، والأمراء المحظوظين، والقدر الذي يقدم رفيقة الروح، يقلّل من احتمالية انتهاء قصة حبّ المرء بسعادة إلى الأبد. وهم لا يتوانون عن البحث عن مصادر سعادة أخرى، قد يوفرها لهم قدر من الاستقلالية.

قليلون هم من الجيل (X) من اعتمدوا على آبائهم، لا سيّما إن كانوا من الطبقات الوسطى والفقيرة. تمكن هؤلاء من تحقيق استقلاليتهم مبكرًا بحكم الرغبة أو الظروف. كان التقشف أو حتى نظام الجمعيات (يدفع مجموعة من الأشخاص مبلغًا شهريًا، يحصل على مجموعه واحدهم بالتناوب) في زمنهم من سبل تجميع ثروة معقولة انطلاقًا نحو شراء قطعة أثاث أو جهاز كهربائي منزلي... وربما تجمّعت لديهم "تحويشة العمر" لتزويج أحد الأبناء أو شراء منزل أو سيارة. كانت الأمور أكثر يسرًا إذ إن المعاش التقاعدي بمثابة الكيّ آخر الطبّ. في حالة جيلك، يجب أن يكون اكتساب الاستقلال مدفوعًا بالدخل وليس بالتقشّف. ففي حين أن الإنفاق بتهور ليس مستحسنًا أبدًا، فإن تقليص تناولك للوجبات السريعة لن يجعلك ثريًا. يتطلّب تجميع الثروة نطاقًا أوسع.

ولعلّك تنظر لمسار حياتك المهنية وتقاعدك بشكل مختلف عما رآه آباؤك وأجدادك. فأنت أحد أفراد "جيل الإشباع الفوري"، فأنت تريد متابعة الطموحات الآن، بالذهاب إلى وظيفة أحلامك مباشرة بعد التخرّج أو بالعمل لدى شركةٍ ناشئةٍ واعدةٍ أنشأها شخصٌ آخرُ أو بإنشاء عملٍ مستقل. تريد تلك الوظيفة التي تمنحك توازنًا بين العمل والحياة منذ مقتبل العمر، من دون أن تضطر لانتظار فرصٍ للسفر مثلًا. قد تكافح وآخرون من أبناء جيلك للحصول على وظائف بدوام كامل، وقد تكتفون بوظائفَ بدوام جزئي، ولكن بشكل عام، تكسبون بحسب عديد من الإحصاءات أكثر من الأجيال الأخرى.

تشير الدراسات إلى أن جيل الألفية ملتزم بعمله مثل زملائه الأكبر سنًا، لكن ما قد يعقد بيئة العمل بالنسبة إليه، أنه يقدّر العمل المثير للاهتمام والتوازن الجيد بين العمل والحياة. فأنت لا تعتقد أن متطلبات العمل المفرطة تستحقّ التضحيات في حياتك الشخصية. وأنت مثل أبناء جيلك تريد ساعات عمل مرنة ومستعدّ للتخلّي عن زيادات الأجور والترقيات من أجل جدول عمل مرن، فالنجاح بالنسبة إليك يقاس بالإنتاجية لا بعدد الساعات التي تقضيها في المكتب. ستكون بيئة العمل أكثر سوءًا إن لم تشعر بالدعم والتقدير من شركتك ورؤسائك، فأنت بحاجة إلى مزيد من الفرص لتطوير مهاراتك التكنولوجية ومهارات التعامل مع الآخرين، وتلك التكنولوجية. وعمومًا إذا كنت من جيل الألفية فأنت تؤمن بأن الشركات وقادة الأعمال يجب أن يشاركوا في تحسين المجتمع، وتميل للولاء إلى شركة تتمتع بأخلاقيات قوية.

وبارتفاع نسبة القوى العاملة من جيل الألفية عالميًا، فإن أرباب العمل مطالبون، إن رغبوا في استثمارٍ أفضل في جيل الألفية، بأن يأخذوا في الاعتبار مراقبة أعباء العمل ومستويات الرضى عن التوازن بين العمل والحياة، في ظلّ ثقافة عمل مرنة يتمتع معها الموظفون من الجيل "Y" بمزيد من التحكّم بساعات عمل هادف، يوفّر فرصًا مثيرةً للاهتمام وتطوير مهني مستمرّ. في النهاية، تحتاج المنظمة إلى تغيير أهدافها، من أهداف تتعلق أساسًا بتحقيق الربح إلى أخرى تعالج المخاوف الاجتماعية، وتحلّ مشاكل المجتمع الأوسع.

لا زال الجيل "X" يترأس الجيل "Y"، لذا لا نستطيع قياس مدى تأثير الجيل "Y"؛ جيل الألفية، ولا تحديد دوره الاجتماعي بوضوح، حتى يتقاعد جيل الآباء فاسحًا المجال لجيل الأبناء. علينا أن ننتظر عقدًا آخر من الزمن.

* شاعرة وناقدة سورية.

* وادي السيليكون (Silicon Valley): المنطقة الجنوبية من خليج سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة. مشهورة بوجود عدد كبير من مطوري ومنتجي الشرائح أو الرقاقات السيليكونية (الدائرة المتكاملة)، والأولى في مجال التطوير والاختراعات الجديدة في مجال التكنولوجيا المتطورة.

إحالات مفيدة:

(1) James Chen, Millennials: Finances, Investing, and Retirement, on: https://2u.pw/LTtyLfwl

(2) 2024 Gen Z and Millennial Survey: Living and working with purpose in a transforming world: https://2u.pw/xsgSKzyL

(3) Daniel Goleman, Millennials: The Purpose Generation: https://2u.pw/L8ZI0pnU 

(4) Generations defined by name, birth year, and ages in 2024: https://2u.pw/yZNtYZaP