Print
أوس يعقوب

الكتابة بين التجريب والتخريب وسؤال الحداثة (5)

30 مايو 2020
هنا/الآن
أسماء كثيرة من الأديبات والأدباء العرب، ممن اقتحموا عوالم التجريب، تعيش نوعًا من القلق الإبداعي، يظهر في سعيهم لتجريب أساليب وأشكال مختلفة من الكتابة الشعريّة والسرديّة، واجتراحٍ الجديد على مستويات عدّة.

إنه تجريبٌ يرونه لا من باب التمرد على الأشكال الكلاسيكيّة، بل بدافع التجديد، رغم يقينهم بوجود ميراث كلاسيكي ضخم، وافر السطوة ويُنظر له بتبجيل بالغ، لكنّه التجريب، هذا المخاض الصعب الذي ارتبط تاريخيًا بتحوّلات البنيّة المعرفيّة والجماليّة في سياق نسق الثقافة الغربيّة ومركزيّتها بخطاب الحداثة، وما يحمله هذا الخطاب من حمولات تاريخيّة وفلسفيّة وحضاريّة.
نسعى في هذا الملف للوقوف على ملامح التغيّرات التي يشهدها أدبنا العربي، وحدود المنجز التجريبي في الرواية والقصة والشعر حتّى يومنا هذا، والخوض في التحدّيات الكبرى التي تواجه كل محاولات الخروج على النمط السائد في الشعر والسرد العربي المعاصرين.
وقد توجهنا إلى عددٍ من الكتّاب والكاتبات من شعراء وروائيّين وقاصّين ونقّاد بالأسئلة التالية: مع ظهور الأجناس الأدبيّة الجديدة هل أنتم/نّ مع التجريب والحداثة في الأدب؟ وما هو الحدّ الفاصل بين التجريب والتخريب الأدبي برأيكم/نّ؟ وهل ترون أنّ النقّاد تجاهلوا التجارب الكتابيّة الأدبيّة الحديثة؟
هنا الجزء الخامس وقبل الأخير:

من اليمين (أعلى):  مسلم، عبد الرحمن، (أسفل) أبو بكر محمد،  أبو سليم، عدلي

















لنا عبد الرحمن (روائيّة من لبنان):
المضي في مسار يحاكي العصر
لعل السؤال عن التجريب والحداثة في الأدب يفضي بنا أكثر ما يفضي إلى تناول الرواية العربيّة الجديدة كفن سردي، تمثّلت فيه بشكلٍ واضح آليّات التجريب، والخروج عن النمط الكلاسيكي في السرد الذي بدأ مع جيل الروائيّين الأوائل، ثمّ بدأت الرواية بالجنوح نحو التجريب رويدًا رويدًا، مع ظهور تيارات فكريّة ونقديّة جديدة ساهمت في تحوّل أنماط الكتابة وتغيرها في الرواية العالميّة ككلّ، وبالتالي في الرواية العربيّة لاحقًا. كان للأحداث السياسيّة الكبرى في العالم، ظهور الثورة الصناعيّة، والحربين العالميّتين، سيطرة الفاشيّة وانهيارها ثمّ انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين، كلها قضايا دفعت بالرواية الأوروبيّة الغربيّة نحو التمرد والبحث بعمق عن القدرة على التفكير بحرّية.


وفي العالم العربي كان للمد الاستعماري وخضوع الدول العربيّة للسيطرة السياسيّة والاقتصاديّة، وما أعقب ذلك من استقلال، ومن حروب قوميّة، أن دفعت بالروائيّ العربي إلى البحث عن متنفس للتعبير عما تمر به أمته، فازدهرت الرواية، وبدأت في البحث عن آليّات جديدة لها تمكّنها من تجريب ما تود قوله بأساليب جديدة تستقي حداثتها من الغرب.
وإلى جانب هذا بدا أنّه لا يمكن فصل التجريب، والتجديد في الكتابة، عن فكرة التطوّر الذي تشهده كافة المجالات العلميّة والفنيّة والفلسفيّة والفيزيائيّة، لذا من البداهة أن تمضي الرواية أيضًا في مسارها الذي يحاكي العصر.
لقد أدت التحوّلات الكونيّة من حولنا - في حدوث ثورة المعلومات، وظهور ما يُسمّى بالواقع الافتراضي- بالروائيّ إلى مجاراة عصره ومراقبة ما يحدث حوله، فالحكاية التقليديّة التي كانت تمضي في تصاعد مستقيم داخل خط السرد التقليدي، لم يعد لها حضور مع تكسر الزمن وتداخله في الواقع الآني، وإنّ التشظي هو سمة هذا العصر، سواء كان هذا التشظي في الزمان أو المكان أو الشخصيّات، أو اللغة التي طرأ عليها تحوّل أيضًا.. هذه العناصر تُمثّل هيكل الرواية وعالمها، لقد حلّ تعدّد الأصوات وتداخلها مكان الراوي العليم، وأضفى المونولوج الداخلي، واستدعاء آليّات التقطيع السينمائي في المشهد الروائيّ، حيويّة على السرد، وبدلًا من تصاعد الحدث بشكلٍ متسلسل ظهر السرد الدائري الذي يتكل على التلاعب في حركة الزمن بين التقديم والتأخير. هذا بالإضافة إلى تمكّن العديد من الروائيّين العرب من تطويع الفنون الأخرى داخل النصّ السردي الروائيّ، بل ظهر أيضًا ما يسمى "الرواية الرقميّة" التي تُقدّم تفاعلًا مباشرًا مع القارئ.
لعل ما يسعى التجريب داخل العمل الروائيّ إلى تقدّيمه هو ما تطمح إليه الرواية في عرض رؤيتها الباطنيّة للعالم، وفي زمن الصورة الذي نعيشه، يحقّ للروائيّ التوقف للسؤال عمّا يمكن تقديمه بشكلٍ يتجاوز الصورة فقط، إنّ الروائيّ وحده يمكنه أن يسبر أغوار المشهد للطبقات التحتية المسكوت عنها في النفس الإنسانيّة، وإذا كانت عدسة الكاميرا تنقل صورة البطل في مشهد ما، ملامح وجهه، حركة عينيّه، انفعالات جسده، فإنّ الروائيّ عبر أساليب سرده المتعدّدة هو القادر على الكشف عمّا يعتمل داخل روح ذاك البطل.
لكن يظلّ ما ينبغي التأكيد بشأنه أيضًا، هو مدى قيمة وفنيّة التجريب، بمعنى أن قيمة العمل الأدبي وديمومته لا يمكن ربطها بعنصر الحداثة فقط، مفهوم الحداثة بحدّ ذاته وانتماء النصّ له غير كاف لمنح العمل الأدبي صفة القيمة والجودة الأدبيّة.

 

أحمد أبو سليم (شاعر وروائيّ من فلسطين): البحث في الموجود عن اللاَّموجود
ربّما ترتبط فكرة التجريب بالكينونة الإنسانيّة عمومًا، بدءًا من آدم وحواء وطردهما من الجنة وليس انتهاء باللحظة الراهنة، لأنّ التطوّر البشري مرتبط بهذه الفكرة، ومعظم الإنجازات البشريّة بدأت بفكرة طوباويّة، أو حلم.
الكتابة بذاتها، واللغة، حالة تجريب مستمرٍّ لكنّه تجريب بطيء، يرتبط بالقفزات التي تقوم بها الشعوب، وتشعر أنّها بحاجة إلى قدرة أعلى على التعبير، وقد يطول المقال في هذا الشأن، ولكن يكفي الإشارة إلى أنّ تفرُّع لغة من لغة، واستقلاليّتها عبر الزمن مرتبط بهذا الشأن.



إذًا من هنا يمكن القول إنّ التجريب كفكرة يُعدُّ قانونًا بشريًّا أَصيلًا وينسحب هذا القانون على الإنتاج الإبداعي البشري كما على النشاط البشري عمومًا، ولكن ثمّة فرق بين التجريب في مختبر الكيمياء، والتجريب في الأدب، ومن هنا ربّما تأتي الخطورة، ففي مختبر الكيمياء تظهر نتائج التجريب واضحة للعين وقد تؤدي إلى انفجار المختبر في بعض الأحيان، وقتل من فيه، أو اكتشاف معادلة جديدة، أمّا في الأدب فالأمر مختلف تمامًا.
لا بدَّ من الإشارة إلى أنّ التجريب في الأدب يحتاج إلى معرفة واسعة، إذ إنّ التجريب يُعدُّ فكرة بناء على بناء، وليس بناء منقطع الجذور، ما يعني هضم التجارب الإنسانيّة ومحاولة تجاوزها، سواء على صعيد الشكل أو على صعيد المضمون.
التجريب هو حالة بحث دؤوب، لكنّها برأيي حالة بحث في الموجود عن اللاّموجود، في المعروف عن اللاّمعروف، تتبُّع خيط قد لا يظهر تمامًا للعيان، وافتراض وجوده أحيانًا، من أجل الوصول إلى نتيجة أو نتائج، إثبات حالة أو فكرة، الغوص في المجهول، في أعماقه وقد ننجح أو نفشل، لكنّ النجاح لا يعني أبدًا قبول المجتمع بالنتائج، فالمجتمعات الإنسانيّة عادة تقاوم التغيير بضراوة، خصوصًا إذا كان يمسُّ الطبقة أو الفئة المتنفِّذة فيها ومصالحها.
من هنا ربّما يمكن فهم تجاهل معظم النقّاد المكرّسين للأدب والفن التجريبيّين، وليس أدل على ذلك من مقاومة المدرسة الانطباعيّة مع نهايات القرن 19، قبل أن تفرض نفسها على البشريّة، إذ ثمّة من اعتبرها تخريبًا بالفعل.
لا شك في أنّ عصرنا الرقمي ينتمي لمدرسة ما بعد الحداثة، حيث تذوب المرجعيّات، وتنهار البنى الكليّة، ويصبح لكلّ عالم مرجعيّاته، فيبدو العالم وكأنّه مشوّش تمامًا، وهو كذلك بالفعل، لكنّ ذلك لا يعني أبدًا أنّ ثمّة تجريبًا يجري على أرض الواقع، قد لا يرضينا، قد نُعدُّه تخريبًا، لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل سينحاز الواقع إلى هذا التجريب- التخريب (حسب زاوية النظر) أم سيتجاوزه ويمضي في طريق أُخرى؟

 

رشا عدلي (روائيّة من مصر): إبداع مفاهيم جديدة تحطم الأشكال التقليديّة

 

بالطبع أنا مع الحداثة والتجريب في الأدب فبدون شك التجريب يمنح الأدب آفاقًا جديدة، ورؤى متبلورة ومتغيّرة. فمثلًا التجريب في الفن الروائيّ يمنح العمل قدرًا كبيرًا من الحرّية ويعطي الكاتب مساحة في تجديد اللغة الخاصّة به وذلك من خلال تعدّد الأصوات وتداخلها.
فالتجريب هو الالتزام بإبداع مفاهيم جديدة تتجاوز وتحطم الأشكال التقليديّة، حيث ينطلق فيه العمل في محيط عالم نسبي ملتبس وهو بعيد كلّ البعد عن حقيقة يقينيّة واحدة. ويمضي التجريب في إدماج الحلم والخيال والتاريخ بالواقع وتسليط الضوء على ما في الحياة الإنسانيّة من مجاهل.
أعتقد أنّ هذا ما يعنيه التجريب وهذا هو المغزى الأساسي منه. وأعتقد أنّ المبدع المدرك الواعي، يعلم تمامًا أنّ التجريب هو ادخال مهارات، وأشكال فنيّة، إيحائيّة، في حدود ما تسمح به آليّة العمل، فلا ينظر للأمر بأنّه وسيلة مفتوحة لا حدود لها، لأنّ تجاوز هذه الحدود، ربّما يؤدي لتحويل إبداعه من عمل تجريبي لتخريبي. 

لا أستطيع أن أنكر أنّ العديد من أعمالي الروائيّة، اتسمت بالطابع التجريبي، وكان بالنسبة لي أداة لخدمة النصّ، أكثر من أيّ شيء آخر. وقد استفدت كثيرًا من تقنيّة فتح فضائي الزمان والمكان حيث تدفق الأحداث، ويمكن بسهولة التنقل ما بين اللحظة الحاليّة والماضي البعيد أو القريب.
من ناحية أخرى، أعتقد أنّ القارئ نفسه، يطمع في الاطّلاع على قراءة، تتّسم بعناصر جديدة من الحداثة والخيال.
ميزة التجريب أنّه يساعد المبدع على خلق عوالم جديدة بطبيعة مبتكرة، غير تقليديّة وأشكال جديدة تتماشى مع اللحظة الراهنة.
لو نظرنا إلى معظم القصص والروايات سنجد أنّ أصل الحكاية متشابه في أغلب الأحيان، ولكنّ طرق التناول الحديثة والمختلفة هي التي يستطيع بها الكاتب أن يستثمرها لتمنح النصّ بعدًا جديدًا ومتفردًا وخاصًّا به وحده.
ومع القبول والانتشار الذي يلقاه التجريب الآن استطاع أن يفرض نفسه على العمليّة النقديّة، وبدأ النقّاد يمنحونّه اهتمامًا أكثر من السابق، حيث كانت الأعمال الكلاسيكيّة وحدها هي التي تستحوذ على نقدهم.

 

عبد القادر مسلم (روائيّ من إريتريا): "ميرامار" جذوة التجريب التي أضاءت الرواية العربيّة

 

إزاء الظاهرة المتجدّدة في الأدب نصًّا وقصًّا، تجدر الإشارة هنا إلى الخلط المتعمد ما بين التجريب والتجربة الإنسانيّة، التي تتحوّل إلى شعر أو قصة أو رواية حسب إجادة صانع إحدى تلك الأجناس الأدبيّة.
ما هو التجريب بشكلٍ أكثر سلاسة واستيعاب؟
التجريب هو إبداع مقاييس مستحدثة للتعبير عن الأشكال والأصوات وخلق أساليب جديدة تتجاوز الموروث والأعراف السائدة.
يهدف التجريب إلى اعتبار النصّ ليس نسخة من الحياة لأنّ النصّ دون صياغة لا يملك إضافة إلى ألوف النصوص المتراكمة على رفوف المكتبات.
التجريب بصياغته المعقدة يُخرج نسق التفكير البسيط إلى دائرة التأمل والبحث العميق عن المجهول.
وللشعر في منتصف القرن المنصرم تجربة أحدثت ضجة كبيرة رغم أنه لم يخرج عن دائرة التفعيلة إلّا أنّه خلق فضاءات حرّة، رغمًا عن تحذيرات المحافظين أصحاب (علم العروض) ضدّ الحركة الجديدة -يومذاك- من استسهال الشعراء لتجاوز فن العروض، فقد نبّهوا بذلك إلى صعوبة إنتاج شعر بدون وزن وقافية.
بمعنى آخر أن تقنع الآخرين بأنّ ما تكتبه ينتمي إلى الشعر دون أن تعينك الأوزان والقوافي التي أبدعها الأسلاف في شيء. الشاعر هنا ينتج شعريّته، بأدواته الخاصّة وخبرته في استثمار قراءاته وتجاربه.
بيد أنّ المتغيّر هنا تطوّر تعريف الشعر كجنس أدبي ظلّ لعهود طويلة يُعرّف على أنّه كلام موزون ومقفى، فخرج علينا الشعراء الأحرار ليمارسوا التحليق الحرّ وتسطع أسماؤهم وأعمالهم حتّى يومنا. لذا يجب على النقّاد الالتفات إلى المنتج الأدبي التجريبي من خلفيّة يقينيّة بأنّ ما يطرحه رواد التجريب خارج عن سياق التعريف الكهنوتي. مخرجات التجريب المستمرّة تواكب صيرورة الحياة ووقعها المدوي أحيانًا بشكلٍ تنبؤي تعجز عن خلقة المساطر الأدبيّة الأخرى، (ولنا سيرة حسنة) في شيخ الروائيّين العرب نجيب محفوظ حين كسر جمود الرواية العربيّة مشكّلًا طفرة في السرد حين كتب «ميرامار» بأصوات روائيّة متعدّدة، (الماركسي المرتد)، و(الحكومي الفاسد)، و(الصحافي الوفدي العجوز).. لمن يذكر تلك الرواية يجد جذوة التجريب التي أضاءت الرواية العربيّة حتّى يومنا هذا.
"كل الشعوب تلد أجيالًا جديدة، إلّا نحن نلد آباءنا وأجدادنا" (عبد الله القصيمي).

 

عبد الباسط أبو بكر محمد (شاعر من ليبيا): التجريب الآن يمنح النصوص أفقًا




بداية أعتقد أنّ الكتابة بشكلٍ عامّ تقوم على هاجس التجريب، مستمدّة من التجارب الشخصيّة والقراءات الكثيرة والواقع المعاش الكثير من عناصرها، مازجةً كلّ ذلك في إطار أدبي جميل. لذلك لا يمكن بأيّ شكلٍ من الأشكال أن ننفي صفة التجريب عن أيّ عمل إبداعي، زاده إثارة دهشتنا وفتح عيوننا على الجديد.
التجريب كمصطلحٍ يرتبط بشكلٍ مباشر بالتجربة، التي تعطي أيّ عمل إبداعي سمة الإبهار والمغايرة، وعلى الرغم من كون مصطلح التجريب يتمازج أو يتعارض مع مصطلحات (الحداثة والتغريب) بل ويشترك معهما في عدّة جوانب. وإن كان هذا المصطلح نتاجًا للثقافة الغربيّة ونتاج تفاعل فكري ومعرفي عميق، وما يتبع ذلك من تشويش حول مفهوم ومعنى كلمة (تجريب).. حاله كحال أيّ مصطلح يدخل إلى الثقافة العربيّة، تتعامل معه الذائقة العربيّة بريبة أوّلًا ثمّ يتم التعامل معه بحذر وبعد ذلك يتم دراسته والاستفادة منه.
في سياق آخر، فإنّ أغلب الكتابات الحديثة (شعر، قصة، رواية..) تعتبر التجريب مادة أساسيّة تنطلق منها.. حتّى لو جاء ذلك على حساب النصّ وفكرته، الأمر الذي أرهق مفهوم التجريب بشكلٍ عامّ.
أعتقد أنّ فهم التجريب حاليًا يختلف اختلافًا كليًّا عن فهم البدايات التي أغرقت النصوص الأدبيّة في استيراد المصطلح والتعامل معه بضبابيّة وغموض وعدم فهم.
التجريب الآن يمنح النصوص أفقًا مناسبًا، فسياق التجريب في التجربة الإبداعيّة العربيّة مرّ حسب اعتقادي بمرحلتين:

- مرحلة استيراد المصطلح والضبابيّة حوله والجدل حول شرعيته، وما تبعه من مساجلات ونصوص غير ناضجة.

- مرحلة فهم المصطلح وظروف نشأته، والتعامل معه من خلال سياق مختلف، والاستفادة منه من خلال إعادة النظر في التجربة الإبداعيّة بشكلٍ عامّ. وأبرز الأمثلة على ذلك، مرحلة النصوص المرتبكة التي انتجتها الشعريّة العربيّة في فترة ما، من خلال استيراد مفهوم قصيدة النثر دون فهم ظروفه واستيعاب تحوّلاته.

لكن بالنظر إلى منجز قصيدة النثر العربيّة الحالي وحجم التجربة، نرى مدى الاستفادة من هذا الشكل الجديد في إنتاج تجربة شعريّة عربيّة متميّزة.