Print
مدريد ـ أحمد عبد اللطيف

"البيت العربي" بمدريد: معرض لحسن فتحي وفيلمان للربيع العربي

3 فبراير 2021
هنا/الآن
بدايةً من الجمعة، 29 كانون الثاني/ يناير، يستضيف البيت العربي بمدريد معرضًا للمعماري المصري حسن فتحي، يضم ماكيتات وصورًا فوتوغرافية وخرائط وكتبًا للمعماري الشهير بـ"عمارة الفقراء"، وذلك تحت إشراف خوسيه تونو مارتينيث، المتخصص في المعارض الفنية.
ولد حسن فتحي بالإسكندرية عام 1900، واكتسب شهرة عالمية بتصميماته المعمارية الصالحة في كل زمان ومكان للفقراء، ودخل اسمه في تاريخ العمارة المعاصرة كأحد أبرز المعماريين في القرن العشرين. اختار فتحي العمل بالطوب اللبن والصلصال والرمال المجففة في الشمس والممتزجة بالقش كمواد بناء متاحة ورخيصة، كما تتمتع بقدرة عالية على العزل الحراري. بذلك استلهم تقليدًا قديمًا كان يستخدم في الصحراء المصرية القديمة، واستطاعوا من خلالها مواجهة لهيب الحر وبرودة الشتاء.
كان فتحي عالمًا ورسامًا وشاعرًا ومثقفًا، عاش اللحظات التاريخية الفارقة في مصر القرن العشرين. وكان من المثقفين الذين عارضوا الكولونيالية الجديدة في طموحها لتجنيس الثقافة المصرية طبقًا لجدول عولمي. ومن خلال فلسفته المعمارية عاد إلى الجذور، والتفت لتعاليم الفلاح التقليدي ولتقاليد أهل النوبة بجنوب مصر، حيث كانوا لا يزالون يستخدمون القباب والأقواس والقباب المائلة، بدون أي حاجة إلى خرسانة، كما كان يفعل أجدادهم منذ الأزمنة العتيقة.
في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989، رحل فتحي في القاهرة القديمة، بعد مسيرة طويلة من التشييد، لعل أهمها قرية القرنة بالأقصر. وهي نموذج فني لمقاربة المعماري المصري. بدأ القرية بسبعين منزلًا، وبالإضافة لاستحضار التراث المعماري القديم استحضر كذلك التراث الإسلامي. ضمت القرية، بالإضافة للبيوت، ثلاث مدارس وجامعًا كبيرًا، وراعى في تشييد البيوت طبيعة المكان ومهنة ساكنيه فألحق بكل بيت حظيرة مواشٍ.
يحاول "البيت العربي" بهذا المعرض الفني إلقاء الضوء على تاريخ حسن فتحي المعماري، وتعريف الأجيال الجديدة من الإسبان بفلسفته المعمارية وخصوصية المكان. لذلك، يضم كل ما يعبر عن مفرداته المعمارية من صور لأعمال بارزة وماكيتات وخرائط. ويولي المعرض اهتمامًا خاصًا لمشروع القرنة بالأقصر (1945-1949)، ما منحه شهرته العالمية. ولطبيعة المشروع وأهميته، أدخلته منظمة اليونسكو والصندوق العالمي للآثار تحت حمايتها من ضمن قائمة التراث الإنساني.
يقدم المعرض كذلك العديد من الكتب الهامة، من بينها مؤلَفه "عمارة الفقراء"، الذي يطرح من خلاله رؤيته حول العمارة البيئية. صدر الكتاب بالإنكليزية في نسخته الأصلية ثم ترجمه إلى العربية مصطفى إبراهيم فهمي.

يقدم المعرض كذلك العديد من الكتب الهامة، من بينها مؤلَفه "عمارة الفقراء"، الذي يطرح من خلاله رؤيته حول العمارة البيئية. صدر الكتاب بالإنكليزية في
نسخته الأصلية ثم ترجمه إلى العربية مصطفى إبراهيم فهمي.


ألهمت أعمال حسن فتحي العديد من الفنانين والمعماريين المعاصرين، وفّر لهم المعرض بمدريد مساحة للحضور. في حالة هانا كولينز، وهي مصورة ومخرجة بريطانية، فقد أعدت أغنية له وستغنيها على مسرح، ما يعد شهادة بإعجابها بمعماره. كذلك يحضر الفنان شانت أفيديسيان، وكان أحد المتعاونين معه واستلهم رسوماته وإنتاجه الفني من عمارة فتحي.
وبالتوازي مع المعرض، يقدم المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد بعض الأنشطة السينمائية.
وفي إطار آخر، يعرض البيت العربي يوم 5 شباط/ فبراير فيلمين، أحدهما تسجيلي قصير بعنوان "سلمى على الناصية"، ويحكي عن سلمى الطرزي التي في سن الثالثة والثلاثين لم تعرف أي رئيس آخر غير حسني مبارك، وفي يناير 2011 تجد نفسها في وسط آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير كواحدة من الملايين الذين طالبوا بإسقاط النظام.
أما الفيلم الثاني فعن الثورة التونسية التي أطاحت ببن علي، وهو فيلم تسجيلي طويل بعنوان "الكلمة الحمراء"، من إخراج إلياس بكار. أبطال الفيلم من أبطال الثورة الحقيقيين، ويحكون فيه كيف حدث كل شيء بداية من الانتفاضة وحتى سقوط الرئيس التونسي المخلوع.