Print
محمد جميل خضر

المسلسلات العربية في رمضانِ 2021: الخرابُ في حُلَّةٍ دراميّة

8 مايو 2021
هنا/الآن
المسلسلاتُ العربيةُ في رمضانِ 2021 تشبهُ حكّامَنا وأنظمتَنا وواقِعَنا المَرير.
السابِقونَ قالوا: "الأثرُ يدلّ على المَسير، والبعرُ (حاشاكُم) يدلُّ على البَعير". وقالوا: (إنْ كانَ ربُّ البيتِ للطبلِ ضاربًا فكلُّ أهلِ البيتِ شيمتهُم الرَّقْص). وَزادوا في القولِ فأوْجَعوا: "كَما تكونوا يُولّى عليكُم".
سماتٌ رئيسيةٌ تلْتقي حوْلها الدّراما العربيةُ التلفزيونيةُ المُنتجةُ في عامِ الوَباءِ والجائِحة، سواء أَكانت مصريةً، أم خليجيةً، أم سوريةً، أم لبنانيةً، أم أردنيةً، أم عراقيةً، أم حتى مَغاربيةً: الإنكار. الإسلاموفوبيا. السّلق على طريقةِ (الأسانس) (أيْ بِمعنى عَدَم إتقانِ الصّنعة وعَدَم الإخلاصِ فيها). الاغترابُ عَن الواقِع. ضعفُ النّصوص (ما فيش ورق). النمطيةُ (التّنميط). عدمُ احترامِ خصوصيةِ الشّهرِ الفضيل (معظمُ الأعمالِ التلفزيونيةِ العربيّة تُنتج خصيصًا لِشهر رمضان). لعنةُ الثّلاثينَ حلقة (أربعةُ مسلسلاتٍ تخلّصت هذا العَام من هذِه اللعْنة سنأْتي عليْها لاحقًا). العنفُ في المَبنى والمَعنى (عنفُ كثيرٍ من الأحداثِ والمشاهدِ والحواراتِ والسرديّات من جِهة، والعنفُ الثّاوي في الآليةِ التي قرّر بعضُ أصحابِ القرارِ العربيِّ ودوائرهِ الأمنيةِ والسياسيةِ والتحطيبيةِ، تمريرَ أجنداتِهم عبرَها، من جهةٍ ثانِية). التسوّل (يكادُ المتابعُ يرى في كثيرٍ من الممثلينَ متسوّلينَ، لا مواقفَ أخلاقيةٍ، أو معرفيةٍ، أو فكريةٍ، أو جماليةٍ لهُم، يتنطّطون من عملٍ إلى آخر في الموسمِ الواحِد. يقولونَ لَك، كَما لوْ أنّهم يقولونَ لَك: (ما ادقّش، كنت فين لمّا كنا آعدين لا شُغل ولا مشْغلة). وقِس على هذا المَعنى باللهجاتِ العربيةِ الأُخرى، حتّى لا يُظن، وإنّ بعضَ الظنِّ إثْم، أنّني (أستقصد) الممثلينَ المصريينَ دونَ سواهُم) (لم أشْمل الممثلاتِ لأنّ الظاهرةَ - ظاهرةَ التنطّط وغيابَ الشروطِ القيميةِ (وليسَ الماليةِ) لقبولِ دورٍ ما- كاسحةٌ، بصراحةٍ، عندَ الممثلينَ أضعافَ مضاعفةٍ عمّا هي عندَ المُمثّلات)، التقليدُ وغيابُ الرياديّة. التنمّر. هذا غيضٌ مِن فيضِ السّماتِ الجامِعات، فموضوعُنا اليوْم طويلٌ من دون أنْ أُطيل، فكيفَ لوْ أفعَل؟



الإنكارُ..

من مسلسل "2020" 


لنْ يُصدّق مشاهدٌ غريبٌ عن ديارِنا، لو تبرّعَ متبرِّعٌ بإخبارِه أنّ المسلسلَ السوريَّ (كَذا) على سبيلِ المِثال، أُنتجَ عام 2020/ 2021، أيْ بعدَ عشريةٍ داميةٍ أصبحَ نصفُ الشعبِ السوريّ إِثرِها، وبأكثرِ التقديراتِ تفاؤلًا، بين لاجئ في بلادِ الآخرينَ، أوْ نازحٍ داخِل بلادِه. فهلْ مِن إنكارٍ أبشعُ من هذا الإنْكار؟ سيسألُ الغريبُ، ومِن حقّه أنْ يفعَل: فلماذا لم يعالِجُ المسلسلُ (كَذا) هذه المأساةَ؟ أليستْ مأساةَ شعبِه؟ هل ينتظرُ منّا نحنُ الغرباءُ (الكفّار) أنْ نفعلَ ذلك؟ وَهل الهروبُ إلى ماضِي الزّمنيْن العثمانيّ والفرنسيّ أكثرُ إلْحاحًا في نظرِ صانِعي المسلسلِ مِن مواجهةِ الواقِع المُعاش؟!
من بينِ ثمانيةِ مسلسلاتٍ سوريةٍ تعرضُ فعليًّا (خرجَ عددٌ من المسلسلاتِ السوريّةِ من ماراثونِ رَمضان، وقَد تُعرضُ بعدَه)، وَلا واحدٍ مِنها يتطرّق لكلّ (لكلّ) ما جَرى في سُورية على فداحتِهِ وفظاعتِهِ ومفصليّتِه (فهل يتوقّعُ عاقلٌ يملكُ الحدودَ الدُّنيا مِن وظائفِ العقلِ أنْ تعودَ سوريةُ يومًا مِن الأيّام لِما كانتْهُ قبلَ عامِ 2011؟).
يُقالُ إن التاريخَ يكتبُه المنْتصرون، وفي حالِة الدّراما العربيّة، يبْدو أنّ المنتصرينَ، أوْ مَن يتوّهمون الانتصارَ، يجيّرون الفنَّ لصالِح أجنداتِهم، إلى درجةِ أنّ مقولةَ الفنّ لِلفن لمْ تعدْ مقبولةً عندهُم. يريدونَ أعمالًا دراميةً على مقاسِهم؛ تخدمُ أبديّتهم من دون رقيبٍ، أو حَسيب. هُم، حتّى، يريدونَ تجييرَ الفنونِ جميعِها لِمقامِهم العَالي، اللوحةُ هي لوحةُ الجِنرال، والمعزوفةُ لعينيّ خطوهِ فوقَ السجّاد الأحمرِ، والمنحوتةُ تحاولُ مضاهاةَ شموخِه الأغَر.



كثيرٌ من المسلسلاتِ العربيةِ في رمضانِ هذا العَام فعلت ما يريدُه (وليّ نعمتِها)، وأضافتْ إلى إنكارِهِ المرضيّ، إنكارَها (المأْجور)، وبِما وصلَ إلى حدِّ النظرِ لصيحةِ الناس ذاتَ ربيعٍ مَضى قبلَ عشرةِ أعوامٍ، بوصفِها مؤامرةً كُبرى على الزعيمِ الخالِدِ، ساهمَت قنواتٌ تلفزيونيةٌ بنسجِ خيوطِها؛ هذا ما يقولُه، على سبيلِ المِثال، المسلسلُ المصريّ "هجمةٌ مرتدّة"، ولا يخجلُ (صانِعوه) بوضعِ فُنجانٍ (كوب/ مَج) في واحدةٍ من مشاهِدِه فوقَ مكتبِ شخصٍ يقولُ المسلسلُ إنّه يمثّلُ قناةً بعينِها، وَعلى هذا الفُنجان شِعارُ تلكَ القناةِ العربيةِ التي نعرِفُها جميعُنا. وللتمويهِ، وعدمِ إثارةِ البلبلةِ، وربّما المُقاضاة، أظهروا بعضَ الشّعارِ وأخْفوا بعضَه. وبحسبِ تاريخِ المشهدِ كما ظلّ المخرجُ يمطرُنا بينَ مشهدٍ وآخرَ بوضعِ تاريخِ الأحداث، فإنّ تاريخَه يعودُ إلى عامِ 2008؛ أيْ أنّ غايةَ المُسلسل الذي يُشارِكُ فيهِ (للأسفِ الشّديد) نجومٌ عربٌ معروفون، وبعضُهم مقدّرون، هيّ القولُ إنّ ثوراتِ الربيعِ العربيّ بدأ التحضيرُ لَها قبلَ وقوعِها بأعوامٍ، وإن هذه القناةَ وجهاتٍ (مشْبوهة) أُخرى؛ داخليّة وخارجيّة، شاركتْ في فصولِ هذهِ المؤامرةِ. العجيبُ والغريبُ في هذا المسلسلِ (فاقعِ الهَشاشةِ والركّاكةِ والمُباشرةِ)، هوَ ما يحاولُ إقناعَ المشاهدينَ بِهِ حولَ يقظةِ الأجهزةِ الأمنيةِ المصريةِ، وما أخضعتهُ لعملائِها وعناصرِها من تدريباتٍ معقّدةٍ ونوعيةٍ وذكيّةٍ لكشفِ تلكَ المؤامرةِ المُفْترضَة. والعجيبُ أكثرَ وأكْثر أنّ قناةً عربيةً (ما) يروّجُ موقُعها الإخباريّ الإلكترونيّ لِهذا المسلسلِ ومسلسليْنِ آخريْن، هُما: "الاختيارُ 2"، و"القاهرةُ كابول"، واضعًا الأعمالَ الثلاثةَ تحتَ عِنوانٍ عريضٍ هو "معركةُ الوعْي"! والحقيقةُ الناصعةُ البَيانِ أنّ المشاهدَ العربيّ وفورَ بلوغِه الوعيَ المُرتَجى، سيديرُ ظهرَه لِهكذا أعمالٍ مكشوفةِ الأجنداتِ مدفوعةِ الارْتزاقات.

من مسلسل "ملوك الجدعنة" 


إنّها معركةٌ ضاريةٌ لِتجهيلِ من تبقّى متمسكًا بسلامةِ العقلِ من جمهورِ أمّتنا.
لن أضيّع وقتي ووقتَكم بعرضِ سرديّات الأعمالِ التي وُضِعت تحت بندِ (الارتقاءِ) بالوعي، فهي، عمومًا، تخلو من الدّراما تقريبًا لصالِح الأجنْدات، خصوصًا "الاختيارُ 2"، الذي تصلُ فيهِ (الإسلاموفوبيا) درجاتِها غيرَ المُحْتَملة. إنّه عملٌ دعائيٌّ بامْتياز؛ مُضَلِّلٌ لِلحقائقِ، تلكَ التي لمْ يمُر على معظِمها أعوامُ كِفايةِ نسيانِ السّمك، فما بالُك بِكفايةِ نِسْيانِ البشَر؟ وما بالكَ بِأهالي الضّحايا في رابعةِ العدويةِ وكرْداسة، وغيرِها؟؟
وإذا علِمنا أن السّلطاتِ المصريّةَ نفّذت قبلَ أيامٍ (من دونَ فُرَصِ تقاضٍ عادلٍ) أحكامَ الإعدامِ بعددٍ من المتّهمينَ باقتحامِ مركزِ شرطَةِ كرْداسة، فَهَل يحقُّ لِنا أنْ نتساءَل (مجرّد تساؤُل): هلْ أسهمَ مسلسل "الاختيار" بجزأيهِ، وعلى الأقلّ حاليًّا بجزئِه الثّاني، بتسهيلِ مرورِ عمليّاتِ الإعدامِ تِلك، رُغمَ إدانةِ منظّماتٍ حقوقيّةٍ عديدةٍ مصريةٍ وغيرِ مصريّة. فَها هيَ سلمى أشرف، مديرة منظمة "هيومن رايتس مونيتور" Human Rights Monitor‎، تقولُ في تصريحٍ لـ"الجزيرة نت": "تزامُنُ تنفيذِ الحكمِ مع عرضِ مسلسل "الاختيار 2" ربّما دافعهُ شحنَ الشّارع المصريّ"، غيرَ مُستبْعِدةٍ أنْ يكونَ لِلمسلسلِ "أثَر في اتخاذِ القَرار".



كثيرٌ من حلقاتِ "الاختيار 2" هي عبارةٌ عن شريطِ أخبارٍ مُمَنَتَجٍ بِما يتناسبُ مع الروايةِ الرّسميةِ (السّيسيّة) لِما حَدث، وهِيَ أخبارٌ مترافقةٌ مَع ضغطٍ تنظيريٍّ وضخٍّ مهولٍ تسْعى حلقاتُ المسلسلِ من خلالِه إلى شيْطنةِ (الإخوان المسلمون). كَما، على سبيلِ المِثال، ما يقومُ بِه الممثلُ إياد نصّار، عندما يجمعُ في واحدٍ من مشاهِد الحلقةِ الخامسةِ (الأكثرِ فداحةً) عددًا من الناس (لِنقل إنهم إعلاميونَ وسياسيون، وربّما نوّاب، وربّما رجال أمن، بغضّ النظر)، ويقْنعهم (يقْنعنا) في محاضرةٍ جهّز لَها العملُ مستلزماتِها، من مادةٍ فيلميةٍ وكتاباتٍ واقْتباسات، أنّ أدبياتِ الجماعةِ منذُ سيّد قطب هي أدبياتٌ إرهابيّة، وأنّ هذا نهجُهم من أوّل الزّمانِ حتّى آخرِ الزّمان، ولا مجالَ لإصلاحِ ما أفسدَه الإخوانُ إلا من خلالِ (اجتثاثِهم) نهائيًّا!
هكذا تستباحُ شاشاتُ مئاتِ ملايينِ المشاهدينَ العرب، وتسمحُ جهاتٌ عربيةٌ متنفّذةٌ بتحويلِ تلكَ الشاشاتِ إلى مساحةٍ لَها، تفرضُ عبرَها أجنداتِها، بعنفٍ أينَ مِنهُ عنفُ السّاحات، وإنكارٍ لا يُراعي ميكانيزْماتِ العقلِ ولا موجباتِ التعقّل.
الغريبُ أن هُناك من يتحدّث عَن تقارُبٍ بينَ المُعارضةِ المصريّة التي تعدُّ الجماعةُ عَصَبَها القويّ، وبينَ نظامِ السّيسي، فهلْ تخدِمُ مسلسلاتٌ مثلَ "هجمةٌ مرتدّة"، أو "الاخْتيار"، تقارُبًا مُفترضًا كهذا؟

من مسلسل "قصر النيل" 


أودّ أن أعتذرَ عن عدمِ خوْضي في المسائلِ الفنيّة في هذه الأعمالِ وغيرِها، من إتقانِ تمثيلٍ، أو تميّز مُوسيقى مُصاحِبة، أو مهارةِ مونْتاج، أو مؤثراتٍ صوتيّة، أو مواقعِ تصْوير، أو مناقشةِ الرؤيةِ الإخراجيةِ لِهذا المُخرج أوْ ذاك. كنتُ فعلتُ ذلِك لو كانَ المعروضُ عليْنا أعمالًا دراميةً حقيقيةً تنحازُ للموضوعيةِ، وتُراعي القيمَ الجَماليةَ، وترصدُ أجملَ ما وصلتهُ الدراما العالّمية محاولةً مجاراتِها. إنّها ليست أعمالًا دراميّة، بلْ ملفّات مخابراتيّة افتقدتْ لأيِّ قدرٍ من احترامِ الذّائقة، أو احترامِ أحد. وما كنتُ لأكونَ بكلِّ هذه الحدّة (فالحدّة ليست من طبيعتي بوصفي، أساسًا، مراسلًا صحافيًّا أنقلُ الأخبارَ مع أقلِّ قدرٍ من إبداءِ الرأيِ الشخصيّ)، لوْ لمْ يجرِ الأمرُ بالطّريقةِ التي جَرى عليها، مَع كمٍّ مهولٍ من التخويفِ والتخوينِ لِمن يختلفُ (مَعهُم) بالرّأي، ولِهذا السّبب، على وجهِ الخُصوص، تناولتُ تلكَ الأعمالِ بالطريقةِ التي فعلت، فلا بدّ لأحدٍ أن يقولَ ما يراهُ الحقَّ والحقيقةَ من دونَ خوفٍ، أو ركوسٍ، أو تخاذلٍ، مَهما كانتْ كُلفةُ ذلكَ باهِظةَ الثّمن.
لستُ، بوصفي يساريًّا لا أزال، من أنصارِ الإخوانِ، ولا محسوبًا عليهِم، وَلا على غيرِهم، ولكنّ مهنتَنا علّمتنا أن ننحازَ للمهنيّةِ، ونتنكّبَ الموضوعيةَ ما اسْتطعنا إلى ذلكَ سبيلًا.



درَاما خليجيةٌ مُنافِسة..

من مسلسل "ممنوع التجول" 


تواصلُ الدراما الخليجيةُ بصيغتِها الخالِصةِ (الإنتاجُ والإخراجُ والتأليفُ والتمثيلُ خليجيّ)، أو المُشْتركةِ، تقديمَ نفسِها بوصفِها وجبةَ مُشاهدَةٍ تلفزيونيةٍ منافِسة، وأخصُ هُنا بالذكرِ الدّراما الكويتيةَ التي قطعتْ شوطًا لافتًا في صعيدِها العربيِّ على وجهِ العُموم، والخليجيّ على وجهِ الخُصوص.



لم يكُن مسلسلُ "ساق البامبو" (2016) المأخوذُ عن روايةِ الكاتبِ الكويتيّ سعود السنعوسي التي تحملُ الاسمَ نفسَه، أوّلَ الأعمالِ الكويتيّة اللافِتة، ولكنّه حقّقَ من إخراجِ البحرينيّ محمد القفّاص، وبطولةِ الفنانةِ الكويتيةِ سُعاد العبد الله، وحشدٍ من النجومِ الكويتيينَ والفلبينيينَ، مغايرةً، فَرَضَتْ على الدّراما الكويتيةِ بعدَه، أن تظلّ على الموعِد.
وبعيدًا عَن "أمّ هارون" العام الماضي، أوصلت الدّراما الكويتيةُ حسّها القوميّ العروبيّ من خِلالِ عمليْن مميّزيْن: "دفعةُ القاهرة" (2019)، و"دفعةُ بيروت" (2020)، وكلاهُما من تأليفِ الكاتبةِ الكويتيّةِ هبة مشاري حمادة، وإخراج البحرينيّ علي العلي.
هذا العام، ومن بين 30 عملًا دراميًّا خليجيًّا (الأعمالُ الخليجيةُ تفوّقت بالعددِ برمضانَ الحالِي على الأعمالِ المصريةِ التي بلغَت 29)، نالَت المسلسلاتُ الكويتيّةُ الحصةَ الكُبرى البالغةَ 18 عملًا، أي أكثرَ من نصفِ الأعمالِ الخليجيةِ في 2021.
"بناتُ مسعود"، و"الناجيةُ الوحيدَة"، و"مارغريت" لِحياة الفهد، و"الروحُ والريّة"، و"يجيب الله مطر"، و"أمينة حاف"، و"مطرُ صيْف"، و"ياما كان وكان" (المتّصِل المنْفصِل، أوْ ما كانَ يسمّى قديمًا السهرةَ التلفزيونيةَ لكلِّ حلقةٍ أحداثُها وبدايتُها ونهايتُها)، و"الوصيةُ الغائِبة"، وأعمالٌ أُخرى كثيرةٌ، توَّجَتْ الكويتُ من خلالِها مسيرةً دراميةً جعلتْها في مقدمةِ الدولِ الخليجيةِ استثمارًا في هذا الحقلِ الفنّي.
الممثلُ الكويتيُّ الكوميديُّ، داوود حسين، سجّل حضورَه هذا العام (بعد غيابٍ دامَ سبْعة أعْوام)، من خلالِ مسلسلِ "بوطار" الكوميديّ، مع قليلٍ مِن المبالَغةِ التي أغضبتْ الإعلاميةَ الكويتيةَ مي العيدان. ووجهُ الاعتراضِ الذي تبنّته العيدان أنّ والدتَها الممثلةَ، عبير الجندي، المصريّةَ الأصلِ المتزوجةَ من الكويتيّ والِد العيدان، لا تتحدّث اللهجةَ الكويتيّةَ بالطريقةِ التي عرضَها العملُ، متّهمةً في حسابِها على (إنستغرام)، بحسبِ مجلّة "لَيالينا"، القائمينَ عليهِ تعمُّدَ جعلِ والدتِها تتحدّثُ بهذهِ الطريقةِ لانتزاعِ كوميديا غيرِ لائقةٍ و(عشان يضحكون الناس على شريحة موجودة بالمجتمع الكويتي) على حدِّ قولِها حرفيًّا.
بعدَ انفصالِهما، وتوقّف سلسلةِ "طاش ما طاش"، سجّل الفنانانِ السعوديانِ ناصر القصبي، وعبدالله السدحان، حضورَهما الرمضانيّ المعتادَ في أربعةِ أعمالِ؛ عمليْن للقصبي: "ممنوع التجوّل"، و"ست كوم"، ومثلهما للسدحان: "الديكُ الأزرقُ"، و"شليوي ناش"، الكويتيّ إنتاجًا وإخراجًا (المخرجُ الكويتيّ عيسى ذياب)، الذي تشاركَ فيهِ السدحانُ دورَ البطولةِ مع الممثلِ الكويتيّ يعقوب عبدالله.



روحُ الجرّاحِ في "بوابةُ السّماءِ"..




المسلسلُ الفلسطينيُ "بوابةُ السّماء"، من إنتاجِ قناةِ "الأقصى"، يغرّد بجزئهِ الثّاني خارجَ سربِ النمطياتِ التي اختارَتها الأعمالُ الدراميةُ العربيةُ لِرمضان 2021. صحيحٌ أنّ النوايا الطيّبةَ وحدَها لا تصنعُ فنًّا، لكِن، وعندَما نعرفُ أنّ المسلسلَ صُوّرَ كاملًا في غزّة، المُحاصَرة، وبِطاقاتٍ فلسطينيةٍ محليّةٍ واعِدة، فإنّ ذلِك يجعلُنا نجدُ، صراحةً، بعضَ العذرِ لِصانعيِ العملِ، وكلِّ من شاركَ فيهِ، تمثيلًا وإخراجًا وإنتاجًا وصياغةَ سيناريو وحِوار. ومَع كلِّ هذا وَذاك، يسجّلُ لِـ"بوابةُ السّماء"، مِن إخراجِ زهير الإفرنجيّ، أنّه حاولَ الاقترابِ مِن الطبيعة المعماريةِ للقدسِ داخلَ السّورِ وخارجَه، وكانَ أكثرَ إتقانًا في تمثّلِ المكانِ وتفاصيلِه من المسلسلِ المصريٍّ "ملوك الجدعنة"، الذي حَظِيَ بإمكانياتٍ إنتاجيةٍ عاليةٍ، ومع ذلك فَشِلَ مخرجُه مِن استحضارِ الحارةِ المصريّة الشعبيّة، حيث تجري معظم أحداثِ المسلسلِ، بعد أن تعذّرَ تصويرُه في مصر، كوْن منتجُه اللبنانيّ صادق أنور الصباح ممنوعٌ، منذُ عاميْن، من دخولِ البِلادِ المصريّة، فصُوِّرَ في لبنان مفتقدًا للإقناعِ، فوقع في هِناتٍ عمرانيةٍ وجغرافيةٍ (ظهرتْ في كثيرٍ من حلقاتِ المسلسلِ بيوتٌ جبليةٌ وسطَ غاباتٍ من الشّجرِ الكثيفِ تحملُ نكهةَ بيوتِ جبلِ لُبنان بامْتياز، حتّى أني تعرفتُ على واحدٍ مِنها، وتذكّرتُ مكانَه بينَ ديرِ القمرِ ونبعِ الصّفا).



كثيرٌ من المقاومةِ، وكثيرٌ من المقاومينَ في حلقاتِ "بوابةُ السماء". وفيهِ، إلى ذلكَ، تطرّقٌ إلى بعضِ أساليبِ الإسرائيليينَ داخلَ القدسِ من توريطِ الشبابِ المقدسيينَ بالمخدّرات، إلى زرعِ الجواسيسِ، إلى الاحتيالِ على الوثائقِ وتزييفِ الحقائِق. تطرُّقٌ لافتٌ في الحلقةِ الثامنةِ عشرةَ مِن المسلسلِ في جزئِهِ الثّاني إلى موضوعِ استضافةِ قنواتٍ عربيّةٍ لشخصياتٍ إسرائيليةٍ، وفيهِا قدّمت الممثلةُ، ريم كمال، مداخلةً معبّرةً جدًّا عن ألمِ المقدسيينَ والفلسطينيينَ، عمومًا، ووجعهِم مِن هَكذا اسْتضافات.
في "بوابةُ السّماء"، تكادُ تتلمّسُ روحَ حيّ الشّيخ جرّاح في الجانبِ الشرقيِّ مِن البلدةِ القديمةِ في مدينةِ القدسِ خارجَ السُّور. وتلتقطُ ربْطًا ما بينَ ما يحدثُ هذه الأيامِ في الحيِّ الذي أُنشئ عامَ 1956، بموجبِ اتفاقيةٍ وُقِّعت بينَ وكالةِ غوثِ وتشغيلِ اللاجئينَ الفلسطينيينَ والحكومةِ الأردنيّة، وفي حينِه استوعبَ الحيُّ 28 عائلةً فلسطينيةً هُجِّرَت مِن أرَاضيها المحتلّةِ في عامِ 1948.
فدولةُ الاحتلالِ تحاوِلُ فرْضَ سياسةِ الأمرِ الواقعِ على أَهالي الحيِّ من الفلسطينيينَ الذين يبْدو أنّهم سيهُجّرونَ مرّتين، متلاعِبةً بالحقائقِ والوثائقِ، تمامًا كَما تعرضُ الحلقاتُ المتتاليةُ من المُسَلسل.
بقيَ أن نقولَ إنّ في العملِ مبالغة بِموضوعِ جُبنِ اليهود، ومبالغةً في عددِ العملياتِ الفدائيةِ (الجِهادية) الفلسطينيةِ الناجحةِ (خصوصًا في جزئهِ الأوّل). وأنْ نقولَ: فلندعهُم يعمَلون ويبالِغون ويحلُمون، فأنْ يحْلموا، أوّلًا، مِن حقّهم، ومِن دَواعي زرعِ الأملِ في الأجيالِ الناشِئة. وأنْ يَقعوا، ثانيًا، في بعضِ الأخطاءِ فهُوَ أيضًا مِن حقّهم، فسوفَ يتعلّمون من أخطائِهم، فَهُم وحدُهم (آهِ يا وحدَهم)، ورمضانُ هذا العَام خَلا من أيّ مسلسلٍ عربيٍّ حولَ القضيةِ الفلسطينيةِ، التي كانَت ذاتَ زمنٍ بعيدٍ، قضيةَ العربِ المركزيّة الأُولى. وأمّا المباشرةُ والخِطابيةُ التي يزخرُ فيها العملُ، فهيَ بِمختلفِ الأحوالِ، أخفُّ على النفسِ الشريفةِ وطْأَةً مِن مُباشَرةِ مسلسلاتِ الأجنداتِ، مثلَ "الاخْتيار"، وغيرِه.



إضاءاتٌ رُغمَ الخَراب..

من مسلسل "ميلاد فجر"


شكّلت كثيرٌ من أعمالِ رمضان، الذي يودّعنا خِلالَ أيامٍ قليلةٍ مُقْبلِة، إضاءاتٍ وسطَ هذا الخرَاب الذي يُحاصِرنا في الدّراما والسياسةِ والمَنَعةِ، وعلى صعيدِ الوَباء وأصْعِدَةٍ أُخرى كثيرَة. فمسلسلُ "نسلُ الأغرابِ"، على سبيلِ المِثال، تميّزَ بنصِّه وحواراتِه ورؤيتِه الإخراجيةِ وأداءِ الممثلينَ فيه، والأهمّ من كلِّ ذلِك، تميّزَ بانسجامِ عناصِرِه جميعِها معًا، كوْن صاحبُ النصِّ والسّيناريو والحِوار هو نفسَه مخرجَ العمَل (السينارِيست والمخرجُ المصريّ محمد سامي). تقومُ سرديّةُ العملِ على إدانةِ دافعيةِ الثّأرِ في صعيدِها الصعيديّ، وعلى الانتصارِ للحبِّ بوصفِه القادرَ على وقفِ تمدّدِ الحرْب، وتجفيفَ منابعِ الكراهيةِ والطمعِ والصَّلفِ، وعلى إيقافِ نزيفِ الدمِ حيثُ كان. كَما يتطرّق إلى كثيرٍ من قضايا المرأةِ في برِّ مِصر، وسعيِ كثيرٍ من نِساءِ الصّعيدِ إلى تغييرِ أوضاعهنّ وامتلاكِ خياراتِهن.



النصُّ (الورقُ) في "نسْل الأغْراب" متماسكٌ ومُقنِع، يتحرّك داخلَ عددٍ من الخطوطِ من دونَ أن يشعركَ المؤلّف (الذي هوَ نفسُهُ المخرِجُ) بأيٍّ ضياعٍ أو تشتّت، جاعلًا من جليلة (تخيّلتها الجليلةَ بنتَ كُلَيب في حدوتةِ الثّأرِ القديمةِ المتجدّدة)، رمزًا ودلالةً ومحورًا تدورُ أحداثُ الصّراعِ في المسلسلِ حولَها. أدّت دورَ جليلة في "نسْل الأغْراب"، الممثلةُ مي عمر، زوجةُ محمد سامي، كاتبُ النَصِّ ومخرجُ العمَل. والشخصيةُ بحسبِ متواليةِ الأحداثِ مركّبةٌ تحملُ داخِلَ مَعنى وجودِها ثنائيةَ الخيْرِ والشرِّ. إنّها الثنائيةُ الجدليةُ التي يضيعُ (الأغْراب) داخلَ سراديبِها. والأغْرابُ هوَ اسمُ القبيلةِ الصعيديّةِ التي يروي المسلسلُ حكايتَها مع لعنةِ الدمِ وإرثِه الثّقيلِ، الذي يلاحقُ أبطالَه بشكلٍ قدريٍّ لا فَكاكَ مِنه.
إضاءةٌ أُخرى تتعلّق بالقدراتِ التمثيليةِ عندَ النجميْن المصرييْن، عمرو سعد، ومصطفى شعبان، اللذين شكّلا في "ملوك الجدعنة" ثنائيًا لافتًا ومُقنِعًا.
في مسلسلِ "قصرُ النّيل"، إضاءاتٌ تتعلّق بإتقانِ الصّنعة، وتناولِ ثورةِ يوليو، ومرحلةِ جمال عبد النّاصر بِمُعايَنَةٍ فيها تلميحاتٌ نقديّةٌ يحتاجُها الفنّ كي يكونَ لهُ مَعنى. كما يُدينُ المسلسلُ الشخصياتِ المسكونةِ بروحِ العبوديةِ من دونَ أن تفكّر، ولَو على شكلِ خاطرٍ عابرٍ، الانتصارَ لِكرامتِها وحقوقِها الإنْسانية. الحواراتُ في العملِ عميقةٌ ومثقّفة، والأهمّ أنّها مركّبة تفتحُ أفقَ التلقّي على وجهتيّ النّظرِ المتعارِضتيْن، ووفقَ رؤيةٍ جدليّةٍ لدى الكاتب، محمد سليمان عبد المالك، تكاملَ معهُ فِيها المخرجُ، خالد مرعي. فانعكسَ تناغُمُهما مشاهدَ ممتعةً بمحمولِها الدّلاليّ وفضائِها الجماليّ، أكثرَ مِن أيّ تشويقٍ تلفيقيٍّ خالٍ من الدّسمِ والإقناعِ والذّكاء سَقَطَت فيهِ أعمالٌ أُخرى.
ثنائيةُ العبدِ والسيّدِ تفرضُ نفسَها بقوّةٍ في "قَصْرُ النّيل". وكَذا الانتقامُ والحبُّ والقتلُ والشعاراتُ الحزبيةُ الفاقعةُ والغيرةُ والدّهاءُ والضياعُ والحِبكةُ والتوترُ والطبقيةُ والأحلامُ والأوهامُ والمؤامراتُ والتحالفاتُ والكَبْرةُ الكاذِبةُ. عناوينُ تزخرُ بِها حلقاتُ المسلسلِ الذي تقفزُ الممثلةُ، ديما الشربيني، عبرَه، قفزةً مدويةً نَحْوَ نجوميةِ الصفِّ الأوّلِ، في طابورِ النجوميةِ المصريّة الطويلِ والمُمتَد.



مسلسلُ كورونا اليَتيم..

من مسلسل "كوفيد 25" 


رُغمَ أنّ أكثرَ مِن 80 مسلسلًا عربيًّا (من دون احتسابِ المسلسلاتِ العراقيّة والمغاربيّة)، وجدَت لَها مَكانًا في السوقِ الرمضانيّة لِهذا العام، إلا أنّ مسلسلًا واحِدًا من بينِها جميعِها يتطرّق إلى موضوعِ كورونا (هُناك تطرّق عابرٌ لِلجائحةِ في بعضِ حلقاتِ المسلسلِ السعوديّ "ممنوعُ التجوّل" المتّصل المنْفَصِل). المسلسلُ المصريُّ "كوفيد 25" هو مسلسلُ كورونا الوحيد، إِذ يبْدو أنَّ حالةَ الإنكارِ وصلت، حتّى، لِلوَباء، فتعاملتْ مسلسلاتُ رمضانِ هذا العام كَما لَو أنّ الجائحةَ تقعُ في كوكبٍ آخرَ غيرِ كوكبِنا.
و"كوفيد 25" هُوَ واحدٌ من مسلسلاتٍ أربعٍ جاءتْ في 15 حلقةً، وليسَ 30. وربّما هذهِ مِن مآثرِ العملِ الذي يتحدّثُ عن فيروسٍ يصيبُ الدماغَ هذهِ المرّة، وليسَ الجهاز التنفسيّ أساسًا، كما في كوفيد 19. ولكنّ الاستعجالَ فيهِ أدّى إلى خروجِ أمورِه السرديّةِ ورؤيتِه الإخراجيّةِ عن السيطرةِ، فَقَبَعت كثيرٌ من حلقاتِه منذُ الحلقةِ الرابعةِ محبوسةً داخِل لعنةِ التصويرِ الداخليّ، الأقلِّ كلفةً والأسلمِ مُعالجةً. كَما انجرّت بعضُ أحداثِه إلى ما يشبهُ أفلامَ الرُّعبِ و(زومبي) وَمَصّاصي الدِماءِ.



باقي مسلسلاتِ الخمْسَ عشرةَ حلقةً هِيَ: "بينَ الأرضِ والسّماء"، و"أحسن أب" و"عالم موازي"، الذي توقّف تصويرُه في الأيامِ الأخيرةِ لانتهاءِ عملياتِ التصويرِ بسببِ إصابةِ بطلتِه دُنيا سمير غانم، ووالدتِها الفنانةُ دلال عبد العزيز (زوجةُ الفنانِ سمير غانم)، وعددٍ من فريقِ العملِ، بفيروسِ كورونا. توقُّفُ التصويرِ يعْني عدمَ عرضِ المسلسلِ الذي كان مِن المفترضِ أن يُعرضَ في النصفِ الثاني من شهرِ رمضان.



(فلاشاتٌ) سريعَة..
*أجورُ الممثلينَ تعكسُ تراجعَ قيمِ الدّراما المصريّة، حتّى في هذهِ التّفصيلة، فالنجومُ المخضرمونَ أمْثال: يسرا، ويحيى الفخراني، لمْ تصلْ أجورُهم إلى نصفِ أجورِ ممثلينَ من جيلِ محمد رمضان، الأعلى أجرًا هذا العام مع 45 مليون جِنيه عن دورِه في مسلسلِ "موسى". وفي حينِ نالَت الممثلةُ ياسمين عبدالعزيز، عَن دورِها في مسلسلِ "اللي مالوش كبير"، 20 مليون جِنيه، فإن يسرا جاءت في المرتبةِ الخامسةِ بمبلغِ 11 مليون جِنيه عن دورِها في مسلسلِ "حرب أهلية"، وبينَ يسرا وياسمين ثلاثُ فنّانات: نيللي كريم ("ضد الكسر"- 18 مليون جِنيه)، ومنى زكي ("لعبة نيوتن"- 15 مليون جِنيه)، وريهام حجاج ("كل ما نفترق"- 12 مليون جِنيه).
*الدّراما الأردنيّة لا تزالُ تدورُ بشكلٍ أساسيٍّ في منطقتيْن: البادِية والرّيف. وباستثناءِ "أبناءُ القلعةِ" (2018) قبلَ ثلاثةِ أعوام، فإن العاصمةَ عمّان ما تزالُ تنتظرُ من يتناولُ تاريخَها ومكوّناتِها وقاعَها وتطوّرها المدينيّ وعوالِمَ ناسِها.
*ثلاثةُ من المسلسلاتِ الأردنيّة التسعةَ التي دخلتْ سوقَ رَمضان الدراميّة هذا العام، هي أعمالٌ مؤجّلةٌ من العامِ الماضي.

*يتفاعلُ الجيلُ الشابُ في الأردن مع عملٍ قصيرٍ (دقائقَ معدودةً لكلِّ حلقةٍ من حلقاتِه) يُعرضُ ضمنَ (ساعةِ كوميديا) على قناةِ رؤيا. العملُ اسمُهُ "أربعة في واحد" والسببُ الرئيسيّ للتفاعلِ معهُ، وربّما حتّى التعاطُف، هُو أنَّ أحدَ أبطالِه الأربعةِ الشاب عبد الله العمري (عبود العمري) (23 عامًا) رحلَ قبلَ رمضان بأسابيعَ قليلةٍ إثرَ حادثِ سيرٍ مؤسفٍ تعرضَ لهُ في جنوبِ أفريقيا هوَ وباقي فريقِ العمل (الذينَ هُم أصدقاؤُه بالأَساس)، وهُو الوحيدُ مِن بينهِم الذي جاءتْ، رَحِمَهُ الله، إصابتُه قاتِلة. شهرةُ عبود وَمَن معهُ بدأتْ مِن خلالِ (اسكتشات) وإطْلالات على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ (خصوصًا موقِع يوتيوب)، قبلَ أنْ تقرّر القنواتُ التلفزيونيةُ استقطابَهم مُستثمرةً شهرتَهم والعددَ الضخمَ مِن متابعيهِم، في دلالةٍ على تغيّرِ أولوياتِ النشءِ الجَديد.
*قناة "القدس اليوم" الغزّيةُ أنتجتْ بدورِها، وَكَما فعلتْ قناةُ "الأقصى"، مسلسلًا لِرمضان هَذا العَام حملَ عِنوان: "ميلادُ الفجْر"، عن قصةُ وسِيناريو وحِوار، فتحي أبو غالي، وإخْراج حسام حمدي أبو دان. أحداثُ المسلسلِ "مستوحاةٌ جميعُها مِن الواقعِ الفلسطينيّ، وتعبِّرُ عن نضالِهِ في مواجهةِ غطرسةِ الاحْتلال".
*العلاقاتُ غيرُ المشروعةِ. الاغْتصاب. التحرّش. أولادُ السّفاح. شكّلت عناوينَ رئيسيةٍ لعددٍ غيرِ قليلٍ من أعمالِ رَمضان هذا العَام.
*الانسلاخُ عَن واقِعنا جعلَنا نشاهدُ عددًا لا بأسَ بِهِ مِن المسلسلاتِ، يتحرّك خلالَها رجالُ عصاباتٍ وزعماءُ مافياتٍ بعددٍ مهولٍ مِن الحرسِ الشخصيّ والمرافقينَ المدجّجين بالسّلاحِ والغطرسَة. هلْ هُوَ مشهدٌ مُعتادٌ في شوارِعنا العربيّة؟؟
*المسلسلُ اللبنانيّ "عشرين عشرين" مستنسخٌ من وحْي مسلسلِ "الهيْبة" بأجزائِه الأرْبعة. عمومًا، يبدو أنّ شخصيةَ المهرّب الطيّب والقويّ في الوقتِ نفسِه، المحاطَ بالحرسِ والأسوارِ العالِية، المتحلّي بالفِطنةِ والحُسْنِ والوَسامةِ، المالِكَ مواصفاتِ القائدِ المُلْهَم، الذي يرْعى مصالحَ أهْلِ حارتِه وَ(جَماعتِه) الطّائفيّة، هِيَ شخصيةٌ مَحْبوبةٌ عندَ أهلِنا اللبْنانيين!

*****
بَقِيَ أنْ نقولَ أخيرًا إن الدّراما في بلادِنا في حاجةٍ إلى مُراجَعةٍ شامِلةٍ، ووقفةِ تأمّلٍ صادِقة. فَفي كلِّ عامٍ تتّسِعُ الهوّةُ بينَ صانِعيها والعاملينَ فيها، وبينَ الشّعوبِ العربيّةِ (اِلّلي) حقيقةً (مُشْ عايزَة كِدَه).