Print
عمان ـ ضفة ثالثة

أوبريت "تجلّيات الأقحوان" يطلق فعاليات إربد عاصمةً للثقافة العربية

14 يونيو 2022
هنا/الآن


من روح أوبريت "تجليات الأقحوان" تأليف وسيناريو وحوار الزميل محمد جميل خضر، سينوغرافيا وإخراج د. محمد خير الرفاعي، انطلقت في إربد شمال العاصمة الأردنية عمّان، برعاية ملكية، فعاليات اختيار هذه المدينة عاصمة للثقافة العربية لعام 2022.

وبعد الكلمات الرسمية، وتسليم وزير الثقافة الفلسطينية عاطف أبو سيف لوزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار، راية مدينة بيت لحم عاصمة الثقافة العربية للعام الماضي 2021، رفعت ستارة مسرح الكندي في جامعة اليرموك، وعمّت أنوار الأوبريت حين غابت إضاءة المكان.

عنوان الأوبريت يتقاطع مع أهمية الأقحوان في إربد الماضي والحاضر، ويستمد مشروعيته من معاني الزهرة المدهشة في الوجدان الربداوي، والطبيعة الربداوية، ومن القيمة الأيقونية لها هناك، فالمدينة كانت تسمّى قديمًا بالأقحوانة لكثرة انتشار هذه الزهرة فيها.

تعانقت خلال دقائق عرض الأوبريت فنون الدراما (المخرج المنفّذ باسم عوض)، مع الموسيقى (التلحين والتأليف الموسيقي د. نضال عبيدات)، مع الغناء (المغنّون: أمل شبلي وأحمد عبنده وعيسى السقار وغيرهم)، مع التمثيل (أريج دبابنه بدور أقحوانة، وأحمد عبنده بدور عرار، وغيرهما) مع الرقص الأدائي (فريق كبير من الطلبة والمحترفين نفّذ الرقصات والاستعراضات)، مع قدرات الإلقاء الصوتي، مع الشعر (طارق شخاتره)، مع النثر، مع التشكيل البصري والإضاءة (تصميم الإضاءة وتنفيذها: محمد المراشدة)، مع العرض المشهدي التلفزيوني (أنس الرشيدات)، محقّقةً جميعُها معًا فرجةً احتفاليةً احتفت بإربد ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا.

لوحات الأوبريت شعّت بحركية استعراضية ورقصات وأغان لامست العادات والتقاليد والموروث، وسلِّطت الضوء على الهوية البصرية لمدينة إربد، وما يحمله تاريخها وحاضرها من فكر ورسالة إنسانية قومية.

فوق المنصّة التي احتشدت بالمجاميع وشخصيات الأوبريت ولوحاته ومشهديته الخلفية، هلّ من بعيد تاريخ إربد الممتد إلى سبعة آلاف عام ماضية، تماهى مع حاضرها، مستشرفًا أفق مستقبلها.

مشهد من أوبريت "تجلّيات الأقحوان" 


بخمس لوحات من النثر والشعر والموسيقى والتمثيل والرقص الاستعراضيّ والمشهدية السينمائية، باح أوبريت "تجليات الأقحوان" بحكايته، قرأ صفحات التاريخ، أضاء عناوين المجد، جاب السهول، لَمَعَ بقمح حوران، ألقى تحية الصباح على مدن الديكابوليس الخمس اللواتي وجدنَ لهنّ ذاتَ أشرعةِ عمارةٍ باقية، مساحةً في نواحي إربد:

"كلكنّ حبّات العين، بنات الخرزات الحاميات بهائي: بيت راس قبلة الإحساس.. إيدون يا نبع صافي من همس الزيزفون.. طبقة فحل لمّا العصفور يرقُص حَجَل.. وقويلبة حبّة قمح بتركض ورا حبّة.. كلكن زينات يا بدع بومبي وحِلْفه المنيع.. يا شقيقات دمشق وبيسان والقنوات وعمّان والحصن الذي في طبريا.. يا نقوش بيزنطة ومعارج الفن الرفيع".

في لوحة شخصيات إربد تجلّى الشاعر مصطفى وهبي التل (عرار) بوصفه أيقونة هذه اللوحة:

"يا أردنيّات، إن أَودَيْتُ مغتربًا    فاْنسِجنَها –بأبي أنتنَّ- أكفاني

وقُلنَ للصَّحبِ: وارُوا بعضَ أعظُمِهِ في تَلِّ إربدَ.. أو في سَفحِ شيحانِ

عسَى وعلَّ بِهِ –يومًا- مُكَحّلةً تَمُرُّ..     تَتْلُو عَليْهِ حِزبَ قرآنِ".

اللوحة الرابعة استعرضت دور الهاشميين بازدهار المدينة ومنحها عروق التجدد والبهاء:

"أنا إربد.. مجدٌ تجدّدَ في عهد الهواشم. شرفاتُ الوعدِ في خطاب البُناة المؤسسين.. دهشة مسكونة بالتنوّع والبهاء.. لوحةٌ مشرقةٌ من البلاغةِ الراكضةِ على امتدادِ الطرقِ السريعةِ والوديعة.. أغنيةُ المطر. قلبي حُورانيُّ الهوى والأغاني".

 من أوبريت "تجلّيات الأقحوان" 


وصل الأوبريت ذروته عند وصوله اللوحة الخامسة (اللوحة القومية) التي تلقي ضوءًا ساطعًا على العُلاقة التاريخية الوطيدة بين إربد وامتدادها العربيّ القوميّ:

"مرورًا من شارع فلسطين، باتجاه شارع بغداد، وصولًا إلى شارع عبد القادر الحسيني، ومنه إلى دوّار محمّد الدرّة، وليس بعيدًا عن وادي العرب، تتجلّى إربدُ بوصفِها بوصلةً للوجدانِ القوميِّ العربيِّ.. سهلًا عصيًّا على الاندثار.. تجري في عروقِها دماءٌ أردنيّةٌ هاشميّةٌ فلسطينيّةٌ سوريّةٌ لبنانيّةٌ عراقيّةٌ مصريّةٌ سعوديّةٌ كويتيّةٌ إماراتيّةٌ قطريّةٌ بحرينيّةٌ عُمَانيّةٌ يمنيّةٌ سودانيّةٌ مغربيّةٌ جزائريّةٌ تونسيّةٌ ليبيّةٌ موريتانيّةٌ صوماليّةٌ جيبوتيّةٌ قمريّة.. دِماءٌ عربيّةٌ زكيّةٌ نديّة، من الوريدِ إلى الوريد".

إنها: "قوميةُ القمحِ والجرحِ والملحِ والرِّبحِ والصُّبحِ.. أنّها إربد.. عربيّةُ الموعد".

نحو شمس إربد صعد الأوبريت، وفي شرايين قلبها رقصت أغانيه:

"شمس قلبكِ نور بيطلع من سما السرحان، بيصلّي الصبح في حوران، بفك الحرف في مدرسة عنبر، بِوَدِّي إلـ يا هلا لِنجد والمجد والحجاز.. يطوف كل بيداء المجاز.. شمس قلبكِ محفورة بحروف عربية.. مجدولة بالكرم.. مضوية عا بلاد بتغطّي البَصَر.. بتقطف عناقيد العِبَر.. تجوبُ الآماد.. من تطوانَ إلى بغداد".