Print
أحمد طمليه

انطلاق مشروع "يوميات الحرب في غزة"

4 أكتوبر 2024
هنا/الآن
في مبادرة مهمة لتوثيق الحقائق، وعدم ترك ما يحدث في غزة من حرب إبادة دموية يشنها الإحتلال الإسرائيلي، بدعم وتحالف عالمي وعربي رسمي منذ عام، وحتى لا يختزل ما يجري بالأكاذيب والتضليل، تبلور في دار تدوين للنشر والتوزيع بالأردن مشروع "يوميات الحرب في غزة".
يكتسب هذا المشروع أهميته لكونه يوثق مذبحة إنسانية، لم يشهد لها التاريخ مثيلا. وما يميز المشروع أنه واسع وشامل، إذ يتضمن عدة محاور، منها: كتاب يحتوي يوميات كتبها فلسطينيون وفلسطينيات خلال حرب الإبادة، من بينهم من استشهدوا، وكتاب بعنوان نصوص وخواطر لشباب وشابات من غزة بدأوا الكتابة منذ 7 أكتوبر، وكتاب "شعراء من غزة" يتضمن قصائد لشعراء من غزة كتبت بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إضافة إلى شهادات عربية وإنسانية عن المذبحة ورسوم وكاريكاتيرات أو اسكتشات عن الحرب والإبادة الجماعية، وإصدار كتب أدبية أو غيرها لكتاب من غزة.
وقد تشكلت هيئة تحرير للمشروع تقوم بجمع الكثير من المواد، وهي في طور التحرير والإعداد من أجل الطباعة. وتطوع للعمل في هذا المشروع العديد من النخب الثقافية العربية والشخصيات الوطنية والفنية والإبداعية. من بينهم مدير التحرير سامر المجالي. أما هيئة التحرير فقد تشكلت من: أحمد سراج، أسامة رشيد، أمين الربيع، حسين جلعاد، د. زيد الفضيل، عبد السلام عطاري، وموسى حوامدة. وهناك العديد من المناصرين والداعمين، والتجاوب متسارع يوما بعد يوم.
وعقدت الهيئة الاستشارية والإدارية للمشروع الذي أطلقه الشاعر موسى حوامدة عن دار تدوين للنشر والتوزيع، التي أسسها حديثا في العاصمة الأردنية، اجتماعها التشاوري الأول في غاليري إطلالة اللويبدة الذي يديره الفنان التشكيلي الأردني كمال أبو حلاوة. وناقشت الهيئة مسارات العمل لإصدار عدد من الكتب تؤرخ لحرب الإبادة في غزة، ومنها يوميات الناس العاديين خلال الحرب، وكتابات شباب جدد من أهل غزة بعد 7 أكتوبر، وستكون ضمن خواطر وقصص من غزة، ويشرف على جمعها وتحريرها حاليًا الشاعر الفلسطيني جواد العقاد المقيم في غزة، عضو الهيئة التأسيسية في المشروع، كما يهدف المشروع إلى إصدار مجاميع أدبية وثقافية للكتاب المتواجدين في غزة حاليًا، وسيكون هناك كتاب لشعراء من غزة، وشعراء عرب، وكتاب عن الفن التشكيلي والرسومات، وسيضم عددًا من رسومات الفنان فايز السرساوي ابن رفح، والذي تسعى دار تدوين لإقامة معرض قريب له في عمان، كما ستتم طباعة شهادات عربية حول ما يجري في غزة. وقد كتب حتى الآن لهذه الفكرة عدة شعراء وكتاب عرب.
الروائي سامر المجالي الذي يتولى إدارة تحرير المشروع قال: إن كل ما نفعله قليل بحق غزة، وهو تعبير أقل من بسيط لما نستطيع تقديمه لشعبنا هناك، وهو أضعف الإيمان وغير كاف.
الشاعر موسى حوامدة قال إن هيئة المشروع حرة بالمطلق، لا أحد يُملي عليها موقفًا سياسيًا أو توجهًا أو شروطًا، مؤكدا أن الغاية تقديم مشروع  ثقافي وإنساني كبير للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية في قطاع غزة منذ عام. ولأن المشروع ليس فرديًا ولا غنيمة شخصية "فضلت أن يكون عملًا جماعيا لكل مثقف عربي حر لم ينحز إلا لضميره، وقد حباني الله بمتطوعين وداعمين وبعدد من المثقفين المحترمين المؤمنين بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وواجب المثقف العربي نصرة هذا الحق ودعمه بكل السبل".




ويوضح حوامدة: إننا في الأردن نمتلك خصوصية معينة مع فلسطين وعلاقة أعمق من حدود سايكس بيكو، ولأن الشعب الأردني بكل أطيافه لا يؤيد المقاومة فقط بل يعتبر نفسه جزءًا منها، فضلت أن ينطلق المشروع بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين ومع شخصيات وطنية داعمة، لا مع جهات قد تفرض شروطها.
ويضيف حوامدة: هذا المشروع وجد لينجح، وليكون رسالة حضارية وإنسانية لدعم أهل غزة، أولًا رسالة من مثقفي الأردن وشعبه، رسالة من مثقفي العالم العربي الأحرار، رسالة بليغة لا تقبل التصغير أو التفرقة... أو الإقصاء والتخوين، أو حتى حشرنا في وجهة نظر ضيقة متشنجة... غزة هي العنوان، غزة هي الوسيلة، غزة هي الغاية... تدوين دار نشر عربية حرة... مشروع كتابات غزة مشروع ثقافي عربي مستقل وواضح، لا أجندات ولا غايات إلا انتصار الحق في فلسطين.
أول مجموعة قصصية من غزة ضمن المشروع، التي سوف تصدر عن دار تدوين، ستكون مجموعة "روح الروح" للقاص الفلسطيني المرابط في غزة الدكتور حسين عمر دراوشة وسترى النور قريبًا في عمان والقاهرة، المجموعة تحكي قصص أبطال من لحم ودم وتشكل بوحًا أدبيًا من أدب المحن، وفيها نبضٌ إنساني ووجداني يمثل صورةً عن أحداث لها مجرياتها ووقائعها ولها علاقة بالمحرقة والمقتلة والإبادة وحصد أرواح بني جلدتنا، إنَّها جمانة من قلادة عهد ثمينة، يكفينا منها ما أحاط بالعُنق؛ لتصدح لاحقًا صمتًا لو تكلّما، وتنطق الأرواح المنكسرة التي تتشاجر في طريق لا تتسع إلَّا للمبتورينَ والمقضومينَ والثكلى والمنهوشينَ. لن تكون العظمة إلا بألمٍ وجرحٍ، ولكن لن يشعر بالجرح إلَّا من به ألمُ، والشكوى لغير الله مذلة... هذه قصص قصيرة جاءت في أربع وخمسين قصةً بدأت من "فوقي حجارة فقط"؛ حيثُ الهمود والعبء الثّقيل وعجين البشر وانصهارهم وتبخر أشلائهم، العراك المكوث والرّحيل قضمت فيه الجوارح وأزفت الأرواح، وانتهت بِـ "وخزات" تدمي القلب وتهز الأحاسيس والمشاعر بألم صامت.
اللافت في الأمر أن مطلق المشروع وراعيه هو الشاعر موسى حوامدة، من قرية السموع/ قضاء الخليل  (1959)، من يقرأ أعماله منذ ديوانه الأول "شغب" حتى ديوانه الأخيرة "كريشة يحملها هواء خفيف" مرورًا بـ"سلالتي الريح - عنواني المطر" وسأمضي إلى العدم" و"كما يليق بطائر طائش"، يوقن حس المغامرة الذي يمتلكه الشاعر حوامدة، سواء في اللغة، أو المعنى، أو رغبته الجامحة بأن يلقي بنفسه في مهب ريح.
حوامدة شق طريقه من عرق جبينه، بمعنى أنه ليس من أصحاب رؤوس الأموال، وها هو يغامر في تأسيس دار تدوين للنشر والتوزيع ويدخل في مشاريع كبرى، رغم معرفته، حسب تصريح له، بأن النشر مجال خاسر إذا حسب ضمن المقاييس التجارية، ويؤكد أن لا مانع لديه من أن يخسر رأس ماله البسيط جراء دخوله عالم النشر، طالما أن ذلك سوف يوفر فرصته أن يغامر، فهو شاعر ولد من أجل المغامرة، ولا يستطيع أن يعيش بعيدًا عن هدير المخاطرة.