Print
ضفة ثالثة

الذكاء الاصطناعي في الصحافة: منافس الإعلاميين على وظيفتهم؟

20 يوليه 2024
هنا/الآن
في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، سلط أستاذ الصحافة الإلكترونية المشارك في جامعة قطر، الدكتور محمد الأمين موسى، الضوء على التحديات والفرص التي يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى عالم الصحافة الإلكترونية. وأكد أن الاستفادة المثلى من هذه التقنيات تتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة التحول الرقمي وفلسفته وآفاقه المستقبلية.
وشدد الدكتور موسى على ضرورة اكتساب ثقافة رقمية شاملة قبل الشروع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن العالم الرقمي محفوف بالمخاطر التي تستدعي الحذر والتعامل الواعي. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي، بالرغم من كونه نتاجًا للعقل البشري ويهدف إلى خدمة الإنسان، قد تكون له عواقب وخيمة على من يسيء استخدامه، أو ينبهر به من دون دراية كافية.
ومن هذا المنطلق، أكد الخبير على أهمية قيام المؤسسات الإعلامية بتوفير التدريب اللازم لموظفيها، بهدف دمجهم بشكل فعال في بيئة الذكاء الاصطناعي، وتمكينهم من الاستفادة القصوى من إمكانياته. هذا الأمر يعد حيويًا لضمان استمرارية وتطور العمل الصحافي في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.
وفي ما يتعلق بمستقبل الوظائف الإعلامية، أشار الدكتور موسى إلى أن بعض المهام التقليدية قد يُستغنى عنها لصالح تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لاعتبارات تتعلق بالكفاءة والتكلفة. ومع ذلك، شدد على أن قدرة العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية على التكيف مع هذه التغييرات والارتقاء بمهاراتهم الإبداعية ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبلهم المهني.
وأضاف أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في الوقت الراهن، لا تقدم بديلًا كاملًا عن المحررين ذوي الخبرة والدراية بالسياسات التحريرية وخلفيات الأحداث. لذا، لا يزال القرار النهائي بشأن صلاحية المحتوى للنشر في أيدي المحررين البشريين. ومع ذلك، توقع أن يتطور الذكاء الاصطناعي مستقبلًا ليكتسب مزيدًا من المهارات التحريرية، مما قد يؤدي إلى تقليص الحاجة إلى عدد كبير من المحررين، مع الاحتفاظ بمسؤولي التحرير الذين سينحصر دورهم في الموافقة على المحتوى، أو الرفض.




وفي ما يخص إمكانية الوصول إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، أوضح الدكتور موسى أن عددًا منها سيكون متاحًا بسهولة، خاصة مع انتشار استخدام هذه التقنيات في مجالات مثل شبكات التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية ومحركات البحث. وأشار إلى أن المؤسسات الإعلامية الكبرى الراغبة في تحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي ستحتاج إلى استثمارات مالية وبشرية كبيرة لضمان ريادتها وتميزها في سوق إعلامية شديدة التنافسية.
وحذر الدكتور موسى من مجموعة من العقبات التي قد تعترض إدخال وإدراج تقنية الذكاء الاصطناعي في مجالات الصحافة الإلكترونية. ومن أبرز هذه العقبات: سوء فهم الذكاء الاصطناعي وإمكانياته وحدوده، والتخوف من أن يشكل خطرًا على البشرية، وضعف الإمكانيات المرصودة للعمل الصحافي، بالإضافة إلى ضعف تعاطي الإعلاميين مع الذكاء الاصطناعي بسبب تكوينهم المعرفي وخبراتهم التي قد لا تواكب الثورة الرقمية.
وفي ختام حديثه، شدد الدكتور موسى على أن العصر الحالي يتميز بسرعة انتشار المبتكرات التكنولوجية، مما يجعل من الضروري مواكبة هذه التطورات من دون تردد، أو تجاهل. فالرقمنة تتجه نحو السيطرة على معظم الأنشطة الحيوية التي تؤثر في حياة المجتمعات، والثورة التواصلية التي أحدثتها شبكة الإنترنت قد أزالت العوائق أمام المشاركة الفعالة في هذا التحول الرقمي العالمي.
وأخيرًا، أكد الخبير على أن مستقبل الصحافة يكمن في الصحافة الإلكترونية الرقمية التي تعتمد على الويب وتقنيات التواصل الرقمي المتطورة. وأشار إلى أن الصحافي المستقبلي سيحتاج إلى تطوير مهارات جديدة، أكثر عمقًا وتأثيرًا في المجتمع، معززة بالذكاء الاصطناعي، لمواجهة التعقيدات المجتمعية الناتجة عن "الانفجار التواصلي". هذا التحول سيتطلب زيادة جرعات البحث العلمي في الممارسة الصحافية، وتعزيز خبرات "الصحافي الجديد" المواكب للإعلام الحديث والتواصل المتجدد.