Print
تغريد عبد العال

لينا مرهج: الكوميكس نوع مهم من الأدب

21 فبراير 2019
حوارات
بالرغم من غياب الاهتمام بالكوميكس في العالم العربي، فإن هذا الفن التاسع في تطور مستمر، يحملُ في خطوطه روحَ الفكاهة والنقد البنّاء. يجمع فن الكوميكس بين الكاريكاتور والفنون التشكيلية، بين الرسم والكلمة، ليكون بذاته عالماً خاصاً مختلفاً عن باقي الفنون.
مؤخراً فازت مجلة السمندل للكوميكس في لبنان بجائزة الشرائط المصورة البديلة في مهرجان أنغوليم الدولي في فرنسا عن منشورها الجديد "تجريب"، وبهذه المناسبة ولإلقاء الضوء أكثر على هذا الفن كان لنا هذا الحوار مع واحدة من مؤسسي مجلة السمندل وهي الفنانة اللبنانية لينا مرهج:

مساحة للكوميكس العربي في السوق الدولية
(*) ما هي أهمية هذه الجائزة وهل ستؤثر على نشاطكم الفني؟
هي جائزة مهمة فعلا من أنغوليم، الذي هو أكبر مهرجان للكوميكس في فرنسا. هناك ثلاثة أنواع من الكوميكس التقليدي، الأميركي، الفرنكوبلجيكي والمانجا، ونحن على الهامش. فهذه الجائزة ستأخذنا إلى مكان عالمي، وسيكون عملنا منتشرا في الكثير من الأماكن في العالم، وهذا بالتأكيد سيزيد المسؤولية علينا بأن نقدم دائما العمل القوي والجديد، وأعتقد أن للكوميكس

طريقة سهلة لتقديم الخبر بالصورة والكلمة، وبالنسبة لي، السمندل هي قناة لتظهر ما يحدث في العالم العربي، لذلك هذه الجائزة ستجعلنا نواكب ونسلط الضوء على أعمال الفنانين الذين نشروا في السمندل، كل ما فعلناه هو تراكم لتجارب لا بد أن تكون متاحة لآخرين ليتعلموا منها وربما يكونون أقوى منا فنيا، لنخلق سوقا للكوميكس، فهذه هي الخطوة الأولى لكي نستطيع أن نخلق مساحة للكوميكس العربي في السوق الدولية.

(*) نعلم أن هناك جمهورا خاصا لفن الكوميكس لكنّ هناك اهتماماً أكبر بهذا الفن في الغرب من الاهتمام هنا في العالم العربي، لماذا برأيك؟
إن الكوميكس في التقليد الغربي موجود في فرنسا وبلجيكا واليابان وأميركا، والسوق هناك كبيرة جدا، وعندما ينجح كتاب ما يطبع منه أحياناً مليون نسخة، والناس تقرأ وتشتري الكوميكس، إنه نوع من الفخر الثقافي تبني عليه السوق الألعاب والبرامج الإلكترونية والأفلام.
لكن الاهتمام بهذا النوع من الأدب ضئيل في البلدان العربية والسوق شبه عاطلة. لن تجد

الكوميكس إلا في حال البحث المضني عنه. أحمّل المسؤولية للناس الذين يعملون في مجال الكتب، وكوني فنانة وأعمل في الكتب، فأنا أوجه هذا النقد لذاتي أيضا، هناك تقصير دائما، ولا نستطيع أن نفعل كل شيء، فقد أجبرنا على أن نفكر بكل شيء في نفس الوقت، ماذا نخبر وماذا نطبع ومن نواجه وكيف نطبع وكيف نوزع للسوق وكيف نتعامل مع تعدد اللغات وكيف نصارع لترويج الكتاب، كوننا أصحاب مشاريع جديدة تبدأ بلا تجارب مسبقة؟ من تجربتي، الصورة ليست مُقدّرة والتركيز يبقى على النص، ورأينا ذلك في قصص الأطفال، حيث لم يعط الناشر في لبنان أهمية للرسامين، وأخذ ذلك حوالي عشر سنوات حتى أدركت دور النشر أهمية الفنان في التأليف. أما الآن فالمواجهة اليوم هي لثقافة الكوميكس واعتباره أدباً ويجب التوعية في المدارس بأن الكوميكس نوع مهم من الأدب، وأن الكوميكس يحبه الشباب والكبار، وقراء الكوميكس عديدون والمعنيون في البلدان العربية عديدون أيضا، فمثلا عدد الشباب الذين يقرأون بالعربية هو 160 مليون شخص.

فن قادم من ضرورة القول والإظهار
(*) يقول الشاعر ريلكه إن العمل الفني تنجبه الضرورة، لماذا نحتاج الكوميكس في العالم العربي اليوم؟

الكوميكس هو صورة وكلمة، وقصة من خلال الصورة والكلمة، نستخدم اليوم الصورة والكلمة طوال الوقت، بهواتفنا الذكية. كي نصنع الكوميكس لا نحتاج إلا لورقة وقلم، لذلك هو موضوع قريب من الناس، يستطيع أي شخص أن يصنع الكوميكس إذا كانت هناك فكرة ليرسمها، وهو موضوع يشارك فيه القارئ الذي يخلق المعنى من تداخل الصورة والتسلسل مع النص. إنه فن قادم من ضرورة القول والإظهار. هو فن يركز على العفوية والبساطة ونقل المعلومات بسرعة. في منطقة مليئة بالقصص مثل منطقتنا، ومع ضرورة إخبار القصص التي تحصل مع الثورات والحروب والانهيارات الاقتصادية والتهميش والانتهاكات الحكومية والدولية، ومع السوشال ميديا لا يمكن أن نتجنّب الأخبار بالصورة والكلمة.

(*) يتأثر فن الكوميكس بالأحداث السياسية والاجتماعية في المجتمع، هل قدم فن الكوميكس شيئا جديدا في أثناء أحداث الربيع العربي؟
طبعا، قدم الكثير، هناك فنانون اشتغلوا على هذه المواضيع، هناك الفنان التونسي عثمان سلمي الذي رسم محمد بوعزيزي على ثلاث صفحات بدون كلام لينقل قصته الحزينة بالبرتقالي

والأحمر كأنها رمز لشعلة الثورة، وهناك أيضا رسامو الكوميكس في سورية الذين رسموا "قصصاً لأجل الثورة السورية" وصوّروا الاتهامات لحقوق الإنسان. أما في مصر فبدأ الكوميكس مع كتاب "مترو" عام 2006، وهو كتاب ثوري منع في مصر ويتحدث عن بؤس الشباب المصري في وجه انتهاكات الدولة.

(*) إلى أي مدى تأثر الكوميكس بالفنون التشكيلية؟ وهل شكل هويته الخاصة بعيداً عن الفنون التشكيلية؟
الكوميكس يستعين بالفن التشكيلي، لأنه يتضمن العملية ذاتها في التفكير بكيفية الرسم والتلوين واستعمال الرموز والخط والتجريد. ولكنه يستعين أيضا بالفن القصصي والتصميم الغرافيكي والأفلام. فصناعة الكوميكس تتطلب قصة مصورة وتركيب شكل تسلسل الصور والنص على الصفحة. التعبير عن كآبة ما أو ابتهاج ما في الكوميكس غير موجود فقط بالصورة أو فقط بالنص ولكن أيضا بدمجهم وبتسلسلهم وبالصورة الأوسع على الصفحة.

السمندل تطمح لجعل الكوميكس مهنة
(*) تعتبر السمندل من أبرز مجلات الكوميكس في العالم العربي، فما هو طموحها الأساسي؟
طموح السمندل هو أن ننشر الكوميكس الجميل، وأن نصنع من الكوميكس مهنة، وأن يكون لنا قراء كثر في العالم العربي، وأن تكون هناك بنية إدارية للسمندل أستطيع بها أن أتفرّغ للتحرير والصناعة وهذه أمنيتي.

(*) تتنوع أعمالك بين رسم قصص الأطفال والكوميكس. وصار لك أسلوبك وطريقتك الخاصة فيهما، أين تجدين نفسك أكثر؟
أشعر أني أقترب من الهدف، وهو الجمع بين قصص الأطفال والكوميكس، وأن أصنع وأنشر كوميكس للأطفال، فأنا أجد نفسي هنا أكثر. وقد رسمت ثلاثة كتب إلى اليوم، وهي تتجه أكثر للناشئة وليس للأطفال. وقد قدمت مشروعا للسمندل لننشر كوميكس للأطفال، وهذه مفاجأة ننتظرها بشغف.