Print
أوس يعقوب

موسى بيدج: الترجمة الأدبيّة تأسيس لنتاج جديد..

10 يوليه 2020
حوارات

يأخذ الدكتور موسى بيدج القارئ العربيّ في حواره هذا إلى عوالم رحلته الإبداعيّة مع الأدب والشعر والترجمة من الأدب الفارسيّ إلى العربيّة، وبالعكس.
ضيفنا صاحب "أجنحة لِلهبوط"، شاعر، وقاصّ، ومترجم إيرانيّ كرديّ، من مواليد عام 1956. حاصل على شهادة ماجستير في الترجمة، ودكتوراة في الأدب.
في رصيده من المؤلّفات حتى الآن، خمس مجموعات شعريّة؛ ثلاث منها باللغة الفارسيّة، ومجموعتان بالعربيّة. كما صدرت له في القصّة ثلاث مجموعات.
وله في الترجمة من الأدب العربيّ الحديث إلى الفارسيّة أكثر من ثلاثين كتابًا، شعرًا ونثرًا، من بينها أعمال لأدونيس، ومحمد الماغوط، ونزار قباني، وغادة السمان، ومحمود درويش، وعز الدين المناصرة، وغيرهم. ومن الأدب الإيرانيّ الحديث إلى لغة الضاد نحو أربعة عشر كتابًا، بين شعر ونثر. إضافة إلى المقالات البحثيّة في الأدبين العربيّ والإيرانيّ.
هنا نصّ الحوار:



(*) بداية، أسألك كيف جُذبت إلى اللغة العربيّة، وتعايشت فيها؟ وكيف بدأ مشوارك مع هذه اللغة وحقل الترجمة؟ وما هو أوّل عمل قمت بترجمته؟
هذا السؤال يدخلني في متاهة تاريخ لا حاجة لنا فيه لضيق مساحة الحوار. لكن هناك إشارة لا بدّ منها، وهي أنّني جغرافيًا أنتمي إلى منطقة تتوزع بين إيران والعراق يسمى أناسها بـ"الأكراد الفيلية". أناس لا يؤمنون بالحدود المصطنعة، ويتعاطون لغة واحدة، يتعايشون، ويتزاوجون، ويدفنون موتاهم في مقابر مشتركة، لكلّ قبر منها شجرة بلوط تنشر ظلالها دون التفريق بمن يستظل بها. لكن ليكن السؤال هكذا: كيف بدأت أدبيًّا مع اللغة العربيّة. هذه نقطة الانطلاق. عندما كنت يافعًا، وبدأت خيوط روحي تهتز مع كائن حيّ اسمه الأدب (شعرًا ونثرًا)، وبدأت أكتب وأشطب خربشات تأخذني الظنون بأنّني سأحل مشاكل العالم بكلماتي، أوصاني أحد أساتذتي في المدرسة بأن أقرأ كلّ ما كتب وخلده التاريخ من كتب قيمة، وأستثمره لكتابة جديدة. بمعنى قراءة كلّ ما كتبه الشعراء والكتَّاب، أمثال حافظ، وسعدي، وجلال الدين الرومي، والفردوسي، والخيام، ومئات آخرين. وأضاف لي كي تكون قارئًا جيدًا، فكثير من الكتب التي ستمر عليك كتبت إمّا بالعربيّة مباشرة، وإمّا طعمت بلغة العرب، فعليك أن تتزود ببعض معانيها كي لا تكون غريبًا في ديارها. هذه كانت بدايتي. طبعًا أكاديميًا واصلت دراساتي العليا في فرع الأدب العربيّ.
عندما احترفت الكتابة، وبدأت أنشر ما تيسر لي من نصوص أدبيّة، تابعت كلّ ما ينتج من أدب في البلاد العربيّة، وفكرت أن أنقل بعض تلك النصوص إلى الفارسيّة كي يستمتع بقراءتها أقراني الذي لا يجيدون تلك اللغة. وهكذا بدأت بنشر ترجماتي في الصحافة الثقافيّة في طهران أوّلًا، وبعد ذلك شرعت بترجمة الكتب، وكان أوّل كتاب لي نقلته من العربيّة إلى الفارسيّة هو "في الأدب الصهيوني"، للكاتب الفلسطينيّ الشهيد، غسان كنفاني.


(*) ترجمت نحو أربعة عشر كتابًا من الأدب الفارسيّ إلى اللغة العربيّة، (نشرت في الكويت، ولبنان، والجزائر، وأخيرًا في مصر)، إضافة إلى أكثر من ثلاثين كتابًا من الأدب العربيّ إلى الفارسيّة، توزعت بين النثر والشعر. سؤالي: كيف اخترت هذه الروايات؟ هل هناك معايير محدّدة تضعها عند الاختيار اعتمادًا على نهج محدد، أم على حسب ما تهوى؟
هنالك أسباب عدة لاختيار موضوع، أو قل كتاب ما، للترجمة. قبل كلّ شيء، السؤال المطروح هو ماذا نريد من الترجمة؟ هنالك نقطتان، أوّلًا: نتعرف من خلال الترجمة إلى الآخر. ثانيًا: نبحث في ما يكتبه الآخر عن مشتركات مع أفكارنا.
في اختياري للموضوع، أسأل نفسي هل أحببته، وهل تراه مفيدًا للتعميم؟ وهل الموضوع يقبل الترجمة، ولا يخسر كثيرًا عند نقله الى لغة أخرى؟ بعد كلّ هذا، أو تزامنًا معه، لا أغفل عن أجواء المتلقّي، وما يحتاجه القارئ. مثلًا، في ثمانينيات القرن المنصرم، كانت أجواء بلادنا

مشحونة بالمقاومة، وكنت أقرأ القصائد الفلسطينيّة المسلّحة والمكسوة بالجمال في آنٍ واحد، فارتأيت أن أترجم منها، فترجمت العشرات من القصائد.
في التسعينيات، بعد انتهاء الحرب على الجبهات بين العراق وإيران، بدأت فترة الإعمار، وبدأت معها حرب الشرائح الاجتماعيّة المتباينة، ولا ننسى أنّ المبدع ابن زمانه، فاستفحل التوجه إلى قصائد تبحث في موضوعات تتعلق بالجدل القائم بين الفقر والغنى، والخوض في غمار بحار من آمال وآلام المجتمع المدني الخارج من أتون الحرب توًا. آنذاك، وعلى بوابة الألفية الجديدة، ومرور عقدين أرهقت سنواتها أرواح الناس، هرع القارئ إلى آداب تروي الظمأ العاطفي المثقل بالمعاناة، فأصبحت كتابات جبران خليل جبران الشفيفة، و"كارلوس كاستاندا"، و"أوشو"، والقصائد التي يندفع نحوها القارئ هي تلك التي تحاكي الوجدان، وتتحدث عن الذات البشريّة الهائمة في البراري كما شياه ضائعة تبحث عن راعيها. وراح (القارئ الإيرانيّ) ينقب عن قصائد الحب. أقف هنا لأقول لك إنّني لم أغفل كلّ هذه السنين في اختياري لترجمات ليس فقط مما تتطلع إليه النخبة، وإنما لتلك التي تهفو إليها الشرائح العامة أيضًا. فهنالك من يختار قصائد نزار قباني في الحب، وهناك من يرشح أدونيس وفلسفته، أو من يعقد خيوط قلبه على ما كتبه الماغوط عن المجتمع منتقدًا له.


الترجمة الأدبيّة تأسيس لنتاج جديد..
(*) أنت شاعر وقاصّ ومترجم. كيف هي العلاقة بين الشاعر والسارد والمترجم في داخلك؟ وماذا أضاف لك الانفتاح على ترجمة الأدب العربيّ المعاصر؟
هذه عناوين مختلفة لمعنى وموضوع واحد تريد من خلاله أن توصل كلمة مضيئة لقارئ ما يأخذ بيدها لتشاركه أفراحه وأتراحه. فإذا كان الأساس مشترك، وهو هنا الكلمة، إذًا لا أظن أن مشكلة ستحدث.
بالنسبة لي، هنالك حوار مدني عميق بين ما أكتب، شعرًا وسردًا وترجمة، كلّ يستل نصيبه من الوقت كي يخرج ما في جعبته من كلمات.

ديوان "البدوي الأحمر" لمحمد الماغوط  بالفارسية، وديوان "أعزف قلبي في مزمار خشبي" لفروغ فرخ زاد من ترجمة موسى بيدج          

أمّا بالنسبة للترجمة، فهنالك ملاحظة هامة، وهي كما قيل قديمًا: "إنّ من يجيد أكثر من لغة فهو أكثر من شخص واحد!" لماذا؟ لأن اللغة الثانية تضيف إلى ثقافته بعدًا آخر. لا أريد أن أقول لك إنّني ذو أبعاد! ولكن، بصراحة، اللغة الأخرى مكنتني من أن أحمل في زوادتي معلومات ثقافيّة وجماليّة لا يحملها كثير من أقراني الذين لا يجيدون سوى لغة واحدة.


(*) لكلّ كاتب ومترجم مشروع إبداعيّ يعمل عليه، فأيّ مشروع تتّخذه ضمن انشغالاتك بترجمة الأدب الفارسيّ إلى العربيّة، وبالعكس؟
أكيد! هنالك مشروع وطرح يراد منه الإفادة العامة، بالنسبة لعمل الترجمة، فأنا حين اكتملت أدواتي نسبيًا، أصبحت متمكنًا من أن أكون همزة وصل صغيرة لأدبي ضفتين طالما كانتا في أخذ وعطاء. لقد توصلت منذ فترة إلى نتيجة أن أركز اهتمامي على الأدب الحديث (الإيرانيّ والعربيّ)، لأنّ الأدب القديم الذي هو الأب الروحي للأدب الحديث، كان قد ترجم نسبيًا. فهنالك

أقلام دعمت وخدمت الأدب الفارسيّ في البلاد العربيّة، وبلا شكّ الرائدة فيه هي مصر. طبعًا، هنالك بلدان أخرى ساهمت في هذا التقارب الثقافيّ، ولها حديث آخر.
أعود إليك لأقول إنّ مشروعي يُختصر في أنّني أروم إلى التعريف بالأدب الحديث لكلا الطرفين، من خلال الترجمة شعرًا ونثرًا. هذا ما عملت عليه خلال عقود خلت، فلو كانت الأرقام تحكي لقالت: إنّني ترجمت لأكثر من مئتي شاعر عربيّ حديث إلى الفارسيّة، بعضهم بقصيدة واحدة، أو بكتاب، أو أكثر. وكمثال، جبران خليل جبران له ثلاثة كتب بقلمي، ولكلّ من محمد الماغوط، ومحمود درويش، كتابان.
في المقابل، ترجمت من الفارسيّة إلى العربيّة لأكثر من مئتي شاعر، وأنت ذكرت في سؤال سابق البلدان التي طبعت فيها.


(*) من خلال تجربتك، ما هي أصعب التحدّيات التي تواجه مترجم الأدب العربيّ إلى الفارسيّة؟ وكيف هو السبيل إلى الحفاظ على جماليّات النصّ، وتجنب الوقوع في فخ ما يطلق عليه "خيانة النص"؟
الحديث عن "خيانة النص" في رأيي "دقة قديمة"! الخيانة لا تدل إلّا على الشر، ولكن في الترجمة خير لا یوصف. طبعًا، إذا كان ما ينقل يستحقّ أن نسمّيه ترجمة. بالمناسبة، إحدى الروايات تقول: إن "كلمة الترجمة، وترجمان، هي مفردة فارسيّة معربة، أصلها (ترزبان)، أو الشخص اللبق في الكلام".
التحدّي الأوّل والأخير في الترجمة يعود إلى ذات المترجم، وإشرافه على اللغتين والثقافتين

والنصّ والموضوع الذي هو فيه. ففي الحقيقة الترجمة الأدبيّة هي ليست نقل نتاج من لغة إلى أخرى، إنما هي تأسيس لنتاج جديد بمواد مستلة من ذلك النتاج الأوّل. أكبر دليل على ذلك أنّنا لو أخذنا قصيدة، أو قصّة، ونقلناها إلى لغة أخرى، وأعدنا نقلها إلى اللغة الأولى، سنرى الفارق بينها، بمعنى أنّها تفقد شيئًا من مبناها، وتبقى على معناها. نسمع كثيرًا أنّ القصيدة لا تترجم! ولكننا نستمتع بقراءة شعراء العالم بلغتها المترجمة. أعود لأختصر، أنّ هنالك كثيرًا من السدود أمام نقل القصيدة، والشيء الوحيد الذي يجب أن أضيفه هو أنّ القصيدة إذا كانت جسدًا فالجسد ممكن أن يفسد عند نقله من مكان إلى آخر، ولكن إذا كانت فيها روح، فالروح تنتقل وتستمر في العيش في بيئتها الجديدة.


الماغوط الأقرب إليّ..
(*) هل توافق الرأي القائل إنّ على المترجم أن يكون متسلّحًا بقواعد اللغة وتراكيبها ولهجاتها؟ وبالتالي هل أنت كذلك؟
وهل يعقل أن أخالف هذه البديهة؟ إن لم يكن متسلّحًا، وإن لم يضع سبابته على الزناد، كيف

يتمكن من الدخول في معركة الترجمة؟ ليس هذا فقط، وإنما يجب عليه أن يحمل زادًا ثقافيًّا يمكنه من استيعاب أكبر حجم من فولكلور تلك اللغة، وخطوط ثقافتها الخاصّة والعامّة، وكيف يفكر صاحب تلك اللغة، وكيف يستخدم عباراته واقعًا ومجازًا. تسألني هل أنا كذلك؟ وهل يحقّ لشخص يدعي أنّه أقوى رجل في العالم؟! كلّ ما في الأمر أنّني أحاول.. وبما أن عددًا من المترجمين يطلبون مساعدتي في بعض ما يستعصي عليهم في الترجمة، أظن أنّ هذا الأمر ينبئ بأنّ محاولاتي رافقتها السلامة بعض شيء.


(*) ترجمت لعدد هام من الشعراء العرب، أيّ من هؤلاء الشعراء أقرب إلى قلبك؟ وما هي أقرب النصوص الشعريّة التي ترجمتها إليك؟
أوّلًا، من عادتي أن أبحث عما قيل، وليس من قال. إذًا، القول أقرب إلي من القائل. مع هذا، هنالك من يقتربون مني بنصوص أكثر، أوّلهم محمد الماغوط، الذي ترجمت له "الفرح ليس مهنتي"، و"البدوي الأحمر". ولكن إذا سألتني أيّ ترجمة صاحبها النجاح من جهة القارئ أكثر، سأجيبك أنّه كتاب مختارات لنزار قباني بعنوان "بلقيس وقصائد حب أخرى"، الذي ينتظر الطبعة العاشرة. مع هذا، فروحي تشترك مع قصائد لكثير من الشعراء، والقصيدة الجميلة هي ضالة المترجم!



(*) من منظورك، ما هي المشتركات بين الأدبين الفارسيّ والعربيّ؟ وما هو المطلوب لتكون هذه المشتركات أفضل مما هي عليه الآن؟
بينهما كثير من المشتركات، تبدأ باللغة، فهنالك من يؤكد أن 40 أو 50 في المئة من مفردات اللغة الفارسيّة هي كلمات عربيّة. بحور الشعر لدينا هي نفس بحور الخليل بن أحمد. ولو تصفحنا كتبًا ألّفها الإيرانيّون في القرن الرابع والخامس والسادس الهجري باللغة العربيّة مثل "يتيمة الدهر"، للثعالبي، و"دمية القصر وعصرة أهل العصر"، للباخرزي، و"خريدة القصر

وجريدة العصر"، لعماد الدين الكاتب الأصفهاني، سنعثر على أكثر من مئتي شاعر إيرانيّ كتبوا قصائدهم بالعربيّة، كما أن شعراءنا الكبار لهم قصائد كثيرة كتبت بالعربيّة. ولا شكّ أنك اطلعت على "القاموس المحيط"، للفيروز آبادي، و"كتاب النحو" لسيبويه، وآثار ابن المقفع، وإذا اختطفنا نظرة من "فهرست ابن النديم"، لرأينا أسماء المترجمين الذين نقلوا أسفار وقراطيس من الفارسيّة، واللغة البهلويّة، إلى العربيّة.
طبعًا، مشتركاتنا تبدأ من اللغة، ولا تنتهي بها، فهنالك تطلعات وأفكار ورؤى وآلام وآمال مشتركة يطمح الأدب أن يكسوها جلباب الأمل والشفاء.



(*) هل الترجمات من الإنكليزية، أو الفرنسية، أو الإسبانية، لها وقع أكبر من ترجمات الأدب العربيّ لدى القارئ الإيرانيّ، ولماذا؟
نعم، صحيح، وهذا أمر طبيعي إلى حدٍّ ما. فهل في العالم العربيّ الترجمة من الفارسيّة على المستوى نفسه للترجمات العالمية؟ أبدًا! تسأل عن أسباب هذا الضمور؟ اللغات العالمية استطاعت أن تنشر آدابها من خلال تثبيت مكانتها وجدارتها في إدارة شؤونها.
بلادنا، وأنا لا أريد الانتقاص منها، لها انشغالات أهم، مثل ترشيد اقتصادها، وترميم قدراتها الدفاعية، وغير ذلك، مما يعتبره أصحاب القرار أكثر أهمية من الثقافة والفنون. بالنسبة لترجمة الأدب العربيّ إلى الفارسيّة، أستطيع القول: إن الوضع قد تحسن كثيرًا، فقبل ثلاثة عقود كان مترجمو الأدب العربيّ يعدون على أصابع اليد، ولكن الآن هذا العدد ازداد أضعافًا. ويجب أن نعترف أنّه في السنوات الأخيرة أثر الحصار الاقتصادي المفروض على بلدنا على مجمل الحركة والنشاط الثقافيّ، ودور النشر ليست في معزل عن ذلك.



الأدب هوية الشعوب..

مختارات من الشعر الإيراني الحديث، ومجموعة شعرية للشاعر  موسى بيدج         

(*) ماذا عن إقبال القراء الإيرانيّين على الأعمال العربيّة الأدبيّة التي تمّ نقلها إلى الفارسيّة في العقدين الأخيرين؟
كما قلت سابقًا، حالة الحصار أثّرت سلبًا على كافة قطاعات الحياة في إيران، ومن ضمنها

الفعاليّات الثقافيّة. مع هذا، فنظرة واحدة تكفي أن تقول لنا إنّ العقدين الأخيرين شهدا تطورًا كبيرًا في مجال ترجمة الأدب العربيّ إلى الفارسيّة، شعرًا وسردًا. فهنالك الروايات التي حصلت على جوائز هامة، كـ"جائزة البوكر العربيّة"، وغيرها من جوائز، تمّ ترجمة بعضها إلى جانب نتاج كبار الكتَّاب، أمثال نجيب محفوظ، وغسّان كنفاني، ومحمد شكري، وآخرين.
أمّا بالنسبة للشعر، فقد تعرف القراء المهتمون بالشعر العربيّ على أسماء أمثال نزار قباني، ومحمد الماغوط، وأدونيس، وغادة السمان، ومحمود درويش، وسميح القاسم، وعز الدين المناصرة، وسعاد الصباح، وآخرين في مقدّمتهم جبران خليل جبران، الذي ترجم من العربيّة والإنكليزيّة. وهنا أفتح قوسًا لأضيف أن دور النشر تحتاط في نشر نتاج أسماء غير تلك المعروفة في الأوساط الثقافيّة، فمثلًا عندما يعرض مترجم ما كتابًا لفلان، يجيبه الناشر أعطني بدلًا منه أشعارًا لنزار قباني، فهو مطلوب أكثر.


(*) إلى أيّ مدى تؤمن أنّ الترجمة تشكّل حجر الزاوية في التواصل بين الثقافات؟
للترجمة دور مهم في التقارب والتقريب بين الثقافات والأمم، فالأدب هو هوية الشعوب، ومن خلاله نتعرف على كثير من توجهات ورؤى وطموحات أصحاب اللغة. وبما أنّ الأدب، عادةً، ينتصر للقيم الإنسانية، فترجمته يتسنى لها أن تنقل تجارب أمة إلى أخرى، وهذا أمر لا نشكّك في فائدته.


(*) انطلاقًا من تجربتك، إلى أيّ مدى يمكن للأدب أن يصلح ما تفسده السياسة؟ وهل يمكن التخفيف من التوتر القائم بين طهران وكثير من العواصم العربيّة، عبر خلق بيئة أدبيّة خصبة مشتركة بين الطرفين؟
الأدب يقوم بواجبه في زيادة الوعي من جهة، وفي تلطيف أجواء الخلافات من جهة ثانية. وعلى الساسة أن يأخذوا هذا في عين الاعتبار، لأن الذي يتبع الأدب الأصيل الذي يحمل صفات النقاء والشفافية والمحبة لا يخسر.
هذا ما يرومه الأدباء الأبرار، لكن هل السياسة تضع الأدب ضمن اعتباراتها؟ إنّ هذا الأمر غير شائع، ونادر في منطقتنا. ومع هذا، فالأديب الإنسان ينتج أدبًا رفيعًا، ويحاول أن يصنع من عذابات العالم أملًا. ورحم الله امرءًا يسمع القول ويتبع أحسنه.


(*) أخيرًا، ما هي الأعمال العربيّة التي ترغب في ترجمتها في المستقبل القريب؟ وهل هناك في الطريق عمل مترجم لك؟
طبعًا، لديّ رغبة في ترجمة كلّ ما هو جميل ومفيد إلى جانب إبداعيّ الذاتي.

بالنسبة للترجمة حاليًا لديّ بعض الأعمال التي تحتاج إلى لمسات أخيرة، مثل مختارات لـ "نيما يوشيج" (أبو الشعر الإيرانيّ الحديث)، ومختارات قصصيّة لزكريا تامر، وبعض الأعمال الأخرى التي تحتاج إلى مراجعة. لكن الذي سيصدر في القريب هو مجموعتي القصصيّة الرابعة (بالفارسيّة)، وكما تعرف فقد صدر لي في الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عن دار أروقة للنشر "مختارات شعريّة لشعراء إيرانيّين"، وكتاب آخر هو مجموعتي الشعريّة الموسومة بـ"رجل لا يصلح للحب".