Print
ضفة ثالثة ـ خاص

خافيير ثيركاس: الكاتب الذي لا يجازف مجرّد ناسخ!

26 مارس 2021
حوارات

نشر خافيير ثيركاس مؤخرًا روايته "استقلال"، وهي الرواية الثانية من بطولة الشرطي، مِلشور مارين. ومع ذلك، تبقى الأعمال الأكثر شهرة لهذا الكاتب الكتالوني من أصل إكستريمادورا (إيباهيرناندو، 1958)، هي رواياته غير الخيالية، وخاصةً روايتيه المعروفتين "جنود سالامينا"، و"تشريح لحظة"، لكن روايته ما قبل الأخيرة "أرض مرتفعة"، التي فاز بها بجائزة بلانيتا المرموقة في عام 2019، وباع حقوق تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، كانت أول غزوة له إلى أرض الرواية السوداء، وشكل هذا تغييرًا جوهريًا بالنسبة لمساره الروائي. بينما في "استقلال" هو يواصل التوغل في هذا الاختيار الجديد. كما أنه، في الواقع، يعدُّ أن الروايتين السابقتين، إلى جانب روايتين أخريين قادمتين، يمكن اعتبارهما "جزءًا من كتاب واحد" لم ينته بعد من كتابته، على الرغم من أنه يشير إلى أن هذا الإصدار الجديد يجب أن يقرأ بشكل مستقل.
لا شك أن هذا الكاتب الذي ينتقد بشدة الانجراف القومي في كتالونيا قد وضع لكتابه الأخير عنوانًا مستفزًا. وعلى الرغم من أن الدافع وراء المؤامرة هو في الواقع ابتزاز رئيس بلدية برشلونة (واليس أدا كولاو) بمقطع فيديو حميمي، إلا أن الرواية يمكن اعتبارها تشريحًا عميقًا لآليات السلطة التي تعمل ضمنها النخبة الاقتصادية والسياسية الكتالونية، إضافة إلى وقائع ما حدث مع "مسلسل" الانفصال في السنوات الأخيرة. ويقدم ثيركاس هذه الرواية على أنها "صرخة غاضبة ضد طغيان أصحاب المال وأسياد العالم".
هنا ترجمة لآخر حوار مع هذا الكاتب المثير للجدل:

خافيير ثيركاس يحمل كتابه الجديد "استقلال" أثناء تقديمه في برشلونة (3/ 3/ 2021/فرانس برس)


كروائي أفجر كل ما لديّ من غضب وألم
(*) أنت لم تُعرف يومًا كشخص غاضب. من أين أتى هذا الغضب ضد النخبة؟ هل نحن أمام ثيركاس جديد؟
لقد قلت، سابقًا، إنّني خافيير ثيركاس جديد، مع رواية "أرض مرتفعة". ربما لم يأخذ الناس ذلك على محمل الجدّ، لكنها الحقيقة. من أين أتى هذا الغضب؟ كان دائمًا في داخلي. أحاول كشخص عادي أن أكون متزنًا بشكل عقلاني، لكن كروائي يكتب روايات خيالية، أفجر كل ما لديّ من غضب وألم. ولهذا السبب يصلح الأدب. كما يقول جورج باتاي: "الأدب هو تعبير عن الجزء الملعون فينا". إن الكشف عن ذلك بدقة يسمح لي بأن أصير شخصًا عاقلًا، لا يضطرّ إلى حرق حاويات القمامة في الشارع. لكن إذا أطلقت العنان لنفسي، فإنّ حرق الحاويات سيكون مزحة مقارنة بما يمكنني فعله. لذلك، فالشخص الغاضب يعيش في داخلي، وكان موجودًا دائمًا. ولست وحدي على هذه الحال، أنت أيضًا، وكلّ شخص آخر، لأننا جميعًا نحمل هذا الغضب في داخلنا.



(*) كثيرًا ما يُقال إن الرواية السوداء هي أفضل نوع لممارسة النقد الاجتماعي، بما فيه الأوضاع الحالية، وانتقاد أداء رجال السلطة والمال. هل أردت التحدث عن كل هذا حين قرَّرت أن تبدأ دورة سردية جديدة مع "أرض مرتفعة"؟
لا، كان العكس تمامًا. لم أخطّط أبدًا لكتابة رواية سوداء. في الواقع، لا أعرف ما إذا كانت هذه رواية سوداء، على الرغم من وجود أشخاص يقرؤونها بهذه الطريقة. قال بورخيس مرة "إنّ جميع الروايات هي روايات بوليسية". لنبدأ بهذه القاعدة. في كلّ رواياتي، وفي كلّ الروايات التي أحبّ، ثمّة أحجية وشخص يحاول حلها. إنها في الأساس مهمّة الشرطة، وهذا صحيح. لهذا نجد في هذه الرواية ضابط شرطة وقضية ابتزاز جنسي، وفي الرواية السابقة قضية قتل. لكن هذا لم يميّزها عن روايتيّ "جنود سلامينا"، أو "تشريح لحظة"، حيث كان هناك دائمًا شخص ما عليه حل اللّغز. وبالطبع، بما أنّ الناس يفكرون بنيّة سيئة على العموم، اعتقدوا أنّني كتبت "أرض مرتفعة" فقط للفوز بجائزة بلانيتا. لكن العكس تمامًا هو ما حصل.

عندما كتبت "العاهل في الظلال"، شعرت كأنني أنهيت شيئًا كنت قد بدأته في "جنود سالامينا". لقد كان كتابًا مهمًا جدًا بالنسبة لي، لأسباب شخصية، وشعرت أنه لا ينبغي لي الاستمرار في المسار نفسه بعد أن وصل إلى نهايته. لو بقيت على النهج نفسه، كنت سأواجه أسوأ خطر يتعرض لكاتب: أن أكرّر نفسي، أو أصبح مقلِّدًا لما أنجزت. وعلى الرغم من وجود كتّاب يطلقون على أنفسهم اسم الطليعيين، أو التجريبيين، يكرّرون الصيغة نفسها دائمًا، فإنّني لا أفهم مما تتشكّل هذه التجريبية، أو الطليعية. يبدو الأمر كما لو أنّ دوشامب قد رسم شارب الموناليزا عشرين مرة. بهذا المعنى، فقد مثلت رواية "أرض مرتفعة" تغييرًا وتجديدًا.
رواية "استقلال" كتاب مستقل، يمكن أن يقرأ بشكل منفرد، ويفهم كاملًا، ولا حرج في ذلك إطلاقًا، ولكنه أيضًا جزء من مشروع أكبر. هذا المشروع رواية مقسَّمة إلى أجزاء، وهي ما زالت قيد الكتابة. إنها تجربة لم أخضها سابقًا، وجوهر هذه التجربة هو قضية لم أتطرّق إليها من قبل: العدالة. السؤال المركزي للكتاب (في "استقلال"، و"أرض مرتفعة"، وأعتقد أنه سيكون بالنسبة للمشروع بأكمله) هو: هل الانتقام مشروع عندما لا تنصفنا العدالة؟ بالطبع، سيكون ردُّنا كمواطنين يحاولون أن يكونوا عقلانيين هو لا، لكن في رأيي ما يفعله الأدب هو التشكيك في يقيننا، يخرجنا من دوائرنا، ويجبرنا على التعاطف مع أشياء لم نتعاطف أبدًا معها. تقرأ مسرحية "ريتشارد الثالث"، حيث يواجهك أعظم وحش في الأدب العالمي، وفجأة تشعر أنك تقف إلى جانبه. تقرأ "الجريمة والعقاب" فتضطرُّ للتعاطف مع قاتل امرأة عجوز فقيرة. هذا الخروج من الدوائر المحدَّدة هو الطريق لمعرفة الأدب. لهذا السبب أنا متأكد (على عكس ما كنت أؤمن به عندما كنت شابًا سعيدًا وغير مطلع، يطمح لأن يكون كاتبًا ما بعد حداثيًا) من أنّ الأدب مفيد، طالما أنّه لا يقترح هذه الإفادة. إذا فكّرتَ فيه من هذه الزاوية، سيصبح الأدب بروباغاندا، أو بيداغوجيا، ولن يعود مفيدًا. سيتوقف عن كونه أدبًا جيّدًا.



(*) هل تعمَّدت في عنوانك "استقلال" الاستفزاز؟
كانت هنالك دوافع كثيرة وراء هذا القرار. في البداية، اخترت عنوان "استقلال" حتى يسألني الجميع عنه. والسبب الثاني، أنّني أحب هذه الكلمة، وأجد أنه من المدهش ألا يستخدمها أحد من قبل في عنوان رواية، وأشكر كلّ من سبقوني لذلك. ثالثًا، أحبّ تعدُّد المعاني، أجده أمرًا رائعًا. يفكر الناس في العنوان من منظور سياسي، ولكن في الواقع هنالك العديد من أنواع "الاستقلال": الأخلاقي، المعنوي، المادي، الاقتصادي...أنا أحبّ مثل هذه العناوين الغامضة والمضلّلة، لأنّها مفتوحة على العديد من التفسيرات. إذ لا يوجد الأدب من دون الغموض. لكن لماذا، في العمق، انتهى بي المطاف إلى تسمية الرواية بهذا العنوان؟ لأنه إذا كان عليّ تلخيص هذا الكتاب، فسأخبرك أنه يحكي قصة رجل يدعى ريكي راميريز، وهو النظير الأمثل لملشور مارين، الذي يسعى إلى استقلاله المالي بطريقة خاطئة. قال له والده: "سلِّح نفسك مع الأخيار". وهذا أيضًا، بالمناسبة، ما تقوله والدته لازاريلو دي تورميس. وإنريكي راميريز، اتباعًا لنصيحة والده، سيختلط بالأغنياء والأقوياء، وهم سيفعلون به ما تفعله النخب دائمًا: سيستخدمونه لأغراضهم الشريرة، ثم يتخلصون منه مثل ورق التواليت. هذه استعارة مثالية لما حدث في كتالونيا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما جاء على لسان إحدى الشخصيات أيضًا.

في عام 2012، كنا جميعًا في أزمة رهيبة وشرسة عندما بدأ ما يسمى "المسلسل" (مشروع الانفصال عن إسبانيا)، الذي اتّخذت منه بعض النخب الاقتصادية، المتجذرة في السلطة لأكثر من قرن، وسيلة للضغط على حكومة مدريد تحقيقًا لأغراضها، وحتى يخلو لها المجال في أفضل حال ممكنة. وكيف فعلَت ذلك؟ كما تفعل النخب دائمًا منذ أن أصبح العالم عالمًا: إخراج الناس إلى الشوارع وشحنهم باليوتوبيا المتاحة، أي "إنشاء دولة رائعة بانفصالنا عن هؤلاء الإسبان الذين يسرقوننا". المشكلة هي أنّ الناس صدقوهم. والمشكلة الآن هي أن الناس لا يريدون العودة إلى ديارهم. والآن صارت النخبة خائفة من هؤلاء. إنّ الحقيقة تخلق نساء ورجالا أحرارًا، بينما الكذب يخلق عبيدًا. هذا هو السبب في أن الكتاب لا يحتوي على صورة قاسية جدًا لهذه النخب، والتي لا تقتصر على كتالونيا فقط، وإنما يصوّر أنّ عمل جميع النخب في السلطة يكون بهذه الطريقة. لذلك فهذا الكتاب هو صرخة غاضبة ضد أصحاب السلطة وأسياد العالم، لأنّ الديمقراطية هي أفضل الاختراعات وأكثرها فاعلية لكبح هؤلاء الأشخاص، إذا أُخذت على محمل الجدّ، ولأن المال يرغب دائمًا في مزيد من المال، والسلطة ترغب في مزيد من السلطة. وبما أن عالمنا هو على هذه الشاكلة، فمَن منّا لا يغضب من ذلك؟



الكاتب الذي لا يريد المجازفة مجرّد ناسخ
(*) يخجل كثير من الروائيين من المقارنة بين أعمالهم والواقع. أنت تفعل العكس، تعلن ذلك بصوتٍ عال على الملأ. هل سبق لك أن تخوّفت من فقدان القرّاء بسبب آرائك السياسية؟
إذا كانت هذه المسألة قد خطرت ببالي، فلن أكتب ما أكتبه في الصحافة على سبيل المثال. الكاتب الذي لا يريد المجازفة ليس كاتبًا، إنه مجرّد ناسخ. أنا بصفتي الشخصية جبان بشكلٍ معقول، لكن لا يمكنني أن أكون جبانًا بصفتي كاتبًا. الكاتب الجبان مثل مصارع الثيران الجبان، سيقوم بعمل خاطئ. لا يهمّني فقدان القرّاء. أكتب أفضل ما لديّ. بالطبع يسعدني أن يحبّ الناس كتبي، ومن يقول غير ذلك فهو يكذب مثل وغد. لكنّي أكتب أفضل ما أعرفه، وهو الشيء الوحيد الذي يهمّني، والشيء الوحيد الذي يشغلني. هل تُباع الأكاذيب أفضل من الحقائق؟ لا شك في ذلك. فالحقيقة مملّة أحيانًا، وأحيانًا غير مريحة، بينما الأكاذيب جميلة ومسلّية، لكن الكاتب المكرَّس لقولِ الكذب ليس كاتبًا أيضًا. هل تعتقد أنّني كنت سأصبح شيطانا في نظر المستقلّين لو ساورني قلق بهذا الشأن؟



(*) هل أثر عليك "المسلسل" من الناحية الشخصية؟
طبعًا، لقد تأثر كل الكتالونيين على المستوى الشخصيّ. أقتبس دائمًا كلام جوزيف فونتانا، بطريرك المؤرخين الكتالونيين، الاستقلالي وقد بلغ سن الشيخوخة، والذي تحدّث عن أجواء ما قبل الحرب في كتالونيا خلال خريف عام 2017. لقد قال ذلك وأنا أوافقه. كيف لا يؤثّر هذا عليّ؟ لم أتخيّل يومًا أنّ المكان الذي أعيش فيه، وهو أحد أكثر الأماكن تميُّزًا في العالم، سينقسم إلى نصفين.

وقد تأثّرت بذلك كثيرًا لأنه لا يجب أن تنسى أنّني أنحدر من عمق كتالونيا، إن صحّ هذا القول. لقد نشأتُ في خيرونا، وأعيش في برخيس، وهي بلدة صغيرة يتمتّع فيها الجميع بالاستقلال، وكان هذا هو عالمي. وبالطبع، فقد عانيت كثيرًا. أعتقد أنّ الناس ما زالوا لا يدركون التغيير الذي حدث. مصدر هذا التغيير بالنسبة لي بدأ مع رواية "أرض مرتفعة"، لأن أفضل وقود للروائيين هو الشرُّ، وليس الخير، هو الظّلام والألم والأزمات. كنت في حاجة إلى إعادة اختراع نفسي، وقد ساعدتني تلك الأزمة القاسية، وهذه هي الحقيقة.



(*) متى يمكن أن نعتبر أن "المسلسل" قد أصبح من الماضي، وأن التعايش قد عاد إلى كتالونيا؟
"المسلسل" كما تم اقتراحه عام 2012، بدعم من النخب والأشخاص المقتنعين بأنّ الاستقلال وشيك، انتهى في عام 2017، حين اكتشفنا أن سيادة القانون فرضت نفسها بقوة، بمساعدة من الاتحاد الأوروبي. الآن نحن نعيش نتائج ذلك، لا نعرف حتى الآن كيف ستكون نهايتها، لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد سياسي واحد يتحدث عن "المسلسل" الآن، لأن كل ذلك قد انتهى. ولكن متى سنرى حلًّا للمشكلة التي تسبَّب فيها؟ أنا لن أراه. يكفي أن نعرف القليل من التاريخ لنعلم أن تقسيم المجتمع أمر سهل جدًّا، بوجود وسائل الإعلام الحالية، والشبكات الاجتماعية، يمكن تحقيق ذلك في لمح البصر، ولكن إعادة توحيده هو أمرٌ معقد، وشاقّ، وبطيء للغاية. لا أطمح لرؤيته.

خافيير ثيركاس الحائز على جائزة الأدب "68th Premio Planeta'' عن كتابه "Terra Alta" يتكلم أثناء الحفل (15/10/2016 Getty)


(*) كان السياسيون المؤيدون للاستقلال هم الشرارة، لكن "تيندر" كان جاهزًا بالفعل للإقالة... ألم يولد كل هذا فقط من التلاعب؟
بالطبع لا، كانت تلك أزمة قاسية. لا شيء يأتي من العدم. ترامب، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم يأتيا من العدم أيضًا. عززت أزمة عام 2008 الشعبوية القومية في جميع أنحاء الغرب. كتالونيا هي نسخة فريدة من هذه الظاهرة. سأقول أكثر من ذلك: المسلسل هو نتيجة M-15 في كتالونيا. هل تتذكر الناس الغاضبين في ساحة كتالونيا؟ لقد رأت النخبة أنهم يلاحقونها فقالوا: سنعيد توجيه هذه الحركة لتخدم مصالحنا. لم يختلقوها من العدم. هذا ليس رأيًا، إنه واقع يعترفون هم أنفسهم به. وهم معروفون بأسمائهم وألقابهم. سأفصح لك عنها ونحن نتناول مشروبًا، على الرغم من أن الجميع صار يعرف مَن هؤلاء.



علينا أن نأخذ الديمقراطية على محمل الجد
(*) في روايتك نشعر بأنّ السياسيين، سواء في اليسار، أو اليمين، تتحكّم فيهم عائلات من النخبة البرشلونية ذات النفوذ الاقتصادي. ما الذي يجب فعله للتخلص من نفوذها في السياسة؟
أن نأخذ الديمقراطية على محمل الجد. أوّلًا، لا يتعلّق الأمر بأنّ النخبة تدير السلطة السياسية، بل إنها جزء من هذه السلطة. في الديمقراطية، على السياسيين أن يلتزموا بضبط النفوذ الاقتصادي، ولديهم الأدوات للقيام بذلك. عندما أقول لنأخذ الديمقراطية بجدية، فهذا يعني أنّنا يجب أن نتحرّك، ببطء، ولكن بثبات، نحو الديمقراطية المباشرة. أن تكون هناك مراقبة للسلطة السياسية من طرف المواطنين.

أكثر علماء السياسة إثارة للاهتمام في الوقت الحالي يميلون إلى هذه الفكرة. الديمقراطية التمثيلية جيدة، ولديها ما لا يعد ولا يحصى من الموارد. إذا كان المال يتحكم في كلّ شيء، فلأنّهم يريدونه أن يحكم، أو لأننا نسمح لهم بذلك، لكن الأمر ليس على هذا المنوال. لدى السلطة السياسية القدرة على وقف الجشع النهم للمال. الأمر الثاني هو أنها لا تريد أن تفعل ذلك، أو أن السلطة السياسية هي نفسها جزء من النخبة، كما صوَّرت في روايتي، وهذا هو الشيء المعتاد رغم كلّ شيء. النخبة تتبنّى أقنعة مختلفة، تتنكّر بشكل متقن للغاية. إنّها نخب متجذّرة في السلطة. وعلى سبيل المقارنة، المجتمع في الولايات المتحدة أكثر مرونة، ولكن هنا في كتالونيا، فقد حكمت العائلات نفسها لمدّة قرن. وهي تتنكّر في كلّ مرّة: كانوا فرانكويين سابقًا، واليوم صاروا قوميين، لكنهم لم يتغيَّروا.




[أجرى الحوار فرناندو دياز دي كيخانو، ونشر في مجلة "إلكولتورال" الإسبانية يوم 10 آذار/ مارس 2021].

ترجمة من الإسبانية: نجيب مبارك.