Print
صدام الزيدي

جمعة عبدالعليم: قصيدة النثر واكبت يوميات الحرب الكئيبة بليبيا

29 يونيو 2022
حوارات



يعد الشاعر جمعة عبد العليم من أهم أصوات قصيدة النثر الليبية المعاصرة، فهو يكتب بغزارة، بل يقاوم، بكتابة الشعر، كل ما يحيط به من فضاءات معتمة في بلد يشهد حربًا منذ أعوام.. وإذ يفعل ذلك، إنما ليخرج "من حالة القلق" اليوميّ، عبر الكتابة، التي باتت تمثل له "قياسًا للنبض وتأكيدًا على استمرار تدفق الأنفاس"، كما يقول.

ومتحدثًا عن قصيدة النثر في ليبيا، يجد عبد العليم أنها تألقت مع الحرب: "تفوقت على نفسها.. حيث واكبت يومياتها الكئيبة".

ويأخذنا الحوار مع عبد العليم، الذي كان مقتصدًا في الإجابة، عملًا بالحكمة التي تقول إن "خير الكلام ما قلّ ودلّ"، إلى رأيه في "منصات التواصل الاجتماعي" وتأثيرها على اتساع رقعة النشر والتفاعل فيما بين الأوساط الأدبية، وقد اعتبرها ظاهرة فاعلة كسرت بيروقراطية الصحف والمجلات واحتكار النشر لحساب ظهور أصوات شبابية في مضمار الكتابة والفنون.

ونشير إلى أنه صدرت لعبد العليم ثماني مجموعات شعرية، هي على التوالي: "عصيان الكلام وأشياء أخرى" (2006)؛ "نشوة القول" (2008)؛ "عمر آخر" (2008)؛ "سطوة كاذبة" (2019)؛ "مُدّ يدك" (2019)؛ ""خفافًا في أعين الريح" (2022)؛ "التفاتة متأخرة" (2022)؛ "وحيدًا على حافة الاحتمال" (2022).

هنا حوار معه:


(*) منذ مجموعتك "عصيان الكلام وأشياء أخرى" 2006، وحتى آخر مجموعة شعرية صدرت لك مؤخرًا "وحيدًا على حافة الاحتمال" 2022.. أين هو جمعة عبد العليم، شعريًا؟....

لم أفكر أبدًا يومًا في إجابة هذا السؤال.. كانت وما زالت وستبقى القصيدة بالنسبة لي محاولة للاستمرار في الحياة، خروج من حالة القلق، قياس للنبض وتأكيد على استمرار تدفق الأنفاس...

أكتب تقريبًا كل يوم ولا أقيم..

ولا أُخرِج أبدًا نصًا من جنتي بحجة الضلال!




(*) كيف هي أحوال المشهد الثقافي الليبي، في هذه الفترة الموبوءة بالحرب والتشظيات؟

للمفارقة، فإن قصيدة النثر تألقت مع الحرب! وتفوقت على نفسها.. واكبت يومياتها الكئيبة.. والأروع أنها على اتساع رقعة الوطن وعلى اتساع الشرخ السياسي والاجتماعي والفكري الذي قسم البلاد برمتها.. لم تكن أبدًا قصيدة النثر مصطفة مع كيان أو تيار أو جهة، بل على العكس تمامًا وقفت في وجه الحرب بصلادة وشجاعة.. فضحت ممارساتها ولامست جراحها واحتضنت المكتوين بنارها وظلت منبرًا حرًا مستقلًا يدعو للمحبة والسلام والجمال..

(*) بمناسبة الحديث عن قصيدة النثر في ليبيا.. هل يمكن القول إنها استطاعت تحقيق ذاتها؟..

لا أظن أن للإبداع مدى. يظل السعي لما هو أجمل وقود العملية الإبداعية ومحرِّكها وضمان استمرارها.

المنصات واحتكار النشر

(*) من واقع تجربتك الشخصية، كيف خدمت منصات التواصل الاجتماعي الأدب والشعر تحديدًا؟...

رغم ما يوجه إليها من اتهامات إلا أنها، في اعتقادي، أفادت الأدب والشعر بصفة خاصة، فقد كسرت بيروقراطية الصحف والمجلات واحتكار النشر وفرض الآراء الشخصية في تقييم المستوى الفني للعمل الأدبي بجميع أصنافه، وأطلقت سراح الطاقات الشبابية المكبوتة فنتج عن ذلك مئات الشعراء والقصاصين والكتاب، الذين ما كان ليكون لهم وجود لولا هذا البراح المفتوح بلا شروط.. أما فيما يخص الجودة فالزمن قادر على فرز الغث من السمين..

 (*) في وطن محترب ومحاصر بالمآسي والمجاعات.. ما الذي يُشغِل تفكيرك كشاعر؟.. ثم، أي جدوى للشعر في زماننا، برأيك؟

الوطن هو الشاغل الأول، استقرار الحياة وتجسيد السلام واستتباب الأمن وتصالح الأشقاء، وإرساء قواعد جديدة تسمح بالاختلاف وتؤمن بالتجاور وتبتعد عن مصادرة الآخر ماديًا ومعنويًا.

باختصار، أحلم بمجتمع ديموقراطي يؤمن بالعيش المشترك واختلاف الآراء ويحتكم إلى صناديق الاقتراع بدلًا عن صناديق الذخيرة.

أما بالنسبة لجدوى الشعر، فهو سلاحنا الذي نقاوم به قبح العالم وقسوته، هو الروح التي تسكن جسد الواقع، وهو الضمير الذي يرفض الظلم والعسف والاجتهاد.

عن البدايات

(*) لنعد إلى البدايات.. هل تتذكر أول قصيدة كتبتها؟ وما الذي تأسست عليه تجربتك الشعرية من قراءات ومثاقفات؟

كانت المحاولات الأولى في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، وقد تأثرت بدايةً بالمدرسة الرومانسية وبغنائية محمود درويش، ثم استهوتنا قصيدة النثر التي كان عرابها بالنسبة لي شخصيًا سعدي يوسف، رحمة الله عليه.

أما القراءات فقد كانت متعددة وعشوائية تدور حول الأدب بأنواعه، والتاريخ والفلسفة وتاريخ الفن، دون أن تكون قراءة منظمة ومبنية على أسس.