Print
فيصل رشدي

خالد مولاي إدريس: سقف حرية الكاريكاتير في موريتانيا مرتفع

14 أكتوبر 2024
حوارات

لفت رسام الكاريكاتير الموريتاني خالد مولاي إدريس أنظار الجمهور الموريتاني والعربي من خلال رسوماته الساخرة المنشورة على صفحته في فيسبوك، التي أصبحت من أكثر الصفحات متابعة.
عمومًا، يُعبِّر فن الكاريكاتير عن الإنسان، ويعكس همومه وأحواله وتطلعاته. وعرف هذا الفن انتشارًا في العالم، بعد ظهوره في أوروبا في القرن السابع عشر، حيث عكس فنانو الغرب عبر رسوماتهم نقدهم اللاذع للأنظمة والحكومات الغربية. وفي ظل انفتاح الثقافة العربية على الثقافة الغربية، انتقلت إلينا المعارف والفنون، ومن بينها فن الكاريكاتير.
ولد مولاي إدريس عام 1975 في مدينة بوش الموريتانية، ودرس فيها المراحل الدراسية الأولية. لفت انتباه أساتذته الذين أثنوا على ذكائه وموهبته في الرسم. أسس مولاي إدريس هويته المحببة في فن الكاريكاتير، ليعبر فيه عن واقع مجتمعه، فتقاسم مع الفئات المقهورة الفقر والمعاناة وتقلبات الحياة، ما أهله للحصول على عدد من الجوائز المحلية والدولية.
هنا، حوار مع مولاي إدريس:



(*) لماذا اخترت فن الكاريكاتير؟
فن الكاريكاتير في المجتمعات العربية، وخصوصًا المجتمعات التقليدية، فن مهم، وفن يبتعد عن النصوص والكلمات التي تخضع للرقيب المجتمعي، ورقيب السلطة. فالرسوم، وخصوصًا الرسوم الكاريكاتيرية الجديدة، وسيلة تعبير لهذه المجتمعات تعد مهربًا لأصحاب الرأي، كونها تسلط الضوء على أماكن الخلل في المجتمع. اخترت الكاريكاتير هروبًا من النص، وهروبًا من الرقيب اللغوي، وهروبًا من الرقيب المجتمعي، وهروبًا من الرقيب العمومي، أو الحكومي. أصبحت أمارس الكاريكاتير من أجل تمرير الرسائل الاجتماعية والثقافية والسياسية.

(*) هل عملك المهني له علاقة بفن الكاريكاتير؟
لا علاقة لمهنتي التي أمارسها في حياتي اليومية بفن الكاريكاتير، فأنا لدي تخصص مختلف، وهو علم النفس التربوي، وأشتغل مستشارًا دوليًا في ما يسمى بالداعمات التثقيفية التي تدخل في إطار التثقيف والتوعية حول المشاريع التنموية.

(*) متى بدأ فن الكاريكاتير في موريتانيا؟
بدأ فن الكاريكاتير في موريتانيا مع تأسيس الدولة الموريتانية بعد الاستقلال سنة 1960. بدأ بشكل خجول من خلال جريدة الشعب الموريتانية، حيث كان هنالك بعض الرسامين الذين ينجزون بعض الرسومات، أحيانًا قد تكون رسومات تجسيدية، لكنها ليست رسومات تحويرية، بل كان هدفها تعبيريًا، إلى جانب العمود، أو مقال الرأي، في جريدة الشعب التي كانت تصدر عن الوكالة الموريتانية للأنباء.

(*) المتابع لإبداعاتك في فن الكاريكاتير يرى اهتمامك بقضايا المجتمع العربي. هل قضايا المجتمع هي مادتك في الإبداع؟
كل رسامي الكاريكاتير يستلهمون في أعمالهم المجتمع والحياة اليومية، والممارسة اليومية للمواطن، مع النوازل التي يشاهدها في هذا المجتمع. أعتقد أن القضايا السياسية في المجتمع العربي، والمجتمع الموريتاني خصوصًا، وفي المغرب العربي عمومًا، تتشابه. كذلك نوعية القضايا ذات البعد الاجتماعي، وهي أرضية خصبة تمامًا لرسامي الكاريكاتير للتعبير، ولإظهار مكامن الخلل السياسي، والعمومي، والثقافي، والأخلاقي.



(*) ما هي حدود فن الكاريكاتير في موريتانيا، وهل تتطرق مثلًا إلى قضايا تتعلق بالدين والعبودية والسلطة؟
في موريتانيا نتمتع بسقف مرتفع من الحرية يمكننا من التعبير عن القضايا التي نرى أنها تشكل خللًا في المجتمع. نحن نتعرض للقضايا السياسية، وللقضايا الاجتماعية، ونتعرض للأمور المرتبطة بالسلطة، لكننا نعالج ما يسمى بالعبودية، أو مخلفات العبودية الموجودة في موريتانيا من زوايا فيها بعض التحفظ. هذا لا يعني أننا لا نسلط الضوء عليها، لكننا نعتقد أن العبودية الحقيقية اليوم في موريتانيا هي عبودية اقتصادية، أي أن هنالك فقراء مسخرون للأغنياء، في شكل غير تقليدي من العبودية.

(*) هل ترى أن التطرّق إلى مواضيع حساسة في المجتمع الموريتاني يضيق من حرية التعبير عندك؟
أعتقد أن لكل دولة، ولكل منطقة، حساسياتها نحو بعض الموضوعات التي لا يمكن التطرق لها، وهي مرتبطة بالدين وبالجنس، ومرتبطة بما يسمى بالعبودية، كما ذكرت سابقًا.

(*) كيف ترى تعاطي المجتمع الموريتاني مع فنك؟ هل النظرة إيجابية، أم سلبية؟
بدأ الموريتانيون يتعاطون مع فن الكاريكاتير بطريقة إيجابية، كونه يعبر عنهم، ويوصل معاناتهم. وأصبحوا يجدون فيه وسيلة للتعبير والنظر إلى أنفسهم من خلال الكاريكاتير، إما ليضحكوا، أو ليبكوا.




(*) ماذا يمثل لك الفنان ناجي العلي؟
بالنسبة لي أعتقد بأن الفنان ناجي العلي يمثلني، وأحاول أن أتمثل به، لأنه كان فنان قضية، وأنا بدوري أحاول أن أكون فنان قضية. هذه القضية مرتبطة بالمجتمع، وبقضاياه، وبخصوصياته، ومرتبطة بلقمة العيش اليومية التي يتشابه الإنسان الموريتاني والمغربي والجزائري والتونسي والليبي في تفاصيل البحث عنها يوميًا. لذا أعتقد أن الفنان الملتزم والفنان الذي يمتلك قضية معينة لا ينتظر تقديرًا من المجتمع، ولا ينتظر أن ينظر إليه بنوع من الإيجابية، بل يقوم بدوره المحوري والمهم في المجتمع، وهو بث الوعي، ومحاولة إيصال الرسائل بطريقة مختصرة لا ترتبط بالأبجدية والحروف، بل توصل المعاني بشكل واضح ومباشر لا يقبل التأويل.