Print
أحمد طمليه

تيسير أبو عرجة: غزة بصمودها الأسطوري حطمت أكاذيب الصهيونية

15 أكتوبر 2024
حوارات

 

نشأ د. تيسير أبو عرجة في بلدة شويكة، وهي الضاحية الشمالية لمدينة طولكرم. كان في الصبا الباكر محبًا للقراءة الأدبية، يتابع ما ينشر في صفحات الأدب في الجرائد اليومية والأسبوعية، وذلك في النصف الأول من الستينيات. وكان، في الوقت نفسه، يساعد والده في أعماله التجارية.

بدأ ينشر بعض نتاجاته الأدبية من القصائد والخواطر في صحف تلك المرحلة، وبالذات في صحف "الجهاد" و"فلسطين" و"عمان" و"المساء". وهذا أدّى إلى تعلّقه بالجرائد ورغبته في وقت مبكر بالاهتمام بالصحافة والتطلّع إلى دراسة الصحافة بالجامعة.

بعد حصوله على الثانوية العامة من المدرسة الفاضلية الثانوية بطولكرم عام 1966 ذهب إلى مصر والتحق بجامعة القاهرة، قسم الصحافة والنشر بكلية الآداب. حيث أهّله معدّله المرتفع بالثانوية العامة للالتحاق بهذه الجامعة الأهم والأكبر على مستوى الوطن العربي آنذاك.

قبل أن تنتهي الامتحانات النهائية للسنة الجامعية الأولى حدثت نكسة حزيران/ يونيو عام 1967 التي ضربته في الصميم لأن أهله وبلدته في الضفة الغربية أصبحوا تحت الاحتلال. وكانت فترة عصيبة مليئة بالآلام، وكان لا بد من التمسّك بالصبر والعزيمة ومواصلة الدراسة، رغم صعوبة التواصل وقتها مع الأهل الذين قدّموا العون والتشجيع على مواصلة الدراسة الجامعية رغم الظروف الصعبة.

بعد التخرّج عام 1970 توجّه إلى دولة الكويت وعمل في صحافتها لمدة خمس سنوات، اكتسب فيها خبرة صحافية مهمة في التحرير والإدارة الصحافية والانخراط في الحياة الثقافية. ولكن ظلّ في داخله حافزٌ ينمو باتجاه استكمال الدراسات العليا. وبالفعل عاد إلى جامعة القاهرة في صيف عام 1975 والتحق بالدراسات العليا التي توّجت بالحصول على دكتوراه في فلسفة الصحافة من كلية الإعلام في نهاية عام 1980.

عمل في المجال الأكاديمي في جامعات الجزائر، والإمارات العربية المتحدة. ثم التحق بالعمل في عمان في جامعة البترا. وشارك في تأسيس قسم الصحافة والإعلام، الذي ترأسه سنوات عديدة ثم تحوّل إلى كلية الإعلام التي أصبح عميدها لمدة خمس سنوات. وهي الكلية التي خرّجت أعدادًا مهمة من الإعلاميين المبدعين في الأردن والوطن العربي. وتدرّج في المناصب الإدارية إلى أن أصبح نائبًا لرئيس الجامعة.

له العديد من الكتب في مجال اختصاصه، منها "الإخراج الصحافي الحديث"، "الإعلام العربي- وسائله، ورسائله، وقضاياه"، "فن المقال الصحافي"، إضافة إلى عدد كبير من الأبحاث المنشورة، والأوراق المقدمة في ندوات علمية.

كيف يرى ابن الشتات، والتعب، صورة ما يحدث في غزة الآن، وهو الذي أفنى عمره في دراسة الصورة، والخبر الإعلامي؟

هنا حوار معه:


(*) يلعب الإعلام دورًا مهمًا في الحروب، خاصة على الصعيد النفسي. كيف ترى هذا الدور في حرب الإبادة على غزة؟

إلى جانب الحرب العدوانية على غزة التي تحصد أرواح ألوف المدنيين الأبرياء، وخصوصًا من النساء والأطفال، ويدمّر فيها كل شيء، فإن هناك حربًا إعلامية يشنّها العدو الإسرائيلي لا تتوقف ليلًا او نهارًا. فقد وجدنا الآلة الإعلامية الصهيونية تسارع إلى العالم وإلى الرأي العام العالمي وخصوصًا في الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الكبرى، وتزعم بأنها تتعرّض للعدوان من الفلسطينيين الذين يمارسون الحرق والذبح ضد السكان المدنيين في المستوطنات اليهودية، مستخدمة في ذلك صورًا مفبركة ومعلومات مضلّلة. وذلك قبل أن تحدث الاستدارة الكبرى لدى الرأي العام العالمي بعد المجازر التي ارتكبها الجيش الصهيوني ضد المدنيين في غزة.

لقد ركّز الصهاينة في إعلامهم الموجّه إلى الغرب على نعت الفلسطينيين بأنهم أصحاب أيديولوجية مميتة وأنهم داعشيون يمارسون ضدها حرب الإبادة، وأنها تذكّرهم بالهولوكوست في الحرب العالمية الثانية. وهذه الدعاية التي اتبعت في الأيام الأولى للحرب العدوانية وجدت آذانًا صاغية في الدول الغربية الكبرى، وجعلت رؤساء هذه الدول يهرعون إلى دولة كيان الاحتلال الذي ركّز على أساليب الكذب والتزوير من أجل الحصول على العون والتأييد والوقوف إلى جانب دولة الاحتلال.

لكن غزة بصمودها الأسطوري حطمت أضاليل وأكاذيب هذه الدعاية الصهيونية، وتجلّى ذلك بما شهدناه من تحوّل في مواقف الرأي العام العالمي بالمسيرات والمظاهرات التي شهدها العالم بأسره، وفي الانتفاضة الطلابية في الجامعات الأميركية والغربية التي تطالب بوقف الحرب العدوانية على غزة.

ويمكن لنا تصنيف أساليب الدعاية والحرب النفسية الإسرائيلية في الحرب على غزة على النحو التالي:

أولًا: أسلوب بث الرعب والخوف، وذلك من خلال سلسلة المجازر بحق المدنيين ومعظمهم من النساء والأطفال وهدم البنايات السكنية والتجويع وقطع الماء والكهرباء وقصف المستشفيات وتدميرها.

ثانيًا: أسلوب الكذب والتزوير، وأمثلته عديدة من خلال فبركة الأخبار والصور والفيديوهات والزعم بأن المقاومة تتخذ المدنيين دروعًا بشرية، والادّعاء بأنهم يقومون بالدفاع عن النفس.

ثالثًا: أسلوب الاستعطاف، وهو أسلوب برعت فيه دولة الاحتلال منذ تأسيسها، وهي تتحدث عن الظلم التاريخي لليهود، وأن إسرائيل هي الدولة الصغيرة المحاطة بالأعداء العرب من كل الجهات ويريدون تدميرها.

رابعًا: أسلوب هيمنة جو القوة، ويتمثّل بتدفّق الدعم والتأييد والدعم العسكري والأسلحة المتطورة ووصول حاملات الطائرات الأميركية إلى المنطقة مما يضفي على هذه الدولة جو القوة وأنها ليست وحدها في هذه المواجهات.

خامسًا: أسلوب جسّ النبض أو منطاد الاختبار، ويتمثل ذلك بإعلان قادة الكيان عددًا من التصريحات والتسريبات حول وضع قطاع غزة ومستقبله السياسي بعد الحرب، وهي التصريحات التي يحاولون بها إشغال الإعلام عن الهدف الملح وهو وقف الحرب.

سادسًا: أسلوب دق الأسافين، وذلك بالقول إن المقاومة هي المسؤولة عن كل ما يتعرّض له الفلسطينيون في غزة وذلك لضرب اللحمة القوية بين المقاومة والشعب الذي يحتضنها.

سابعًا: أسلوب المماطلة والتسويف، وخصوصًا في مفاوضات وقف إطلاق النار وذلك لإطالة أمد الحرب وإيقاع المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين الأبرياء.

ثامنًا: أسلوب الابتزاز وملاحقة الشخصيات، ومن ذلك الحملة الصهيونية الشرسة ضد غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك رئيس وزراء إسبانيا وكل من ينتقد الجرائم بحق المدنيين في غزة.



(*) كيف ترى صورة العرب في الإعلام الغربي، وخصوصًا الأميركي؟

لم تكن صورة العرب في وسائل الإعلام الغربية يومًا بالصورة الإيجابية المرضية. وكان يقف وراء ذلك أسباب وعوامل تاريخية أدّت إلى تفاقمها وخصوصًا الدور الذي تقوم به الدعاية الصهيونية التي تسعى دائمًا إلى تشويه هذه الصورة. وقد استطاعت أن تتغلغل في الإعلام الغربي على مدى عقود طويلة. خصوصًا، مع ضعف الإعلام العربي وغياب تأثيره على الساحة الدولية. وقد وجدنا أساليب كثيرة لتشويه الصورة العربية ووسائل إعلامية عديدة تمارس هذا التشويه في الصحافة والكاريكاتير والتلفزيون والسينما. وقد كتب عديد من المختصين والباحثين والعلماء العرب الذين عملوا في الجامعات الأميركية كثيرًا من الدراسات والبحوث العلمية التي تناولت أساليب هذا التشويه وأبعاده وأسبابه ومنهم: إدوارد سعيد، وهشام شرابي، ومحمد علي الفرا، وجاك شاهين، وميشال سليمان، وإدمون غريب وغيرهم. وقدّمت أطروحات جامعية تناولت هذه الموضوعات، التي جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001 لتزيدها حدّة وشراسة، وما تبع ذلك من احتلال أميركي لأفغانستان والعراق، والدخول في حقبة صعبة اتسمت باتهام العرب والمسلمين بالإرهاب، كانت الحركة الصهيونية تشعلها وذلك لإبعاد صفة الإرهاب عن دولة الكيان وجعل الطريق سهلًا لمحاربة كل حركة تسعى إلى تحرير الأرض العربية ومواجهة القوى الاستعمارية. ولا نستطيع أن ننكر دور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وفي الدول الغربية الكبرى، وكذلك السيطرة اليهودية على الإعلام الغربي ومصادر تمويله.

إن هذا التشويه للصورة العربية والإسلامية لم يتوقف على الإعلام الأميركي فحسب، بل إن العديد من الصحف ووسائل الإعلام الأوروبية مارست هذا التشويه، خصوصًا الإساءة إلى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) بالصور والرسوم المسيئة التي نشرتها بعض الصحف والمجلات الغربية في السنوات الماضية. إضافة إلى الهجوم المتكرر على الإسلام كدين وعلى المسلمين الذين تعتبرهم إرهابيين.

(*) الإعلام قد يكون مخدّرًا، وقد يكون محفّزًا، فكيف تنظر إلى هذه الإشكالية؟

الإعلام في الأصل هو عملية نقل الأخبار والمعلومات وشرح الأخبار وتفسيرها وبث الوعي وإثارة الحوار والنقاش والقيام بأعباء التنوير والتنمية. إذًا في صلب مهمته رسالة تنهض بالمجتمع وتشكل حاضنة للثقافة والفكر والإبداع. هذا هو الجانب المحفّز الذي من خلاله يرقى المجتمع ويتقدّم ويتم فيه تقديم الإيجابيات ورفع المعنويات. ناهيك عن دور الإعلام في تكوين الرأي العام والمساهمة في انسيابية الاتصال بين الهيئة الحاكمة والهيئة المحكومة.

ولكن، بفعل عوامل عديدة أغلبها تجارية تسويقية بهدف الربح، يتم اللجوء من طرف بعض الجهات إلى الإثارة الصحافية وتسطيح الأمور والتركيز على الهروب من القضايا الجادّة، وبالتالي تحويل الرأي العام عن المسائل الهامة إلى توافه الأمور أو الاستغراق في التسلية والابتعاد عن كل ما له صلة بالوعي والنهوض وقراءة الحاضر والنظر إلى المستقبل. ولعل أخطر ما في الإعلام حين يبتعد عن رسالته تلك التأثيرات السلبية التي تقع على فئات الشباب حيث يتم إبعادهم عن روح الجدية والالتزام، وإضعاف معاني التضحية، ونشر روح الانهزامية واللامبالاة واللهو، وإضاعة الوقت بدون طائل. وقد مرّت بنا في بعض القنوات التلفزيونية العربية نماذج عديدة لهذا النوع من المضامين والبرامج خصوصًا ما أطلق عليه تلفزيون الواقع.



(*) كثيرون يستمدون معلوماتهم مما يتوفر لديهم من سبل إعلام. ماذا لو كان هذا الإعلام كاذبًا؟ هل يكذب الإعلام؟ هل تقدّم لنا بعض الشواهد على هذا الكذب؟

الإعلام في معانيه الحقيقية يعني الصدق والواقعية والموضوعية، بمعنى أنه يتعامل مع الحقائق والمعلومات. وعليه، فإن من الضروري أن تكون هذه المعلومات دقيقة. ولذلك كانت الوظيفة الأولى للإعلام هي الأخبار، أي تقديم المعلومات عن الأحداث اليومية المتجدّدة التي تهم الناس وتتصل بمصالحهم الحيوية. وهناك قيم وعناصر إخبارية مهمة تتسم بها هذه الأخبار عند جمعها وتحريرها وتقديمها إلى الجمهور. وهذه كلها تدخل تحت عنوان الرسائل الإعلامية الواقعية التي تبثها وسائل الإعلام. يضاف إلى ذلك مادة أخرى تقدّمها هذه الوسائل هي الدراما والأعمال الإبداعية، ناهيك عن الإعلام المتخصص الذي يشمل كل مناحي الحياة وتخصّص له عديد القنوات المتخصصة. وعليه، فإن الإعلام يعتبر مصدرًا مهمًا للمعلومات بل هو المصدر الرئيس الذي يتابعه الناس، سواء من خلال المطبوع أو المسموع أو المرئي، وعلى اختلاف الوسائل التي تبث ليل نهار. أما في موضوع الكذب، فالإعلام بطبيعته رسالة، ممنوع عليه ممارسة الكذب لكن قد يتسرّب إليه روايات وموضوعات غير سليمة أو كاذبة، ويكون ربما فاته التدقيق والمراجعة والتأكد من سلامة المادة. وهذا بخلاف الدعاية السياسية التي تحتمل لدى من يقومون بهذا الاختلاق والتشويه والكذب لتحقيق أغراضهم الدعائية، وتكون وسائل الإعلام وسيلة وحاملًا لنشر هذه الأكاذيب. كما يحدث حاليًا في وقائع الحرب على غزة وما يقوم به الإعلام الصهيوني من نشر لهذه الأكاذيب والمعلومات المغلوطة والمفبركة، مثل ما ألحق بالشباب الفلسطيني في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من قصص مفبركة من حرق واغتصاب وغير ذلك مما لم يستطع أحد إثباته أو تقديم الدليل عليه.

(*) الأطفال أصبحوا يتابعون المذبحة في غزة، ونحن كنا نبعدهم عن مشاهدة ما يخيف، حتى على مستوى برامج الصور المتحركة. كيف ترى انعكاس ذلك عليهم؟

يعرف المختصون بالإعلام والتربية أن هناك اهتمامًا خاصًا يجب أن يوليه الأهل وهم يرون أطفالهم يشاهدون ما يبث على التلفزيون وغيره من الوسائل الإعلامية، وذلك لسهولة التأثير عليهم في هذه السن المبكرة. خصوصًا مع حرص الأهل على عملية التنشئة الاجتماعية المطلوبة لأبنائهم التي يريدونها منسجمة مع قواعد بناء الشخصية العربية بما لها من سمات اجتماعية وتربوية وإنسانية معينة. وهذا ينطبق على الرسوم المتحركة خصوصًا، ذات المنشأ الأجنبي، وكذلك الصور والأفلام على مختلف مضامينها. يضاف إليها ما استجد من صور تقدّمها النشرات الإخبارية في القنوات التلفزيونية العديدة حاليًا لضحايا الغارات الجوية الصهيونية على أهلنا في غزة، والتي عرفت بأنها فاقت في دمويتها وقسوتها كل ما عرفته الحروب السابقة.

أن مثل هذه الصور يمكن أن تؤثر على الأطفال سلبيًا لجهة الخوف والرعب والإحباط وإحداث مفاعيل نفسية داخلية تقود إلى نتائج ضارة على نشأة الطفل ونظرته إلى الحياة والمستقبل.

وهذا لا يعني أن نمنع عن الأطفال أن يعرفوا ما يدور حولهم أو ألا يعرفوا عن وحشية هذا العدو الذي يدمّر الشجر والحجر ويقتل الطفولة ويحرمها من حق الحياة. وهذا يمكن من خلال الحديث بين الأهل وأطفالهم. وتعريفهم بشكل مبسط يتناسب مع قدراتهم الذهنية والمفاهيمية بكل ما يجري على أرض غزة من أحداث مؤلمة يذهب ضحيتها النساء والأطفال وكل ما تطاوله أداة الحرب الصهيونية.

 (*) لك رأي يقول إن الحرب تكون عسكرية، وإعلامية، واقتصادية، ونفسية، وتقنية، فهل تفصل أكثر؟

الحروب بمعناها التقليدي هي التي تقوم على القتال المادي بالأسلحة المختلفة بين الجيوش عندما تغلق الطرق المؤدية إلى حل المشكلات بالطرق السياسية والدبلوماسية. ولذلك كانت الحروب التي نشهدها وتشارك فيها الأسلحة البرية والجوية والبحرية، كل بالأسلحة والوسائل والأدوات التي تلائمه.

ولكن العالم يمكن أن يشهد حربًا طويلة الأمد قوامها الإعلام والدعاية السياسية والحرب النفسية والحرب الاقتصادية، تمامًا كما مر بنا على مدى عقود طويلة في ما عرفت باسم الحرب الباردة، وكان فيها للإعلام دور كبير، بين المعسكرين الشرقي والغربي. وكذلك حرب الاقتصاد التي نشهدها اليوم ضمن فصول الحرب القائمة حاليًا بين روسيا وأكرانيا من خلال الحصار والعقوبات وحرب الدولار والنفط التي تشنها الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية ضد روسيا.

ولعلنا في العالم العربي نعيش معركة مستمرة مع الإعلام والدعاية الصهيونية لم تتوقف منذ نشأة الكيان في فلسطين، الذي يقدّم إعلامًا يعزّز مقولاته الصهيونية ويخدم مشاريع الاحتلال مع كل ما يحتويه ذلك من مغالطات. ناهيك عن اشتداد الحرب الإعلامية والحرب النفسية المصاحبة للحرب الفعلية كما هي الحال في الحرب العدوانية على غزة ولبنان.

ولا نستطيع أن نغضّ الطرف عن استخدام المحاربين لأعقد ما تتوصل إليه العقول من مبتكرات إلكترونية من أجل استخدامها للمساعدة في اختراق الجبهات المحاربة. كما رأينا في الفترة القريبة الماضية عندما فوجئت قيادات حزب الله اللبناني بتفجير أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي التي أدّت إلى وقوع الضحايا والجرحى في صفوف حامليها نتيجة توظيف تقنيات حديثة دقيقة وسرية تم وضع المتفجرات فيها بطريقة يصعب التعرّف عليها أو كشفها.

إن هذا يعني أن الحروب المعاصرة لا تترك شاردة ولا واردة من أجل خداع الأطراف المعادية لها، ومن أجل كسب الحرب سواء كانت في الشؤون العسكرية أو الاقتصادية أو الإعلامية أو التقنية.